الوحدة في حديث الذكريات وزوابع التقسيم والموامرات
الدكتور عبدالعزيز بن حبتور يتذكر مشاهداته لوقائع حلقات الدم والتآمر على اليمن
يسرد الدكتور عبدالعزير بن حبتور ذكريات الدم والتآمر التي شهد مخاضاتها في وقت سابق وفي محاضرة ألقاها في مؤسسة بنيان استرسل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في حديث الذكريات وانتقاله من عدن إلى صنعاء في الأشهر الأولى للعدوان على اليمن.
يقول الدكتور
«اخترت بمحض إرادتي أن آتي إلى صنعاء في يوليو2015م، كنت، في البداية، على تواصل مع الرئيس الشهيد صالح الصماد، وأبو علي الحاكم، ويضيف عندما التقيت به تحت إحدى الأشجار، والأوضاع في أشدها؛ والعدوان في أوج غطرسته اللامتناهية.. اعتقد ذلك كان في شهر مايو، قال لي أبو علي الحاكم: أنت مسؤول عن هذين الاثنين، وهو يشير إلى «عبدالقادر المرتضى»، والشهيد «أبو صالح».
هكذا افتتح أ.د عبدالعزيز بن حبتور رئيس حكومة الإنقاذ الوطني محاضرته القيمة خلال لقائه بالمسؤولين والمتطوعين العاملين في مؤسسة بنيان، والتي أشاد في مستهلها بمؤسسة بنيان التنموية وجهدها التوعوي التنموي ونشاطها الذي وصل إلى مختلف المحافظات والمديريات الحرة كواحدة من المبادرات التي سيسجلها التاريخ، ولشبابها الذين تمكنوا من تحويلها من نظرية مجردة إلى فكرة وعمل ملموس يخدم وينمي الأسرة الريفية والمجتمعات المحلية بروحية ومعنويات عالية وبأبسط الإمكانيات المادية.
في المحاضرة، بدأ بن حبتور سرد الحكاية عندما كان محافظا لمدينة عدن يتذكر بن حبتور لحظات الغزو الأولى ويقول: «حينها، وصلتنا معلومة عن إنزال قوي في شواطئ «رأس عمران»، من جنود الجنجويد والسودانيين والبلاك ووتر وضباط من الإمارات والسعودية، وكان القصف على مدار الثانية على مدينة عدن، وليس الدقيقة؛ يقصفون من البحر ومن الجو على امتداد الوقت القصف لم يكن يتوقف على الإطلاق».
ثم يمضي في سرده وحديث الذكريات ليروي حكاية الخروج من عدن ساخرا من أحوال الكذب والتضليل التي كان يمارسها المرتزقة «طلعوا معلومات.. قالوا فيها ألقي القبض على بن حبتور مع شقيق قائد الثورة «عبدالخالق»، وأنهما- الآن- في قبضة قواتهم». مع العلم، أني ما قابلت «عبدالخالق» إلى اليوم (19مايو2023م)؟ لا أعرفه، حقيقة.. لكن المرتزقة، حينها كانوا ينشرون صورتينا مدمجة وينشرون صورتي وصورته، ويعلقون تحتها «…، والآن جاري التحقيق معهما… «، هذا حدث في يوليو 2015م.
ويقول بن حبتور: «قابلت وأنا في عدن الكثير من المجاهدين، ووجدتهم في منتهى النقاء، وفي منتهى التضحية وفي منتهى الشجاعة.. جلست مع كثير منهم قادة في المعلا، التواهي، خورمكسر، والشيخ عثمان.. كانوا قادة يتحدثون فيما يفيد الوضع يومها».
ويسترسل قائلا «عندما نزلت القوات بدعم أمريكي بريطاني هائل، أنزلت معها مصفحات ملأت شوارع عدن، ويواصل «تحركت إلى صنعاء، وكان بالإمكان التحرك إلى الرياض، كما هرب الدنبوع، خصوصا وأني- حينها- كنت محافظ عدن»، منوها «وفعلا، سألني زملاء من أنصار الله: طيب، ما الذي جاء بك معنا، وأنت كنت مع هؤلاء»، قلت: «والله، من يشاهد القصف على مدينته عدن، وعلى عاصمته صنعاء، وعلى المواطنين، ولا يتخذ موقفاً هذا لا فيه خير لنفسه ولا لأسرته ولا لشعبه، على الأقل يجب أن تكون لديه غيرة، غيرة على أهله، وعلى مدنه».
