*ستظل سيرة (باهوت الثورة) قبساً لكل الأحرار
* عاش بالأمل وهو في ميدان العمل .. وآمن بالنصر حتى تحقق
* عاش حياته كلها مجاهداً ولقي ربه وهو يوصي بنشر آخر مقال كتبه “للثورة”
* وصيته للأجيال: تمسكوا بالمسيرة القرآنية وعضوا عليها بالنواجذ
الثورة/ صلاح محمد الشامي
في غرة رجب، ترجّل الفارس من على صهوة جواده، وامتطى خيلاً أخرى. ترك منبره، ليصعد منبراً طال إليه توقه.
في غرة رجب 1442 للهجرة، الثالث عشر من فبراير 2021 للميلاد، رحل المجاهد العالم العارف الأديب اللبيب، وفوق ذلك كله الحبيب (سهل بن إبراهيم بن عقيل).
رحلَ الحبيبُ فما بقاءُ العاشقِ
إلا بكاءُ مفارقٍ لمفارقِ
هذا ما تركه الحبيب (سهل بن عقيل) لكل من عرفه عن قرب، لم يترك إلا الحب.
كنا نتنافس في خدمته لعل الله به يرضى عنا، كنا نتنافس في إرضائه حباً محضاً، لا تسري فيه الدنيا، فيعلمنا آداب عبادة رب الأربابِ، يعلمنا أن المرء بما يفعل، لا ما ينسب، ويعلمنا أن الله قضى بقتال البغي، وموالاة الحق وأهله، ومعاداة الظلم وحزبه.
رحل الحبيب، بعد ثلاثة وثمانين، قضى معظمها ممتطياً صهوة جواده، شاهراً سيفه، لأنه لم يُخلق إلا مجاهداً..
انغرس في وجدانه ما صنع أبوه العالم العارف بالله القطب الرباني السيد (إبراهيم بن عمر بن عقيل باعلوي) حين التحق بالكلية الحربية في العراق لقتال الصهاينة، رغم كونه عالماً، فأبى الجلوس، ورفض السكوت، ورأى ما يعمله أذناب الصهاينة، من تمهيد الأجواء العربية، وتهيئة المسلمين لتقبّل الصهاينة، بتحريف الدين، وتفرقة المسلمين، فوقف سداً منيعاً، لا يلين تجاه الباطل، صلباً وعنيداً جداً في وجه الطاغوت، بينما تحمل قسمات وجهه معالم السخرية من أولئك المسخرين، الذين سمّاهم (أحذية الأحذية) خدام الوهابية وأنظمة العمالة من الداخل اليمني، بينما أطلق على حكام الخليج المنبطحين بأنهم (الأحذية) لبريطانيا وأمريكا والصهاينة وغيرهم من أحلاف الأمريكان من الدول الأوروبية.
ومضى يجاهد في ميادين الكلمة، حين اتضحت خيانة عبيد العبيد، من حكامنا الأشاوس، الذين سوّقونا للغرب بضاعة، وبلا ثمن، سوى أن يظلوا على كراسيهم وصياصيهم، وعلى ثروات هذه الأمة التي أترفوا بجوعها، وتخموا بضياعها وجهلها وتغربها لدى السعودي، لتبقى ذليلة له، ولتراه هو السيد على الدوام، فما دام هناك سيد، فالباقي عبيد، يؤمرون فيطيعون، يُساقون فينقادون، وهذا ما رفضه السيد (سهل بن عقيل)، وليس رفضاً قولياً فقط، بل قاد أول مظاهرة، وأول مسيرة في مملكة آل سعود على الإطلاق، بجموع من اليمنيين الذين شكوا له كيف يعاملهم النظام السعودي آنذاك.
قاد مظاهرة كبيرة في مدينة (الطائف)، وراح يهتف فيهم بفَناء نظام ٱل سعود، فيهتفون وراءه، وأطقم أجهزة الأمن السعودية تحيط بالجموع، وهم يد واحدة وقلب واحد، لم يفرّط منهم أحد بأخيه، فلم يُقبض على أحد منهم، حتى وصلوا بوابة قصر الأمير، حاكم الطائف، ولم يبرحوا حتى سمع لشكواهم، وخيّموا ثلاثة أيام، في حدائق القصر الغنّاء، فتركوها مجرد فِناء.
