في ذكرى استشهاد الإمام الحسين.. علماء لـ"الثورة ":

كان مدرسة مليئة بالعبر والدروس لمن يعتبرون

 

 

لم تكن ثورة الإمام الحسين عليه السلام كباقي الثورات التي حدثت في تاريخ الإنسانية جمعاء، فهي انتصار للحق على الباطل وثورة للإصلاح، ولضمان مبدأ حرية الإنسان وكرامته، ومنحه حقوقه، وأن يعيش حياة حرة كريمة بعيدة عن الذل والهوان، ولم تكن لجمع المال، والبحث عن الجاه، والتطلع إلى الحكم والتسلط على رقاب الناس، ولم تكن ملكاً لفئة دون أخرى، بل هي ثورة للإنسانية جمعاء.
بقي صدى هذه الثورة مؤثراً منذ استشهاده عليه السلام حتى يومنا هذا كشعلة متوهجة لا تنطفئ، وحري بنا نحن المسلمين أن نتعلم من ثورة الحسين، هذه المدرسة الخالدة الدروس، لا مجرد أن ندخلها كل عام من باب ونخرج، بل يجب أن نستلهم منها الدروس والعبر في حياتنا اليومية في التوحد ورص الصفوف والتآخي ونبذ الفرقة، والوقوف في وجه الظلم والطغيان والتحلي بالنزاهة والصدق وقول الحق والعمل الصالح والصبر.
تفاصيل أكثر عما يمكن أن نستلهمه من ثورة الحسين عليه السلام في حصيلة الاستطلاع:

