حواضن اجتماعية
عن رؤيته لما يحدث من عمليات إرهابية في محافظة حضرموت واليمن عموما يرى المحلل السياسي مطيع دماج ان هذه العمليات الارهابية جرائم مرعبة تكشف إلى أي حد وصلت إليه هذه الجماعات الارهابية من سفك للدماء وكأنها تريد ان تجعل من هذه العمليات ظاهرة تهدف من خلالها إلى خلق حالة اهتزاز كامل في معنويات أبناء المؤسسة الامنية والعسكرية.
ويضيف: كما تهدف هذه العمليات إلى نقل الصراع السياسي القائم على الدستور والتشريعات إلى صراع قائم على العنف وسفك الدماء وفي رأيي ان هذه الاعمال التي حدثت مؤخرا تعود إلى مشكلتين الأولى: أن هذه الجماعات الارهابية تتوفر لديها معلومات عن الخطط الأمنية وهو ما يتضح من خلال مواعيد واماكن عملياتها. والثانية: إن هناك حواضن اجتماعية تساعد هذه الجماعات الارهابية على التحرك من مكان لآخر وعليه يجب ان تكون العملية الأمنية منطلقة من المجتمع ذاته فتأمين المجتمع يعطي أماناٍ للدولة ومؤسساتها المختلفة.
عمليات ممنهجة
* ويوضح الدكتور عبدالباقي شمسان- أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء أن هذه العمليات الارهابية لاتستهدف محافظة حضرموت بصفة خاصة ولكن هي عبارة عن عمليات موزعة في معظم المحافظات وبطرق مختلفة بحيث تعطي انطباعا بأن الأوضاع منفلتة وقال: هذه الجرائم الشنيعة تحاول خلق بيئة غير آمنة وتسعى لاستهداف ثقة المواطنين وهم بذلك يريدون ارسال رسالة بأن هذا الجيش لا يستطيع حماية نفسه ووطنه ونحن امام عمليات ممنهجة تدرس بأبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية لذلك ننبه إلى أن العمليات الارهابية مترابطة وتوزع وتنفذ وفق خطط مدروسة ولذلك ينبغي التنبه لها والعمل على تأمين حالة نفسية تتأهب لأي عمل ارهابي غادر مثل ما حصل في المنطقة الرابعة في عدن عندما تم مواجهته بكل بسالة.
الصراع السياسي
* الدكتور زندان الزنداني- أستاذ العلاقات الدولية بجامعة صنعاء يرى بأن هذه العمليات الارهابية تهدف أساسا إلى تمزيق المؤسسة العسكرية والأمنية التي تعتبر بمثابة الحصن المنيع الذي يحافظ على بقاء الدولة وديمومتها وقال: على كل القوى السياسية ان تدرك بأن تصارعها فيما بينها يؤثر بشكل مباشر على أمن واستقرار البلد مع انها ستكون الضحية الأولى في حال سقوط البلد لا سمح الله لذا فهناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها وعلى رأسها الامن القومي وما يدعو للغرابة بأن الجماعات التي تنفذ هذه الجرائم تدعي انها تجاهد في سبيل الله وانها تقاتل من أجل الاسلام فتقتل الجنود والضباط اليمنيين المسلمين الذين يؤدون واجبهم الوطني في الصحراء والجبل والوادي كما انها تدعي النصر والبطولة عند تنفيذها هذه العمليات وهذا لا يتوافق مع العقل البسيط المجرد من الدين فما بالنا بالعقل المسلم المؤمن بتحريم قتل المسلم لأخيه المسلم.
وقفة مسؤولة
* يشير العميد الركن الدكتور عبده العريبي- مساعد مركز الدراسات الاستراتيجية للشؤون العربية والدولية إلى أن هذه الظاهرة تتزايد وتهدد المجتمع بأسره وتحتاج الى وقفة مسؤولة من الجانب الرسمي اولا وتحديدا الجهات ذات العلاقة لتدارس هذه الاعمال من جميع جوانبها والعمل على معرفة اسبابها الحقيقية ومن ثم وضع خطة امنية- عسكرية استراتيجية لمواجهة ذلك تبدأ بالتواصل مع المجتمع والجهات المؤثرة فيه لاطلاعهم على مخاطر هذه الاعمال على الجميع وبحث امكانية وضع حل سلمي يعود علي اليمن بالسلم والامن والتنمية.
