الوحدة اليمنية في عيدها الـ33 باقية وأقوى من تحالفات الخطيئة والتمزيق
افتتاحية الثورة
يحل العيدُ الوطني الـ 33 للجمهورية اليمنية “22 مايو” يوم غد الإثنين، فيما عربة التمزيق والتقسيم تجول في ربوع المحافظات الجنوبية والشرقية التي تخضع للاحتلال الأمريكي البريطاني الإماراتي السعودي، وتحيط بها مؤامرات التقسيم والتمزيق من كل الجوانب، فالبيارق والشعارات تتزاحم في سماء المحافظات المحتلة، ولا تنحصر على شكل واحد للانفصال المشؤوم الذي يدفع إليه تحالف الغزاة والمحتلين، ويحرك أدواته العميلة نحو فرضه على أرض الواقع من خلال الجيوش المليشاوية العميلة التي عمل على تشكيلها بشعارات وهويات ومسميات متعددة وتمزيقية، وما يجب إدراكه أن تحرير هذه المحافظات من الاحتلال هو ما يجب أن يتحد عليه كل الأحرار والشرفاء لتبقى الوحدة ورايتها خفاقة في تلك المحافظات.
إنَّ تقسيم اليمن إِلَـى إمارات متصارعة هو هدف من أهداف تحالف العدوان، الذي عمل من خلال المليشيات العميلة التي شكلها بهويات وشعارات مختلفة ، منذ اجتاح مدينة عدن في 2015، ثم من خلال جرائم التصفية والتهجير للمواطنين من أبناء المحافظات الأخرى التي دفع إليها مرتزقته وأدواته خلال السنوات الثمان الماضية، بهدف تعبيد الطريق أمام عربات التقسيم والتمزيق، وبالتزامن عمل تحالف العدوان على بناء مليشيات أمنية وعسكرية كجيوش مليشاوية تمزيقية يفرض من خلالها سلطنات الإمارات الممزقة في عدن وحضرموت وشبوة وسقطرى وغيرها.
وتبدو التحركات التي تقوم بها أدوات تحالف العدوان اليوم واضحة في السعي إلى تقسيم اليمن وتمزيقه، فالمرتزق الزبيدي الذي وصل أمس إلى حضرموت على متن دبابة إماراتية حاملاً شعارات الانفصال وأعلام وبيارق المخططات الأجنبية، يعمل بدفع أمريكي وبريطاني وسعودي وإماراتي مشترك نحو التقسيم والتمزيق ليس لليمن الواحد فحسب، بل وحتى لليمن الانفصالي الذي يروّج له تحت مسمى «الجنوب العربي»، يبدو أنه سيصبح إمارات متعددة ولن يبقى يمناً انفصالياً ولا جنوباً عربياً، وفي إطار هذه المخططات تحتشد الأحزاب العميلة التي تدعي ارتباطها بالوحدة اليمنية وتشترك مع الغزاة والمحتلين في القتال ضد الشعب اليمني.
والمؤكد أن الدول العشر التي صاغت مشروع تقسيم اليمن إِلَـى ستة أقاليم في موفمبيك تحت إشراف السفير البريطاني والأمريكي حينذاك، وسعت إلى تمرير مسودة الدستور، هي من تقود عربات التقسيم وتدير فصول المؤامرة من ثكناتها المسورة في عدن وحضرموت والمهرة، وتحرك العميل الزبيدي لترويج ما يسمى بالجنوب العربي، وتدفع لتمزيق اليمن إلى يمنات ممزقة ومشرذمة.
إلى وقت قريب كانت وحدة اليمن تحظى ببعض التأكيدات اللفظية في بيانات القمم والاجتماعات الدولية والعربية، غير أننا وجدناها مؤخرا قد أسقطت من تلك الصيغ البيانية كما هو واضح من بيان قمة جدة الأخيرة، وهو ما يجلي مخطط التقسيم والتفتيت بكل تفاصيله وأبعاده، وفي ظل هذا الدفع المحموم نحو تقسيم اليمن فإن المخاطر تكبر أمام اليمنيين وفي المقام الأول أبناء المحافظات المحتلة، فلا عدن ستبقى عدن لأبناء عدن، ولا الجنوب العربي الموهوم سيكون جنوباً عربياً، بل سيصبح جنوبا أمريكياً بريطانياً سعودياً إماراتياً مقسماً بأضلاع ستة وربما عشرة.
