فلسطين وأنظمة الذل العربي..!

طه العامري

 

 

يقول علماء النفس إن (الانطباع يصبح حقيقة حتى لو لم يكن له برهان)..
(القبح) يصبح أيضا عادة وهوية وسلوكاً ومنظومة قيم، حين يعتمد ويصبح وسيلة لدى البعض ممن يتخذوه وسيلة للتجهيل وديمومة التسلط..
لكن الأقبح من القبح هي (الوقاحة) التي يمارسها (البعض) لتبرير وشرعنة (القبح)..!
ويبقى (القبح) في سبيل التسلط والهيمنة يترسخ في وجدان و ذاكرة (أبطاله) ك(حقيقة) يستميتون في سبيلها ولا يشعرون بالحرج اقتناعا منهم أنهم أصحاب (حق) ومهمتهم الدفاع عن هذا الحق..؟!
النموذج الصارخ الدال على هذا الأمر هو (الكيان الصهيوني) الذي لا يعترف بأنه محتل لأراضي غيره ولا يرى نفسه (كيانا) دخيلا ملقط أفراده من كل أصقاع المعمورة، بل وبكل وقاحة يرى نفسه صاحب الحق والأرض ويزيد في الوقاحة أن يطلق على نفسه (شعب الله المختار)..؟!
ويعتبر أصحاب الحق والأرض الحقيقيين دخلاء و (إرهابيين) يعملون على إقلاقه وزعزعة سكينته الاجتماعية واستهداف أفراده وشرعيته..!!
ومثل هذا السلوك هو سلوك (القبح الوقح) الذي تجرد أصحابه من كل القيم والأخلاقيات الدينية والحضارية والإنسانية، ويتماهى سلوك هؤلاء مع سلوك أولئك الذين يقدمون له الرعاية والدعم ثم يتحدثون عن القيم والأخلاقيات الإنسانية وحقوق الإنسان وحق البشر بالحرية والعيش الكريم..!!
وهنا نتساءل عن أي (حق) يتحدث عنه (المحتل)؟ وعن أي قيم إنسانية يتحدث عنها حلفاؤه من الرعاة له والداعمين والممولين لجرائمه..؟!
أهناك (قبح) أقبح من هؤلاء ومن سلوكياتهم؟ نعم هناك (قبح) أشد وأسوأ وأنتن، وهو (قبح) البعض من لقطاء (العرب) ودعاة (الإسلام) أو المتأسلمين الذين صافحوا مجرمي الاحتلال وارتبطوا معهم بعلاقة محرمة تتماهى بجرمها وتتساوى مع جريمة (زناء المحارم)..؟!
نعم.. لأن (التطبيع) وإقامة علاقة مع (الكيان الصهيوني) المحتل للمقدسات، القاتل لأطفال ونساء وشيوخ فلسطين العربية، والمنتهك الأعراض والمصادر للأرض والمدنس لكل المقدسات، جريمة تتساوى مع من يقيم علاقة مع (محارمه) وربما أكثر جرماً..؟!
من حق أي كيان عربي أو نظام أو حاكم أن يتخلى عن واجبه تجاه فلسطين وأرضها ومقدساتها وشعبها، إذ (لا إكراه في الدين) ولا إكراه في (الجهاد) لكن ليس من حق أي نظام متخاذل وجبان أن يمارس (فاحشة الخيانة) بصورة سافرة حد المجون..!!
والبعض من العرب قد خانوا الله ورسوله وجاهروا بخيانتهم، وقد بلاهم الله بخيانتهم فإن من الطبيعي أن يستتروا لأن من الكبائر الإضرار بالناس، والشعب العربي في فلسطين جزء أصيل في الأمة ومن الأمة، وبالتالي فإن كل من لا يحبذ نصرتها وأهلها خوفا وخشية وذلا من أسياده وأولياء نعمته باعتباره مجرد (كلاف في اسطبل الغزاة)، فعليه إن كان ينتمي للجنس البشري ولو كان في منزلة (العبيد) أن يخجل ويتوارى ولا يهرول لمناصرة الجلاد على الضحايا..!
وعليه أن يدرك سواء كان أميرا أو ملكا (معظما) ومتوجا بتيجان الذل والعار والمهانة أو من أصحاب الفخامة المسلوبة، أن (حذاء) سيدة فلسطينية أشرف وأطهر منه وأغلى من فخامته وسموه وجلالته..!