مؤكدا أن «من هربوا للأسف هم مجموعة مرتزقة، ومأجورين، وأن أول ما يحاول الواحد منهم يقنعك به «أمنّا لك السكن، والمدرسة لعيالك»، كان من الطبيعي أن يكون ردي عليهم: «إذا كل منّا فكر- فقط- في زوجته وعياله؟ طيب، لدينا شعب تعداده أكثر من 30 مليون إنسان.. من يأمنّ لهم السكن والمدرسة؟ من يفكر فيهم؟
ويضيف «القائد إذا انحصر تفكيره داخل بيته، لم يعد قائدا؟ لأن القائد هو ذاك الذي يفكر في أمة، حتى وإن كان في الطرف الغلط، لكنه لا يترك موقعه ومترسه كمسؤول عن أمة لمجرد أن مالت الكفة.
عظمة القائد في اللحظات الصعبة
ويستشهدا في ذلك «أذكر أني سمعت قائد الثورة الحبيب عبدالملك الحوثي يقول في لقاء مغلق «والله، لو بقينا في نصف مدينة، فإننا سنبقى نقاتل»؛ هذا هو القائد الذي عندما يكون موجود، تتحقق للأمة الانتصارات.
ويضيف «هذا الانتصار- الذي نعيشه حاضرا في المحافظات الحرة- تحقق بالمعنوية العالية التي امتلكها قائد الثورة الحبيب عبد الملك بدر الدين الحوثي.. «علي محسن» هرب في طائرة، و»عبد ربه» هرب ومعه السامان في السيارة إلى حضرموت، وكلهم هربوا لم يبق في عدن مسؤول على الإطلاق».
ويستذكر «اتهموني بالخيانة، وقالوا لقد خاننا بن حبتور مع الحوثيين.. قلت «بالتأكيد أنصار الله، لا معهم فلوس.. ولا سلاح.. ولا معهم شيء.. معهم شباب مجاهدين، والله ما معهم غيرهم، لكن لديهم رؤية، هذه الرؤية، في الحقيقة، هي التي حققت هذا الانتصار الهائل.. هذا الكلام، كان تقريبا في يوليو 2015م» منها طلعنا صنعاء.. وهناك، ألتقينا بالقيادات، وحددنا المسار بشكل واضح.
أصل الهوية
ويتنقل بن حبتور في حديثه إلى جهة الوحدة، ليقول في سياق سرد مستفيض: «نعيش الآن الذكرى الـ 33 للوحدة اليمنية، أنتم، وخاصة الشباب، لم تعيشوا هذا اليوم، يمكن في القاعة 2-3 من عاشوا هذا اليوم؛ السؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت ضرورة أن تتحقق الوحدة اليمنية في 22 مايو1990م أم كانت مجرد حدث عارض في يوم من أيام الله؟
يواصل «تذكروا حديث قائد الثورة، وأكد على هذا الموضوع بشكل دقيق، رؤية قائد الثورة أوسع من اليمن.. أوسع من المنطقة العربية، له أفق أوسع.. لكن نبقى في جزئية من المنطقة العربية، وهي اليمن.. أهمية إعادة اللحمة الاجتماعية والشعبية في اليمن أهميتها تتمحور في:
أننا شعب واحد.. لا يقدر أحد أن يزايد علينا أحد، نحن من فجر التاريخ، ونحن شعب يمني واحد.. مرة كنا مع سبأ.. ومرة مع حمير.. ومرة مع قتبان.. ومرة مع أوسان.. ومرة مع حضرموت.. ومرة مع…! أقصد، أن الكتلة (الأرض والإنسان) الموجودة في هذا الجزء من الجزيرة العربية ظل اسمها- على مر العصور- هو اليمن.
