21 سبتمبر .. الثورة التي قوَّضت محاولات التطبيع وأوقفت المخططات الصهيونية في اليمن
وثائق تكشف زيارة وفود صهيونية إلى صنعاء
رغم تحفظ نظام صالح إلا أنه كان يطبخ التطبيع مع إسرائيل على نار هادئة
وفد إسرائيلي يلتقي مسؤولي نطام صالح في صنعاء ويبحث معهم تجنيس 60 ألف إسرائيلي
ضغوط واشنطن دفعت نظام صالح لإعادة النظر في مقاطعة إسرائيل
ثورة 21 سبتمبر مثلت صدمة لإسرائيل ونهاية لمشاريعها في اليمن
رغم تحفظ نظام الرئيس الهالك علي عبدالله صالح على علاقاته بإسرائيل، إلا أن الوثائق التي كشفت خلال السنوات الماضية تؤكد ان تطبيع اليمن مع كيان العدو الصهيوني كان يطبخ على نار هادئة خلال حكم الرئيس الهالك صالح .
أثبتت هذه الوثائق ان المعركة في اليمن اليوم هي معركة مصيرية، والوقوف في وجه العدوان هو وقوف في وجه المخطّطات الصهيونية التي تستهدف اليمن ، وان ثورة الـ 21 من سبتمبر كانت ضرورة ملحة، فلولا هذه الثورة لكان اليمن اليوم في مقدمة المطبعين مع كيان العدو الصهيوني .
التقرير التالي يسلط الضوء على مساعي الأمريكيين وعبر أدواتهم بالدفع باليمن نحو تطبيع العلاقات مع كيان العدو الصهيوني وتعامل نظام الرئيس الهالك صالح الإيجابي مع تلك المساعي.
الثورة / محمد الروحاني
علاقة نظام الهالك صالح بالكيان الصهيوني في الوقت الذي كان الرئيس الهالك “صالح” يدعي معاداة الكيان الصهيوني كانت خطوات تطبيع العلاقات بين اليمن وإسرائيل تجري تحت الطاولة بسرية تامة، وبتنسيق إماراتي، وهو ما أكدته الوثائق التي كشفت عن علاقة الرئيس الهالك “صالح” بكيان العدو الصهيوني ، وعن قيام عدد من المسؤولين الإسرائيليين بزيارات لليمن ولقائهم بمسؤولين يمنيين بينهم أقارب الرئيس الهالك.
في أكتوبر 2020 م ، كشف متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع عن وثائق سرية تفضح علاقة نظام الرئيس الهالك علي عبدالله صالح، مع الكيان الصهيوني والتدخلات الصهيونية في اليمن التي تضمنت زيارة مسؤول في وزارة خارجية الكيان الصهيوني الى صنعاء ، وعرض العميد سريع وثائق صادرة عن جهاز الأمن القومي إبان النظام السابق تكشف علاقته بالكيان الصهيوني.
وتؤكد الوثائق وصول مستشار وزير الخارجية في كيان العدو “بروس كاشدان” إلى العاصمة اليمنية صنعاء في 14 يوليو 2007، في زيارة غير رسمية استمرت يومين .
وبحسب الوثيقة فقد اجتمع المسؤول الصهيوني بقيادة عسكرية وأمنية ، بمن فيهم أقرباء الرئيس الهالك صالح .
وتشير الوثائق إلى أن زيارة المسؤول الصهيوني إلى صنعاء تم الترتيب لها من قبل مسؤولين يمنيين حكوميين إضافة إلى دور دولة الأمارات العربية المتحدة ، وكانت الزيارة هي الثانية من نوعها بعد زيارة سابقة في الثاني من فبراير عام 2005م .
ووفق الوثائق بحث المسؤول الصهيوني خلال زيارته التعاون مع المسؤولين في السلطة، في المجال الأمني ، وأمن البحر الأحمر وباب المندب، والمجال العسكري، والمجالات الزراعية والسياحية والتعاون التجاري والسماح للمنتجات الإسرائيلية في السوق اليمنية، بالإضافة الى مجال الطيران المدني ، والتهيئة لتوقيع اتفاقية تسمح للطيران المدني الإسرائيلي بعبور أجواء اليمن .
صحفي صهيوني يؤكد صحة الوثائق
الصحفي الصهيوني المتخصص بالشؤون العربية “جاكي حوجي” علق وقتها على ما كشفه متحدث القوات المسلحة، وكتب في تغريدة على “ تويتر “ ان “بروس كشدان” هو اليوم دبلوماسي متقاعد بعد عمله في وزارة الخارجية .. مؤكداً ان مصداقية هذا الخبر عالية .
الدور الاماراتي
المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، كشف أيضاً، عن وثيقة صادرة عن سفارة الإمارات في صنعاْء، تؤكد” قيام وفد من الكنيست الإسرائيلي بزيارة إلى صنعاء مطلع مارس 1996، ولقاء مسؤولين على رأسهم الرئيس الهالك علي عبدالله صالح، في إطار الجهود الإسرائيلية للتطبيع مع اليمن .