ويواصل حديثه وهنا لابد من تعاون الجميع في هذه المهمة الوطنية والدينية الكبيرة فالقتل والعنف لا يخدم احدا ابدا وعلى القوى السياسية والمجتمعية التي اتفقت على مخرجات الحوار ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه كل ما يحصل اليوم من اعمال عنف وقتل وخراب.
وأكد أن الواجب الاول يقع على اجهزة الامن والجيش التي لا يمكن ان تنتصر في هذه المعركة الا باستكمال هيكلتهما والاسراع في هذه العملية ورعايتها لتحقيق الاهداف المتوخاة منها وفي مقدمتها القضاء على الفساد والعشوائية والانتماءات غير الوطنية واعادة وضع الانسان المناسب في المكان المناسب وفق نظام توصيف وظيفي وطني علمي ومهني يعيد لهذه المؤسسة عافيتها وانضباطها ومهنيتها وحياديتها وحقوقها .وهنا لابد من التأكيد على اهمية رفع الوعي الوطني والحس الامني ودور القائد كقدوة ونموذج في النزاهة والانضباط ومواجهة المصاعب وحسن اتخاذ القرار.
ويتابع بالقول: الفساد هو المهدد الأول للوطن وللقوات المسلحة وبدون وضع حد له وإبعاد القادة عن التصرف بحقوق مرووسيهم وخاصة المالية منها والعمل على تطبيق مبدأ الثواب والعقاب على الجميع يصعب اصلاح هذه الاختلالات العميقة والخطيرة. وهذا ما يجب ان تقوم به القيادة السياسية والعسكرية في اقرب وقت .كما ان دور اهل حضرموت السلميين والحضاريين والمدنيين مطلوب اليوم وبقوة للوقوف صفا واحدا تجاه هذه الاعمال المهددة للسلم والتنمية حاضرا ومستقبلا في حضرموت وفي عموم اليمن.
تكشف حقيقتهم
* وهنا الباحث والخبير في شؤون الارهاب سعيد عبيد الجمحي يؤكد أن هذه العمليات الاجرامية تكشف عن الجوانب المظلمة لهؤلاء المجرمين الذين يدعون الاسلام وبأنهم يريدون اقامة خلافة اسلامية على دماء الأبرياء وهجماتهم هذه تريد أن تبث اليأس في قلوب الشعب اليمني كما انها تريد افشال هيكلة الجيش كونه المعني بمحاربتها ولقد صعد تنظيم القاعدة من عملياته بشكل غير مسبوق في محافظة حضرموت فصار التنظيم يترصد لعملية الهيكلة واصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية وتنقيتها من الشوائب: وتابع ولهذه العمليات أهداف غير معلنة يسعى التنظيم الارهابي لتحقيقها عبر اغتيال القيادات العسكرية البارزة ومن الخطأ أن تظل مواجهة هذه العمليات بهذه الطريقة والمفترض بأن لا يسمح لهذه الجماعات بتحديد موعد ومكان المعركة والاصل ان يتم ملاحقتها وإرباك مخططاتها وتقييد حركتها.
الدين بريء منهم
* فيما يحدثنا العلامة سعد حنتوش- رئيس مركز المعين عن أهمية تدبر الكتاب المبين عن رؤية الاسلام في هذا الاتجاه حيث يقول: ما يحدث في محافظة حضرموت والمحافظات الاخرى من استهداف للجنود والضباط من أبناء القوات المسلحة والامن أعمال تتنافى وتتناقض مع الدين الاسلامي الحنيف فمن الذي اعطاهم الحق في سفك دماء المسلمين! فإذا كان الاسلام قد دعا إلى نهي المنكر بحيث لا يؤدي نهيه إلى ارتكاب منكر أكبر منه فكيف بسفك دماء المسلمين وللأسف هذه الجماعات تستغل بعض الشباب وتغرر بهم بانهم سيدخلون الجنة بهذا الشكل وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والمسجد والمجتمع والمؤسسات كلها في التوعية والتحذير من خطر الفكر المتطرف. ويتابع بالقول: نحن نقول لأبناء حضرموت وكل أبناء اليمن لا تصدقوا لهذه الجماعات مهما كانت اعذارهم وافتراءاتهم ويكفينا ما قال عنا رسول الله (الايمان يمان والحكمة يمانية) هذا الحديث يلغي التفرقة والعصبية فيما بيننا وهؤلاء الارهابيون يهدفون إلى هدم أواصر ومقومات الوحدة اليمنية والنصيحة لأبناء القوات المسلحة والامن بأن يكونوا في قمة الحذر قال الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) وقال تعالى (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم)..
