كما عمل العدوان على قتل الشعب اليمني بنيران طائراته وصواريخه كذلك عمل على قتله بالحصار والتجويع المتعمد

ثمان سنوات من الحرب الاقتصادية الأمريكية الشاملة لم تفلح في إركاع الشعب اليمني: انهيار العُملة ليس نتيجة طبيعية لتفاعلات الاقتصاد، بل أمر مقصود يقف وراءه الأمريكي

 

عملية نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، كانت جزءاً من سياسة مالية دولية تقودها أمريكا

قرار جمارك عدن بشأن رفع سعر الدولار الجمركي جاء ليضيف معاناة جديدة على كاهل القطاع التجاري

الحربُ الاقتصادية على اليمن سيناريو أمريكي ينفذه العملاء، وقد بدت الورقة الاقتصادية هي آخر الأوراق التي يعمل عليها العدوان الأمريكي السعوديّ لتركيع الشعب اليمني طيلة ثمان سنوات من العدوان إلى الآن ، بعد أن عمل طيلة سنوات العدوان والحصار على تدمير البنية الاقتصادية اليمنية واستهداف المنشآت الصناعية والإنتاجية بشكل ممنهج وفرض الحصار الشامل مُرورًا باستهداف البنك المركزي وضرب قيمة العُملة الوطنية مقابل العُملات الأجنبية ناهيك عن فرض مزيد من الإتاوات والقيود التجارية على السلع والواردات التي تصل إلى المناطق الحرة الواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني .
الثورة/ أحمد المالكي

ويرى خبراء اقتصاديون أن الحرب الاقتصادية الأمريكية على اليمن ليست وليدة اللحظة ولكنها منذ عقود سابقة، حَيثُ كانت تعمل على إضعاف الاقتصاد الوطني عبر عملائها من الأنظمة السابقة، وهو ما أثر على قيمة العُملة الوطنية، حَيثُ أصبحت في تدهور مُستمرّ منذ العام 1990م، وأن ما يحدث حَـاليًّا من نهب وسلب لعائدات النفط والغاز وتوريد قيمتها إلى بنوك تجارية في الرياض لأكبر دليل على ذلك.
حيث يؤكد وكيل وزارة المالية الدكتور يحيى السقاف أن انهيار العُملة ليس نتيجة طبيعية لتفاعلات الاقتصاد، وإنما هو أمر مقصود يقف وراءه العدوان الأمريكي السعودي، وَأبرز مسببات تدهور سعر صرف العُملة الوطنية مقابل العُملات الأجنبية يعود إلى جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية وأسباب أُخرى مرتبطة بالعدوان والحصار الاقتصادي على اليمن منذ ثمان سنوات.
ويقول الدكتور السقاف: إن المؤامرة الأخيرة على الاقتصاد الوطني جاءت من السفير الأمريكي الذي توعد بأنه سيجعل العُملة اليمنية لا تساوي الحبر الذي طُبعت به، أي أنها حرب اقتصادية أمريكية بامتيَاز، ولم تكن وليدة اللحظة، بل كانت منذ عقود سابقة وبتعاون من الأنظمة السابقة، وعلى إثر ذلك أصدر الفارّ هادي قراراً بنقل وظائف البنك المركزي إلى فرع عدن واتخذ إجراءات لإضعاف الاقتصاد الوطني بالاتّجاه إلى المضاربة بالعُملة الوطنية.
ومثلت عملية نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، جزءاً من سياسة مالية دولية لم يكن لمنافقي وعملاء الرياض والنظام السعودي والخليجي عموما في اتخاذ قرار بهذا الحجم إلا بتواطؤ وتدخل مباشر من أمريكا ما يؤكد رعايتها رسميا للعدوان على اليمن وتحملها المسؤولية الكاملة إزاء أي أضرار أو تبعات جراء هذا التصعيد العدواني الذي يتعرض له الشعب اليمني بشكل كامل في المحافظات المحررة تحت قيادة أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى.
كما أدرك اليمنيون أن من سعى إلى قتل الشعب اليمني بنيران طائراته العدوانية على مدى ثمان سنوات، لن يتردد بلا شك عن قتله بوسائل أخرى كالحصار والتجويع المتعمد، خاصةً حين يكون هذا القاتل هو طاغوت العصر ورأس الاستكبار العالمي، الذي طالما تفنن في قتل واحتلال الشعوب على مدى تاريخه الإجرامي، وهو الذي اعترف دون خجل على لسان سفيره في أحد الجولات التفاوضية بأنه سيلجأ لاستخدام سلاح التجويع، إن لم يقبل اليمنيون بالهزيمة والاستسلام والقبول بشروطه العدوانية التي فشل في تحقيقها من خلال المعارك على الصعيدين العسكري والسياسي.

