تبدو النظرة إلى السمنة مختلفة بعض الشيء في مجتمعنا؛ فكثيراً ما يُنظر إليها بعين الإعجاب باعتبارها راحة ما بعدها راحة، ونعمة يُحسد عليها البدين، وهذا- بلا شك- ضربٌ من الجهل بحقيقة أضرارها على الصحة؛ يَستحث فينا إسداء النصح والإرشاد.
السمنة مشكلة لا يدرك مساوئها إلا من عانى الأمرين من فرط قيودها وأثرها السيئ على حركته، ملبسه، مظهره العام، نشاطه اليومي وعلى صحته أيضاً.
ولا نقصد بها الزيادة العادية أو القليلة في الوزن، وإنما المفرطة التي تنفخ وتُثقل الجسم وتنعدم معها مرونة الحركة، فلا هي براحة ولا تأتي بخير؛ بل مجلبة للضرر وأساساً لمشاكل مرضية خطيرة يجهلها أو يغفل حقيقتها الكثير من الناس.
ونجد في صيام شهر رمضان فرصة حقيقية لإنقاص الوزن والتخلص من الدهون بشكلٍ صحي؛ شريطة أن تتم الاستفادة القصوى منه؛ لما فيه من امتناع ومراس على التخلي عن الطعام والشراب لساعات طويلة تمتد لتشمل فترة النهار كاملة، لكنه لا يستقيم ولا يكون مجدياً للسمين إلا إذا اتبع نمطاً غذائياً سليماً تقل فيه السعرات الحرارية، لا أن يكون كالبعض ممن يغادرهم شهر رمضان وقد ازدادت أوزانهم؛ بدلاً من الإبقاء عليها ضمن المستوى الطبيعي.
لا ينبغي- إذن- مع الصيام الأخذ بمسألة التعويض ليلاً؛ فينكب السمين مفرطاً على تناول المأكولات الغنية بالبروتين والدهون والأطعمة النشوية والحلويات الرمضانية، فبهذه الحصيلة الغذائية يضيف إلى جسده المزيد من التراكمات الدهنية التي- بدورها- تضيف المزيد من الوزن.
إن السمنة المفرطة وازدياد تراكم الشحوم في البدن يشكلان خطراً حقيقياً على الإنسان.. يُبقيها عرضة لعللٍ سيئة للغاية: كتصلب الشرايين، ارتفاع الضغط الدموي، تشمع الكبد، داء السكري، أمراض القلب العضوية، إلى جانب النزيف الدماغي وغيرها من الأمراض الخطيرة.
وللبدانة أسباب؛ أهمها تضخم المدخول الغذائي بنسبة تزيد على المجهود العملي الذي يقوم به الشخص، وهي مرتبطة بعوائد التغذية التي اعتاد عليها الشخص منذ صباه.
ويعتبر الصيام وسيلة مجدية فعالة في إذابة الشحوم في البدن واعتدال استقلاب الأغذية فيه، وبمشاركة الجوع للعلاجات الفيزيائية كالمشي، التمارين الرياضية والتدليك؛ فإن هذا لا شك يُعطيه أفضل النتائج، وليست هذه الوسائل مؤذية حتى تفضي إلى نتائج وخيمة؛ كالحال عند استعمال الهرمونات والمدرات ومثبطات الشهية التي يُهرع إليها البدينون- أحياناً- بغية إنقاص وزنهم.
تشير المصادر الطبية إلى أن(95%) من حالات السمنة سببها الإفراط في تناول الطعام والعادات الغذائية الخاطئة وقلة النشاط والحركة وعدم ممارسة الرياضة.
في حين يمكن نشؤها نتيجة عوامل داخلية في الجسم؛ كزيادة إفراز الغدة الكظرية وقلة نشاط الغدة الدرقية.
كذلك العوامل الوراثية من شأنها أن تؤدي إلى السمنة بما في ذلك الأعراض النفسية.
بالإضافة إلى أن تناول بعض الأدوية؛ مثل عقار(الهيدروكورتيزون)وكثير من الأدوية الهرمونية يندرج ضمن هذه العوامل.
ختاماً.. ليس في السمنة راحة أو مغنم، ولكل من يعاني هذه المعضلة أقول له ناصحاً: أن اعمل على التخلص من وزنك الزائد، وانتهز شهر رمضان للتخلص من بعض الكيلوغرامات من وزنك، واجعل حياتك خلال الشهر الكريم مفعمة بالحركة والنشاط لتنعم بصحة أفضل.
المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان