تقرير/ إبراهيم الوادعي
تنتهي فترة الهدنة الإنسانية التي بدأت في 2 أبريل وجُددت في 2 يونيو ، وتنتهي في الثاني من أغسطس (بعد يومين) ، فيما لم يلتزم العدوان بما قررته الهدنة في بنودها بشكل واضح ومعلن ، ومارس سلوكا منتهكا ومتنصلا ومستخفا بالهدنة وببنودها المعلنة.
وإن كانت الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة قد حققت منذ ال2 من أبريل الماضي لمدة شهرين ، وجُددت في الـ2 من يونيو فترة هدوء نسبي، هي الأطول بالنسبة إلى الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات ، رغم الخروقات التي تتجاوزت 22 ألف خرق أمني وعسكري ارتكبها تحالف العدوان ، لكنها أيضا سجلت إدانة واضحة للعدوان الذي لم يلتزم بأهم بنودها المتعلقة بالمطار والميناء وتنصل العدوان عنها ضاربا بها عرض الحائط ، ملتفاً على غايات الهدنة الأساسية في تخفيف المعاناة الإنسانية لليمنيين التي تفاقمت بالحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن.
وشكلت الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة حاجة ماسة لتحالف العدوان الأمريكي السعودي نتيجة اشتعال الأزمة في أوكرانيا والصدام الغربي مع روسيا وعلى إثره ونتيجة للعقوبات الغربية على روسيا اندلعت أزمة طاقة عالمية وغذائية كذلك ، قبل أن تعود الأخيرة إلى سابق عهدها قبيل الأزمة في أوكرانيا بمستوى أسعار القمح ، فيما لاتزال أسعار الطاقة تتأرجح ومرشحة لمزيد من التصاعد مع أمساك روسيا بمصير أوروبا العاجزة عن الاستغناء على النفط والغاز الروسيين حتى اللحظة .
من جانبه ذهب الشعب اليمني وقيادته إلى الهدنة بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني ، وباعتبار الهدنة فرصة لبناء السلام لكن سلوك تحالف العدوان إزاء الهدنة لا يؤشر إلى أن الهدنة ستكون خطوة نحو السلام ، فالعدوان لم يلتزم بتعهداته الواضحة والمحددة بوضوح في بنود الهدنة المعلنة.
نصت الهدنة الاممية على رفع العدوان للحصار عن مطار صنعاء المحاصر والتزامه بتسيير 32 رحلة جوية بين مطار صنعاء ومطاري عمان والقاهرة ، لكن لم يسمح العدوان إلا لعشرين رحلة فقط ، لتبقى 12 رحلة مفقودة.
نصت الهدنة على رفع العدوان للحصار على موانئ الحديدة والسماح بدخول 36 سفينة مشتقات نفطية خلال فترتي الهدنة ، لكن العدوان لم يتوقف عن احتجاز السفن وقرصنتها إذ ما تزال خمس سفن مشتقات نفطية رهينة الحجز والقرصنة لدى بحرية تحالف العدوان وفي موانئ جيزان تحديدا.
تعمد تحالف العدوان تعطيل وجهة الرحلات الجوية- صنعاء- القاهرة التي نصت عليها الهدنة باستثناء رحلة يتيمة فقط ، اعتبر وزير النقل اللواء عبد الوهاب الدرة بأن تعطيل وجهة القاهرة نقض لنصوص الهدنة ، موضحاً بأن تحالف العدوان هو من عطل رحلات القاهرة.
نوايا قوى العدوان لم تكن سليمة منذ بداية الهدنة، إذ سبق تعطيل وجهة القاهرة , تأجيل متكرر لرحلات صنعاء عمان لأكثر من شهر ونصف ، كما وضعت أمام المرضى اليمنيين والمسافرين اشتراطات وتعقيدات لا يتطلبها قطاع الطيران في العالم ، ومع ذلك تجاوبت معها صنعاء أملاً في أن تكون الهدنة عتبة نحو السلام.
يتحدث الدكتور مطهر درويش عن تسفير نحو 1200 مريض مع مرافقيهم فقط نتيجة هذه التعقديدات المتمثلة في ناقل واحد ووجهة وحيدة هي الأردن لا يرغب بها كثير من المرضى نتيجة ارتفاع الأسعار ، إضافة إلى تكاليف الترانزيت في الأردن للانتقال إلى وجهات أخرى كالهند بقصد العلاج .
في الجانب البحري وأمام أكبر أزمة وقود شهدتها اليمن المحاصرة جرى الاتفاق على دخول 36 سفينة إلى ميناء الحديدة ، لم يسمح سوى لـ 20 سفينة بالوصول إلى الحديدة أن جرى قرصنتها وحجزها لأيام تكبدت غرامات بأكثر من خمسة ملايين دولار.
في الوقت الحالي هناك 5 سفن وقود وغاز محتجزة قبالة ميناء جيزان السعودي ، وحسب معلومات، فإن القيادة اليمنية في صنعاء رفضت التعامل مع المبعوث الأممي مؤخرا وأبلغته بأن عليه أن يلزم التحالف بإطلاق السفن المحتجزة.
والى جانب التلاعب ببنود الهدنة من قبل تحالف العدوان ، ظهر راعي الهدنة الأممي ممثلها في اليمن هانس غروندنبرغ غير نزيه في إحاطاته لمجلس الأمن ، حظي الرجل بفرصة استقباله في صنعاء على أمل أن يشكل ذلك رافعة وحافزا للأمم المتحدة لتغير من سلوكها المتسم بالتواطؤ مع تحالف العدوان ، أعربت صنعاء في اكثر من مقام للممثل الأممي عن امتعاضها ووجوب تعديل سلوكه والتزام مبادىء الوسيط النزيه ، لكن الرجل واصل التلاعب بحقائق الهدنة على الأرض وتضليل مجلس الأمن حتى نهاية الهدنة وخاصة فيما يتصل بمبادرات صنعاء لفتح الطرق في تعز حيث ذهب الممثل الأممي في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن حد التشكيك في جدواها وطلب تجميدها بشكل مستغرب وصادم .
لم تؤكد الهدنة إلا ما هو مؤكد بأن تحالف العدوان لا عهد له ولا ميثاق ، فقد تنصل عن بنود الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة للرأي العام في العالم ، واصل الحصار على مطار صنعاء ، واستمر في قرصنة السفن وحجزها ، وتلاعب بملف الطرقات واستثمره بشكل مغاير للوقائع على الأرض ، وتعامل باستخفاف وغطرسة مع الهدنة الأممية. .
كان يفترض بالهدنة ان تكون عتبة لبناء السلام ، لكن تحالف العدوان حولها إلى ملهاة ومنصة للتحريض والتهييج وإطلاق الحملات الدعائية اليومية التي تستهدف الشعب اليمني.