من سجون المصريين في تعز إلى سجون الإنجليز في عدن
وفي (عدن)، من كان أول من قاد مظاهرة في وجه المحتل الإنجليزي؟! لقد كان الشاب الأمرد (سهل بن عقيل)، الذي أرسله أبوه للدراسة في عدن، بعد أن أخرجه من سجن المصريين في تعز، إثر قيامه بكتابة المقالات التي ترفض الأوضاع التي صارت إليها الثورة، وضياع أهدافها ومبادئها، مع مرور أول أسبوع من عمر ثورة 26 سبتمبر في العام نفسه 1962للميلاد، فما كان من المصريين الذين أتوا لدعم ثورة اليمن إلا أن اعتقلوه، وعذبوه عذاباً نكراً، لم تزل آثاره حتى التقى ربه، ولقد رأيتها بنفسي، ولمستها بيدي، في فروة رأس سيدي وحبيبي (سهل بن عقيل)، فهناك جزء كبير مفقودٌ من فروة مؤخرة رأسه..، فما كان من أبيه إلا أن بذل كل جهد لإخراجه، من سجنه وعذابه، وإرساله إلى عدن للدراسه، عساه يبعده عن متابعة المصريين ونفوذهم.
وهناك في عدن، حضر الجمعة في مسجدٍ، كان الخطيب يطوّع الناس في خطبته لولي الأمر، ولم يكن يلي أمر الناس في عدن إلا المحتل الإنجليزي، فما انقضت الخطبة وصلاة الجمعة إلا والشاب الثائر يحفز الناس لرفض ما جاء به الخطيب من أكاذيب، فأيده كثير من المُصَلّين…،
ومضت شوارع عدن تشهد أول تظاهرة ضد المحتل، ولأنها كانت الأولى، قوبلت بالقمع الشديد والقاسي، وزُجَّ بالطالب الشابِّ في سجن الإنجليز، وكان يحقق معه إحد الضباط اليمنيين، فكان هو من يحقق معه.. كان يسأله: هل أنت يمني؟ ومن أين أنت؟ من أي محافظه؟ من أي مديرية؟ هل لك أبوان؟ هل لك إخوة؟ هل أنت متزوج؟ هل لك أولاد؟ أين تسكن أسرتك حالياً؟ الآن وقد تأكدتُ أنك يمني، لماذا تقبل أن تعمل لصالح الإنجليز وهم يحتلون بلادك؟!
وكان يرفض الإجابة عن أي سؤال حتى يجيب ذلك الضابط عن أسئلته، ولشدة عناده استسلم الضابط بإيراد الأجوبة، حتى بدأ يتوجس منه، فأبلغ قيادته من الضباط الإنجليز، فأوحى لهم ذلك بوجود تنظيم سري خطير يقف وراء الشاب، مما جعلهم يحسنون معاملته، ثم نقلوه إلى مكان أقل وطأة عليه من الحبس، في غرفة أو مكتب من مكاتب تلك الجهة الأمنية التي يحتجزونه فيها، وكانوا يحققون معه بأنفسهم، وما لبثوا أن أطلقوا سراحه، وأوصلوه في موكب إلى الحدود الشطرية، معززاً مكرماً، بعد أن يئسوا من استخلاص أي شيء منه تجاه تنظيم سري وخلافه، ورسخ في قناعتهم أنه فعلاً لا يمكن أن تصدر شجاعة كهذه إلا من منتمٍ إلى تنظيم قوي، ما أوعز لهم أنّ تركه وإطلاق سراحه أسلم من تأجيج الموقف بينهم وبين تنظيم لا يعلمون عنه شيئاً، خاصة وأن الشاب الثائر جاء من الشطر الشمالي، حيث نجحت ثورة لم تزل في عنفوانها، فربما زحف التأثير الثوري لتحرير الجنوب، حيث وجودهم ومصالحهم، هذا ما رسخ في اعتقادهم.
ثم لأن الشاب الثائر قدم من تعز بالتحديد، حيث منبع التغيرات، و “لواء” المثقفين والمتعلمين، ولأنه كان يخاطبهم بلباقة ورباطة جأش، تيقنوا أن وراء هذا الشاب ما وراءه، فلم يسعهم إلا إطلاق سراحه، وبطريقة لا تليق إلا بالقادة..
ولننظر -هنا- أهمية أن يكون عدوك عاقلاً، صحيح أنه محتل، لكنه يتمتع بالعقل، ولنقارن ذلك التصرف للإنجليز، في ذلك الزمان 1962 مع تصرفات هذا العدوان على اليمن 2015- وحتى الآن، العدوان السعودي الأمريكي البريطاني -أيضاً-، وكيف يعاملون الأسرى والمعتقلين والمختطفين، ولنعلم أن عدواً عاقلاً خير من صديق جاهل، صحيح أنهم تعاملوا معه بقسوة في البداية، ولكنهم الآن أكثر تفلتاً من كل القيم، وحتى من معاني البشرية المحضة.