سيناريو الارهاب
* المحلل السياسي الدكتور عبد الملك الشرعبي يقول : إن اعداء الوطن هم المستفيدون من هذه العمليات في الداخل والخارج , ومع ذلك فالمؤسسات الأمنية لم تتمكن من تحديد أماكن القصور والضعف لتعمل على تصحيحها ويرى أن السبب بسيط وهو أن العمليات الإرهابية بنفس الأسلوب والهدف تتكرر وبنفس السيناريو المعتاد سماعه الشرعبي في ذات الوقت يعيد السؤال ذاته الذي نشعر به جميعا إثر كل عملية إرهابية ما الذي يحدث للجيش والأمن¿ ويسأل أيضاٍ لماذا الاستهداف المتكرر من الجماعات الإرهابية للجيش وهل هناك ارتباط بين ما ترتكبه الجماعات الإرهابية وبعض القوى النافذة من أعمال اختطاف وقتل لأبناء القوات المسلحة والأمن واستهداف الفئات الأخرى لعمليات الاختطاف بهدف جمع الأموال لإنفاقها في تخريب الوطن.
ويتابع حديثه بمرارة : إن الشعب اليمني الذي قبل بجلوس الفرقاء والنخب السياسية على طاولة واحدة لتحديد مستقبل اليمن قادر على تجاوز كل التحديات الأمنية والاقتصادية وأن مخرجات الحوار الوطني فيها الحلول الكاملة والإجابة على كل التساؤلات وقال الذين يعملون على إضعاف الدولة بكل مقوماتها ليسهل تمزيق الوطن هم واهمون ويرتكبون حماقات لا يمكن إلا أن تزيد من قوة الشعب وإيمانه . مؤكدا على ضرورة تغيير المؤسسات الأمنية لاستراتيجياتها وبما يتناسب مع الوضع الحالي كالتفكير بعمل بدائل للنقاط العسكرية واستبدالها بنقاط من أبناء القبائل وتكثيف العمل الاستخباراتي وبكفاءات عالية .
دعم لوجستي
* ويرى المحلل السياسي جمال عبد الجبار أن هذه العمليات تشير إلى أسلوب تنظيم القاعدة وقوى تستهدف إسقاط الدولة بشكل كامل ودخولها في مرحلة من الفوضى العارمة لأنها أعمال موجهة نحو القوات المسلحة والأمن الممسكة بزمام الأمور في المواقع الرئيسية من الجمهورية مثل حضرموت وعدن والضالع وأبين ومحافظة البيضاء لتصل هذه الاعتداءات الى ذروتها في الاعتداء على مقر المنطقة العسكرية الرابعة في مدينة عدن ويلاحظ من كل ذلك ان تنظيم القاعدة هو العنصر المشترك والجهة التي تقوم بالتنفيذ لأغلب هذه العمليات وينوه إلى أمر خطير حيث يقول: في نفس الوقت يجمع كل المراقبين على ان القاعدة دون دعم معلوماتي لوجستي كبير من جهات نافذة تملك المعلومات العسكرية والاستخباراتية لن تتمكن من القيام بما قامت به .
حرب أهلية
* وذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور أحمد عبد الملك حميد الدين إلى القول: إن هذه التصفيات التي تستهدف أفراد الجيش ورموزه تسعى لإحداث زعزعة ثقة الشعب بالدولة ليتمكن كل فصيل أو قبيلة من حماية نفسه وبالتالي بداية حرب أهلية إذا لم تتحرك الدولة و تقوم بوضع استراتيجية أمنية لجنودها.
فيما اكتفى المحلل السياسي طاهر شمسان بالقول : أهداف كثيرة تحملها تلك الاستهدافات من بينها خلق حالة تذمر داخل المؤسسة العسكرية لدفعها إلى التمرد على مسار التسوية .
