الضربة الأخيرة التي وجهتها القوات المسلحة اليمنية إلى ميناء الضبة في حضرموت كانت هي الحدث الأبرز منذ بداية هذا الأسبوع ، مع أن القنوات الخليجية والسائرة في فلك أمريكا حاولت التقليل من أهمية الموضوع ولم تعطه الاهتمام الكافي ، إلا في حالة تعاقب بيانات الإدانة والشجب كما هو معهود ، لكن الحدث فرض نفسه وكان أبرز الأحداث وحظي بالكثير من ردود الأفعال ، طبعاً لا أتحدث هنا عن ردود أفعال المرتزقة أو ما يُسمى بدول التحالف، فكلها لا تمت إلى الحقيقة بصلة ، بل وتحاول أن تخفي الحقائق البارزة المتعلقة بخصائص الدفاع وأخلاقيات الحروب ، هذا الموضوع تحدثت عنه أقلام شريفة في أوروبا وبعض الدول العربية بخلاف ما جاء على لسان الجامعة العربية ، هذه الجامعة التي تحولت بكل المقاييس إلى عبرية وكذلك المنظمات المُدجنة التي تدعي الاهتمام بحقوق الإنسان ، كلها للأسف تسير في فلك أمريكا ، وأمريكا لا تُراعي إلا مصالحها الذاتية ولا تهتم أبداً بمعاناة الآخرين سواءً كانوا دولاً أو أشخاصاً لأنهم في نظرها يعيشون مستويات مُتدنية لا ترقى إلى صفات البشر الخاصة التي ميزها هتلر في زمنه وكان يقول عنها الجنس الآري .
المهم لا أطيل أقتطف من ردود الأفعال تلك ما يلي :
السيد فوسكي تشازريني – محلل إيطالي قال أن ما حدث يُمثل ضربة معلم وخيارات دولة بكل المقاييس يكفي الإشارة إلى أن التوقيت جاء في زمن وجود السفينة التي حضرت إلى الميناء لشحن مليوني برميل نفط كما هي العادة وأخذها إلى وجهة لا تمت إلى اليمن واليمنيين بصلة ، من جانب آخر الدقة في توجيه الضربة فقد عكست أخلاقيات وقيماً عظيمة تجنبت الإضرار بالبنية التحتية وكذلك إسالة دماء البشر فكانت بالفعل ضربة معلم بكل المقاييس .
أما السيد هانز بليمر – ألماني الجنسية يعيش في استراليا- فقد قال أن الضربة أكدت أن صنعاء تفعل ما تقول ولا تتردد عن الفعل طالما أنه يخدم توجهات المواطنين المقيمين في نطاق حكم الحوثيين ، وهو إطار هام يجب أن نأخذ أبعاده السياسية والعسكرية والاجتماعية ، فهو من حيث البُعد السياسي يمثل تأكيداً راسخاً بأن صنعاء تمتلك الخيار وقوة الإرادة وتأخذ قراراتها بنفسها في الوقت الذي تريد دون الحاجة إلى استماع التعليمات من أحد ، أما الجانب العسكري فهو يؤكد أنها أصبحت تمتلك القوة الكافية للردع بل والهجوم في حالة الضرورة ، وهذا شيء يمثل التطور النوعي الذي أحدثته جماعة أنصار الله منذ أن تربعت على عرش السلطة في اليمن قبل 8سنوات ، أما الجانب الاجتماعي فإنه يطمئن الغالبية من سكان اليمن الخاضعين لإرادة الجماعة أن هناك نظاماً قادراً على حمايتهم وحماية حقهم من الثروة والأرض ، وهو ملمح واضح يُشير إلى أن وجود السعودية والإمارات في بعض المناطق اليمنية لا يُمثل إلا وجوداً طارئاً سيزول عما قريب وينتهي إلى الأبد ، وفي نفس الوقت يُشير إلى دلالة هامة مفادها أن الوحدة اليمنية ستظل مُصانة في حدقات العيون ولا يمكن التأثير أو التآمر عليها من أحد بما في ذلك من ينزعون إلى الانفصال وتمزيق اليمن ، فهاهي اليد الطولى قد وصلت إلى حضرموت وستصل إلى أي منطقة يرى نظام صنعاء أنها مُعرضة للتهديد من أي طرف غير يمني ، وهذا في حد ذاته يمثل قوة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها أو تجاهل ما يصدر عن الجماعة من تهديدات ، وإن كان الناطق العسكري باسم الجماعة قد فند الأمر وقال أن العملية لا تُمثل تهديداً وإنما تحذير لكل السفن التي تأتي لنهب النفط اليمني كما يقول الحوثيون .
أكتفي بهاتين التغريدتين، مع أن التغريدات التي صُبت في هذا الاتجاه كثيرة ولكنني أكتفي بما أسلفت لأنها بالفعل وجهة نظر محايدة غير منقادة للإرادة الأمريكية أو البريطانية وفي الأخير أسأل الخارجية الفرنسية إذا كان ما حدث في الضبة إرهاباً فماذا نسمي ما حدث في الصالة الكبرى وفي ضحيان وفي .. وفي … ؟! جرائم يندى لها جبين الدهر ولم يتحرك ضمير هذه الخارجية ، فكيف تحرك فجأة؟! أم أن المال السعودي بعث فيها الحياة ؟! أشياء غريبة ومواقف هزيلة تُثير التقزز.. وإن شاء الله النصر الحاسم كفيل بإخراس الجميع ، والله من وراء القصد ..