* من تعز إلى مصر ولبنان
في تعز، ما لبث أن استقبله أبوه، حتى بعثه للدراسة في مصر ولبنان، فأكمل الثانوية في مصر، ثم التحق بالجامعة الأمريكية في لبنان، وهناك كانت له مواقف جهادية نضالية عظيمة، نذكر منها وقوفه المشهود ل_(عبدالرحمن البيضاني) الذي وقف يعدد مآثره في الثورة اليمنية، وهو الكاذب، فوقف له الطالب في الجامعة الأمريكية (سهل بن عقيل)، ونسفه نسفاً، وسوّى بكرامة ذلك المتشدق الكاذب أرضية القاعة، التي خلت خلال ثوان من وقوفه، قبل أن يتحول الموقف إلى تبادل إطلاق النيران.. فقد كانت تلك فترة ثوران بركان الفتنة في لبنان، قبل نشوب الحرب الأهلية بسنوات وسنوات، وكل ذلك بتأثير الصهاينة والأمريكان، ثم إن لبنان آنذاك -وحتى الآن- لم تكن إلا مسرحاً لجميع أجهزة الإستخبارات العالمية، لكافة الدول التي لها أطماع في التوسع، وبسط النفوذ، والسيطرة الجغرافية، والسيطرة على القرار اللبناني، بإشعال الفتن الدائمة بين النخب الحاكمة في لبنان، لتأمين الكيان الصهيوني، نظراً للتماس الجغرافي المباشر بين لبنان وفلسطين المحتلة.
#العودة إلى الوطن.. وحروب أخرى مع الوهابية
حين عاد إلى وطنه، كان المد الوهابي في بداية دخوله اليمن، ولكن كانت له سوابقه في عهد الإمام (أحمد حميدالدين)، لكن دخوله في عهد الجمهورية كان أشد وأقوى، وذلك بتمهيد رؤوس في الدولة اليمنية، من مسؤولين ومشائخ قبليين، ورؤوس أموال، وغيرهم من علماء وعملاء.. وكان لا بد لهذا العَلَمِ الشامخ أن يقف لهم، وأن يترصدهم، ويحصي أنفاسهم.
وكان له مواقف لا تُنسى وإن كثرت، منها فضحه (للوادعي والزنداني)، بأنهما من أشد من رأى خبثاً وحقداً على اليمن، وكان ذلك صراحةً، وجهاً لوجه، وهو يخاطب أباه أمامهما.
ومنها خطبه الرنانة، في كل جمعة، ووقوفه للفساد، وعلى رأسهم رئيس الدولة، ومواقف شتى، ذكرتها سابقاً في تقرير صحفي نشرته صحيفة الثورة، في عددها الصادر في 15 فبراير 2021م.
ولمن أراد الاستزادة من مواقف هذا المجاهد العالم، ومعرفة سيرته ومناقبه، فعليه بكتاب (باهوت الثورة)، الصادر في أربعينيته، أو مقابلة أولاده وتلامذته ومحبيه، فمنهم سوف يمتح شهد الكلام، عن سيد عالم عاش حياته مجاهداً، ورحل مجاهداً.
# ثورة ١١فبراير 2011م .. وثورة 21 سبتمبر 2014م
لا يمكن أن يتجاهل ذو عقل مواقف هذا العلم الراسخ، إبّان ثورة الشباب البريئة النظيفة، التي لوثها حزب الإصلاح، بكل ما أوتي من تنظيم حزبي وعمالة سعودية وإماراتية، وبكل ما أوتي من مكر وخبث لا يقارن إلا بأعمال الموساد، والسي آي إيه، والمكتب الخامس البريطاني.
خطب العالم المجاهد في المتظاهرين، وحذرهم من اختطاف ثورتهم، وضياع حلمهم، فجاءته التهديدات تباعاً من أطراف الإصلاح، من متطرفيهم “وكلهم متطرفون”، من الأكثر تطرفاً، بينما كانت الإغراءات والتهديد المبطن يتوالى من النخب الحاكمة، وهي تحاول أن تستعيد السيطرة على الموقف في تعز.
لكنه أبدى صلابة لا تلين، وهو الشيخ الذي دخل السبعين من عمره، وقالها صراحة في وجه (عبدالعزيز عبدالغني) و (البركاني): “البشر والشجر والحجر يعلمون أنكم فاسدون، وأنتم أنفسكم تعلمون أنكم فاسدون، فماذا سأقول أنا”.
