ما حققه أبو أحمد في مسار إنهاء الثأرات خير دليل على صدق ونبل أهداف ثورة الـ 21 من سبتمبر المباركة

الشيخ فؤاد محمد حميد البجل لـ «الثورة»: للقبيلة اليمنية دورها التاريخي في نصرة الإسلام ومقارعة الظالم

 

قبيلة بجيلة الأنمارية اليمنية واحدة من أكبر القبائل العربية ولها بصماتها في التاريخ الإسلامي

لمّ شمل قبيلة بجيلة ثمرة لتعاون أبنائها وانعكاس عملي لدورها في الصمود ومواجهة العدوان

أكد شيخ قبيلة بجيلة الأنمارية في اليمن، فؤاد محمد حميد البجل لـ “الثورة” أن احتفال اليمن حكومةً وشعباً بالمولد النبوي الشريف عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم، بهذا الزخم المشرّف، يعيد إلى الذاكرة التاريخية اليمنية موكب الأنصار اليمنيين وفي صدارتهم الأوس والخزرج الذين آووا نبي الرحمة ونصروه منذ فجر الدعوة الإسلامية.
وأوضح الشيخ البجل -في أول حوار صحفي له منذ أن بدأ مع كوكبة من المشايخ والأعيان جهود لمّ شمل قبائل البجليين في اليمن–أن تزامن المولد النبوي الشريف مع أعياد ثورتي 21 و26 من سبتمبر المباركتين، يضع اليمنيين أمام محطة جديدة من مواصلة الصمود والتماسك والثبات على قيم الحرية والاستقلال ورفض الوصاية الخارجية. متطرقاً لمجمل القضايا الموصولة بدور القبيلة اليمنية إلى جانب الدولة في السلم والحرب، ومنطلقات لمّ شمل القبائل اليمنية ودور ذلك في مواجهة العدوان الخارجي وإنهاء الثارات الداخلية.. إلى تفاصيل الحوار.
الثورة / لقاء خاص

بداية، شيخ فؤاد واليمن تحتفل بالمولد النبوي الشريف عليه وآله أفضل الصلاة والسلام بالتزامن مع أعياد الثورتين ٢١ و٢٦ سبتمبر.. كيف تنظرون لتفاعل الشعب اليمني بالمولد النبوي الشريف؟ وماذا يعني هذا التزامن؟
في البدء أرحب بصحيفة الثورة، وعبرها انتهز الفرصة لرفع أصدق التهاني للقيادتين الثورية ممثل بالقائد العلم عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، والسياسية ممثلة بالمشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى وكذلك الحكومة وكافة أبناء الشعب اليمني بمناسبة مولد الرسول الأعظم محمد بن عبدالله الصادق الأمين، عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، كما أهنئ الجميع بعيدي ثورتي 21 و26 سبتمبر المباركتين.
إننا نقف اليوم بفخر واعتزاز كبيرين إزاء ما نشاهده من تفاعل كافة شرائح الشعب في الاحتفاء بمولد النبي الأعظم وبهذا الزخم المشرّف، الذي إن دل على شيء فهو يدل على قيم الانتماء الإيماني الأصيل عند كل يمني حر إلى الهوية الإيمانية والى روح قيم الإسلام الحنيف، كما أن تزامن مناسبة المولد النبوي الشريف مع عيدي ثورتي 21 و26 سبتمبر المباركتين يضع اليمنيين أمام محطة جديدة من مواصلة الصمود والتماسك والثبات على قيم الحكمة اليمانية ومبادئ الحرية والاستقلال ورفض الوصاية الخارجية ومقارعة الظالمين، فشعبنا اليمني العظيم منبع الإيمان والحكمة بشهادة حبيبنا المصطفى صلى على وآله أفضل الصلاة والتسليم، وتبعا لذلك فشعبنا اليمني انطلق في ثوراته 21 و26 سبتمبر و14 أكتوبر من قيمه الإيمانية الراسخة بحقه المشروع الاستقلال في الرأي والقرار والسيادة.

