تخصصات شريعة وزراعة واقتصاد يمتهنون التدريس مما يضاعف من رداءة الأداء
النظام التعليمي ليس كتاباٍ ومدرساٍ وطالباٍ وكفى.. العملية التعليمية طرق وأساليب تدريس وجودة في تقديم كل ذلك.. غير أن الحال على الواقع ليس بتلك الصورة المفترضة التي يسير عليها التعليم في كل بلاد الدنيا لأننا نجد معضلة كبرى تتمثل في وجود معلمين في غير تخصصاتهم.. فماذا سيقدم هؤلاء لطلابهم¿..
الطالب مصاب بالتبلد والمعلم غير ملم بطرق التدريس فأضحت العملية التربوية مجالا للدخلاء من غير المتخصصين كل هذه الإشكاليات أسبابها واضحة وتتبلور في القصور الذي يغطي كل جوانب العملية التعليمية من كل النواحي وفي جميع الاتجاهات.
المعلمة هدى منصري تقول: يعد المعلم الحجر الأساس في العملية التعليمية وترتبط الخصائص التي يمتاز بها المعلم ارتباطا وثيقا بتعلم التلاميذ وهناك خصائص للمعلم حتى يكون التعليم فعالا.. وترى أن التعليم الناجح والفعال لا يقتصر على وجود المعلم فقط بل وجود المعلم وفي مجال تخصصه وتطوير ذلك المعلم في مجاله حتى نجني ثمار التعليم الصحيح ونواكب عصر السرعة والابتكار وتؤكد أن وجود المعلم في تخصصه يعتبر من الأركان الرئيسية للعملية التعليمية التي لا يجب الاستهانة بها ليكتمل التعليم فهو في مجال تخصصه قادر على العطاء والإبداع وتحفيز التلاميذ على تقبل المادة أكثر من غيره.
وتشير منصري إلى أن هناك مدراء يلزمون معلمين بالتدريس في غير تخصصاتهم وتؤكد أن هذا التقصير تتولى مسؤوليته وزارة التربية لأنها لا تراقب هذه المدارس بل يتعدى الأمر- حسب تأكيد المعلمة هدى منصري- إلى تكليف معلم الأدبي بتدريس تلاميذ القسم العلمي وقد يستهان بالخطأ في المرحلة الابتدائية مع أنها مرحلة التأسيس.. لذلك نتمنى أن يتم الحد من هذا الخطأ حتى نكون بصدد تطوير المعلم في مجاله لنحصل على جيل قادر على الابتكار ومواكبة العصر.
جهود شخصية
صفوان الناشر- مدير إحدى مدارس البنين- يلفت إلى أن هناك أسباباٍ قد تجعل مدير المدرسة يقدم على خطوة تكليف معلم في غير تخصصه وهنا يقول: عندما يكون هناك عجز من وزارة التربية والتعليم بتوفير بعض المدرسين وخاصة للمواد العلمية نقوم نحن كمدراء بتوفير ذلك مقابل راتب يتم جمعه من مجلس الآباء شهرياٍ حتى يتسنى لنا تغطية العجز الموجود داخل المدرسة وإن كان هذا مخالفاٍ للعمل التربوي إلا أننا أمام حل واحد وهو استكمال الطلاب للدراسة وهذا يعتبر جهداٍ شخصياٍ من قبل المدرسة والقائمين عليها.
التدريس في غير التخصص
بالمقابل فإن لينا منصور- مديرة مدرسة للبنات- تقول: هناك الكثير من المدارس التي يوجد بها مدرسون غير تربويين ويقومون بتدريس الطلاب في التخصصات العلمية والأدبية وفي كثير من الأحيان يكونون غير ملمين بكيفية التدريس وإيصال المعلومة إلى الطالب وهناك مدرسون تربويون يقومون بالتدريس في غير تخصصاتهم حتى أصبحت العملية التعليمية أشبه بالسوق العشوائية التي تستقبل كل الناس.