قالها وهو يعلم أن مصيره متعلق بهذه الكلمة، قالها وهو يتربع منصب مفتي تعز، ويعلم أن منصبه متعلق بهذه الكلمة، قالها وهو لم يحضر إلى المركز الثقافي إلا بسيارتهم الفارهة، وآثر أن يعود حتى مشياً على قدميه، من أن يعود راكباً على رقاب الشعب، وعرقه، وتعبه، وجوعه، وأحلامه، وهو يمتطي إحدى سياراتهم الفارهة.
وفي غمرة التهديدات، والمداهمات، كان متردداً بشأن السفر إلى صنعاء، بكافة أسرته، من أولادٍ وإحفاد، وهي أسرة كبيرة بالفعل، بالمئات ما شاء الله لا قوة إلا بالله، كان ثقيل الكلكل، لكنه تلقى أمراً مباشراً من قائد الثورة، فلبى طائعاً مسلماً، رغم أنه كان يفضل أن يستشهد في بيته ومكتبته” التي أحرقت”، من أن يفارق موطنه تعز.
وفي صنعاء بزغ بزوغاً آخر، لم يكن السفر إليها إلا مُبَلّغَ هذا الفارس آخِرَ محطات جهاده وأسفاره.
تشهد جمعة شارع المطار حماسته التي يشهد لها وبها كل من ائتم به، بينما تشهد قاعة المؤتمرات قمة هرَم هذا الهرِم، وهو يطول الجزيرة العربية بمجملها، حين تأبطها، وتنبأ بتحريرها، بل وعد بذلك، وأنذر به، فكان إعلانه إكثر من صريح حين قال:(ونحن نعلن من هنا أننا سنحرر الجزيرة العربية)..
# سنحرر الجزيرة العربية
تخيّل كيف ستختلُّ موازين القوى، في أذهان أرباب المصالح في الجزيرة العربية، من أمريكا وحلفائها، خاصة ونفط الجزيرة العربية، وبالأخص النفط السعودي، يغطي نصف استهلاك الولايات المتحدة سنوياً بشكل عام!!..
إنّ أمنَ هذه الدولة “العظمى” سوف يهتز، بل اهتز بالفعل لمجرد هذا التصريح من هذا العالم الرباني البطل.
لقد كانت -وما تزال- كل الظروف، تؤكد مصاديق هذه الثورة، وأقوال قادتها، لذلك حملها الأمريكي محمل الجد، فما كان من الإدارة الأمريكية إلا أن أمرت بمغادرة سفارتها صنعاء، وهو ما يعني الحرب ضد اليمن، وقطع كل العلاقات الدبلوماسية معها.
كان خطاباً قصيراً للعلامة (سهل بن عقيل)، لكنه أوجز الكثير، وأفضى بالكثير، واختصر آماداً من التحليلات والتصورات، وفك رموزَ التعقيدات، للتنبؤات والاستقراءات السياسية.. قال كل شيء في دفقة واحدة، فاختصر مسافات من التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات، وأنجز الوعد الصادق، في الخروج من المراوغات إلى فضاء الشفافية، ليرتجل العدو سرعة عدوانه، ويأتي به قبل أوانه، الذي عقد له النية قبل 2011م، حين ضرب الجيش اليمني بالقاعدة، ومضى يدمر الدفاعات الصاروخية، ويهيكل الجيش والأمن والإقتصاد وفق رؤيته التدميرية _ الإحتلالية، برؤية سلطوية، ورَوِيّة نخبوية، أفضت بانفضاحه في الأخير، أمام عزيمة وصلابة وبأس الشعب اليمني، بجيشه ولجانه الشعبية، في وجه أعتى عدوان غشوم، دمر الأرض والبنى التحتية، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، ثم لم يواجِه في الجبهات برجولة وكفاءة، بل بقوة أسلحته وعتاده، وبالدم اليمني نفسه الذي اشتراه بأزماته المتتالية، التي افتعلها منذ خمسينيات القرن المنصرم، تمهيداً لهذه الفترة العاصفة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، غير عابئٍ بقيمٍ ولا مبادئَ، فلا إنسانيةَ لمن طمس الشيطان بصيرته، وجعله يلهث وراء السيطرة، والقوة، والثروات.
