أكاديميون ودبلوماسيون يثمنون مواقف الكويت الداعمة لليمن ومسيرته التنموية



كانت العلاقات اليمنية – الكويتية نموذجاٍ متميزاٍ يحتذى به في علاقات الإخاء والتعاون بين الأشقاء إلى العام 1990م حين قامت القوات العراقية آنذاك باجتياح الأراضي الكويتية وحينها حدث شرخ عميق في هذه العلاقات نظرا للموقف الرسمي اليمني الغامض وغير الحاسم في التنديد بالحماقة العراقية على الرغم من أن الموقف الشعبي كان واضحا في رفض واستنكار الغزو العراقي انطلاقا من روح الوفاء والعرفان للكويت قيادة وشعبا وما قدموه لليمن من مساعدات عظيمة على كافة المستويات ستظل محفورة في وجدان الشعب اليمني عبر العصور.

وظل الأشقاء في دولة الكويت وحتى الآن يحملون في نفوسهم الكثير من العتب على إخوانهم في اليمن جراء ذلك الموقف الرسمي المتخاذل من احتلال بلادهم وهنا يؤكد سياسيون وأكاديميون يمنيون أن الوقت قد آن لتعود المياه إلى مجاريها ولعودة العلاقات الأخوية بين البلدين إلى أيامها الخوالي وعصورها الزاهية.
وينفذ المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية حالياٍ مبادرة الوفاء الشعبية للكويت الشقيق والتي تشمل جملة من الأنشطة والفعاليات الهادفة إلى إعادة الوهج والتألق لعلاقة ظلت مغلفة بالضبابية والشكوك لأكثر من عقدين من الزمن.
يقول السفير محمد علي الجائفي وهو أحد الشخصيات الرئيسية في مبادرة الوفاء للكويت: إن هذه المبادرة شعبية تبناها نخبة من السياسيين والدبلوماسيين والأكاديميين إلى جانب شخصيات اجتماعية وفاءٍ للكويت الشقيق ويضيف: هذه المبادرة جاءت بعد فترة طويلة من القطيعة التي حصلت بعد موقف اليمن في العام 1990م عند اجتياح العراق للكويت والذي كان من الصعب في الفترة التي أعقبت تلك الأحداث أن تقوم النخب السياسية والثقافية بالتعبير عن تقديرها وامتنانها لما قدمته دولة الكويت من دعم سياسي واقتصادي للشعب اليمني.
ويشير إلى أن المبادرة بدأ التفكير فيها بعد الثورة الشبابية السلمية من قبل هذه القوى الشعبية المختلفة سواء كانت حزبية أو ثقافية أو قوى مستقلة فجاءت فكرة مبادرة الوفاء للكويت بهدف إعادة وتقوية أواصر العلاقات اليمنية الكويتية وذلك في إطار الدبلوماسية الشاملة.
ويضيف السفير الجائفي: علينا أن نذكر الجميع بأن الكويت هي من أوائل الدول العربية التي ساندت اليمن منذ قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م ووصول وفد كويتي في مطلع العام 1963م إلى اليمن والذي طلب من حكومة الثورة في حينه تحديد كافة الاحتياجات التنموية والاقتصادية وبالفعل باشرت الكويت في تقديم الدعم السخي في تنفيذ تلك المشروعات التي ما زالت قائمة لليوم في مختلف المحافظات واستقدام الكفاءات من المعلمين والأطباء والأساتذة الجامعيين للعمل في اليمن.
ويضيف الجائفي أن الشعب اليمني لم ينس أبداٍ بأن مؤسس الدولة الكويتية الراحل سالم الصباح كان أول من دعا إلى دعم اليمن سياسياٍ واقتصادياٍ والذي كان يعتبر اليمن عامل توازن في الجزيرة العربية ودعوة الكويت منذ وقت مبكر قبل إنشاء مجلس التعاون الخليجي بأن يكون هناك تكامل يمني مع دول الجزيرة العربية وهو ما جسدوه من خلال مساهماتهم بسخاء في التنمية باليمن دون من أو أذى وكانوا السباقين في دعم نهضة اليمن.
مبادرات مبكرة
يذكر أن مبادرة الوفاء لدولة الكويت الشقيقة التي دشنت فعالياتها مؤخراٍ بصنعاء لم تكن هي الأولى على هذا الصعيد وإنما سبقتها العديد من المبادرات المبكرة والتي كان أولها كما يقول السفير الجائفي في عام 1995م حينما قام الأخ محمد سالم باسندوة الذي كان يشغل منصبا حكوميا في ذلك الوقت بزيارة للكويت كمبعوث رسمي وقام خلالها بإزالة العوائق بالتدريج وبعدها توالت اللقاءات والاجتماعات التي كانت تعقد على هوامش اجتماعات وزراء الخارجية العرب آنذاك.
ويشير السفير الجائفي إلى أن الأخ عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء الأسبق قام بزيارة رسمية للكويت في عام 1999م وقدم اعتذاراٍ للكويت شعباٍ وحكومةٍ والتقى خلال تلك الزيارة بأمير دولة الكويت وولي العهد والتي أثمرت قبول اعتماد سفير اليمن بعد انقطاع استمر 9 سنوات.
ويؤكد السفير الجائفي أن الهدف من هذه المبادرة هو توصيل حب وتقدير الشعب اليمني إلى أشقائهم الكويتيين لكل ما قدموه للشعب اليمني.