ومن تابع مواقف وشجاعة وبسالة وإرادة (أم إبراهيم النابلسي) سيدرك يقينا حقيقة ما قلته وما سوف أقوله ويقوله كل عربي حر تجاه بعض أنظمة (العهر والذل) وبعض حكامها الذين لا يرتقون مجتمعين بأنظمتهم وبلدانهم وثرواتهم وخزائنهم وجيوشهم وأجهزتهم الأمنية والاستخبارية وكل مكوناتهم المادية والموضوعية إلى مستوى (حذاء) أم الشهيد (الثكلى) التي حملت ابنها في بطنها جنينا وحملت نعشه شهيدا وأطلقت زغاريدها وأجبرت من جاء لمواساتها من نساء فلسطين على إطلاق الزغاريد وكأنها في عرس أسطوري..!
إذ ما قيمة (نعاج) الأمة من حكام لا يملكون شرف الانتماء للأمة، حكام يلعنهم الله والملائكة والناس أجمعين، وتلعنهم الأمة ودماء الشهداء، ويلعنهم تراب فلسطين وحجارها وأشجارها، بل وتلعنهم شعوبهم في قرارة نفوسها خوفا من بطشهم وطغيانهم، لأن أصحاب الفخامة والملوك والأمراء وكل حكام الخيبة والعار.. هم أبطال على شعوبهم المقهورة لكنهم مجرد خفافيش وجبناء حد النذالة، يعجزون عن الدفاع عن (أعراضهم) وشرفهم المنتهك داخل غرف قصورهم العامرة بكل متطلبات العهر والفجور..!!
إن فلسطين بما هي عليه اليوم ومن خلال شعبها المحتل والمحاصر الذي يعيش ملاحم القتل اليومي ويقدم بصورة يومية قرابين الشهداء، هذا الشعب سوف ينتصر قسرا وعنوة عن الاحتلال وكل من يقف داعما له ومساندا ومتآمرا معه، سوف تتحرر فلسطين، غدا أو بعد غد ولن يبقى الاحتلال مهما طال الزمن فنهايته وزواله فعل حتمي وأكيد، وحقيقة ثابتة وراسخة كحقيقة الله سبحانه وتعالى وحقيقة السماء والأرض وحقيقة أنبيائه ورسله وحقيقة التوراة والإنجيل والقرآن الكريم ومزامير داؤود وصحف إبراهيم وموسى.. وسيعود الأقصى وكل فلسطين من البحر إلى النهر، مهما توحش المحتل الصهيوني وقتل وسفك من الدماء ودمر وهدم المنازل على رؤوس سكانها واقتلع الأشجار وصادر الأراضي وبنى الجدران العازلة وشدد وحصن المعابر وأحكم إغلاقها، فإن كل هذه الجرائم والأفعال الإجرامية لن تقف حائلا في طريق تحرير (شعب الجبارين) لأرضه ووطنه وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، مسرى رسولنا الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، حيث أولى القبلتين وثالث الحرمين..!
(القدس) حيث (الأقصى) الذي نستعيض به عن (مكة) التي تنتهك (كرامتها) على يد نظام العهر والارتهان، وتدنسها الأقدام الهمجية التي حرم الله عليها دخول هذه المدينة المقدسة في عهد رسوله الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين الذي طهرها من رجس الأصنام وأدران المشركين، قبل أن يدور بنا وبها الزمن ليدنسها نظام عمل على تشويه كل قيمنا الإسلامية الحقة واستبدلها بتخاريف علماء الإفك ودعاة الرذيلة والارتهان والتبعية قبل أن تدنسها الأقدام الهمجية وتصبح مدينة (مدنسة)، وإن كانت الأقصى تدنسها أقدام الاحتلال ومع ذلك ما انفك أهلها وأبناءها من المقاومة ومواجهة الاحتلال على مدار الساعة ومنذ عقود، فإن مكة مدينة تدنسها أقدام الهمج برعاية نظام دنس كل قيمنا الإسلامية، ومع ذلك فالله ليس غافلا عما يعمل الظالمون، وإن نهاية الطغاة آتية لا ريب فيها ولو كانت الدنيا ومفاتنها دامت لفرعون وهامان وقارون والكثير من الطغاة فإنها قطعا ستدوم لعلوج هذا الزمان وكهنته وشذاذ الآفاق الذين يتحكمون بمصير الأمة وشعوبها وقضاياها العادلة..
فصبرا فلسطين.. وصبرا يا شعب فلسطين، فأنتم ومعكم بقايا أحرار الأمة سترثون الأرض ومن عليها، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).. (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) صدق الله العظيم.

قد يعجبك ايضا