ويبين «على مر العصور، لم يأت أحد ليقول إن اسم (اليمن) لفظ جديد جابوه (الحوثة) أو غيرهم.. إنما هو مصطلح من المصطلحات المتعارف عليها منذ فجر التاريخ، بدليل أن الكتب السماوية تكلمت عن (اليمن)؛ .. ما يُكذّب ذلك إلا جاحد؟
ويرجع بن حبتور عقارب الساعة إلى «مرحلة الدولة الإسلامية، كان فيها أربع مخاليف؛ مخلاف صنعاء، ومخلاف الجند، ومخلاف حضرموت، ومخلاف السليمانية، وسواء أكانت أربع أقاليم أو ثمان أو حتى ثمانين ولاية أو مخلاف أو محافظة أو دويلة صغيرة، لكن كلها كانت تحت مسمى اليمن».
ويواصل «اليمن هو الأصالة التي انتقلت من عصر إلى عصر إلى أن وصلت عصرنا اليوم».. ويتساءل: «لماذا نحن نكرر هذا القول؟»، ثم يجيب: «لأننا لو لاحظتم أن بريطانيا هي من أتى بمشروع أسس لفكرة اتحاد الجنوب العربي في العام 1949م، على طريقة مشيخة الإمارات العربية المتحدة التي جمعت فيها الشارقة وأم القرى ورأس الخيمة وأبو ظبي، وهنا كانت تريد أن تجمع 24 سلطنة وإمارة ومشيخة في اليمن، لكن هذا ما ركب معها.
مسخ الهوية
ليؤكد فشل المشروع البريطاني في مسخ الهوية اليمنية بإجابته على تساءل طرحه هو.. لماذا؟ لأن المشروع تعسرت ولادته في رحم أمه حين رفض من أكثر المحميات الشرقية؛ رفضه الكثيري، القعيطي والواحدي، وفي فترة من الفترات رفضه المفلحي ورفضته الكثير من المشيخات الصغيرة الموجودة، وحتى عدن نفسها رفضت فكرة الدخول والاندماج في هذه الدولة.
ويوضح قصة «اتحاد الجنوب العربي» التي يتحدثون عنها اليوم هي مشروع إماراتي- خليجي، وهو مشروع سقط عمليا في الستينيات، وأرادوا الآن إحياءه من جديد.. جابوا لهم مجموعة من العملاء والمرتزقة، يقودهم عيدروس وبن بريك ومجموعة من الذين اشتروهم بالمال الرخيص المدنس.
ثم يتساءل من جديد «عارفين أين أسر هذه القيادات؟، فيجيب بحسرة وألم: كل أسر القيادات في أبو ظبي.. تجد القائد منهم «مرته وطبينتها وعمتها، وعيالهم، وعيال خالهم، كلهم في الإمارات»، وهو وحده هنا يدور من مكان إلى آخر، وكل ساعة يخطب في حارة، ويثور الناس. والحقيقة أن هناك أناس بسطاء عاديون.. البسطاء هؤلاء هم من يتحولون في الأخير إلى ضحايا في كل زمان ومكان.
ويكرر التساؤل «إذن، عندما نتساءل: هل هناك ضرورة للوحدة اليمنية؟ لا شك أن الإجابة ستكون بـ «نعم».. نعم هناك ضرورة.
مسلسل الدماء
ثم يعرض بعضا من مشاهد حلقات مسلسل الدماء التي جرت أحداثها في المحافظات الجنوبية قائلا: بالأمس، كان هناك دولتان «جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية» و»الجمهورية العربية اليمنية» واستمرت كل واحدة منها قرابة 25 سنة تزيد أو تنقص.
تخيلوا في هذه الفترة دارت حربين بين الشمال والجنوب. في 72 وفي 79م.
