فشل استخباري وتأهب أمني مشلول والحصيلة تفجع أمريكا
كيف مرّ يوم «الطوفان» على الكيان الإسرائيلي «طوفان الأقصى».. يفرض معادلة المقاومة في مواجهة الاحتلال
يوم استثنائي، بل هو يوم من أيام الله انتصرت فيه المقاومة للقضية وللمستضعفين، ولقنت كل من دنت نفوسهم إلى مستوى السلوك الحيواني من أمثال الكيان الصهيوني وأمريكا واذيالها وباقي المطبعين درسا في التمسك بحق التحرر واستعادة الحقوق.
طوفان من الحمم البركانية فاجأ كل العالم وهو يجرف أمامه مجندي الكيان الصهيوني الذين تم تجميعهم لغرض التنكيل بالشعب الفلسطيني.
بالأمس كان الفعل استثنائي وصادم، وكانت النتيجة حدث اكبر من أن تتصوره مخيلات العقول الاستعمارية، الفلسطينيون أصحاب حق، والكيان الصهيوني لم يكتف فقط باحتلال الأراض لكنه عاث فسادا بالقتل والتنكيل والاختطاف وهدم المنازل وأحراق الأشجار، طغى وبغى وجاء الرد رادعا ولن يصحو منه الكيان المؤقت لزمن طويل.
وخلاصة القول، المقاومة الفلسطينية بدت اليوم مختلفة وأسست لمرحلة جديدة وفق معادلات تفرضها هي على ارض الفعل.
الثورة / وديع العبسي
أين الجيش
ارتفع مؤشر ترمومتر الغضب داخل الكيان الإسرائيلي إلى أقصى حد ضد جيش كيانهم واستخباراته التي كثيراً ما جرى التسويق بقدرته الفائقة على الاختراق، واعتباره اليد الطولى في الحصول على المعلومات ورد أي عدوان محتمل.
هنا بصير العمل الاستخباراتي للكيان، المدان الأول بكل هذا العجز الذي ظهر عليه جيش الاحتلال.
أكّدت وسائل إعلام عبرية أنّ “إسرائيل لم يكن لها أي سيطرة على ما حدث في غلاف غزة”، وأنّ “هناك من لم يدرك بعد حجم ما يحدث”.
الإعلام العبري شدد أيضا في تغطيته لما وصفه بأنه “الحدث الأكثر استراتيجية الذي تختبره الساحة الفلسطينية”، أنّ “هذه المعركة فاجأت إسرائيل بشكل مطلق، من دون أي معلومات أو مؤشرات أو إنذارات”، وفي مثل هذا الظرف كان من الطبيعي أن تفشل ما تسمى بالقبة الخديوية بالقيام بأي دور، لذلك مثلت الحصيلة فاجعة للكيان وداعميها.. مئات القتلى والجرحى وعشرات الأسرى فضلا عن عشرات الجثث لمجندي جيش الاحتلال الذي احتفظت بها المقاومة.
كذبة الاستخبارات الصهيونية ثبت أنها كما حال جيشه العش الضعيف الذي لم يكن في اي مستوى من مستويات الجاهزية لرد أي عدوان.
لم تكن هناك أي معلومات عن عملية فاقت التوقعات والخيال من قبل مقاومة محاصرة لا تهدأ يوما من ضربا الاحتلال.
شلل أمني
في محيط أو غلاف غزة، كانت تدور الاشتباكات منذ الصباح بين المقاومين وقوات الاحتلال، إلا أن المقاومة كان لها حساباتها ومخططها من ذلك، اذ تسلّل عشرات المقاومين، من القطاع إلى داخل الأراضي المحتلة، وهناك فتحوا جبهات جديدة، نجحوا فيها بالسيطرة على عدد من المواقع، وإيقاع قتلى وإصابات في صفوف جنود العدو ومستوطنيه، وسط «شلل» شبه تام للمنظومة الأمنية والاستخبارات الإسرائيلية، وتعثّر كبير لـ«القبة الحديدية»، التي أظهرت فشلاً في التصدي لصواريخ المقاومة.
هنا فقد جيش الاحتلال السيطرة على إحدى قواعده، وعلى معبر «إيرز»، في الوقت الذي وصل فيه عدد من مقاتلي «القسام» إلى منطقة «زيكيم» الساحلية.
تفيد صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنّ «عشرات المسلحين اقتحموا موقعاً لجيش الاحتلال، في شمال غلاف غزة، وأسروا جنوداً»، وهو ما وثّقته صور نشرتها «كتائب القسام» بعد ذلك تُظهر أسر عدد من جنود العدو، بعد تسلل أفرادها إلى داخل مستوطنات «الغلاف»، كما تسلّل مقاتلون تابعون لحركة «حماس» إلى مركز للشرطة الإسرائيلية في «سديروت»، ودارت الاشتباكات أدت إلى وقوع إصابات في صفوف عناصر الشرطة الصهيونية قبل أن تسيطر المقاومة الفلسطينية على المركز وبحسب موقع «والا» العبري، فإن الجيش لم يعرف حينها مدى عمق عمليات التسلل، أو أعداد المقازمين داخل مستوطنات «الغلاف».
