الحملات الإعلامية التخريبية تهدف إلى إرباك وتضليل السكان بهدف إطالة أمد الصراع وليس الفوز به
المخابرات البريطانية تخوض الحرب السرية على اليمن.. حملات إعلامية وأبواق عميلة تسمّيها «ذيول الدعاية»
الثورة /متابعات
كشف تحقيق نشرته مجلة أجنبية، أنّ المخابرات البريطانية استخدمت المنظمات غير الحكومية اليمنية المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي في حملة سرية لتقويض حكومة صنعاء والتأثير على عملية السلام في اليمن.
مجلة (The Cradle) التي نشرت التحقيق، قالت «إنها حصلت على معلومات حصرية – بالاستناد إلى وثائق مسربة – حول جانب لم يكشف عنه من قبل لدور لندن في الحرب بالوكالة ضد المقاومة اليمنية بقيادة «أنصارالله».
وأضاف التحقيق: «تم الكشف عن حملة دعاية متعدّدة القنوات بقيادة (ARK)، كانت تعمل في سرية تامة طوال الصراع الذي دام تسع سنوات – إحداها استهدفت على وجه التحديد سكان اليمن المدنيين».
وأوضح التحقيق، أنّ مؤسس (ARK) يدعى «أليستير هاريس»، وهو عميل مخضرم في جهاز المخابرات البريطاني (MI6).
عمليات الحرب الإعلامية على الشعب اليمني
وبحسب المجلة، كشفت وثائق وزارة الخارجية البريطانية المسربة أنّ حملة حرب المعلومات «الوسائط المتعددة» لـ (ARK) كانت مصممة لتقويض التعاطف العام مع أنصار الله والتأكد من أن الصراع لن ينتهي إلا بشروط تتماشى مع مصالح لندن المالية والأيديولوجية والجيوسياسية.
وذكر التحقيق- على سبيل المثال، فإن القبول العام لمقترح الأمم المتحدة للسلام – الذي لا يحظى بشعبية على نطاق واسع-، يتطلب دعما دعائياً من المنظمات غير الحكومية المحلية والمنظمات الإعلامية التي «تدعم أهداف المملكة المتحدة» من أجل «التواصل بشكل فعّال مع المواطنين اليمنيين» وتغيير رأيهم.
وتابع: «بالنظر إلى المعدل المرتفع للأمية بين السكان المحليين، تصور (ARK) إنشاء مجموعة من المنتجات «الغنية بصريًا» التي تمجّد مزايا خطة السلام التي تهيمن عليها الرياض».
وأفاد التحقيق أن «الحملة بدأت في البداية على «المستوى المحلي المفرط» عبر ست محافظات يمنية، «قبل أن يتم تضخيمها على المستوى الوطني»، حيث تضمنت الأنشطة رسائل موحدة عبر «موضوعات كلية مشتركة»، مثل شعار «يمننا.. مستقبلنا».
وأشار إلى أنّ تلك المنظمات غير الحكومية المحلية كانت مفيدة في تعزيز أجندة (ARK)، وتعزيز السرد الذي يتوافق مع أهداف بريطانيا في اليمن.
كما كشف التحقيق أنّ قائمة «الضباط الميدانيين» في الشركة تتكون من أفراد ذوي خلفيات متنوعة، مثل:
– أخصائي «انتهاكات حقوق الإنسان» منصور حسن محمد أبو علي.
– المنتج التلفزيوني ذي يزن حسين.
– المسؤول الصحفي بالمؤسسة العامة لحماية حقوق الإنسان.
– «الصحفي المتمرس» وليد عبدالمطلب محمد الراجحي.
– منتج من معهد الحضمية للأفلام الوثائقية عبد الله عمرو رمضان مسعد.
– سكرتيرة تحرير مجلة الأسرة والتنمية ومديرة أخبار تعز في صحيفة «يمن تايمز» رانيا عبد الله سيف الشرعبي.
– الصحفي والناشط وهيب قائد صالح ذيبان.
حصان طروادة
كما أوضح التحقيق، أنه بمجرد أن يقوم المسؤولون الميدانيون والمنظمات غير الحكومية في (ARK) «بتصميم وتنفيذ حملات محلية مفرطة بنجاح»، يتمّ بعد ذلك تضخيم تغطية «المعلومات حول الأنشطة ذات الصلة على المستوى الوطني».
ولفت إلى أنّ النظام الأساسي الرئيسي لهذا التضخيم كان عبارة عن صفحة على موقع Facebook تسمى (Bab)، تمّ إطلاقها في عام 2016م مع عشرات الآلاف من المتابعين الذين لم يكونوا على دراية بأن الصفحة تمّ إنشاؤها بواسطة (ARK) كأصل استخبارات بريطاني.
ويُذكر التحقيق أنّ (ARK) استخدمت صفحة «Bab» لبث دعاية بارعة «تعزز عملية السلام» تحت ستار مجتمع شعبي على الإنترنت، بما في ذلك مقاطع فيديو وصور «مبادرات بناء السلام المحلية» التي تنظمها رابطة المنظمات غير الحكومية والمسؤولين الميدانيين.
دور (ARK) في عملية السلام في اليمن
وتحت عنوان «دور (ARK) في عملية السلام في اليمن» يورد التحقيق ما نصه: «بينما قد يجادل المرء بأن التجنيد غير التوافقي للمواطنين العاديين كمحاربين للمعلومات من قبل المخابرات البريطانية كان مبررًا بالإلحاح الأخلاقي لإنهاء حرب اليمن بسرعة، فإن استغلال هؤلاء الأفراد كان مثيرًا للسخرية إلى أقصى الحدود».
ويضيف: «لقد كان بمثابة عملية حصان طروادة تهدف إلى إجبار اليمنيين على تبني اتفاق سلام غير عادل إلى حد كبير ويتعارض مع مصالحهم الخاصة».
ويتابع التحقيق: «تشير المقاطع المتعددة في الملفات المسربة إلى الحاجة القصوى لضمان عدم وجود رابط بين مبادرات الدعاية هذه وجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة».
ويوضح التحقيق «أنه في حين: يشير أحد المقاطع كيف أن «مواضيع وأنشطة» الحملة لن «تعزز بشكل مباشر في أي وقت من الأوقات الأمم المتحدة أو عملية السلام الرسمية»، يقول مقطع آخر إن إخفاء أجندة العملية وراء أصوات المجتمع المدني المستقلة ظاهريًا «يقلّل من خطر» أن «يتم إدراك المخرجات كاتصالات مؤسسية تنبع من الأمم المتحدة أو تروج لها بشكل مباشر».
تضاؤل النفوذ الغربي
إلى ذلك، أوضح التحقيق أن عروض واشنطن بصفقات الأسلحة والضمانات الأمنية لم تعد كافية للتأثير على الأحداث في الخارج وإقناع حلفائها بتنفيذ أجندتها.
واعتبر التحقيق أنّ فشل الحملات الدعائية لـ (ARK) المناهضة لـ”أنصار الله” في إجبار اليمنيين على قبول السلام بشروط الغرب يسلّط الضوء أيضًا على قوة بريطانيا المنخفضة بشكل كبير في العصر الحديث.
وخلُص التحقيق إلى أنّه يمكن أن تؤدي الحملات الإعلامية التخريبية إلى إرباك وتضليل السكان، ولكنها في أحسن الأحوال يمكنها فقط إطالة أمد الصراع وليس الفوز به.