مع إنه ليس بخافٍ على كل ذي لب، إن المرأة وعلى مر العصور لم تلق المكانة التي تليق بها في المجتمعات إلا تحت قبة الإسلام التي أنزلها منزلة كبيرة وكتاب الله الذي هو أقدس كتب المسلمين شاهد على هذا فقد أفردت آيات كثيرة، بالحديث عنها والوصية بها والحث على كفالتها وحفظ ميراثها، وعدم إكراهها، على ما لا تحب، والحفظ لجميع حقوقها وبيان ما يجب لها وما يتوجب عليها، ولم ينتقص من قدرها ولا من مكانتها بل وجعل سورة من سور القرآن الكريم الطوال باسم النساء تتلى حتى يرث الله الأرض ومن عليها. كذلك نجد في سنة من لا ينطق الهوى -عليه الصلاة والسلام – كيف أوصى بها وشدد بالوصية عليها، وقال: لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهنّ إلا لئيم.
الإسلام يعتبر هو الدين الوحيد الذي أكرم المرأة ورفع مكانتها في وقت كانت المرأة تؤد وهي وليدة وإن عاشت عاشت ذليلة وكأنها متاع لا حقوق لها ولا قدر، ومن يقرأ التاريخ في كل حقبة يعرف ما كانت عليه المرأة من امتهان واحتقار ودونية.
وإذا أتينا إلى عصرنا الحديث، والذي يقال إنه عصر النهضة والمنادات بحقوق المرأة، يعرف بل ويتأكد أنه لا حقوق ولا كرامة للمرأة إلا في الإسلام، وها نحن نشاهد المرأة الغربية وما هي عليه من انحلال وتفسخ أخلاقي وضياع أُسري وفقدان العائل لها، وعقوقها إن كانت أم، والمتاجرة بجسدها إن كانت فتاة شابة وكأنها سلعة لترويج الإعلانات الدعائية وإغواء الشباب الماجن وتسكعها من هنا وهناك وما إلى ذلك من ما يأبى لنا الحياء من ذكره وهو معروف للجميع.
وبعد هذا كله يقولون ويتشدقون بحقوق المرأة وحرية المرأة، وهم الكاذبون الخادعون لمن ينخدع بكلامهم وأباطيلهم.
ماذا يريدون وما الذي يسعون إليه في ليلهم ونهارهم؟ هل هو كما يقولون ويدعون تحرير المرأة المسلمة! أم هو انحلال أخلاق المرأة المسلمة! تبت أياديكم وشاهت وجوهكم، وشاهت أوجه من يصدقون كلامكم، أو يسمعون لقولكم.
عن أي تحرر تتكلمون، وما هي الحرية التي تدعون، وكيف هي المرأة عندكم يا متشدقين .إنها المولودة من الفاحشة، فليس لها أب تنسب إليه ولا أسرة تعيلها وتتكفل بها، إنها المتربية في الملاجئ لتنشأ فتاة فريسة لأبناء الشوارع، لتحمل سفاحًا وتضع وليداً يعيش ما عاشته هي في طفولتها حتى إذا بلغت من الكبر عتيًا رُميت في دار العجزة حتى تنتهي حياتها البائسة. هذه هي حياة المرأة عندكم يا من تنادون بحقوق المرأة.
إذا أتينا إلى هنا، إلى حيث تدمع أعينكم على حال المرأة غير المتحررة كما تقولون، كيف نجدها، إنها التي تولد وهي في بيت قام على شريعة الزواج المشروع فكان لها الأب الذي تحمل اسمه ولقبه، ولها الأم التي تهتم بها وبتربيتها، ولها البيت الذي تؤدي إليه ولها الأهل والعشيرة الذين تقوم قائمتهم ويسفكون دماءهم إن احد أساء إليها ولو بالكلام، فتنشأ فتاة بصرها مغضوض، ولباسها محتشم وصوتها منخفض ساترة لصوتها وجسدها وبصرها، حتى إذا بلغت سن الزواج وانتقلت إلى كنف رجل لاتصل إليه إلا وقد حث الخطى كي يحصل عليها، وقد قام من يكفلها بالسؤال عنه وعن أخلاقه وكل ما يخصه فهو سيهبه أغلى ما لديه وهي ابنته أو أخته أو من كانت تحت كفالته، وعندما تصل إليه يكون قدومها قد تم التوصية بها من قبل الغزيز المتعال سبحانه، وكيف تكون معاملتها والإحسان إليها حتى في حالة لم يكن بينهما وفاق فقد أوصى الله بها ألا يساء إليها، على مبدأ إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وإذا أصبحت أمًا يأتي الاهتمام بها والتوصية عليها أكثر وأكثر ويمنع ولدها من أدنى إساءة قد توجه إليها حتى كلمة أفٍ تعد كبيرة في شريعة الإسلام بحقها.
هكذا تظل حياة المرأة المسلمة في كل مراحلها مكرمة مميزة مبجلة في كتاب ربها وفي سنة نبيها وفي منهج قبيلتها، ليأتي من لا شرع ولا دين ولا قيم لهم ليقولوا: أين حقوق المرأة؟ إنهم كالأنعام بل هم أضل سبيلًا، والأضل منهم هو من ينخدع بقولهم إياً كان جنسه رجل أو امرأة، وها هو العالم المنحل يواجه اسلحته ويشحذ هممه باتّجاه المرأة المتمسكة بدينها المحافظة على جلباب حيائها، وها هي الحرب الناعمة قد انطلقت بقوة وبتعزيز صهيوني أمريكي؛ لتنال من المرأة المسلمة التي يجب عليها الاستعداد والتسلح الديني والمعرفي لمواجهة سهامهم القذرة.
وعلى الرجل ألا يغفل عن المساندة والمساعدة للمرأة، حتى لا تقع فريسة في شباكهم.
العالم الإسلامي يواجه حرباً شعواء وقوية والمسماة بالحرب الناعمة وعلى الرجال إقامة المتارس الواقية أمام الحصون التي تسكنها المرأة المسلمة التي عليها اليقظة فالعدو حبائله شيطانية يأتيها وهي في بيتها من خلال هاتفها وشاشة تلفازها وملصق الدعايات واللباس الفاضح والأغنية الماجنة وكرتون الأطفال وما شابه ذلك، فالبصيرة البصيرة، والله من وراء القصد.