إن الاحتلال الأمريكي والبريطاني والإماراتي والسعودي لمحافظات اليمن الشرقية والجنوبية هو مصدر التحديات التي تواجه الوحدة اليمنية، وهو الخطر المحدق باليمنيين جميعاً على رأسهم أبناء تلك المحافظات، والواقع الميداني في المحافظات المحتلة يؤكد بأن دول الاحتلال والعدوان لا تسعى إلى تقسيم اليمن إلى دولتين فحسب، بل إلى دويلات صغيرة ومتناحرة، والواقع يؤكد أيضاً أن دول العدوان والاحتلال تتقاسم النفوذ على المحافظات المحتلة تحت شعارات «الجنوب العربي» للمحافظات الجنوبية، و»دولة حضرموت» للمحافظات الشرقية، وهي بذلك إنما تدغدغ مشاعر بعض المأزومين بما تسميه الإدارات الذاتية لهذه المناطق والمحافظات، والدولة المستقلة للجنوب، والدولة الحضرمية لحضرموت، لتكمل مخططاتها وتغرق الجميع في الأوهام المستحيلة.
لا جنوباً سيكون عربياً تحت مجنزرات دول الغزو والاحتلال، ولا حضرموت ستكون للحضارم تحت سواطير الأمريكيين والبريطانيين، إنها مجرد خدع كلامية هدفها احتلال اليمن وتمزيقه وتفتيته.
ويُخطئ من يعتقد أن الحرب الأمريكية السعودية الإماراتية البريطانية التي تتعرض لها اليمن ودخلت اليوم عامها التاسع أرادت أن تمنح هذا دولة مستقلة، أو أن تعيد لهذا أو ذاك حقاً مسلوباً، إنما جاءت لتحتل البلاد وتنهب الثروات وتستعبد الناس جميعاً، والمؤكد أن المرتزق الزبيدي الذي يتحرك بالمدرعات الأجنبية لن يحقق استقلالاً ولن يبني دولة مستقلة لعدن ولا للضالع ولا لحضرموت، ومن المؤكد أن المرتزق العليمي الذي يقيم تحت حراسة النواطير السعوإماراتية والأمريكية إنما هو مطية قذرة لهذه المخططات العدائية.
ومن نافل القول إن العدوان على اليمن فشل في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية التي أعلنها وعلى رأسها احتلال العاصمة صنعاء وصولاً إلى صعدة، على الرغم من استخدامه لترسانة عسكرية ولوجيستية متطورة، وقدرات مالية وإعلامية ودبلوماسية غير مسبوقة في تاريخ الحروب الحديثة، ولا ريب أن دول تحالف العدوان وبعد أن عجزت عن احتلال كل اليمن ، تتحاشر بمخططاتها في المحافظات المحتلة، وتسعى لتطبيع احتلالها وتكريسه وإدامته في هذه المحافظات بإشهار النزعات الانفصالية والتقسيمية وتغذيتها وإطلاق شعاراتها.
صحيح أن ثمة سوابق لمثل هذه النزعات التي توسعت في مراحل سابقة جراء تأزيم المناخ السياسي للدولة والمجتمع ، بيد أن تلك السوابق كلها ارتبطت بالتدخلات الأجنبية، فقد سقطت عندما اتحدت إرادة اليمنيين على هوية وطنية واحدة، ومن المؤكد أن الشعب اليمني الذي يتصدى اليوم لتحالف العدوان والغزو، سيتصدى وبقوة لهذه المخططات السوداء التي تهدف إلى تمزيق وتفتيت وتقسيم اليمن..والله غالب على أمره.