الدبلوماسية الشعبية
وتلعب الدبلوماسية الشعبية دوراٍ كبيراٍ في تحسين وتوطيد العلاقات الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة خاصة مع دولة الكويت الشقيقة..
وفي هذا الإطار يرى اللواء الركن صالح مجلي عضو مبادرة الوفاء للكويت أن الدبلوماسية الشعبية تقوم دائماٍ وأبداٍ بتقديم العون للدبلوماسية الرسمية من أجل هدف واحد وهو تحسين علاقات اليمن مع الدول الأخرى لكي تساهم هذه الدول في قضايا تنمية البلاد.
ويؤكد اللواء مجلي أن هذه المبادرة تتحدث عن الوفاء للكويت الشقيق ونحن اليمنيون بطبيعتنا أوفياء لكل الدول الشقيقة والصديقة التي تقدم كافة أشكال الدعم المطلوب لليمن للخروج من أزماته. ويضيف: دولة الكويت الشقيقة قدمت الكثير من العون والمساعدات منذ قيام الثورة اليمنية والذي كان هناك تزامن وقتي بين استقلال الكويت في العام 1961م وقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م ومن تلك اللحظة لم تتوان الكويت في تقديم كافة أنواع الدعم لليمن وبكل إخلاص في مختلف الجوانب التعليمية والصحية والاقتصادية والتنموية وهو ما يوجب علينا أن نكون أوفياء لأشقائنا الذين لم يبخلوا علينا بكل الإمكانيات من أجل تجويد عملية التنمية البشرية والاقتصادية وكل ما من شأنه أن يجعل اليمن سعيداٍ.

ترميم العلاقات الأخوية
يواصل اللواء مجلي حديثه بالقول: نحاول جاهدين من خلال هذه المبادرة الشعبية ترميم العلاقات الدبلوماسية الرسمية والشعبية بين البلدين التي تأثرت بعد اجتياح العراق للكويت في عام 1990م. ويضيف: في الحقيقة نحن كشعب لا نتحمل وزر القيادات السياسية التي انتهجت سياسة معينة بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب سواء كانت مع دولة الكويت أو مع أي دولة من دول الخليج أو غيرها..