ويتحدث إلى المرتزقة دعاة التقسيم مذكرا:
إرادة الامة اليمنية تظل إرادة واحدة، والوحدة غاية دفع الشعب اليمني ثمنها باهظا.. كثير من الانفصاليين يقولون «نحن لم نتوحد مع صنعاء على مدار التاريخ»، لكني أجيب عليهم «في عام 250 ميلادية تقريبا، هجم الأحباش واحتلوا عدن، الامبراطورية الحبشي كانت كبيرة قوية، وآنذاك كان ملك سبأ موجود.. ذلك الملك السبئي الذي أرسل قوة من خولان، وهذه القوة راحت إلى عدن فعلا، وأوقفوا الزحف الحبشي، وبقيت منهم حاميته في عدن.. أمازح أهل عدن بالقول «أنتم نصفكم من خولان، أنتم أبناء القائد الخولاني الذي جاءكم قبل 1800سنة»، شوفوا التاريخ يوثق هذه الحادثة.. وشفتها أين؟ في متحف اللوفر في باريس، منحوت في قطعة رخام هذه القصة بكاملها.
ليؤكد «الحقيقة أن الإرادة الشعبية الموجودة هي إرادة مستمرة منذ فجر التاريخ، وقصة الوحدة قصة ليست للعب السياسي.. يفترض ألا نتحدث حولها إلا من منطق أنها من الثوابت».
حقيقة ساطعة
يسترسل بن حبتور قائلا «هناك حقيقة لا أريد من ذكرها أن أمدح في قائد الثورة.. يشهد الله، وأقولها بصراحة وإيمان: إنه يقود تجربة استثنائية لم نجد لها شبيها من قبل.. نحن قرأنا عن شخصيات، واحتكينا بشخصيات، لكن- يشهد الله- أن قائد الثورة شخصية تقترب من كل واحد في هذا الشعب.. وبالتالي نحن ينبغي فعلا أن نحافظ على هذا التوجه الإيماني الخالي من كل الحسابات الضيقة والمشاريع الصغيرة».
ويصرح بن حبتور بحقيقة مفاده «هناك أخطاء، وستكون هناك أخطاء، لأن الحقيقة تأكد- على مر العصور- استحالة وجود ذلك الإنسان الذي لا يخطئ.. الأخطاء موجودة، طالما وبني آدم يتنفس.. أخطأ صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم يحيطون بأقدس إنسان في الكون».
ثم يعود إلى قضية اليمن الرئيسية «علينا، عندما نتحدث حول الوحدة اليمنية، أن نعلم أن الوحدة حقيقة ثابتة في الأسس، وما يجب علينا فعله هو أن نبحث معا عن كيف نطورها، ونرسخ دعائمها».
زوبعة كاذبة
ليفصح عن حقيقة أن هناك زوبعة تقوم بها مجموعة كاذبة في المحافظات الجنوبية.. قيادات كاذبة 100%، لو سألنا من المسؤول عن الاغتيالات التي حصلت في السبعينات؟ لوجدنا أن هذه القيادة نفسها هي المسؤول عن سحل العلماء- بنو هاشم كانوا أفضل علماء اليمن- كانوا يسحلون وكأنهم بهائم، وحتى البهائم لا يجرؤ أحد يتعامل معها بتلك الفظاعة.
متسائلا: طيب من أمم مزارع الناس؟ ومن أمم مساكن الناس؟ ومن منع التجارة؟ ومن منع الحرية؟ ومن حاول أن يأتي لنا بدين غير الدين الإسلامي؟ هم هذه المجموعة.
لذلك نقول: من سيصدقهم إلا شخص لم يتعلم من الحياة على الإطلاق.. في العمل السياسي نختلف ونتفق، لكن في القضايا المفصلية ينبغي ألا يكون هناك شيء قابل للمساومة على الإطلاق.. لا أريد- هنا- أن أجامل النظام في صنعاء بعد 1992م، عندما أقول لم يحدث أن أممت مساكن الناس.. لا في عهد السلال ولا في عهد الإرياني أو الحمدي أو الغشيمي.. صحيح، حدثت أخطاء كثيرة، وفساد، ولكن لم تأمم أملاك الناس، ولا مزارعهم، ولم يسحل أحد في الشوارع، ولا جاء أحد منهم برؤية ثانية غير الدين الإسلامي.. هناك فساد.. قبلية.. مناطقية، هذه أمور يسهل القضاء عليها ومعالجتها.