ولا أشد ولا أنكى على الأمة الإسلامية والعربية من بعض أبنائها، الذين جندوا أنفسهم وإمكانياتهم وكياناتهم الفاعلة في خدمة المحتل، لأنهم -فقط- يرونه الأقوى، والقادر على نفعها، وهذا ما وقف في وجهه سيدي العلامة (سهل بن عقيل)، ومقالاته المنشورة في صحيفة الثورة شاهدة بذلك، كما تشهد بكل مواقفه، بالإضافة إلى مقابلاته المنشورة في صحيفة (الثورة) وصحيفة (لا)، ومقابلاته وتصريحاته وخطاباته المتلفزة للعديد من القنوات التلفزيونية، المحلية والعربية.
# فترة العدوان على اليمن
وفي فترة العدوان على اليمن، وقف العالم المجاهد وقفة الرجال الرجال، الذين أسماهم هو ذلك، فمضى للتعبئة في الجبهات، ويدلي بالتصريحات للقنوات، ويعقد المقابلات، ثم انتقل لتوسعة جهاده بالمقالات، وكان يملي المقال عليَّ لكتابته، ثم يستمع إليه ويصححه أو يضيف إليه، ثم يأمرني بنشره في صحيفة الثورة، ثم يطلع عليه بعد النشر، ويستمغ إليه بصوتي، ويأمرني بتسجيله، ثم يستمع إليه مسجلاً، ومن ثم يُسمِعُ كل من جاءه زائراً، أو وفد هو عليه مسافراً، فهو يرى أن نشر التوعية أمرٌ جهاديٌّ لا خلافَ عليه.
وطوال سنوات العدوان، حتى انتقل إلى رحمة الله تعالى، وهو يكتب المقالات، ويعقد المقابلات، ويدلي بالتصريحات، لمقاومة العدوان.
وفي هذا الصدد، تنبّأ بانتصار هذه الثورة، وانتشار المسيرة القرآنية، وتوحيد الجزيرة العربية، وأنها ستكون دولة واحدة، وستكون أعظم دولة في العالم، وقال بأنه بعد انقضاء عقدين من الزمن سيكون العدل بإذن الله تعالى قد عم أرجاء المعمورة.
فارق الشيخ المجاهد الحياة الدنيا وهو يوصي صهره أبا الشهيدين، ويوصي الجميع بمتابعة نشر آخر مقال كتبه، والعجيب أن آخر مقال كتبه قبل يومين من وفاته، نُشر بالفعل بعد يومين منها.
# ختاماً: وصيته الأخيرة
لقد عاش السيد (سهل بن عقيل) مجاهداً، درب على الجهاد ومرس عليه، فلاءمته أجواء الجهاد، وناسبته مواقف الجرأة، فعاش بها وعليها، لم يثنه ما لقي من تعذيب، ولم يفته ما حصل عليه من تأديب، من أبيه وأساتذته.
لم يجبن في موقف كان لله فيه يومئذ طاعة، ولم تقسره عن مبتغاه في مرضاة الله شفاعة. يجلله الوقار، بينما هو ضاحك باسم، يستقبل الأيام بما أعد لها من التجلد، ويواجه الطواغيت بما أعد لهم من براكين التوقد. صمصام في قوله، وهُمامٌ في سعيه وحثه على الجهاد وفعل الخير.
كريم معطاء، كمزن السماء. كثير الفخر بوطنه، ويعرف قدر ما يقول وما يفعل. معتز بنفسه، ملتحم بأهله وعشيرته وأهل مودته.
رحم الله السيد المجاهد العلامة (سهل بن إبراهيم بن عمر بين عقيل باعلوي)، ورحم والديه، وخلفه بخير في عقبه، وجعلنا ممن تأسى بسيرته، وعمل بوصيته، فقد أوصى بالتمسك بالمسيرة القرآنية، والثورة السبتمبرية الثانية 2014م، ونصرة السيد العلم قائد الثورة قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي،الذي أحبه حد الجنون به، وأوصى بحبه والتمسك بحبله كل من عرفه وزاره..
فهذه وصيته لأبنائه وأحفاده ومريديه ومحبيه وللشعب اليمني ككل، وبدوري أنقلها للخاص والعام، علّي أبرأ من ذمة، وأؤدي واجباً جهادياً طالما قصّرتُ في أدائه، فندمت على زواله بعد بقائه، وأسأل الله تعالى أن يعوضني في ما بقي من حياتي قبل مماتي، تأسياً بالمجاهدين، من الشهداء والمنتظرين، وتأسياً بأحبهم إلى قلبي، سيدي العلامة المجاهد (سهل بن عقيل) رضوان الله عليه وعلى من سار على منواله.