بلغ عدد من شملهم مشروع العفاف للزكاة أكثر من 26 ألفا و200 شخص منذ إنشاء الهيئة

البذخ في الأعراس ظاهرة اجتماعية أدت إلى تعسير الزواج ومشاريع أعراس الزكاة تخفف من أعبائها

 

 

مشروع العرس الجماعي الثالث الذي نفذته الهيئة العامة للزكاة هذا العام ، والذي يستهدف تحصين 9600 شخص من الفقراء والمساكين في عموم المحافظات والمديريات الحرة وذوي الاحتياجات الخاصة وأبناء الشهداء والجرحى ومعاقي الحرب والأسرى المحررين والمرابطين ومنتسبي الأمن وطلاب العلم، بالإضافة إلى أبناء الجالية الفلسطينية والجاليات الأفريقية، هذا المهرجان الفرائحي الكبير يأتي بهدف تجسيد مبدأ التكافل الاجتماعي لتخفيف الأعباء والبذخ والتكاليف الباهظة التي تتطلبها الأعراس ومواجهة الحرب الناعمة التي تستهدف حرف الشباب عن هويتهم الإيمانية والحفاظ على النسيج الاجتماعي، وبالمهرجان العرائسي الثالث للزكاة والذي استهدف الشباب الفقراء والمعسرين وصل عدد من شملهم مشروع العفاف منذ إنشاء الهيئة أكثر من 26 ألفا و200 شخص من أبناء اليمن والجاليات الأفريقية والجالية الفلسطينية .
الثورة / أحمد علي

ومما لا شك فيه أن الغاية من إقامة مثل هذه الأعراس الجماعية التي تمولها الزكاة ، ليست عملا سياسيا، بل هي عمل ديني اجتماعي كأحد أركان الإسلام الذي شرع الزواج الحلال لتحصين الشباب والحفاظ على النسيج الاجتماعي من التفسخ والانحلال ، وكذلك للتخفيف من الأعباء التي تفرضها العادات الجديدة في أوساط المجتمع والمتمثلة في البذخ والإسراف والشروط التي يفرضها بعض أولياء أمور العرائس عند إقامة حفلات الزواج كالصالات ، والبذخ في إقامة الحفلات والولائم وغير ذلك من عمليات التعسير في الزواج ، وهو الأمر الذي يجب أن يختفي في المجتمع اليمني المحافظ على هويته الإيمانية السمحاء ، والتي تحث على التيسير وليس التعسير في الزواج.
للزواج عند كل شعب عادات وتقاليد تختلف طبقاً للبعد الجغرافي والموروث الحضاري والثقافي، تحكمها قوانين دينية واجتماعية متوارثة تضفي الصفة الشرعية والرضا على قران شريكين متلازمين مدى الحياة، إلا أنها تتفقُ في تقاليد المغالاة في المهور، والبذخ في تكاليف الزواج، وبالتالي ارتفاع مقلق لمعدل العنوسة.
وقد حثنا ديننا الحنيف على الزواج، وإكمال نصف الدين وحفظ النفس من النزوات والانحراف، قال رسول الله عليه أفضلُ الصلاة وأتمّ التسليم: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)، وحول تيسير الزواج للشباب بعدم المغالاة في المهور، قال صلى اللهُ عليه وآله وسلم: (التمس ولو خاتماً من حديد).
ومما يؤسف له هو أن يتحول كثير منا في هذه المناسبات إلى النقيض تماماً عما كان عليه أجدادنا من تيسير للمؤنة وقلة الكلفة والمساعدة المالية والمعنوية، وما نحن عليه اليوم من إسراف وتبذير ومغالاة وتفنّن في النفقات والمصروفات والأقساط والديون للتباهي.
وكعادة الإنسان التي جُبل عليها، نزل بهذه الرابطة المقدسة إلى أسفل سافلين، عندما جعلها مناسبة للتباهي والتفاخر والبذخ والتبذير، تحت سطوة تلك العادات والتقاليد العمياء التي لا‌ تمت بصلة قرابة للعقيدة لا‌ دينيا ولا‌ إنسانيا ولا‌ أخلا‌قيا ولا‌ قبليا، والتي تفرض مهورا باهظة، وتتّبع مراسيم أعراس بتكاليف مُفزعة، من شأنها تعكير عملية الزواج، وإدخال الشباب في قوافل الضياع، هذه العادات تأصلت منذ زمن، وعلى نحو تدرُّيجي ولم تكن وليدة عشيةٍ وضحاها، فالبذخ والإسراف في الاحتفال بالأعراس منذ القدم، دفع بالعائلات لطلب مبالغ خيالية من المتقدمين لخطبة بناتها، بما يمكنها من القدرة على مجاراة مراسيم الوسط المجتمعي، التي لم تعد تقتصر على الأثرياء والقادرين مادياً فحسب، بل تسربت إلى فئات محدودة الدخل، كبلت نفسها بحكم التقليد الأعمى والغيرة الاجتماعية بالتزامات ومظاهر فارغة لا طاقة لها بها، فأوهم الإنسان أسس هذا الرباط فصار عبئا كبيرا على كاهل الأسر التي تحرص على تقديم الهدايا الثمينة وعديد من المظاهر التي تخالف الواقع المادي للأسرة بغرض «التمظهر»، مما يحملها التزامات تثْقل كاهل الأزواج وبعض الآباء الذين لا يستطيعون توفير قيمة هذه الالتزامات التي تفتح باب الديون على مصراعيه وتساهم في خلق الخلافات الزوجية فيما بعد.

البذخ
وتنتشر ظاهرة البذخ في المناسبات العامة والخاصة في اليمن ومختلف البلدان العربية والإسلامية ، ففي حفلات الزواج تتمثل هذه الظاهرة في قصور الأفراح باهظة التكاليف، حيث أن كل من ينوي الزواج يبدأ في التفكير في أن يكون حفله أفضل من حفل فلان، وكذلك المرأة تفكر في أن يكون لبسها هي وبناتها وزينتها أفضل مما ظهرت به فلانة، وأن تكون قاعة أو صالة الأفراح أفضل من التي تزوجت فيها صديقتها، ناهيك عن العشاء الفاخر بكميات كبيرة، لا يأكل الناس فيه إلا كميات قليلة، ثم يذهب معظم ذلك الطعام إلى صناديق القمامة، هذه الحفلات التي ظاهرها الوجاهة وباطنها (تعسير)، تجر خلفها معضلات، يعاني منها المجتمع، فهناك الديون وغلاء المهور، التي أكثرت من العوانس والعزاب، إذ صارت تمثل حجر عثرة في طريق الزواج وجمع الرؤوس في الحلال، وإذا كانت المغالاة في المهور قبل الزواج سبباً لعزوف الشباب عن الزواج.. وعنوسة فتيات، فإنها بعد الزواج ربما تكون سبباً للمشاكل والشقاق والخلافات الزوجية، وربما جرّت إلى الطلاق ومشاكل الانفصال، وتكون النهاية المؤسفة تشرداً وتفككاً وانهياراً اجتماعياً وأخلاقياً.

قد يعجبك ايضا