نقل البنك وقطع الرواتب
أصدرت سلطات المرتزقة في 18 سبتمبر 2016م قراراً وقامت بارتكاب أكبر جريمة بحق اليمنيين، تمثلت في نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، في مخالفة قانونية ودستورية جسيمة، هدفها تطويع اليمنيين، بعد أن كان البنك المركزي يؤدي مهامه من صنعاء على أكمل وجه، من صرف لرواتب الموظفين حتى في المناطق التي تحت سيطرة تحالف الشر والخونة المشاركين في العدوان.
وجرى نقل البنك المركزي آنذاك تحت ذرائع واهية، قبل أن يتم صرف رواتب الموظفين، واكتفى هادي بالظهور نهاية نوفمبر 2016م، للتأكيد على تعهد حكومته بصرف الرواتب، والوفاء بالاستحقاقات المترتبة على قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، مبشّراً بانتهاء تداعيات شح الموارد المالية وأزمة نقص السيولة النقدية، وهو ما لم يحدث البتة وحدث نقيضه تماماً.
اليوم ثمان سنوات منذ نقل وظائف البنك المركزي اليمني، أثبتت عكس ما تم الإعلان عنه من قبل سلطات المرتزقة، من تبني سياسات تدميرية للاقتصاد الوطني وعلى السياسة النقدية، من طباعة العملة التي أضرت بكل مواطن يمني، لولا أن صنعاء تلافت ذلك بمنع تداولها.
وكشف البنك المركزي في صنعاء أن ما تمت طباعته بصورة غير قانونية من العملة من قبل دول العدوان والمرتزقة، وصل إلى خمسة تريليونات و320 مليار ريال حتى يونيو 2021م، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف ما طبعه البنك المركزي في صنعاء منذ العام 1964م وحتى 2014م.

فشل
عندما نقل البنك من صنعاء إلى عدن؛ أراد الأمريكي للبنك المركزي في عدن أن يوقف عمله؛ من خلال عدم قيامه بمهامه المنوطة به، فالبنك المركزي في صنعاء سعى طيلة بقائه في صنعاء للحفاظ على قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وتغطية فاتورة الاستيراد بالعملات الأجنبية رغم شحة الموارد، ونجد ذلك في الفارق الكبير بين سعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية بين صنعاء وعدن، الذي ترتبت عليه تداعيات معيشية، مسّت جميع المواطنين.
الجدير بالذكر أن حكومة الإنقاذ في صنعاء أدركت مخاطر استمرار طباعة العُملة على الاقتصاد الوطني، فأصدر البنك المركزي في صنعاء بتاريخ 19 ديسمبر2019م قراراً يمنع تداول أَو حيازة الأوراق النقدية التي طبعتها حكومة المرتزِقة؛ كون تداول وحيازة تلك العُملة يشكلان إضراراً بالاقتصاد الوطني.

قلق
وفي السياق، يزداد القلق الشعبي من يوم إلى آخر مع استمرار ارتفاع أسعار صرف العُملات الأجنبية والهبوط الحاد للريال اليمني، في المناطق الواقعة تحت الاحتلال، حَيثُ وصلت أسعار صرف الريال اليمني مقابل العُملات الأجنبية في عدن إلى مستويات قياسية ارتفعت إلى أكثر من 1700 للدولار ثم عادت لتنخفض عند مستوى 1250 للدولار في المحافظات المحتلة، فيما ظلت أسعار الصرف في العاصمة صنعاء متزنة إلى حَــدٍّ كبير، حَيثُ وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 600 فقط.
ويأتي هذا التراجع في سعر العملة الوطنية في ظل حالة الفساد والممارسات التي تقوم بها حكومة المرتزِقة، والقرارات العشوائية التي اتخذتها فيما يتعلق بالسياسات النقدية.
وتؤكّـد التقارير الاقتصادية أن الازمات الاقتصادية التي تعاني منها المحافظات المحتلّة إلى جانب التدهور الحاصل لسعر صرف الريال اليمني من وقت إلى آخر، جاء بإدارة من غرفة قوى العدوان؛ بُغية القضاء على الاقتصاد اليمني بشكل كامل، والوصول بالحياة المعيشية للمواطن اليمني أمام خيار القبول بالعدوان والوصاية الدولية، موضحة أن تلك السياسات أَدَّت إلى نقص القوة الشرائية للريال، وارتفاع سعر الدولار، فضلاً عن كون سعر صرف العُملة سيواصل انهياره عند كُـلّ إصدار وطباعة.

قرارات عدوانية
وخلافاً لما تقوم به صنعاء من إصلاحات اقتصادية وإعفاءات جمركية وضريبة لتخفيف معاناة المواطنين، أقدم مرتزقة العدوان على رفع الرسوم الجمركية على السلع والمنتجات الاستهلاكية بنسبة 100 %.
وجاء قرار جمارك عدن بشأن رفع سعر الدولار الجمركي على السلع المستوردة من 250 إلى 500 ريال، ثم إلى 750 ريالاً للدولار خلال العام الجاري ليضيف معاناة جديدة على كاهل القطاع التجاري والمواطنين، حيث قوبلت هذه القرارات بالرفض من القطاعات التجارية والاقتصادية في المحافظات الحرة والمحتلة على السواء، نظرا لما ستترتب عليه من زيادة في أسعار السلع والمنتجات الاستهلاكية في وقت لم يعد لدى غالبية اليمنيين القدرة على شراء السلع الأساسية وضروريات الحياة ، ويؤكد المهتمون بالشأن الاقتصادي اليمني أن هذه القرارات أتت ضمن الأجندة الأمريكية البريطانية التي تسعي لإفشال التفاهمات التي تجري في العاصمة العمانية مسقط بين السعودية من جانب والطرف الوطني من جانب آخر.

قد يعجبك ايضا