السؤال الأهم، هو ما علاقة الشعب اليمني بمناسبات: المولد النبوي الشريف، ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤، ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م؟
في مقام الحديث عن علاقة الشعب اليمني بمناسبة عظيمة كالمولد النبوي الشريف، فإن الكلام يطول، خصوصاً إذا رجعنا إلى فجر الدعوة الإسلامية عندما بعث الله محمد صلى عليه وآله وسلم نبياً وخاتماً للرسالات، فكان اليمنيون ممثلين بالأوس والخزرج الذين نزلوا وأقاموا في يثرب، هم من آووه ونصروه، والله تعالى يقول في محكم التنزيل: (والذين آمنوا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم).
وما يتصل بعلاقة الشعب اليمني بثورة 21 سبتمبر ٢٠١٤ فهي امتداد لتاريخ الشعب اليمني الثائر في وجه الظلم عبر التاريخ، فهي ثورة شعبية حقيقية ثورة تحرر من الوصاية الأجنبية، والاعتماد علي أنفسنا كشعب له الحق في الحرية خارج الوصاية، كما جاءت لاجتثاث الفساد الداخلي الذي كان مستفحلاً في كل مجال، وبذلك فقد نجحت بفضل الله وبفضل قيادتها الحكيمة ممثلة في القائد العلم السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، حفظه الله، وهي القيادة التي نثق بها جيداً والتي لولا عزمها وحكمتها لما وصلنا إلى النصر المؤزر أمام أكبر تحالف عدواني في التاريخ لأننا قاتلنا وسنقاتل دفاعاً عن الأرض والعرض والسيادة.
وفي هذا الدرب والنسق التحرري كانت أيضاً ثوره 26 سبتمبر ١٩٦٢م الأصيلة بأهدافها الستة التي تتسم بشمولية القيم النبيلة المنطلقة من تطلعات شعبنا اليمني الأبيّ في التحرر من الاستبداد والاستعمار والوصاية الخارجية، بكل أشكالها، والانفتاح على التعليم والمعرفة والصحة وبناء جيش وطني قوي، وغيرها من الأهداف الناصعة، -التي للأسف الشديد- تعرضت للتهميش والاستغلال من قبل النظام السابق الذي خرج عن معاني تلك الأهداف وأعاد البلاد إلى الوصاية الخارجية والأجنبية.

في إطار الاستعدادات لهذه الاحتفالات ثلاثية المناسبة.. ماذا قدمت قبيلة بجيلة أو ما هي إسهاماتها؟
في إطار الاستعدادات للمشاركة في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، قام مجلس القبيلة ومن وقت مبكر هذا العام بالتواصل مع أعيان ومشايخ قبيلة بجيلة الأنمارية في المحافظات اليمنية الحرة، وحثهم على التجهيز والتحضير لإقامة الفعاليات بمناسبة قدوم ذكري المولد النبوي عليه أفضل الصلاة والتسليم وعلي آله الطيبين الطاهرين وكذلك الترتيب لزيارات أسر الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى تسجيل الأسر الأشد فقرا وغيرها، وكل ذلك بمجهودات ذاتية من رجال القبيلة محتسبين الأجر من الله.

بجيلة عبر التاريخ
ما يتعلق بقبيلة البجليين أو بجيلة الأنمارية في اليمن.. هلا قدمتم للقارئ نبذة تعريفية عنها، اجتماعياً وجغرافياً وتاريخياً من حيث حجمها ومناطق تواجدها؟
قبل الحديث عن قبيلة البجليين أو قبيلة بجيلة الانمارية، أود التأكيد على ما نؤمن به: «كلنا لآدم عليه السلام، وآدم من تراب» ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، مصداقاً لقوله عز وجل: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائِل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن عليم خبير)، صدق الله العظيم.
وبالإشارة إلى جوهر سؤالكم تجدر الإشارة إلى أن نسب قبيلة البجليين أو بالأحرى قبيلة بجيلة الأنمارية في اليمن، يعود إلى (انمار بن ارش بن عمرو بن الغوث ابن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبـأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان)، وتبعاَ لهذا النسب الأصيل فهي من أكبر القبائل العربية ذات الأصول اليمنية، حيث كانت تسكن في المناطق التهامية وكذلك في عسير وجدهم يعود إلى كهلان بن سباء في مارب ولأنهم كثر كانوا يسكنون بأعداد كبيرة في مناطق متفرقة من اليمن وشبه الجزير العربية خصوصا بعد أن فرّق سيل العرم أيادي سبأ، وبعد الإسلام تحركوا في الفتوحات الإسلامية، وقد كان منهم القادة الكبار الذين استقروا في البلدان الذين قاموا بفتحها وصاروا حكاماً لبعضها بين الحين والآخر، فمثلا ثلث أخماس العراق من قبيلة بجيلة، وهناك من بقى في مصر وايران وفي معظم الدول العربية والإسلامية.

