ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

حرق القرآن الكريم… سياسات أمريكية وأوروبية تديرها أيادٍ صهيونية

 

تخاذلَ الحكامِ عن نصرةِ الإسلامِ والدفاعِ عن قضايا المسلمين ومقدساتِهم، وتحالفَهم مع دولِ الغربِ في الحربِ على الإسلامِ، هو أحَدُ الأسبابِ المباشرةِ لوقوعِ هذه الإساءات، وتكرارها، وتعمّدِها واتساعِها.

-صحوة الشعوب العربية والإسلامية كفيلة بالرد على الإساءات المتكررة للإسلام ومقدساته.

جريمة إحراق نسخة من المصحف الشريف في السويد، لم تكن حدثاً عابراً أو حالة استثنائية في أوروبا والغرب بشكل عام، لأنه بالعودة إلى التاريخ نجد أن هذا الحدث المشين، بدأ منذ عشرين عاماً وأكثر عبر سلسلة من الحوادث المتكررة وبأشكال مختلفة وبدأت بمرحلة جس النبض وتدريجياً توغلت هذه الإساءات بشكل ممنهج وساعدها في ذلك ردة فعل الدول الإسلامية، حيث لم تتجرأ الدول الغربية على مقدسات المسلمين، إلا لأنها تعرف أن حكامَ المسلمين ووسائلَ إعلامِهم ومفتيهم سيحولون دون قيامِ الأمةِ بمواجهةِ هذه الإساءات بمواقفَ عزيزةٍ حاسمةٍ تنسي أعداءَ الإسلامِ وساوسَ الشيطان، حيث أن ردود الفعل الرسمية لن تتعدى -إن وجدت- بعض الكلمات الجوفاء والبيانات العرجاء، ولو كان عند حكومة السويد أدنى شك بأنها ستواجه أي إجراءات اقتصادية خصوصاً في مجال الطاقة، أو تجارية، أو سياسية، لما تجرأت على التصرف بوقاحة ووضاعة.

الثورة/ أحمد السعيدي

بداية الإساءات

أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م، بواسطة تحالف صليبي غربي تم انتهاك الحرمات والمقدسات، ففي مدينة الفلوجة العراقية وحدها عام 2004م دمّـر الأمريكيون 40 مسجداً وأجهزوا على الجرحى في المساجد ليس هذا فحسب، بل انتهكوا حرمات الأعراض للرجال والنساء كما شاهد العالم في سجن (أبو غريب)، ودنّسوا ومزّقوا المصاحف في المساجد في بغداد على النحو الذي نقلته الفضائيات والصحف والمجلات، أما الإهانات الصهيونية للمقدسات الإسلامية، فحدّث عنها ولا حرج، فقد بدأت منذ بداية احتلال الكيان الصهيوني أرض فلسطين عام 1948م، وذلك بهدم 500 قرية فلسطينية وتدمير مساجدها وحتى مقابر الأموات فيها.

في نفس العام

وفي نفس العام صدرَ الفيلمُ الهولنديُ الأولُ المسيءُ للقرآنِ.، والذي حمل عنوان «الخضوع»، وقامَ رئيسُ وزراءِ الدنمارك بمنحِ السياسيةِ الهولنديةِ «أيان هيرسي»، التي أعدّت الفلم، جائزةَ الحريةِ معلناً بدء ما أسماه «معركةَ القيم» ضد الإسلام، وفي 25 /9 /2005م، أي قبلَ خمسةِ أيامٍ من نشرِ الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، ألقى وزيرُ الثقافةِ الدنماركي «بريان ميكيلسن» خطاباً في مؤتمرِ حزبِ المحافظين الحاكم، حرّضَ فيه الفنانين الدنماركيين على الاستهزاءِ بالقرآنِ ورسمِ صورةِ النبي محمد، ونطق بألفاظ نربأ أن بذكرها إجلالاً للرسول الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى إثرِ هذا التحريضِ قامت صحيفةُ «يولاندس بوستن» الدنماركية بنشرِ الرسومِ المسيئة، حيثُ تضمنت تلك الرسومُ الحاقدةُ الاستهزاء بالقرآن الكريم ، ووصفهِ بمنهج العنفِ والإرهابِ وظلمِ المرأةِ، وطعنت في الجهادِ، وفي عام 2006م ألقى بابا روما محاضرةً في ألمانيا، هاجمَ فيها القرآن العظيم والرسول الكريم ووصفَ رسالتَه بـ: «الشرِّ واللاإنسانية» وطعنَ في كتاب الله، مثيراً الأحقادَ الصليبيةَ لدى الشعوبِ الأوروبيةِ تجاهَ المسلمين.

