عيد العمال العالمي

إسكندر المريسي

 

في مثل هذا اليوم من كل عام تحتفل الطبقة العاملة في مختلف بلدان العالم بعيد العمال العالمي الذي يمثل مناسبة أممية لتضامن الطبقة العاملة في كفاحها المشترك ضد الاستغلال الرأسمالي ومن أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.
وتعتبر بريطانيا الدولة التي تفجرت على أراضيها الثورة الصناعية في أوروبا في القرن الثامن عشر وأول دولة تشهد محاولات للتنظيم النقابي وقد ظل التنظيم النقابي ممنوعا في بريطانيا حتى عام1824م وحتى بعد أن سمح به فإن القانون الإنجليزي لم يعترف رسميا بالنقابات حتى عام 1875م.
كانت المحاولات الأولى لإنشاء أول منظمة نقابية في بريطانيا عام 1831م عندما تأسست الجمعية الوطنية لحماية العمال وبعد ذلك في عام 1834م، تأسست على يد روبرت أوين النقابة الموحدة الوطنية العظمى ومنذ ذلك الحين بدأت تنتشر في أوروبا فكرة إنشاء النقابات للدفاع عن مصالح العمال ولكنها كانت تجابه بقمع الشرطة.
ففي فرنسا ظل التنظيم النقابي ممنوعا حتى عام 1884م، أما في إيطاليا فإن الإضراب عن العمل ممنوع حتى عام 1889م، وفي ألمانيا سمح فقط للعاملين في مجال الصناعة بالانتماء النقابي تحت شروط كثيرة ومختلفة وفي الولايات المتحدة الأمريكية ورغم السماح للنقابات بالعمل فقد ظل القانون الأمريكي لا يتعامل مع النقابات حتى نهاية القرن التاسع عشر.
وقد دعت الأممية الأولى في مؤتمر جنيف عام 1886م العمال إلى النضال من أجل يوم عمل من 8 ساعات، وفي عام 1884م دعت منظمة فرسان العمل الأمريكية إلى تطبيق يوم العمل من 8 ساعات بدءا من السبت الأول من مايو 1886م الذي عمت فيه الإضرابات والمظاهرات خصوصا في المناطق الصناعية.
وكانت مدينة شيكاغو أكثر المناطق التي شهدت تظاهرات ضخمة طالب فيها العمال بتحديد يوم عمل من ثمان ساعات وعلى إثر نجاح الإضراب دعا عمال شيكاغو إلى تحديد الإضراب إلا أنه تعرض لقمع السلطات الأمريكية التي فتحت النيرات على العمال بحجة قيام العمال بإطلاق النار على الشرطة مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 عامل واعتقلت الشرطة عددا من القادة النقابيين وحكمت على ثمانية منهم بالإعدام وسجنت البقية لسنوات تراوحت بين 3 سنوات و15 سنة.
وبالفعل أصبحت أحداث مايو 1886م في كل عام بمثابة صرخة مدوية لعمال العالم تدعوهم للوحدة من أجل الدفاع عن حقوقهم وانتزاع المكاسب لهم للعيش بكرامة إنسانية وعلى إثر تلك المجزرة فقد دعت الأممية الثانية عام 1889م إلى اعتبار الأول من مايو يوما عالميا للعمال يرمز إلى تحركهم ونضالهم من أجل حقهم في العمل والراحة والثقافة والتعليم وحددت الأممية الثانية الأول من مايو 1890م يوما لبدأ الاحتفال بالمناسبة.
ومنذ الأول من مايو 1890 بدأ العمال في دول أوروبا المختلفة بالاحتفال بالمناسبة ثم انتشرت الاحتفالات إلى دول العالم حتى أصبح الأول من مايو رمزا لوحدة العمال ويشعرون فيه بانتصاراتهم بينما يواجه عمالنا العرب ظروفا اقتصادية صعبة تمنعهم من الحياة بشرف وتأمين مستلزمات العيش لأسرهم، بينما تتكدس مليارات الدولارات العربية في البنوك الأمريكية طمعا في استثمارات ضئيلة، بينما الاستثمار الحقيقي في إيجاد المشاريع الاقتصادية وتشغيل الملايين من العاطلين عن العمل والنهوض بأوضاع الشعوب العربية ورفع مستواها الاقتصادي والثقافي والتعليمي.

قد يعجبك ايضا