ماذا عن رموزها العلمية والمعرفية؟ وما هي إسهاماتهم في التاريخ الإسلامي؟
بالنسبة لرموز القبيلة العلمية والمعرفية وإسهاماتهم في التاريخ الإسلامي فهي كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها، ولكن يمكن الإشارة، إلى عدد منهم كالصحابي الجليل جرير بن عبدالله البجلي الذي أسلم في شهر رمضان سنة 9 للهجرة، ويحكى عن قصة إسلامه أن رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم، كان يخطب في المسجد فقال لأصحابه 🙁 يدخل عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن، ألا وإن على وجهه مسحة ملك) واذا بالداخل عليهم من بوابة المسجد النبوي هو جرير وهو لابس لحليته اليمانية، فقال له الصحابة لقد ذكرك الرسول بخير، وكذلك عندما أرسله النبي صلوات ربي عليه قائداً ومعه مائة فدائي لهدم (صنم ذو الخلصة) كان في جنوب الجزيرة العربية فذهب وهدمه وعاد بمعظم القوم مسلمين. كما أرسله الرسول صلي الله عليه وآله وسلم إلى ملك اليمن المعروف بـ(ذي الكلاع الحميري) وهو ذو الكلاع بن ناكور بن حبيب بن مالك بن حسان بن تبع، فذهب إليه ودعاه وقومه للدخول في دين الإسلام، فأسلم وأسلمت زوجته ضريبة بنت أبرهة بن الصباح، وأسلم قومه، وعاد بهم جرير مسلمين إلى المدينة، في السنة الحادية عشرة للهجرة، ولكن وصولهم إلى المدينة كان عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، حسب ما ذكرته المراجع التاريخية. كما كان جرير بن عبد الله البجلي قائداً لقبيلة بجيلة في معركة القادسية التي حدثت في محرم من السنة الـ1٥ للهجرة، بقيادة سعد بن أبي وقاص، وكان ثلث الجيش من قبيله بجيله وتم قتل قائد الجيش الفارسي رستم واستولى المسلمون على الغنائم.
ومن رموز قبيلة بجيلة في التاريخ الإسلامي البطل محمد بن خالد بن عبدالله القسري البجلي والذي كان والده سيد العرب ووالياً على البصرة والمشهور بقتله وليد ابن يزيد عندما دعاه سماش وامر يوسف الثقفي بمقاتلتهم فقام محمد بن خالد البجلي بجمع القبائل القحطانية لمقاتلة الأمويين وتمت هزيمة الأمويين وقتل وليد بن يزيد في السنة الـ26 للهجرة.
أيضاً أسد بن عبدالله المالكي البجلي وهو من أعظم الفاتحين في التاريخ والذي وسّع رقعه الدولة الإسلامية من شرق إيران إلى الصين ودمر أربع ممالك في الشرق وهو من بني مدينه بلخ وجعلها جنة وعاصمتها خراسان وكان شديداً قوياً صارماً وكان فقيهاً وعالماً، ومنهم خالد بن عبدالله البجلي الذي كان من كرماء العرب، وزهير بن القين البجلي الذي قاتل مع سيدنا الحسين بن علي رضوان الله عليهم وقتل أكثر من عشرين فارس في موقعة كربلاء قبل ما يستشهد، وأسماء كثرة لا يتسع المقام لذكرها، ولكن الأهم هنا الإشارة إلى أن كتاباً في ليبيا يدرّس في الجامعات وهو حول قبيلة بجيلة اليمنية العربية الضاربة جذورها في التاريخ العربي قبل وبعد الإسلام.

حالياً، ماذا عن وجودها في اليمن؟ وما أسباب تفرقها في المحافظات والقبائل؟
بالنسبة لوجود قبيلة بجيلة في اليمن حالياً، فأبناؤها منتشرون في كل المحافظات وبكثرة، وهم موزعون بين القبائل اليمنية، ولهم مواقف إيجابية وطيبة، في القضايا الوطنية والقبلية والدينية، ومن الأسباب التي جعلتهم يتفرقون بين القبائل اليمنية هي الخلافات الداخلية وذلك لكبر حجم القبيلة وكذلك ملاحقه الدولة الأموية لهم وأيضاً العثمانيين وغيرها من الأسباب.