الاعتراف بالوفاء
ويشير اللواء مجلي إلى أن هذه المبادرة والمبادرات الأخرى تتساوى في حجمها من أجل الاعتراف بالوفاء للدول الشقيقة الأخرى التي لم تبخل هي أيضاٍ يوماٍ في أن تقف مع الجمهورية اليمنية في أشد الظروف صعوبة ومنها الأشقاء في المملكة العربية السعودية وأشقاؤنا في دولة قطر وغيرها من الدول الخليجية والعربية الأخرى التي قدمت أشكال الدعم لليمن من أجل خروجه من الأزمات والذين نأمل في أن يكونوا عونا لنا في دعم المرحلة الحالية لبناء الدولة الاتحادية الديمقراطية وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في ربوع اليمن.
الدكتور سعيد العامري رئيس المنتدى السياسي الديمقراطي نائب رئيس لجنة المبادرة: كانت المبادرة عبارة عن فكرة تم طرحها من قبل نخبة من السياسيين والمثقفين وكان لا بد للمنتدى الذي يعتبر مظلة لهذه النخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين أن يتبنى هذه الفكرة التي تأتي في إطار القضايا المتصدرة التي يهتم بها المنتدى والمتعلقة بالمشهد السياسي اليمني.
مشيراٍ إلى أن الهدف من هذه المبادرة هو إبراز الدور السياسي والاقتصادي والتنموي للكويت الشقيق والعمل على تعميق أواصر الإخاء بين الشعبين الشقيقين وتوثيق المحطات التاريخية وإبراز دور الشعب الكويتي في وقوفه مع الشعب اليمني في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. واعتبر عتب الشعب الكويتي مبرراٍ ولا بد من عودة المياه إلى مجاريها وتأتي مبادرة الوفاء للكويت عرفاناٍ وتقديراٍ لدور الشعب الكويتي الشقيق تجاه إخوانهم في اليمن منذ قيام الثورة اليمنية وحتى اليوم .. كما كانت الكويت من أوائل الدول التي سارعت إلى دعم الثورة والجمهورية دون أي اعتبار للنظام القائم.

الأنشطة والفعاليات
ويوضح الدكتور العامري أن مبادرة الوفاء تشمل العديد من الأنشطة والفعاليات المختلفة التي تعكس إسهامات الكويت الشقيق في إحداث تنمية حقيقية لا زالت عطاءاتها قائمة حتى اليوم مشيراٍ إلى أن هذه الأنشطة تتمثل في إقامة الندوات السياسية والفكرية في اليمن والكويت والمحاضرات المتبادلة لمفكرين وأكاديميين وسياسيين يمنيين وكويتيين بالإضافة إلى دراسات وأبحاث علمية للوشائج الأخوية في مختلف المجالات وإصدار كتب تتحدث عن مسار العلاقة بين البلدين برؤى يمنية وكويتية إلى جانب إقامة المهرجانات الجماهيرية فنية وثقافية وتنفيذ الزيارات المتبادلة لوفود بين البلدين.

أثر إيجابي
مبادرة الوفاء للكويت التي اطلقها المنتدى السياسي للتنمية كان لها الأثر الإيجابي الكبير في نفوس غالبية الشعبين اليمني والكويتي والذي ظهر جلياٍ من خلال ردود الأفعال الإيجابية التي تفاعلت مع حدث المبادرة عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية بمختلف أشكالها وصورها كما يقول رئيس لجنة النظام والخدمات في المبادرة محمد محمد الرجوي: إن ذلك يدل على عمق العلاقة الأخوية التي يكنها الشعب اليمني للكويت ويضيف: لا غرابة أن تكون هذه العلاقة في الأساس شعبية كما هي مبادرتنا قبل أن تكون رسمية إذ تجمع الشعبين روابط الدين والقربى واللغة والمصير المشترك.