السويد تصدرت المشهد

وتوالت الأحداث ومرت بقيام عناصر من الجيش الأوكراني بحرق نسخ من القرآن الكريم، ثم استقر هذا الفعل المشين في السويد التي تصدرت المشهد، ففي عام 2020 حاولت مجموعة من 10 أشخاص عرقلة حرق بالودان للمصحف، ما دفعه للهروب في سيارته، وفي الثالث من يوليو 2022م أحرق لارس ثورن -زعيم حركة «أوقفوا أسلمة النرويج»- نسخة من المصحف الشريف، في حي تعيش فيه جالية مسلمة كبيرة بضواحي العاصمة أوسلو، وأثار المشهد حفيظة عدد من المسلمين الذين سارعوا إلى إطفاء النار المشتعلة، وسرعان ما تجمّع حشد للاحتجاج على الناشطين وفي الحادي والعشرين من يناير لهذا العام أحرق زعيم حزب «الخط المتشدد» الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان، نسخة من القرآن قرب سفارة تركيا بالعاصمة السويدية ستوكهولم، وسط حماية من الشرطة التي منعت اقتراب أي أحد منه أثناء ارتكابه الجريمة وإجراءات قضائية حازمة تجاه هؤلاء الأشخاص المعترضين، بدعوى «حرية التعبير».

وهذا ما أكده وزير العدل السويدي ليبرر أفعال هذا المتطرف والسماح له بحرق نسخ القرآن، وللأسف بحماية الشرطة في مؤتمر صحافي بقوله: نعيش في ديمقراطية فيها حيز واسع جداً لحرية التعبير والإعلام، ونحن نعتز بذلك، ولا توجد لدينا أي نية بتضييق مجال الحريات حتى ولو تم استغلالها من قبل يميني دانماركي للتحريض على الكراهية والشقاق وأحداث العنف وهو أمر مؤسف.

صمت حكام المسلمين

وزيرَ الخارجيةِ الدنماركي، «بير ستي موللر»، أدلى بتصريحاتٍ لصحيفة «الشرق الأوسط» (في 23 /2 /2008م)، أكد فيها تواطؤَ حكامِ المسلمين ومفتيهم في قضية الإساءة إلى رسول الله والقرآن الكريم، حيث نقلت عنه الصحيفة قوله: «إن وزارتَه على اتصالٍ مستمرٍ بالقادةِ الروحيين والحكوماتِ في الدول الإسلامية لتفادي أزمةٍ جديدة»، وأضاف: «أعتقد أنهم يتفهمون ذلك»، ولا يخفي زعماءُ الغرب، بمن فيهم رئيسُ الوزراءِ الدنماركي والرئيسُ الأميركي، أهميةَ التعاونِ بل التحالفِ مع الأنظمةِ القائمةِ في بلادِ المسلمين والتي يصفونها بالمعتدلةِ والصديقةِ للغرب، فكيف لا يسيئون إلى القرآنِ والرسولِ الكريم، وهم يشاهدون الأنظمةَ القائمة في بلادِ المسلمين هي نفسَها تحاربُ الإسلامَ وتعطلُ القرآن وتحاربُ عودتَه للحكمِ والتطبيقِ في المجتمع؟، وهي نفسَها تعطلُ شرعَ رسولِ الله وسنته، وتلاحقُ العاملين لإقامةِ حكمِ الإسلامِ في بلادِ المسلمين، بالسَّجنِ والتعذيبِ والإرهاب؟، نعم، إن تخاذلَ الحكامِ عن نصرةِ الإسلامِ والدفاعِ عن قضايا المسلمين ومقدساتِهم، وتحالفَهم مع دولِ الغربِ في الحربِ على الإسلامِ، هو أحَدُ الأسبابِ المباشرةِ لوقوعِ هذه الإساءات، وتكرارها، وتعمّدِها واتساعِها، كما أن ردودَ فعلِ المسلمين القاصرةِ على التنديدِ والشجبِ والتظاهرِ، تُطمِعُ أعداءَ الإسلامِ بالتمادي في العدوانِ على مقدساتِ المسلمين وأعراضِهم ودمائِهم، وعليه، فالدولُ الغربيةُ لا تتوقعُ أن تؤديَ الإساءةُ إلى كتابِ اللهِ ورسولهِ، إلى تحرّكِ الأمةِ الإسلاميةِ التحركَ الفعّال، اقتصادياً أو سياسياً أو عسكرياً، فالغربُ الكافرُ يعلمُ أنه ليس لمحمدٍ في بلادِ المسلمينَ دولةٌ تقيمُ شرعَه وتنتصرُ له، وليس للقرآنِ سلطانٌ يحميه ويدفعُ عنه أيدي المعتدين وألسنتهم.

