ارتكب أحد المتطرفين الدنمركيين ويدعى رسموس بالودان زعيم حزب ((سترام كورس )) اليميني، جريمة إحراق المصحف في السويد يوم السبت 21/1/2023م، وهذه الجريمة تسلط الضوء على الدور المشبوه للعدو الصهيوني الذي يقف خلف كل محاولة لإثارة الخلاف بين المسلمين والأمم الأخرى إلى جانب استمراره في التشكيك بالإسلام والمسلمين .
لم تكن هذه الحادثة هي الأولى التي ارتكبها بالودان، فقد قام بإحراق المصحف مرات عديدة كان آخرها في أبريل 2022م وأعقبها تظاهرات كبيرة في السويد تخللها أحداث شغب خلفت إصابات عديدة بين الشرطة والمتظاهرين، ومما يؤكد الدور الصهيوني في هذه الأحداث أن مثل هذا الشخص يحصل على إذن بكل سهولة من الشرطة السويدية للقيام بتظاهرة يتم خلالها حرق القرآن الكريم في أماكن مختلفة من السويد، وفي الوقت نفسه اذا رغبت مجموعة من أفراد المجتمع بطلب الإذن للتظاهر ضد اليهود أو للتشكيك بمحرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية (الهليكوست) يتم رفض الطلب، وقد يحال مقدمو الطلب إلى القضاء بتهمة معادات السامية وإثارة الكراهية وقد يتم سجنهم بتلك التهم ,وهنا تتجلى العنصرية الأوربية والتحيز في أوضح صورها.
إن تكرار ارتكاب هذا الجريمة لم يكن بريئاً أو عفوياً، وإنما قد يكون مخططاً له بهدف قياس مدى تفاعل المسلمين مع الحدث، فإذا تابعنا ما يجري بعد كل جريمة ترتكب ضد الإسلام والمسلمين نجد أن التفاعل بدأ قوياً ثم تراجع، فعندما ظهر الفيلم المسيء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله رأينا ردة فعل قوية سواءً من خلال المواقف الرسمية أو التحركات الشعبية، فقد خرجت المظاهرات في معظم الدول الإسلامية وتفاعل الناس مع الدعوات إلى مقاطعة منتجات الدول التي سمحت للفيلم بأن يعرض في أراضيها، كما تم استعداء السفراء وتقديم الاحتجاجات والتهديد بقطع العلاقات، ولكن مع تكرار ارتكاب تلك الأفعال المشينة بدأت ردود الأفعال تتراجع وقد رأينا ذلك في عدة حوادث منها عندما سمحت فرنسا لصحيفة (تشارلي ابيدو) بإعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول عام 2020م بعد أن كانت الصحيفة الدنماركية (يولاندس بوستن) قد قامت بنشرها عام 2005م, فقد اقتصرت ردود الأفعال على التحركات الشعبية في بعض الدول ومنها فرنسا وصدور بيانات شجب وإدانة من بعض الأحزاب والدول الإسلامية، وكان المدعو بالودان قد قام بإحراق المصحف في مناسبات مختلفة خلال العامين الماضيين وآخرها حادثة السبت الماضي، وردود الفعال التي تم رصدها سواءً رسمياً أو شعبياً تؤكد تراجع المواقف العربية والإسلامية الرسمية والشعبية تجاه تلك الحوادث، حيث اقتصرت على البيانات والإدانات باستثناء دول محدودة ومنها ما حدث في صنعاء وصعدة عندما خرجت مظاهرات مليونيه لإدانة ما حدث في السويد .
يراهن الأعداء على ارتكاب الأفعال المشينة والجرائم الكبيرة في حق الإسلام والمسلمين وفي حق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، للفصل بين المسلمين ومعتقداتهم ودفعهم إلى السكينة وعدم إبداء أي ردة فعل تجاه ما يجري , وعند ذلك يسهل السيطرة عليهم واختراقهم، ولذلك من الضروري أن لا يستسلم المسلمون أمام أولئك المجرمين بغض النظر عن المواقف الرسمية ,وان يستمروا في مواجهة تلك الجرائم بكل الوسائل المتاحة والله المستعان .