ثمـان سنـوات واليمـن تكابد الويلات، وتتعايشُ في دخـان العدوان، تقبع في خطوط التماس، شمالهـا يقصف، وجنوبها محـتل وبات ثكنات عسكرية، سنوات طِوال والعـدوان يتمادى، يقصفُ الحـجر والشجر، وبقايا الارتزاق تجازف في وحل الممات، تبحثُ عـن نفقٍ ضيق لـ تحقق انتصاراً صغيراً جداً، بعيداً عـن التزوير الإعـلامي ودجل مـا خلف الستار، ثمـان سنوات ورجـالنـا في الجبهات ما بين مرابطين وشهداء وجـرحى وأسرى، مرّت سنوات عديدة والعدوان في ضعف، واليمن في تطورات ونقلات نوعية، شتان ما بين قاداتنـا وقاداتهـم، رجـالنـا ورجـالهم، ثمـان سـنوات والقوات الصاروخية والبحرية وغيرها تبهـر العـالم وتضرب الأمثـلةِ في الـقوةِ والصمود والتـحدي، لهم ما امتلكوا من الرصيد العـالي من الأخلاق، فلا فرق بينك وبين قائدك شيء، جميعكم أمطرت السماء عليكم غارات، وجميعكم ترتحلون للسماء، ثمان سنوات واليمن تودع العظماء الذين لقّنوا الأعداء أشد وأنكل الدروس، مُنذ بزوغ مسيرتنـا حتى افتدى الشهيد القائد بروحه، لعـل تلك الدماء تروي الأرض، وتنبت حسينيين، يحملون في قلوبهم القضية الفلسطينية، يرفضون الخضوع يعيشون أحـرارا، ولا يرضخون للسيادات والقرارات الأجنبية.
ما بعد الثـمـان السنوات، اليمن تودع قائداً كـان بمقام أمة، وكان أيقـونة رعب للأعداء، ومحطةِ نصر لـمن تولّى الله ورسوله وبايع سليل الـنبـوة، جـاهد الحـمزي في الله حق الجـهاد، وتاجر مـع الله حتى كسب الـرهان، وتـرك الدنيا ومتاعهـا وجـعل مـن منصبه محـل أمـانة وتحمـل للمسؤولية، لا للتفاخر ولجلب الأنظار، كان مـن المجـاهدين السباقين في محافظةِ صعدة، سار من منطلق قوله تـعالى: “ٱنفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَٰهِدُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تعلمون” صدق الله وعـده حين قال لـهم انفروا، بـ قوله تـعـالى”مِّنَ ٱلمُؤمِنِینَ رِجَال صَدَقُوا مَا عَـٰهَدُوا ٱللَّهَ عَلَیهِ فَمِنهُم مَّن قَضَىٰ نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن یَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِیلا”، كـان عليه السلام محنكاً في الجـانب اللوجيستي، وفي التصنيع الحربي كان قائداً ومعلمًا، كان خير مـن وضِع في زمـام أموره القوة الصاروخية ودعمها، والذي كان له دوره الفعال مـنذ بداية العـدوان والكـل يشهد على تطور القوة الصاروخية في السنوات التي مضت، بسياسة حسينية وبحكمة عـلوية، أعاد بناء وتطوير القوات الجوية والدفاع الجـوي، كـان خير حصن وخير رجـل، كان أنموذجاً لحمـزة والعباس، وكان نعم القيادي الأنصاري مـن جند القائد، فـكل طائرة مسيرة فردت أجـنحتُها محـلّقة من الأراضي اليمنية بكُل عنفوان وتحد، حيث وأنهـا اقتحمت الأراضي السعودية وتحدّت الرادارات الأمريكية وضربت وفجرت وأخذت بثأر كل مظلـوم في هذه البلد المكلومةِ بصواريخ الـغدر، كـل هدف أو قاعدة أو مطارات حربية في العمق السعودي أو في المناطق اليمنية التي باتت ساحات ومعسكرات يقام فيها العداء لهذا الشعب، تكمن فيهـا انتصارات وبشائر رسمّها هذا الرجل العظيم بتخطيطات شخصية وتنفيذات ربانية، سيراً وفق قوله تعالى: “أفَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ” سدد الله مراميه، وحقق أهدافه، ونصر بـه دينه.
كل عملية كبرى، تغيض الأعداء وتبلغهم ذروة الغيض وتجـعلهم أعجاز نخـلٍ خـاوية، وتشفي صدور قومٍ مؤمنين، تمت وأنجزت وحققت أهدافاً أقدس مما كان يتوقع، كانت بإشراف ومتابعة هذا الرجل الفـدائي الذي وهب روحه ودمه ومـاله فداءً لدين الله ونصرة اليمن والقضية الفلسطينية، قِلة هم من يدركون تلك السراديب التي يخوضها أولئك الذين باعوا أنفسهم لله غير مبالين بكثرة الأعداء وترسانته العسكرية، وتجمعات الأحزاب تحت مبدأ “تحالف”، رغم شحة وقلة إمكانياتهم كـأمة مستضعفة وأمة محاصرة مـن قبل الأعداء، ولأنه في الوقت الذي كان فيه الكثير يلهو ويخوض ويدس السم في العسل ويسعـون دائماً في زعزعة الأمن الداخلي وشعل فتيل القنبلة في المجتمع، كان أشيب الذقن هُناك يسعى قائلاً: يا ليت قومي يعلمـون بمـا يخطط له العدو ويسعى جـاهداً في جـعلهم أذلةً صغار تحت الأقدام.. فسـلام الله عـليك ما تعاقب الليل والنـهار، وسلامٌ عليك يوم النصر وما قبله ومـا بعده، والعاقبة للمتقين.
Prev Post