لمّ شمل بجيلة
خلال الأعوام الأخيرة التي اقترنت بتحديات الحرب والحصار، لوحظ تحرككم للمّ شمل القبيلة، فما هي منطلقات هذا التحرك؟ وما هي الأمور التي لمستموها بخصوص انتشار أبناء القبيلة؟
لم شمل أبناء القبيلة جاء في إطار تعاون كل أبنائها الأوفياء والشرفاء من مشايخ وأعيان وأفراد قبائل البجليين (بجيلة) المنتشرون في المحافظات اليمنية، بهدف تفعيل دور القبيلة الوطني والمشاركة الفعالة الصادقة إلى جانب القبائل اليمنية التي وقفت إلى جانب قيادتنا الثورية والسياسية الحكيمة، في الذود والاستبسال عن وطننا الحبيب ضد العدوان الخارجي والقيام بواجبنا أمام الله وليس لنا أجر أو غرض إلا من الله واستشعاراً من الجميع للمسؤولية تجاه ما يحدق باليمن من أخطار، تحركنا تحركاً جهادياً في سبيل الله وفي إطار المسيرة القرآنية التي يحدوها القائد المجاهد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، فهذا شرف لنا ولقبيلتنا التي يأتي لم شملها في إطار لم النسيج الاجتماعي اليمني، الذي لا يفصله حد ولا بلد، ولا تجزئه حدود جغرافية. وإن كانت قائمة نسبة للأعراف والأسلاف، فأبناء قبيلتنا كغيرهم من أبناء القبائل اليمنية، أين ما وجدوا بين القبل فمغرمهم واحد ومجلسهم واحد وسفرتهم واحدة، وأسرتهم أسرة واحدة وإن تعددت المسميات بين البجل والبجلي والبجالية وغيرها.
وما لمسناه من خلال تحركنا، هو أن هناك تجاوباً كبيراً وتحرّكاً إلى الجبهات والفزعات وبـأعداد كبيرة فلا توجد مديرية إلا وفيها عزلة أو أسر من آل البجل والبجلي والبجالية، ومنهم شهداء وجرحى سقطوا على طريق أداء واجبهم الديني والأخلاقي والوطني في مواجهة العدوان الغاشم على بلدنا كما قدمت القبلة واجبها في مسار قوافل الدعم للجبهات، وهذا هو المعروف عن قبيلة بجيلة كواحدة من أكبر القبائل اليمنية الأصيلة، التي كان صمودها وتماسكها عبر التاريخ هو من جعل اليمن مقبرة للغزاة على مر العصور.

القبيلة اليمنية
كيف تنظرون لدور القبيلة اليمنية عامة، في السلم والحرب؟
مثلما تجد القبيلة اليمنية بصفة عام في السلم محور البناء والتنمية والنهوض، تجدها أيضاً في معركة الدفاع عن الوطن ومقدراته، والجبهات المواجهة للعدوان على مدار تسع سنوات تشهد بذلك، وتشهد أيضاً بالدور التاريخي للقبيلة اليمنية سلماً وحرباً شدة ورخاء، فالقبيلة اليمنية أصيلة أينما تكون، صحيح أنها شهدت صراعات ونزاعات قبلية وثأرات أساءت إلى سمعتها ومكانتها الواعية والعاقلة عبر التاريخ، لكن ذلك لن يغير من حقيقة جوهرها النبيل القائم على حب الخير وتكريس قيم الكرم والشهامة والنبل والتسامح، خصوصا مع مساعي الدولة الصادقة والجادة لإنهاء الثأرات والخلافات.
بالإشارة إلى موضوع مساعي الدولة لإنهاء الثأرات، كيف تنظرون إلى ما حققه مشروع عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي (أبو أحمد) في مسار إنهاء الثارات؟
هذا السؤال الجوهري يعيدنا إلى سؤال إنجازات ثورة 21 سبتمبر الخالدة وما حققته من لملمة جراحات اليمن الموصولة بالثأرات، وما حققه أبو أحمد في جهوده الخيرة من تبني كثير من قضايا الثأرات المزمنة بين القبائل اليمنية في المحافظات الحرة وهي المشكلات التي ظلت قائمة لعشرات السنين، لخير دليل على صدق ونبل قيم وأهداف ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م.
وما يجب الإشارة إليه هو أن عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، حقق إنجازاً تاريخياً في مضمار حلول وتكاليف العشرات، إن لم نقل المئات من مشاكل الثارات الشخصية والقبلية في كل ربوع اليمن، وهذه الإنجازات تدل على صدق وجدية الدولة في تكريس الأمن والأمان والتسامح بين جميع أبناء الشعب اليمني.

قد يعجبك ايضا