الثورة / رجاء عاطف

في البداية تحدث عبدالرحمن الموشكي – مدير عام الخطباء والمرشدين بوزارة الإرشاد: إنّ الجهاد والشهادة في سبيل الله تعالى من أعظم الأعمال وأفضلها، وقال: إن ملحمة كربلاء في يوم عاشوراء، ملحمة استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) تتجسد في اليمن وما يتعرض له اليمنيون اليوم، وأضاف: اليمن أصبح وفي ظل العدوان عليه كربلاء العصر، وعاشوراء ليست مناسبة عابرة، ولا قضية تاريخية انتهت وانقضت، ولا مجرد قصة تُروى، كما أنها ليست مناسبة مذهبية تخص مذهباً دون آخر، بل هي مناسبة إسلامية بكل ما تعنيه الكلمة.
وأكد الموشكي: علينا أن نستفيد من حادثة كربلاء وأن لا نجعلها مناسبة تمر علينا عاماً تلو العام ونحن لا نتفكر فيها وفي مجرياتها وما حدث من فاجعة أليمة، لا سيما ونحن نمر بحصار وعدوان يشابه حادثة كربلاء، ففيه من القتل والإجرام للصغار بل وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم فهم لم يكونوا في منأى عن القتل والاستهداف، وكذلك استهداف الكبار والنساء، فالعدوان على اليمن يذكرنا في كل لحظة بفاجعة كربلاء، هذا من جهة الإجرام.
ويضيف: أما من جهة التفريط والتنصل عن المسؤولية، فالزمن يعيد نفسه ونجد من تخاذل في كربلاء وتنصل عن المسؤولية وعن مناصرة الإمام الحسين (عليه السلام)، نجدهم اليوم في نفس الموقف، نجد من يتنصل عن المسؤولية وعن مناصرة شعب اليمن والدفاع عن الحق والوقوف في صف الحق، سواءً كان من أبناء اليمن أنفسهم أو من بقية الشعوب، وفي المقابل مثلما كان في كربلاء الأبطال المؤمنون الصادقون الثابتون نجدهم اليوم في معركة (النفس الطويل) في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي الإسرائيلي.
صبر شعب في مواجهة التحالف
وأشار الموشكي أنه من خلال هذه الأحداث كلها نستلهم من كربلاء أن الصراع بين الحق والباطل مازال قائماً، والصراع بين الخير والشر مازال قائماً، كما نستلهم منها أن الصبر والثبات عاقبته النصر والفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، وعاقبة التفريط والتخاذل والوقوف في صف الظالمين المعتدين الباغين الخسران في الدنيا والآخرة.
وأردف: كما نستلهم من كربلاء الموقف العظيم للسيدة زينب عليها السلام والتي اقتدى بها الكثير من نساء اليمن العظيمات في الصبر والتضحية، وهذا الموقف يدل على أن دور المرأة لا يقل عن دور الرجل في العمل على إعلاء كلمة الإسلام ومناصرة الحق وأهله، ونستلهم منها الوقوف في صف الحق وبجانب الحق إلى آخر لحظة، وأن لا نتأثر بما يحصل أثناء الصراع من شائعات وغيرها أو أحداث أخرى فالحق حق لا يمكن أن يتغير أو يميل، والباطل باطل ولا يمكن للباطل أن يتحول لحق أبداً، والدروس الكربلائية كثيرة جداً لا نستطيع حصرها في مجموعة من الكلمات والحروف، ولكن يمكننا أن نتعلمها من صبر شعب دام لسنوات في مواجهة تحالف يزيدي يهودي بمسميات مختلفة لا أكثر ولا أقل.
دروس العظماء والأبطال
من جانبه يقول العزي راجح – وكيل قطاع الإرشاد بوزارة الإرشاد: نستلهم من ثورة الحسين الكثير مما نحن في أمس الحاجة إليه في هذه الفترة من دروس العظماء إلى دروس رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ودروس نستفيدها من الأبطال الأوفياء الصادقين مثل الإمام الحسين سلام الله عليه، ففي هذه الفترة إن لم نكن حسينيين فيجب أن نعي بأننا لن نكون إلا يزيديين، لكن نستفيد من الحسين سلام الله عليه الطهارة والنقاء والعزة والتضحية والصبر في المواقف، مواقف الرجولة والإباء نستفيد منه أنا اذا خُيرنا بين أن نعيش أذلا منحطين تحت أقدام الفُساق والفجرة والمجرمين نعيش الصدق والوفاء والتضحية والصبر والاستبسال ونعشق الشهادة في سبيل الله التي هي الحياة الأبدية.
وزاد بالقول: نستفيد من ثوره الحسين أننا نسير في خط الجهاد وكيف يجب أن تكون نظرتنا وموقفنا ونفسياتنا أمام الطغاة والمجرمين وأمام الظالمين والفجار وأمام السُكارى والعرابيد كيف تكون النفسيات، نفسيات عزة وإباء ونخوة ورجولة ومصداقية كل ذلك مع الله سبحانه وتعالى، وأضاف: الدروس التي تُستفاد من ثورة الإمام الحسين هي ثورة القيم هي ثورة المبادئ والمنهج والمصداقية والعمل مع الله سبحانه وتعالى، الثورة التي إن سرنا عليها وتمسكنا بها فإننا سنكون في خط الأوفياء والصادقين في خط لا نهاب فيه الموت، والاستفادة من الثورة الحسينية من كان كربلائي بحق وعاشورائي بصدق وإلا فلن يكون إلا مطبعاً ومنقاداً ومرتداً عن هذا الدين وموالياً لأمريكا وإسرائيل.
ينتصر الدم على السيف
وأشار إسماعيل القاضي – ثقافي في الجامع الكبير بالروضة – إلى أن الإمام الحسين عليه السلام مدرسة عظيمة يتعلم منها أحرار الأمة كل القيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة، وثورة الإمام الحسين مدرسة نعرف من خلالها كيف يكون قادة الأمة في ثباتهم وصمودهم أمام التحديات مهما كان حجم التضحية، ثورة نستلهم منها كيف ينتصر الدم على السيف، كما نتعلم من الإمام الحسين عليه السلام أن لا نخضع للظالمين والمجرمين حتى لو كان الثمن هو انفسنا وأهلنا وكل ما نملك.
وقال: نحن اليوم أمام هذا العدوان اليزيدي الوهابي الأمريكي الإسرائيلي نحتاج إلى الوقوف على ثورة الإمام الحسين لنستلهم منها الدروس والعبر في مواجهة هذا الطغيان.