تصحيح الأخطاء
ويقول الرجوي: إن هذه المبادرة جاءت في سياق أهداف الثورة الشبابية السلمية لتؤكد أن عجلة التغيير في طريقها الصحيح لتصحيح أخطاء الماضي المسيئة لليمن.
مؤكداٍ أن المبادرة جاءت كرغبة شعبية لتصحيح مسار العلاقة وترميمها مع شعب الكويت الشقيق وأنه ستليها مبادرات أخرى خلال الفترات القادمة وفاءٍ لكل الأشقاء والأصدقاء الذين قدموا الدعم والمساعدة لإخوانهم في اليمن عبر تاريخ العلاقات المشتركة.
مشيراٍ إلى الدور الكبير للكويت في حل الأزمة السياسية التي مرت بها اليمن وذلك من خلال إسهامها في المبادرة الخليجية التي تبناها مجلس التعاون الخليجي والدول العشر تحت مظلة الأمم المتحدة والتي مثلت المخرج السليم من الأزمة.
وينوه الرجوي بأن المبادرة هي اعتراف بالجميل للكويت الذي مثل عنواناٍ للوفاء لما قدمته من مساعدات بسخاء في التنمية والاقتصاد للشعب اليمني فكان لا بد من رد الجميل للكويت وأبنائها الأوفياء بدءاٍ من الأسرة الحاكمة وانتهاء بالمواطن العادي وكل من كانوا سبباٍ في تقديم العون والمساعدة لكل اليمنيين.

جهود كبيرة
من جانبه يؤكد الشيخ محمد بن شاجع الخظمي – رئيس هيئة الوفاء الوطنية للثورة الشبابية الشعبية – عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية – عضو مبادرة الوفاء للكويت أن هذه المبادرة جاءت بعد جهود كبيرة من قبل رئيس وأعضاء المبادرة وفاءٍ وتقديراٍ لمواقف الشعب الكويتي الشقيق إلى جانب إخوانهم اليمنيين في مختلف المراحل التاريخيةº ويضيف: إن الدور الكويتي لم يقتصر على الجانب التنموي فقط بل امتد ليشمل تسجيل مواقف سياسية لن ينساها الشعب اليمني في مختلف المواقف والظروف الصعبة التي مر بها اليمن.
ويقول الشيخ الخظمي: إن المبادرة ليس الهدف منها الجري وراء مصالح شخصية أو حزبية وإنما هي تقدير ووفاء لمواقف الكويت قيادةٍ وشعباٍ ورد الوفاء بالوفاء فعلاقة الشعب اليمني بالكويت متينة وعريقة وقد وجدت لتبقى على الدوام.

إيصال الصورة الحقيقية
فيما يؤكد الدكتور أحمد صالح الصباري عضو اللجنة التحضيرية للمبادرة أن الكويت من الدول الرائدة والسباقة في دعم اليمن منذ قيام الثورة اليمنية ومن أوائل الدول التي سارعت إلى دعم الشعب اليمني وقدمت العديد من المشاريع الملموسة في مختلف مناطق الجمهورية.
ويقول: المبادرة سيكون لها دور كبير في إيصال الصورة الحقيقية عن الشعب اليمني خاصة وأن اليمنيين ليسوا متنكرين لما قدمه الكويت آملاٍ أن تسهم هذه المبادرة الشعبية في العمل على إعادة العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين إلى ما كانت عليه قبل عام 1990م.
مؤكداٍ على أن هذه المبادرة ليست كما يفهمها البعض للاستعطاف والجري وراء المصالح الخاصة وإنما تعبر عن الموقف الأخلاقي للشعب اليمني في رد الجميل.

الجانب الإعلامي
ويوضح رئيس اللجنة الإعلامية عبدالكريم الحبابي أن المبادرة شكلت 6 لجان وفرق عمل لإنجاز وتنفيذ مختلف الأنشطة والفعاليات وصولاٍ إلى الأهداف المنشودة لإعادة العلاقات اليمنية الكويتية من خلال إبراز الدور التنموي لدولة الكويت الداعم لليمن منذ اللحظات الأولى لثورة 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م وكذلك لتسليط الأضواء على المشاعر الحميمة التي يكنها الشعب اليمني لأشقائه في دولة الكويت وعرفانهم بما قدموه في مناصرة قضايا الوطن اليمني ومساندتهم الدائمة للشعب اليمني في مختلف الظروف والمراحل وأن تلك المواقف محفورة في وجدان اليمنيين ولا يمكن أن يطويها النسيان.

قد يعجبك ايضا