ثم يعود ليؤكد «البلاء هناك حيث جاءوا لنا بكل ما لا يقبله عقل ولا يقول به منطق، ومع ذلك يأتي من يتبجح بالقول: «أعيدوا لنا دولتنا».. عن أي دولة يتحدث؟ دولة مجرمين. نحن كنا جزء من ذلك النظام.. دولة إجرام فيها سحل: كل من فتح وصار يتكلم كلام معقول، لقطوه وذبحوه سواء أكان من مشائخ أو فقهاء علم أو متعلمين.. كانوا يصفون أي متعلم يجدونه، بأنه ركيزة من ركائز الاستعمار البريطاني.. وهذا ما يريدون إعادته».
صنعاء عاصمة حاضنة لكل اليمنيين
يتحدث بن حبتور عن صنعاء ويقول «في صنعاء المواطن يشعر أنه هو الأب، وأن هذا الانفصالي مجرد ابن ضال؛ مرة يغلط، وسيرجع.. ومرة ينفر، ولا بد أن يعود.. وهذا ما حدث في كل معركة من المعارك التي دارت في الجنوب: في 67م، تقاتلت الجبهة القومية مع جبهة التحرير، والمهزوم منهم أين راح؟ بالتأكيد طلع صنعاء أو تعز أو مارب.
وتقاتلوا في 68م، المهزوم- أيضا- طلع إلى اليمن الشمالي.. تقاتلوا في 72و73، لما عملوا الانتفاضات الفلاحية. الانتفاضة التي كان المزارع- حينها- يقول لهم: يا جماعة قد أنتوا بتشلوا الأرض، ليش عادكم بتسحلونا.. يردوا عليهم: العامل لازم يعرف إن الأرض ما جت بسهولة، جت بدماء، ويسحلوهم سحل هكذا مثل ما يسحلوا أي شيء ما له قيمة وهو إنسان يتنفس.
تقاتلوا في86، وراح في عشرة أيام 20 ألفاً بين قتيل وجريح وضائع ومدفون تحت الأنقاض، 20 ألف، وطبعا مجموعة علي ناصر هربت إلى صنعاء وهم بالآلاف وصنعاء احتضنتهم، صنعاء ليس النظام.. صنعاء المجتمع.. المجتمع كان الأقرب ويقولون لك هؤلاء أهلنا هؤلاء إخواننا.
السياسة والثار
ثم يؤكد «هؤلاء العملاء والمرتزقة ليس من حقهم أن يزايدوا، وما يعملون من مؤتمرات سواء في عدن أو في حضرموت، تعود خلفياته في الأصل إلى قصص واسعة وكبيرة جدا في موضوع الثار السياسي».
ويختتم حديثه بتأكيد حقيقة أن الثار السياسي- هنا- محدود جدا مهما كان حجم الأخطاء التي تحصل، ولنأخذ مثالا على ذلك، كيف عالج قائد الثورة ما حصل في فتنة ديسمبر؟ قال: «نحصرها ونحددها في أشخاص محدودين، لا نوزعها أبدا، وفعلا ضمت وحصرت».. هناك المنتصر يقتل خصمه وأخيه وخالته وجدتها وعمتها، ولا يخلي أحداً، للأسف هذا هو واقع الحال في الجنوب.
مضيفا «التربية الدينية، هنا، لعبت دورا كبيرا في تطمين النفوس.. على عكس ما حدث في عدن، جاء الاستعمار البريطاني بالنظام العلماني؛ فتح البارات ومحلات الديسكو، حول عدن إلى ضاحية من ضواحي لندن، ثم جاءت الجبهة القومية للحزب الاشتراكي اليمني بالماركسية المادية، وتوقف الحديث عن الدين، ولم يبن في الجنوب مسجد واحد لعقود، وهذا، بالتأكيد، يؤثر في تفكير المجتمع وسلوكياته».