وعندما نستذكر الإمام الحسين عليه السلام فإننا نستذكر ثورته العظيمة وتحركه المسؤول لإصلاح هذه الأمه ونستذكر ثباته الإيماني واستبساله وتضحيته العظيمة من أجل إنقاذ هذه الأمة من الطغيان الأموي.
وتابع القاضي: تعرض الإمام الحسين في واقع الأمة إلى التغييب الممنهج حتى يتسنى للأعداء تقديم الفاسقين والفاجرين قاده للأمة، الإمام الحسين كان يريد أن نجعل أعداء الأمة هم من يبكون لا أن نبكي عليه وأن نضرب أعداء الأمة لا أن نضرب أنفسنا فمن يريد أن يلطم أو يضرب نفسه فرسالتنا إليه كن كالإمام الحسين وتحرك إلى معسكرات التدريب والجبهات لكي نضرب الظالمين والمجرمين والكافرين والمنافقين كما تحرك الإمام الحسين عليه السلام على يزيد وعدوان يزيد.
ووجه القاضي رسالة إلى دول العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي وأيضا من يغتاظ إذا ذكرنا الإمام الحسين عليه السلام والحاقدين على الإمام الحسين، بأننا حسينيون على درب الحسين ثابتون ثبات الحسين لا يمكن أن نتزحزح أو نتراجع أو نضعف أو نستكين مهما حاصرتم مهما قتلتم وأجرمتم، ونقول لكم ما قال الإمام الحسين عليه السلام عندما خيروه بين السلة والذلة .
ثورة ضد الواقع
الثقافي – محمد أبو طالب، من جهته يرى: أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام حدث تستطيع أن تربطه بأي حدث في هذه الدنيا فكان مدرسة مليئة بالعبر والدروس لمن يعتبرون، لمن يفهمون، لمن يعلمون.
حيث قال: عندما ترك أولئك الإمام الحسين والتفوا حول الباطل كان من الأسباب لذلك انهم لم يعوا جيدا من هو الإمام الحسين وماذا قال عنه النبي محمد صلوات الله علية وعلى آله.
وأكد أن الإمام الحسين (عليه السلام) قام بثوره ضد بني أمية ضد ذلك الواقع الذي أخبر عنه النبي مبكراً حين قال “إذا بلغ بنو أمية أربعين رجلا اتخذوا عباد الله خولا ودينه دغلا وماله دولا”، وهذا ما حدث فعلا عندما وصل بنو أمية إلى السلطة فصاروا كذلك يتحكمون بأموال الأمة وفق هواهم ودين الله يغيرون مفاهيمه لصالح بقائهم في السلطة وعباد الله يسخرونهم لصالحهم واليوم آل سعود وآل زايد يسيرون في نفس الخط ولذلك اليمن اليوم بقيادته وشعبه يقومون بثورة ضد بني أمية العصر آل سعود وآل زايد كما تحرك الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، وأضاف: الإمام الحسين هاجر هو وأسرته وأصحابه إلى العراق ليغيروا ذلك الواقع كما هاجر جده رسول الله فما بالكم اليوم وقد هاجر العدو نفسه إلينا .
وأردف: حوصر الإمام الحسين وأهله وأصحابه في كربلاء ومنع عنهم حتى الماء من أجل أن يتوقفوا عما هم عليه أو يستشهدوا جميعا، وقد عبر عن ذلك الإمام الحسين حين قال أن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة كما هو خيار شعبنا اليمني وشعاره هيهات منا الذلة أمام كل الضغوطات التي تصب على الشعب اليمني لإركاعه.
اليمن كربلاء أخرى
وقال أبو طالب: كل من تخاذلوا عن نصرة الإمام الحسين نالوا عقوبتهم سواء من أهل العراق أو أهل المدينة أو أهل مكة واليوم نأخذ العبرة من ذلك فليس لنا خيار إلا المواجهة ولنا عبرة اليوم في الجنوب الذين اختاروا القعود عن المواجهة.
مؤكداً بأن قلة الوعي هي التي جعلت الكثير يتحركون مع الباطل ولذلك إذا لم ننصر الحق فسوف يأتي من يسوقنا إلى الباطل، مشيراً إلى أن أكثر من 60 % ممن تحركوا مع الإمام الحسين كانوا من أهل اليمن ولذلك لا نستغرب دور أهل اليمن في نصرة المستضعفين سواء اليوم أو قبل عهد الإمام الحسين مع رسول الله أو مع الإمام علي أو بعد عهد الإمام الحسين مع أعلام الهدى من آل بيت رسول الله.
اليوم الشعب اليمني يعيش كربلاء أخرى ومثل ما انتصر الإمام الحسين وأصحابه بترسيخ قيم الثورة على الظلم سينتصر شعبنا اليمني اليوم بإذن الله.
ثورة ضد الطغيان
وأخيراً يقول عبدالجبار اللسامي – عضو رابطة علماء اليمن ومسؤول الإرشاد بحي الروضة: نستلهم من ثورة الحسين بن علي عليه السلام ضد الطغيان الأموي دروساً في التضحية والفداء والأخلاق والمبادئ والقيم التي أرسى دعائمها خاتم النبيين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
وزاد بالقول: نستلهم من الحسين عليه السلام كيف نضحي بالنفس والمال والولد من أجل أن ينتصر دين الله، وتبقى الأخلاق والقيم، قال غندي المسيحي ” تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر ” فعلى خطى الحسين في مواجهة الظالمين يتحقق الانتصار والعزة والكرامة، ولولا خروج الحسين عليه السلام لأسس بنو أمية لحكم الظالمين ولأصبحت منهجية إلى قيام الساعة، لكن الحسين (ع) قد عمل على إعادة الأمور إلى نصابها بعد أن كانت قد انحرفت وشعبنا اليوم يسير في مسار الحسين عليه السلام الذي خرج وهو يقول: اللهم إني ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا متكبرا ومفسدا إنما خرجت للإصلاح في أمة جدي رسول الله، وختم اللسامي حديثه: لنفس المسار خرج علم الزمان وقائد الثورة بدأ من الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه إلى قائد الثورة السيد عبدالملك حفظه الله وكما انتصر الدم على السيف في كربلاء فإن شعبنا اليوم قد انتصر.. والعاقبة للمتقين..

قد يعجبك ايضا