واقع العدو
ظهر الارتباك واضحا على مؤسسات الاحتلال الأمنية والعسكرية، وبعد ساعات قليلة من بدء الهجوم، ظهر الكيان في ذروة الصدمة، فالهجمات تتتابع والمواقع تتساقط وعناصر الجيش إما صريع أو جريح أو أسير، وكان السؤال يتردد كيف حدث الاختراق؟ أين الأمن أين الاستخبارات؟ وأين القبة الحديدية؟
حينها تحدّثت مصادر عبرية عن أنّ «التسلل» حصل «من فوق الأرض»، إذ تجاوز المقاومون «الخط الفاصل» بعشرات السيارات رباعية الدفع.
هذا الاختراق بوصول المقاومين الفلسطينيين إلى داخل المستوطنات، كما وعجز «القبة الحديدية»، عن القيام بأي دور في التصدي لصواريخ المقاومة، ولّد كثير من اللغط داخل الكيان، فيما شكك الكثير بالمنظومة الدفاعية بما فيها القبة الحديدية، ودعا ساسة وعسكريين إلى اجتماع طارئ كبار مسؤولي المنظومة الأمنية.
صحيفة «هآرتس» العبرية، تجاوزت موضوع القبة والحضور الأمني، أتلفت الانتباه إلى كون الهجوم شكل «صدمة كبيرة» للاستخبارات الإسرائيلية، حسب الصحيفة العبرية.
مظاهر الارتباك
كان من أبرز مظاهر الارتباك لدى استدعاء العدو للثوابت الإنسانية وفق ما تنص عليه القوانين الدولية، متناسيا ممارساته اليومية بحق الفلسطينيين التي لم تستثن شيخا أو امرأة أو طفل.
متحدث عسكري إسرائيلي يعانو في هذا السياق بأن “حماس” ارتكبت جريمة حرب باختطاف إسرائيليين إلى غزة، وان ما وصفه بـ«اعتراف» حماس بوجود قتلى ورهائن مدنيين وأسرى حرب وجنود والجيش لديها، سيدفع الكيان لاستدعاء العديد من قوات الاحتياط حتى مئات الآلاف حسب الحاجة، حسب قوله.
والحقيقة الجديدة الذي كونتها عملية الأمس، أن المقاومة لم تعد بتلك القدرات المحدودة في الإمكانيات وفي الوصول إلى عمق العدو، ومثلت هذه العملية الأولى من نوعها خلال تاريخ المقاومة منذ الـ 48،عظة وعتادا وتكتيكا وتحقيق أهداف بهذا الحجم، هذا الأمر بطبيعة الحال يثير الكيان الصهيوني، لأنه سيقترب بالمقاومة اكثر من تحقيق هدف الاستقلال وكرد الاحتلال، كما يثير أمريكا التي ترعى الكيان، لذلك يأتي وعيد جيش الاحتلال، إذ لا يمكنه غض الطرف عن الموقف الخرج الذي وضعته فيه المقاومة، فيما المقاومة لا ترى في الأمر أكثر من بداية أكيدة للتحرر.
يقول نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، أمس السبت، إنهم فتحوا معركة ستتسع وتتصاعد وتتعمق، وهدفها “حرية شعبنا ومقدساته، وحقنا أن نكون أحرار آمنين في وطن حر ومستقل”.
وأكد العاروري، أنه إذا أراد العدو التصعيد فإن لدى الحركة ما يمكنها من المواجهة، مشددا على أن حركة حماس والمقاومة الفلسطينية مستعدة للتصعيد إلى أبعد الدرجات، مضيفا أنه كان لدى الحركة معلومات بأن الجيش الإسرائيلي كان يستعد لشن عدوان على غزة والضفة.
وأكد أن “كل الاحتمالات متوقعة ونحن جاهزون لأسوأ الاحتمالات بما فيها الدخول البري للعدو”.
وأوضح العاروري أن “ما بين أيدينا سيحرر جميع الأسرى في سجون الاحتلال، حيث لدينا عدد كبير من الأسرى الإسرائيليين بينهم ضباط كبار”، مضيفا أن “هناك العديد من الشهداء والعديد من القتلى والأسرى الصهاينة، والمعركة لا تزال في ذروتها وأسرانا في السجون باتت حريتهم على الأبواب”.
وأضاف قائلا: لن تسكت المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام على تدنيس مقدساتنا، ولن نقبل أن يستمر الحصار على غزة أو أن يستمر أسرانا في السجون الإسرائيلية.