وجاء في وثيقة السفارة الإماراتية إن “الوفد اليهودي الذي زار صنعاء، قابل شخصيات مهمة أبرزها عبدالكريم الإرياني وعلي محسن الأحمر ومطهر المصري، وطلب منهم تجنيس ما يقارب 60 ألف إسرائيلي بالجنسية اليمنية، منهم 15 ألفا يحملون الجنسية الأمريكية .
وقال السفير الإماراتي في صنعاء حمد سعيد الزعابي، بحسب مذكرة للخارجية الإماراتية عام 2004، إن “التطبيع اليمني الإسرائيلي، يدخل ضمن مخطط أكبر ترسمه الولايات المتحدة الأمريكية.
ضغوط واشنطن لإنهاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية
في يوليو 2021 كشفت وزارة الإعلام ، عن وثائق رسمية، حول تعاطي نظام الرئيس الهالك صالح بإيجابية مع التوجيهات الأمريكية لإنهاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وتماهيه مع ضغوطات واشنطن المتعلقة بالمقاطعة الاقتصادية .
وأظهرت الوثائق سعي الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ تسعينيات القرن الماضي إلى دفع نظام صالح وجرّه نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر عدة طرق تمهيدية، في مقدمتها إنهاء المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الصهيونية وعدم المشاركة في الفعاليات المناهضة للعدو .
وبينت حجم الانزعاج الأمريكي الإسرائيلي من المقاطعة لمنتجاتهما، وتأثير ذلك على اقتصادهما، سيما وأن سلاح المقاطعة أثبت فعاليته، وتأكيد الإدارة الأمريكية رسمياً انزعاجها من سياسة المقاطعة، ودعوتها نظام صالح إلى إيقاف المقاطعة الاقتصادية مستغلة تبعية النظام اليمني لها في حينه .
وبحسب وثيقةٍ وجهها وكيل وزارة الخارجية اليمني إلى مدير مكتب الرئاسة، حول نقاط لقائه مع السفير الأمريكي بتاريخ 9 مايو 1993، اتضح تنفيذ الخارجية الأمريكية حملة ضغوط على السلطة اليمنية آنذاك لفتح البلاد أمام بضائع العدو الصهيوني والشركات المرتبطة به، وتضمنت الرسالة مطالبة السفير الأمريكي آنذاك بإعادة النظر في سياسة المقاطعة المفروضة على الشركات الأمريكية التي لها علاقة بإسرائيل، موضحة أن معظم الشركات الأمريكية المهمة المرتبطة بإسرائيل، تشكو من الشروط التي تفرضها المقاطعة والتي تطالبها بإثبات عدم وجود علاقة لها مع إسرائيل .
وأشار السفير إلى أن ذلك يتنافى مع القوانين الأمريكية، ويحرم اليمن من الاستفادة من استثمارات هذه الشركات، حسب زعمه .
ويتضح من خلال الوثائق تعاطي نظام الرئيس الهالك صالح بإيجابية مع التوجيهات الأمريكية لإنهاء المقاطعة للبضائع الإسرائيلية، ففي محضر لقاء جمع وزير الخارجية اليمني حينها أبو بكر القربي مع السفير الأمريكي بصنعاء توماس كاردجسكي بتاريخ 1 يونيو 2005 ، يتبين تمكُن أمريكا من توظيف سلطة صالح لحساب رفع نظام المقاطعة العربية ضد الكيان الصهيوني.
وتذكر الوثيقة أن السفير الأمريكي تطرَّق إلى موضوع المقاطعة العربية لإسرائيل في ضوء التحضيرات لعقد اجتماع لجنة المقاطعة العربية، وتضمنت توجيهاً أمريكياً مباشراً للسلطة بعدم جدوى المقاطعة وضرورة رفعها.. لافتة إلى أن واشنطن ترى عدم جدوى المقاطعة وضرورة رفعها، ليس من الدرجتين الثانية والثالثة فحسب وإنما المقاطعة من الدرجة الأولى للشركات التي تتعامل مع “إسرائيل” .
وتكشف الوثيقة نفسها عن تماهي نظام الرئيس الهالك صالح حينها مع الضغوط الأمريكية المتعلقة بالمقاطعة وعدم تبنيها موقفاً معارضاً لتلك الضغوط، وهو ما أثبته رد وزير الخارجية القربي وتفاعله مع وزير خارجية أمريكا بالقول “إن نظام المقاطعة هشٌ ولا توجد مقاطعة حقيقية”، متحججاً بأن “العديد من الدول العربية فتحت مكاتب تجارية لإسرائيل على أراضيها.
وتضم الوثائق التي كشفتها وزارة الإعلام، مذكرة مصنفة تحت عنوان “عاجل” صادرة عن السفارة الأمريكية بصنعاء بتاريخ 4 نوفمبر 2007 موجهة إلى الخارجية اليمنية تضمنت جملة من التوجيهات الأمريكية للنظام السابق وعلى رأسها “عدم دعم أو إرسال ممثلين إلى لقاء المقاطعة النصف سنوي الذي تعقده الجامعة العربية في مكتب المقاطعة المركزي بدمشق في الفترة من ٥ إلى ٧ نوفمبر ٢٠٠٧م.
