التمسك بمبدأ الولاية عامل قوة وقضية مصيرية للأمة في دينها ودنياها
الولاية مبدأ عظيم وضمانة لاستقامة مسيرة الدين والحفاظ على الأمة من الاختراق
الثورة / سبأ
على نطاق واسع احتفى أبناء الشعب اليمني بذكرى يوم الولاية “عيد الغدير” معلنين للعالم أجمع ثباتهم على الدين الحق، وتمسكهم واعتزازهم بالولاء لله ورسوله، والإمام علي، وأعلام الهدى.
وبينما تتسابق الأنظمة والحكومات العربية على التطبيع مع اليهود والنصارى خرج اليمنيون بذلك الزخم الكبير والملفت، في نحو 100 ساحة، مجددين الولاء لله ورسوله الكريم والإمام علي، وأعلام الهدى من المؤمنين الذين حملوا على عاتقهم قضايا وهموم الأمة بعيدا عن الارتهان والتبعية لأعدائها.
يدرك اليمنيون أهمية التولي لله ورسوله وللمؤمنين من بعده امتثالا لأمر الله تعالى في محكم كتابه، وتوجيهات رسول الله في يوم الغدير حين رفع يد الإمام علي وأمر الأمة بتوليه بقوله (من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله).
كما يدركون جيدا أنهم إن لم يتولوا الله ورسوله والمؤمنين من أعلام الهدى فإنهم سيقعون ضحية لتولي اليهود والنصارى كما يحدث لبعض زعماء الأنظمة العربية وعلى رأسهم النظامان السعودي والإماراتي بعد أن تحولا إلى أدوات لتنفيذ أجندات أمريكا وإسرائيل على حساب الأمة العربية والإسلامية.
وانطلاقا من ذلك وفي ظل ما تتعرض له الأمة والإسلام بشكل عام من استهداف وحرب مستعرة، من قبل الغرب واللوبي الصهيوني المتحكم به فقد بات التمسك بمبدأ الولاية عامل قوة وقضية أساسية ومصيرية بالنسبة للأمة الإسلامية في دينها ودنياها، إن أرادت أن يكون لها مكان بين الأمم تحافظ من خلاله على هويتها ومقدساتها.
أما من المنظور الديني فإن إحياء الأمة ليوم الولاية يأتي من باب الشكر لله تعالى على أعظم نعمه وأجزل عطاياه، والمتمثلة بنعمة اكتمال الدين، حين وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام حشود المسلمين، وإلى جانبه أمير المؤمنين علي عليه السلام، معلنا اقتران ولايته بولاية الإمام علي، وأنه منه بمثابة هارون من موسى عليه السلام.
يمثل مبدأ الولاية في الإسلام مبدأ عظيما ومهما، وضمانة لاستقامة مسيرة الدين وحيويته وفاعليته، والحفاظ على الأمة من الاختراق، كما أكد على ذلك قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة ذكرى يوم الولاية “عيد الغدير”.
ففي حين يتولى المؤمنون الله ورسوله والإمام علي وأعلام الهدى، يتولى الكافرون والمنافقون الطاغوت، ويعتمدون على ولايته في مسيرة حياتهم، وهذا ما يفسر حالة العداء والحرب التي يشنها الطاغوت وأولياؤه على من هم امتداد للأنبياء، سعيا منه لفصل الناس عن ولايتهم، مستخدما في ذلك الكثير من وسائل الإفساد والتخريب التي يراها الجميع اليوم، ومستعينا بالمنافقين الذين يحركهم من داخل الساحة الإسلامية.
قائد الثورة أشار إلى أن غياب مبدأ الولاية ترك الساحة الإسلامية أمام الكافرين والمنافقين لتكون مسرحا لهم ولتدخلاتهم، لأن مبدأ الولاية يحصن الأمة، ويجعلها لا تتقبل من الكافرين والمنافقين ولايتهم وسيطرتهم وتدخلهم في شؤونها وتحكمهم بها، إلى جانب أنه يرتقي بالأمة في زكائها ووعيها إلى مستوى التصدي للطاغوت وأدواته من الكافرين والمنافقين، إلى جانب العديد من النتائج الطيبة التي تتحقق في واقع الأمة ليستقيم دينها وتسير على منهج الله بشكل صحيح، وتجني ثمرة إيمانها نصرا وعزا وتأييدا إلهيا.
واعتبر تبني أمريكا بشكل رسمي وسياسي لنشر الفتن والرذيلة وفاحشة المثلية، والجرائم والفساد بشكل غير مسبوق، يأتي في إطار الحرب الرهيبة التي يشنها الطاغوت، ومن ينضوي تحت ولايته، ضد الإسلام والمسلمين، في هذا العصر والتي ينفذ من خلالها أكبر عملية مسخ للمجتمع البشري من أجل استعباده، وفرض ولايته الظلامية عليه.
ويؤكد الكثير من الفقهاء أن إحياء ذكرى يوم الولاية، وتولى الله ورسوله والإمام علي وأعلام الهدى من بعده، يمثل اليوم تحصينا للأمة من الانزلاق في مستنقع التطبيع والعمالة والتبعية وتولى اليهود والنصارى، خصوصا بعد أن زرع اللوبي الصهيوني الأنظمة العميلة لتنفيذ مخططات الغرب والصهيونية وتكريس الولاء لهم، عوضا عن تولي الله ورسوله وأعلام الهدى.
كما أن إحياء يوم الولاية محطة مهمة يستلهم المؤمنون فيها العبر والدروس من حياة الإمام علي في الشجاعة والأخلاق ويقتدون بسيرته العطرة والحافلة بالمواقف الإيمانية والمآثر العظيمة، كما أنها فرصة للتعرف أكثر على فضائل الإمام علي عليه السلام، ومناقبه الواردة في القرآن الكريم وأحاديث الرسول الأعظم، وكتب العلماء والفقهاء، إلى جانب التعمق في ما كان يحمله من فكر وفلسفة في كل شؤون الحياة، بما في ذلك السلطة والدولة وأهمية إقامة الحق، وتحمل المسؤولية وأداء الأمانة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويتجسد مبدأ الولاية على مستوى واقع الأمة في أداء المهام والواجبات بتجرد وإخلاص تام إلى جانب التراحم والتكافل والمعاملة الحسنة مع المواطنين اقتداء بالنبي الأعظم صلى الله عليه وآله سلم، والإمام علي عليه السلام الذي ضرب أروع الأمثلة في العطاء والبذل وإقامة العدل ونصرة الحق منذ أن كان صبيا وحتى توليه أمر الأمة.
وفي ظل ما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان وحصار وحروب اقتصادية وثقافية وإعلامية وحرب ناعمة تستهدف نسيجه الاجتماعي وهويته الإيمانية وعاداته وتقاليده الأصلية تبرز أهمية إحياء المناسبات الدينية وفي مقدمتها ذكرى المولد النبوي ويوم الولاية، كمحطات إيمانية عظيمة في حياة اليمنيين، تساهم في تعزيز صمودهم وثباتهم في مواجهة كل التحديات.
وإيمانا منهم بأن الغلبة والعزة والنصر لن تكون إلا لمن يتولى الله ورسوله والمؤمنين خرج اليمنيون في هذه المناسبة بتلك الحشود الغفيرة في كل المحافظات والمديريات الحرة كما هي عادتهم منذ قرون، للتعبير عن الفخر والاعتزاز بتولي الإمام علي عليه السلام، والارتباط الوثيق به، كون الارتباط به هو ارتباط بالنبي الأعظم، ولأنه باب الوصول إلى العلم الذي قدمه الرسول الكريم للأمة.