الاستخبارات الأمنية
* من جهته يوضح الناشط السياسي باسم الحكيمي بالقول: إن المتتبع لسلوك تنظيم القاعدة يجد أن كل الهجمات والأفكار التي يتبناها كانت تقتصر على المنشآت والمصالح الاجنبية لكن الشيء الملفت للنظر إن هذا التنظيم في الآونة الأخيرة طور من أدبياته فأصبحت هجماته تطال المؤسسة العسكرية وأفراد الجيش ويرى بأن هذا التطور في نشاط القاعدة تجاه أفراد الجيش اليمني جاء بعد الضربات التي وجهها الجيش إلى تنظيم القاعدة في أبين ودحرهم منها بعد إن كانوا قد سيطروا عليها فهم يرون أن المؤسسة العسكرية هي الصخرة الكبيرة التي تقف أمام نشاطها وتمنعها عن إقامة إمارتها المزعومة, كما أن جهاز الاستخبارات الأمنية هو الذي يوفر المعلومات للطائرات بدون طيار عن أماكن هذه الجماعة وهذا ما يبرره سر الاغتيالات لرجال الأمن القومي والأمن السياسي.
الجيش صمام الدولة الموحدة
* وعن الدلالة الزمنية لارتفاع وتيرة الاعتداءات على المؤسسة الأمنية والعسكرية يقول السياسي ياسين العقلاني : إن القوى التي تسعى لتقويض العملية السياسية والالتفاف على مخرجات الحوار الوطني تستخدم الآن كل الأوراق التخريبية لخلق فوضى عارمة تزعزع أمن واستقرار البلاد ولكن الفشل حليفها لوجود المؤسسة العسكرية التي أثبتت وجودها ووقفت عائقا أمام المشاريع التخريبية والهدامة التي تسعى لجر الدولة إلى صراع وإدخالها في متاهات طويلة المدى والعودة بها عشرات السنين إلى الخلف .
وقال : تبقى مؤسسة الجيش المؤسسة التي تمثل سيادة الدولة الموحدة وهناك بعض الجهات التي تسعى لتفكيك المنظومة العسكرية وإضعاف هيبة الدولة مما يجعل من اليمن دولة مهددة بالتشظي (والبلقنة) حد وصفه, مؤكداٍ أن القضية تكمن في بنية الجيش الذي يتطلب إعادة هيكلته وبناء عقيدته الوطنية لأن بعض الاغتيالات تحمل طابع تصفية حسابات بين بعض القوى السياسية, ولفت إلى أن المتابعين لعمليات اقتحام وزارة الدفاع وقبلها المنطقة الثانية وحادثة المنطقة الرابعة في عدن يشككون في أن للقاعدة يدا في هذه الأحداث التي تحمل استراتيجية وتكتيكا يستهدف الجيش وكما هو معروف أن القاعدة تستهدف المصالح الأجنبية في البلاد وهذا ما يدل على أن هناك من يتستر بالقاعدة ويستخدمها لغرض سياسي بهدف ضرب كيان الدولة وقد يكون هذا الطرف خارجيا أكثر مما هو داخلي .
حرمة الدماء
* من جهته بين مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف الشيخ جبري إبراهيم حرمة التعدي على حماة الوطن وأرباب أمنه واستقراره واستباحة دمائهم بغير وجه حق وما يترتب على ذلك من إضعاف للدولة والشعب والولوج في حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس لأغراض تخدم أعداء الله والوطن ويستشهد بحديث سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يِحلْ دمْ امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كِفِرِ بعدِ إسلامه أو زِنِى بعد إحصانه أو قِتِلِ نفساٍ بغير نفس ) وقوله : ( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) فكيف بهؤلاء يقتلون أبناء جلدتهم تلك العيون الساهرة في سبيل الله والوطن , فيرملون نساءهم وييتمون أطفالهم ويشيعون الفوضى والفساد في الأرض ( فِهِلú عِسِيúتْمú إنú تِوِلِيúتْمú أِنú تْفúسدْوا في الأِرúض وِتْقِطعْوا أِرúحِامِكْمú ).
ومضى يقول : إن الله تعالى لم يجعلú عقوبةٍ بعد عقوبة الشرك بالله أشدِ من عقوبة قتل المؤمن عمداٍ حيث يقول : ( وِمِنú يِقúتْلú مْؤúمناٍ مْتِعِمداٍ فِجِزِاؤْهْ جِهِنِمْ خِالداٍ فيهِا وِغِضبِ اللِهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِاباٍ عِظيماٍ ) ( ثكلتúهْ أْمْه رجلَ قتلِ رجلاٍ متعمداٍ يجيء يومِ القيامة آخذاٍ قاتله بيمينه أو بيساره وآخذاٍ رأسه بيمينه أو شماله تشخبْ أوداجه دماٍ في قبل العرش يقول : يا رب سِلú عبدك فيم قتلني ¿
Prev Post
قد يعجبك ايضا