ونصّت مذكرة السفارة على “أن لقاء المقاطعة العربي لا يمثل عائقاً للسلام في الشرق الأوسط فحسب؛ ولكن يشكل أيضاً حاجزاً يحول دون المشاركة في الاقتصاد العالمي وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع التجارة وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
كما تكشف الوثيقة ذاتها أن الإدارة الأمريكيةَ كانت تنفذ حملة واسعة من الضغوط تستهدف الدول العربيةَ التي تتمسك شعوبها بالمقاطعة، حيث جاء في البرقية “لقد حان الوقت كي تتخذ الجامعة العربية قراراً بإغلاق مكتب المقاطعة المركزية في دمشق .
وفي 2014 كان اليمن على موعد مع ثورة شعبية في الـ 21 من سبتمبر لتخلع اليمن رداء التبعية والوصاية وتنهي مشاريع العمالة، ومن بينها مشاريع إسرائيل في اليمن ، وهو ما مثل وقتها صدمة لإسرائيل التي أعلنت ان هذه الثورة تشكل خطراً على وجودها ، فقبل العدوان بعشرين يوماً ألقى رئيس وزراء الكيان الصهيوني” نتنياهو” خطابا أمام الكونجرس الأمريكي قال فيه إن أنصار الله في الـيَـمَـن يشكّلون خطراً وجودياً على إسرائيل ، وما ان بدء العدوان على اليمن في مارس 2015 م ، حتى كانت إسرائيل أحد المشاركين فيه باعتراف وسائل الإعلام العبري وقتها، حيث أكدت صحيفة “ يلي “ العبرية في أبريل 2015م أن سلاح الجو الصهيوني يشارك قوات “عاصفة الحزم” بقيادة المملكة العربية السعودية في ضرب اليمن بسرب طائرات مقاتلة من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية من كومنز ماركوس الصاعقة .
ونقلت الصحيفة عن الفريق “أمير إيشيل” رئيس سلاح الجو الإسرائيلي قوله: إننا نثبت الآن للعالم أن إسرائيل ليست مجرد جسد مريض بين الدول العربية بل الأخيرة تستعين بنا اليوم للتخلص من أحد أصدقائها.
وأشارت الصحيفة أن قائد السرب السعودي الأول قد عارض بقوة تدخل القوات الإسرائيلية في المعركة لكنه تراجع عن موقفه بعد رؤيته “بسالة” الطائرات الإسرائيلية على حسب قولها .
ونقلت الصحيفة عن قائد السرب السعودي الذى أطلقت عليه “محمد أحمد” إنه من الصعب أن أقول إني من فوق 30،000 قدم عن سطح الأرض ومن طائرتي . F-16 رأيتُ بسالة طيار يقاتل الحوثيين بطائرته، ولاحظتُ أن الطائرة منقوشة بنجمة داود .
وفي نوفمبر 2017 اعترفت القناة العاشرة الإسرائيلية أمام العالم ان إسرائيل هي شريك رئيسي في حرب قوات التحالف التي تشنها السعودية على اليمن .. معترفة بمشاركة الطيران الإسرائيلي بأكثر من 42 طياراً وكابتناً، والذين ينفذون غارات على أهداف ومواقع في اليمن .
كذلك اعترفت بوجود عدد كبير من القيادات والجنرالات العسكرية الإسرائيلية بين قائد سرية وقائد محور ومدفعيه وخبراء زراعة الألغام، والتي شاركت في قيادة عدة محاور في الأرض وأهمها مدينة المخا وباب المندب .
كما قالت إن لدى إسرائيل أكثر من 70 خبيراً عسكرياً وفنيي اتصالات وخبراء رادارات يديرون غرف عمليات التحالف والذين تتوزع غرفهم ما بين السعودية وأبوظبي ومحافظة عدن وجزيرتي سقطرى وميون .
وقالت إن إسرائيل تعتبر شريكاً وحليفاً رئيسياً للتحالف السعودي في هذه الحرب، حسب الاتفاقيات الأمنية المبرمة بين الطرفين وحسب ما تفتضيه المصلحة العامة بين دول الخليج وإسرائيل .
اليوم وبعد خروج مشاريع التطبيع مع إسرائيل إلى العلن يؤكد مراقبون انه لولا ثورة الـ 21 من سبتمبر لكانت البلاد من ضمن الدول التي طبعت مع العدو الإسرائيلي اليوم كالإمارات.
لتظل ثورة الـ21 من سبتمبر هي ثورة الانتصار لقضايا الأمة الإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين والمسجد الأقصى، ومن خلالها يعبر الشعب اليمني عن صدق مواقفه وأعماله لنصرة القضية الفلسطينية، ومنها مناهضة مشاريع التطبيع مع كيان العدو الصهيوني اللقيط .