دخلاء على المهنة
ومن جانبها أشارت آمنة الشرعبي- نائبة مدير عام التوجيه التربوي بوزارة التربية والتعليم- إلى أن هناك برنامجاٍ في الوزارة لإعادة تأهيل المعلمين غير التربويين على الرغم من اعتراضي على مصطلح غير التربوي لأن الأصل في المعلم هو أن يكون تربوياٍ لكن في الفترة الماضية للأسف تم توظيف خريجي شريعة واقتصاد وزراعة في مهنة التدريس من باب توفير وظيفة لهؤلاء فالتحق رتل كبير من المعلمين من غير خريجي كلية التربية بالمدارس والآن بالتنسيق مع قطاع التدريب تم إعداد بعض البرامج التدريبية لتأهيلهم وتدريبهم وتؤكد أن الميدان يحتاج إلى إعادة تأهيل وتدريب ودعم للمسار التعليمي كونه أمراٍ في غاية الأهمية.
مشكلة أخرى وهي العجز النوعي في كثير من التخصصات التي يلجأ معها كثير من مدراء المدارس ومدراء مكاتب التربية إلى الاستعانة بمعلمي التخصصات الأخرى لتدريس بعض المواد غير متخصصين والأصل لا يمكن لأي مدرس أن يقوم بتدريس أي مادة إلا بعد أن يمتلك مقوماتها الأساسية.
وطبقا لخبراء تربويين فإن المشكلة متكاملة بسبب العجز الكبير على مستوى الجمهورية في كثير من التخصصات بالإضافة إلى حجم التقاعد الكبير الذي لا يتناسب مع حجم التوظيف الجديد مما أوجد خللاٍ في الميدان وأصبح مدراء المدارس يفكرون بشكل كبير بكيفية تغطية هذا العجز دون التفكير للعواقب خاصة عندما يكونون في غير التخصص.
التوظيف دون تنسيق
وتبدو الفجوة واضحة- حسب مهتمين بالشأن التربوي- في قلة التوظيف في تخصصات المواد العلمية مقارنة بأعداد الموظفين في المواد الأدبية ويرون أن المشكلة الأكبر هي في الخدمة المدنية التي توظف دون التنسيق مع الجهات ذات الاختصاص حسب الاحتياج وكذا التقصير الواضح من قبل جهات الاختصاص بعدم رفعها بالاحتياج الحقيقي.
التعليم والسياسة
الدكتور عبدالباسط عبدالرقيب عقيل- رئيس دائرة تطوير مناهج العلوم الإنسانية واللغات في مركز البحوث والتطوير التربوي- يرجع أسباب هذا العبث الذي تعاني منه العملية التعليمية إلى تدخل الأحزاب السياسية في المسار التعليمي كون هذا الامر السبب الرئيسي لأن اختيار بعض المدرسين من قبل مدراء المدارس ودخولهم الحقل التربوي دون إلمامهم أو معرفتهم بطرائق التدريس مشكلة كبرى خاصة وأن هؤلاء المعلمين لم يتم إعدادهم ليكونوا معلمين تربويين وإنما بعضهم دخلوا حقل التعليم من باب الانتماء السياسي أو ما يسمى بالمحاصصة السياسية والحزبية.. ولفت إلى مشكلة أخرى وهي تأخر توظيف خريجي كليات التربية خاصة في التخصصات النوعية.. مما يفقد معها الخريج كثيراٍ من المعلومات التي اكتسبها خلال الدراسة فيضعف ذلك من أدائه أثناء التدريس.
وحذر من غياب التوجيه والإشراف الفني وقال: هناك عوامل عدة يعاني منها النظام التعليمي فهو ليس مجرد مدرس وطالب وكتاب بل يعتبر أسرة وجهازاٍ توجيهياٍ فنياٍ ومباني مدرسية صالحة وإدارة حازمة ومتابعة مستمرة. وهذا ما ينقصنا للأسف الشديد لأن التعليم أصبح من ضمن القضايا السياسية في البلد وهنا تكمن الإشكالية.
Next Post
قد يعجبك ايضا