
يقضي أسامة الأغبري وقتاٍ طويلاٍ مع الإنترنت لمستويات لا يمكن تصورها لعاطل عن العمل بحيث أصبح الفيسبوك جزءاٍ من حياته كوجبة رئيسية لا يستطيع الاستغناء عنها.
لا يبالي أسامة وعشرات الشباب من أمثاله بالعبء الذي يمثلونه على أسرهم ومجتمعاتهم حيث يسخر هؤلاء وفقا لدراسة حديثة كل جهدهم للفيسبوك وإنهاك أسرهم ماديا منذ تخرجهم بدلا من توجيه هذا الجهد للبحث عن وظيفة أو تطوير قدراتهم ومهاراتهم والاتجاه للمشروعات الصغيرة للتخلص من معاناتهم وتخفيف العبء عن أسرهم.
على الرغم من الطلب المرتفع على الأيادي العاملة لدى القطاعين العام والخاص فإن مستوى استعداد أرباب العمل لتوظيف الشباب تأثر سلبا بسبب غياب المؤهلات التعليمية والفنية والمهنية المناسبة وكذا عدم وجود الخبرة العلمية وتدني مستوى المعرفة العامة وتدني مستوى الالتزام بالإضافة كما تشير دراسة خاصة بمشروع “تنمية نحو السلام” الممولة من قبل الخارجية الهولندية ومنظمة كير في اليمن إلى الإدمان على مضغ القات والتدخين والإفراط في استخدام وسائط التواصل الاجتماعي مثل موقع الفيسبوك وغيره.
ويقول سمير الكهالي مدرب تنمية بشرية إن هذه ظاهرة خطيرة لأن الفيسبوك أصبح أهم من مستقبل الشباب والبحث عنه يأتي في مقدمة اهتمامات هؤلاء بدلا من البحث عن وظيفة .
فهم
معظم الشباب العاطلين عن العمل ليس لديهم فهم واضح عن طرق وأساليب البحث عن الوظائف على الرغم من براعتهم في الوصول لمواقع التواصل الاجتماعي والفيسبوك واستنفاد جهد شاسع وطاقة واسعة في هذا الجانب وليس في البحث عن وظيفة أو اكتشاف سوق العمل والمحاولة لاقتحامه من خلال روح الإبداع والإصرار والابتكار واكتساب المهارات المطلوبة في أسواق العمل.
ويعبر الكهالي عن استغرابه لمدى تأثير الثقافة الخاطئة تجاه وسائل الاتصال الحديثة عوضا عن استغلالها في تطوير الذات وإدراك المعارف وتقريب فجوات المجتمع وسوق العمل بحيث تكون عاملاٍ مساعداٍ للتخفيف من البطالة وإدراك الكفاءات والمهارات وليس كما هو حاليا أداة منفرة ومكرسة لوباء البطالة المتفشي بشكل لافت.
ويشير إلى أن وسائل الاتصال الاجتماعية الحديثة توفر خيارات متعددة من الخدمات منها التطوير المعرفي والعلمي وتنمية المهارات وكذا تستخدم من قبل جهات متعددة كسوق لعرض الوظائف لكن المشكلة في عملية الاستخدام الأمثل لهذه الوسائل من قبل الشباب الذين لايركزون في طاقتهم الفيسبوكية على مثل هذه الأمور.
وبحسب خبراء منظمة “كير” فإن هناك أيضا عدم فهم لأنواع الوظائف التي قد تتوافق مع مؤهلاتهم مما يؤدي إلى وجود تأثير سلبي على حجم الفرص المتاحة والمتوفرة أمام خريجي الثانوية العامة وكذا حملة الشهادة الجامعية بالإضافة إلى عدم وجود خدمات توظيف صحيحة وسليمة بما في ذلك آلية تحديد مستوى الوظيفة ودليل إرشادي خاص بالمهن حيث يعتبر ذلك أحد المعوقات الرئيسية أمام تسهيل آلية التوظيف على أساس الأجر اليومي.
فرص
طبقا لخبراء شاركوا في إعداد الدراسة الخاصة بمشروع السلام والتنمية فإن السوق ليست خالية من الأعمال والوظائف كما يتصور بعض الشباب أو العاطلين عن العمل بل هناك فرص متاحة ومتوفرة لمن يبحث ويتقصى عنها ويكتسب مهارات ومؤهلات ومختلف الوسائل المساعدة للوصول إليها.
مؤكدين وجود فجوة واسعة وقدر كبير من عدم التوافق بين مخرجات التعليم وبين المهارات المطلوبة في سوق العمل لكن بحسب هؤلاء الخبراء فإن الأعمال التجارية الرسمية بحاجة إلى المزيد من الموظفين وتحديدا للعمل في وظائف التسويق والمبيعات وهناك فرص عديدة متاحة في بعض التخصصات مثل قطاع الإنشاءات والخدمات العامة والفنادق وقطاع التعليم.
ويرى توفيق الحزمي أهمية تنفيذ وتطبيق أنظمة توظيف مختلفة وبشكل منهجي وتوفير برامج تدريب على مهارات التسويق والمبيعات والخدمات الفندقية ومهارات قطاع الإنشاءات بما في ذلك مهارات تشغيل معدات الأعمال والمشاريع الإنشائية وتنفيذ برنامج لتغيير أفكار وعقليات الشباب العاطلين على العمل.
بحث
حشدت فيسبوك منذ فترة بالتعاون مع مجموعات معنية بشؤون التوظيف جهودها لإقامة شراكة وظائف اجتماعية مهمتها تسهيل توظيف العاطلين من خلال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.
وبحسب مسؤولي فيسبوك فإنهم جمعوا أصحاب العمل والمنظمات العاملة في مجال التوظيف والكليات الجامعية والوكالات الحكومية معٍا لمساعدة ملايين العاطلين عن العمل في بعض الأسواق التي دشنوا خدماتهم كتجربة أو نموذج فيها على استخدام الفيسبوك للحصول على وظائف.
تشمل هذه المبادرة صفحة على الفيسبوك تحتوي على مصادر للباحثين عن عمل ولأصحاب العمل وإعلانات خدمات عامة على الفيس بوك تروج لهذه الصفحة في المناطق محل التجربة وتعاني من أعلى معدلات بطالة.
كما سيتم إجراء مسوحات عن كيفية استخدام طالب الوظائف والكليات وشركات التوظيف لمواقع التواصل الاجتماعي وتطوير نظم لنشر إعلانات الوظائف مجانٍا على الفيسبوك وأيضا تشجيع البرامج والمصادر الحكومية في هذا الخصوص.