اللوبي الصهيوني

ليست المرة الأولى للوبي الصهيونية اليهودية في السويد وغيرها، أما السويد فقد تعددت إساءاتها للإسلام بدءاً بتعسفاتها ومضايقاتها للجاليات الإسلامية وليس انتهاءً بانتهاكها الخسيس لقدسية القرآن العظيم حين سمحت -وبحماية الشرطة- للمتطرف الدانماركي السويدي «راسموس بالودان» بحرق نسخة من المصحف الشريف خلال مظاهرة في العاصمة السويدية ستوكهولم، أو إننا إذ ذكرنا بعضاً من جرائم إساءات اللوبي الصهيوني للإسلام ومقدساته، نشير إلى أن من الواجب على الأمة الإسلامية أن تدرك حجم المؤامرات عليها، ويجب أن تعي أن هذه الإساءات الصهيونية الإجرامية المتكررة لقياس ردة فعلها ليتمادى اللوبي الصهيوني اليهودي أكثر وأكثر إن قوبلت إساءاته بردة فعل ضعيفة ، ونشير أيضاً إلى أن هذه الأعمال الدنيئة هي واحدة ضمن خطوات عديدة يعدها ويمولها وينفذها اللوبي الصهيوني في إطار مخطط تطاوله على مقدسات المسلمين وعلى رأسها القرآن الكريم والنبي الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله، ونؤكد على أن الإساءة للأنبياء والرسل والقرآن الكريم، هدفها في الأساس تغييب ما حملته شرائعهم ورسائلهم الإلهية من قيم عظيمة ومبادئ وأخلاق سامية تهتدي بها الأمم، على عكس ما تريده الصهيونية اليهودية من نشر الفساد والانحلال، ومحو الأخلاق في المجتمعات الإسلامية، يفعلون كل ذلك لتلتحق الأمة الإسلامية بركب الانفلات الأخلاقي في الغرب، تلك المجتمعات المنحلة والمتفككة أسرياً ومجتمعيا والتي لا تحكمها قيَم ومبادئ مُثلى نتيجة كفرهم بالله وابتعادهم عن هدي جميع أنبيائه ورسله وصولاً لخاتمهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد يدركون ولا يدركون العواقب الوخيمة من عقوباتٍ إلهية في الدنيا والآخرة نتيجة جرائمهم وإساءاتهم المتكررة للأنبياء والمصحف الشريف، وما تلك الفوضى الأخلاقية، وانفراط عِقد القيم والمبادئ في أمريكا وأوروبا، والإحصائيات المرعبة في استهداف الإنسان وتحديداً المرأة والطفل إلا بعض نتاج أعمال من يقودهم من لوبي صهيوني عالمي يسعى حثيثاً لإفساد كل المجتمعات لتسهل له السيطرة الكاملة على الجميع وقيادته للهاوية.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا