علماء ومثقفون لـ”الثورة “: الهجرة النبوية تحمل دروساً من العزة والتمكين والصمود الإيماني

 

إحياء ذكرى الهجرة النبوية تجديد لروابط الأخوة الإيمانية ومواجهة قوى الاستكبار

أوضح علماء ومثقفون وإعلاميون أن الهجرة النبوية تحمل دروساً وأبعاداً يستلهمها اليمنيون اليوم في مواجهة العدوان والحصار تجدد فيهم عظمة الثقة بالله في النصر والعزة والتمكين والصبر والصمود على الحصار والجوع وتجسيد روابط الأخوة الإيمانية ولم الصف وتوحيد الكلمة باعتبار ذلك أساسيات عزة الأمة وظفرها..

تقرير/ أسماء البزاز

عبد الرحمن حسين أحمد الموشكي- مدير عام الخطباء والمرشدين بوزارة الإرشاد، قال: إن للهجرة النبوية دروس أولها في مرحلة ما قبل الهجرة أبرزها :تعامل المجتمع المكي مع الرسالة الإلهية بالجحود والإعراض بسبب ارتباطهم بالمستكبرين، وبالتالي لم يكونوا أهلًا لتحمل المسؤولية؛ فكانت النتيجة أن الله استبدل بهم الأنصار: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ}، وفي هذا درسٌ مهم هو: أن الفرد أو المجتمع الذي لا يتحمل المسؤولية بالشكل المطلوب فإنه يكون عرضةً للاستبدال: (وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ).
– الدرس الثاني : هناك عوامل حالت دون أن يحظى أهل مكة بشرف تحمل المسؤولية من أبرزها:
أولاً : الارتباط بالملأ المستكبر الذين يرون أنّ في دين الله – باعتباره دين حرية واستقلال – ما سيحول بينهم وبين التأثير والنفوذ على الآخرين، وكانوا يقولون: (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا).
ثانياً : اختلال المعايير لدى الناس حيث كانوا يرون أنّ من يتزعمهم لابد أن يكون ذا ثروةٍ وسلطة ومال، ونقل القرآن الكريم قولهم: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ).
ثالثاً: النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحقق إنجازاً مهما وكبيرا ً على الرغم من أنّ الكثير من أهل مكة لم يدخلوا في الإسلام و هو: أنه استطاع أن يوصل صوت الإسلام إلى كل أنحاء العالم – آنذاك – باعتبار أن مجيء الوفود والقبائل إلى مكة باستمرار، يعتبر تهيئة للآخرين حينما وصل الإسلام إليهم فإنهم كانوا قد سمعوا به من قبل.
رابعاً: المؤتمر القرشي للتأمر على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي صدره الله في القرآن الكريم {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} كفار مكة درسوا ثلاثة خيارات في مواجهة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): إما أن يسجنوه، أو يقتلوه، أو يخرجوه ويطردوه, واستقر خيارهم على القتل, وكانت مؤامرةً خطرة في مرحلة صعبة، والمسلمون يعيشون مرحلة الاستضعاف, ولكن من الذي أبطل تلك المؤامرة وأفشلها؟ إنه الله وهذا التدخل الإلهي في أخطر مؤامرة على الإسلام والمسلمين, وفي وضعية حساسة وخطيرة, يعطي الناس الأمل الكبير بالله سبحانه وتعالى مهما مكر الأعداء, ومهما رأى الناس إمكانياتهم متواضعة في مواجهة الأخطار.
وبيَّن الموشكي أن الدرس الخامس من دروس الهجرة، يكمن في عدم الاستعجال حيث أن النبي صلوات الله عليه وعلى آله لم يستعجل بالهجرة بمجرد أن لقي مجموعةً من الأوس والخزرج، وإنما طلب منهم أن يعودوا في العام الثاني ليتأكد من صدقهم ووفائهم، ثم حينما عادوا عمل بيعة العقبة الأولى وأرسل معهم مصعب بن عمير، ثم في العام الثالث عمل بيعة العقبة الثانية، وحينما تأكد أنّ يثرب أصبحت مكانًا مهيئًا؛ أذن الله له ولأصحابه بالهجرة، وفي هذا درسٌ مهم حول أهمية التأني والتخطيط المدروس والحكيم قبل القيام بأي عملٍ، وخصوصًا الأعمال الكبرى والمصيرية.
وعن مرحلة ما بعد الهجرة قال العلامة الموشكي إن من أبرز الدروس والعبر التي نستلهمها تكمن في:
الترتيبات الدقيقة التي عملها الرسول أثناء هجرته، ففيها درس مهم حول أهمية العمل بالأسباب ثم نترك الباقي على الله سبحانه وتعالى، وأن أهم هذه الترتيبات: السرية وعدم إعلام الآخرين بموعد هجرته، ثم ليلة هجرته يختار الإمام علياً (عليه السلام) لينام في فراشه ليقوم بعملية التمويه، وأصبح الإمام علي أول فدائي في الإسلام، ونزل فيه قول الحق سبحانه وتعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ).
وأضاف الموشكي أن ثاني تلك الترتيبات هو التمويه وعدم الاتجاه نحو المدينة، وإنما تحرك جنوبًا، ومكث في غار ثور، ثم سلك طريقًا آخر غير الطريق المعروف حتى لا يتمكن المشركون من اللحاق به؛ لأنهم كانوا قد رصدوا جائزة لمن يتمكن من الإمساك برسول الله، وغير ذلك من الترتيبات.
مبينا أن التأييد الإلهي لرسول الله (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ) في غار ثور حيث أخبرنا الله عن ذلك في القرآن الكريم بقوله تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}، ومن هنا نفهم كيف كان النبي عظيم الثقة بالله، وما أحوجنا اليوم – أمام إمكانيات الأعداء مقارنةً بإمكانياتنا المتواضعة – إلى استشعار واستحضار: {إِنَّ اللهَ مَعَنَا} دائمًا.
وتابع: وأيضاً نصرة الأوس والخزرج القبيلتين اليمنيتين اللتين استقرتا منذ مئات السنين في (يثرب) التي سميت فيما بعد (المدينة المنورة)، وفي بعض الآثار والأخبار أن استقرار (الأوس والخزرج) كان من عهد تبّع اليماني حيث أمرهما بالاستقرار هناك لحين مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأوصاهما بنصرته والإيمان به.
وتطرق العلامة الموشكي إلى بعض خصائص مجتمع الأنصار (الأوس والخزرج القبيلتين اليمنيتين) والتي من أهمها ما قاله الله عنهم: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وما وصفهم به النبي صلى الله عليه وآله حينما قال: (إنكم ما علمتم تكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع) وما قالوه عن أنفسهم: (إنا لصُبر في الحرب صُدُق عند اللقاء)، وربط ذلك بخصائص مجتمعنا اليمني المناهض للعدوان.
وفي السياق، يذكر العلامة الموشكي- مدير عام الخطباء والمرشدين بوزارة الإرشاد أهم الأعمال التي قام بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد الهجرة، وهي:
أ / بناء المسجد، وقد شكّل مسجد رسول الله قاعدة للانطلاقة في كل المجالات بما فيها العسكرية، ولم يكن عبارة عن مكان لأداء طقوس شكلية كما يحاول البعض اليوم أن يجعل من المساجد (مكاسل).
ب / المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبذلك تغلّب على المشكلة الاقتصادية التي كانت ستحصل بسبب توافد المهاجرين الذين تركوا أموالهم ومتاعهم في مكة.
ج / المعاهدة بينه وبين قبائل يثرب؛ ليثبت الوضع في المدينة، ولم يكن هناك صلح مع اليهود أبدا، وإنما كان الصلح مع زعماء القبائل في يثرب، وباعتبار أن اليهود كانوا تحت حماية زعماء يثرب، فكان يسري عليهم ما يسري على من هم تحت حمايتهم من الزعماء.
وقال الموشكي : أيضاً من الدروس والعبر التغيرات الكبرى التي حصلت في تاريخ الرسالة بعد الهجرة بفضل قيادة رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) الحكيمة في كل المجالات، وبفضل التفاف الأنصار والمهاجرين حول رسول الله وشكّلوا نواةً لأمةٍ عظيمة – رغم قلّتهم – استطاعت أن تبني نفسها في كل المجالات، وواجهت كل التحديات والأخطار: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)،.
وأضاف : لا ننسى دور الأنصار اليمانيين ومواقفهم الإيمانية وإيثارهم العظيم الذي ذكره الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم ،حيث يقول تبارك و تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، والذين كان لهم السبق في نصرة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ومبايعته والجهاد تحت رأيته.
وأكد ضرورة أن تكون الروحية الجهادية، والاهتمام بنصرة الدين وإعلاء كلمة الله محط اهتمامنا لكي يرضى الله عنا كما رضي عنهم، تلك الروحية التي تميزت بالمسارعة والمسابقة والاستجابة والاتباع لهدى الله والتفاعل مع التوجيهات الربانية والمحمدية بصدق وإحسان، والذي تجلى في واقعهم كسلوك عملي، تلك الروحية العظيمة الراقية التي شاهدنا ما ذكّرنا بها في روحيات المجاهدين العظماء الصادقين، والشهداء المحسنين الذين تحركوا في مواجهة قريش العصر المتمثلة بالنظام الصهيو سعودي ، والذي تحالف مع اليهود ضد شعبنا اليمني المؤمن العزيز الصابر المظلوم لا لشيءٍ إلا لأننا آمنا بالله وكفرنا بالطاغوت أمريكا وحلفائها من اليهود والنصارى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
محطة فارقة
من ناحيتها أوضحت الكاتبة السياسية والإعلامية / بلقيس علي السلطان أن الهجرة النبوية لم تكن مجرد هجرة عادية ، بل كانت مرحلة جديدة نقل من خلالها الدين الإسلامي إلى مرحلة جديدة ومهمة ، فمن بعد الهجرة النبوية الشريفة توثقت عرى الإسلام وقويت شوكته ، حيث تم بناء دولة إسلامية متكاملة الأركان وكانت المنطلق للفتح الإسلامي المبين
وقالت : يستلهم اليمانيون من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم الكثير من الدروس الهامة منها :
أن الظلم مهما طال وتمادى الطغاة في طغيانهم فلا بد من أن ينتصر الحق ويزهق الباطل ، وأن سنة الاستبدال هي السنَّة الإلهية عبر الأزمان، فكما أن مجتمع مكة فقد الصلاحية لاحتضان الدعوة الإسلامية، كذلك الحال اليوم في اليمن فقد الطغاة صلاحية احتضان المسيرة القرآنية الحقة بسبب عدوانهم ومحاربتهم لها وهلكوا كما هلك الطغاة من قبل .
وقالت إن في تضحية الإمام علي ونومه في فراش رسول الله صلوات الله عليه وآله دروساً عن الفداء والتضحية في سبيل الله و من أجل نصرة الدين والرسالة الإسلامية الحقة والحفاظ والدفاع عن القائد الأعظم من بطش المشركين، وفي ترك المهاجرين لديارهم وأموالهم موعظة ودروس عن الإيثار والتضحية في سبيل نصرة الدين والدفاع عنه وكما هو حال المجاهدين اليوم في الجبهات الذين يتركون بيوتهم وأولادهم من أجل نصرة الحق والدفاع عنه ضد طغاة العالم .
وتابعت : (إن الله معنا ) عبارة قالها الرسول الأعظم في وقت لا ناصر ولا معين فيه إلا الله، وهو ما يدل على الثقة بالله والثقة بنصره وتأييده ، فما دام الإنسان على الحق وينصر الحق، فليجعل من عبارة،( إن الله معنا ) منهاجاً ودستوراً له، وفي استقبال الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والحفاوة به والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار درس عن النصرة والإيثار والأخوة الإيمانية الأصيلة التي تتلاشى فيها الذات ويسود الإخاء والحب الإيماني .
وأوضحت السلطان أن الهجرة النبوية كانت ومازالت محطة هامة يستزيد المسلمون فيها الدروس والمواعظ عن أهمية التضحية من أجل إعلاء كلمة الحق ولو كلف ذلك ترك أغلى ما تملك والله عنده حسن الثواب، فقد عاد المسلمون الذين هاجروا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله إلى ديارهم منتصرين رافعين الرأس مسبحين مستغفرين بعدما صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وهذا هو حسن الثواب لمن آثر رضا الله واسترخص في رضاه ونصرة دينه ماله وروحه وجعلهما قرباناً يتقرب بهما إلى الله، فأتاهم ثواب الدنيا بالنصر والغلبة وحسن ثواب الأخرة وكان حق على الله نصر المؤمنين والعاقبة للمتقين.
أخوة وتكاتف:
أمل فيصل الحوثي- مدير البرامج قناة اليمن الوثائقية تقول من ناحيتها: أبرز الدروس التي يجب على اليمنيين اليوم استلهامها من دروس الهجرة النبوية الشريفة هي بناء الدولة المتمثلة في بناء دولة الإسلام في (المدينة المنورة) وترسيخ مبادئ الإسلام فيها والجهاد في سبيل الدفاع عنها وعن المسلمين.
وقالت : كانت حروب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع المشركين دفاعية، كما هو حالنا اليوم مع العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.
فقد جاءت الهجرة النبوية بعد الاضطهاد والفقر والحصار الاقتصادي الذي أنزله الأعداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يكن ملجأه إلا لله عز وجل، والهجرة النبوية التي كشفت غمة الحصار والتضييق، ونُشر بعدها نور الإسلام، وظهر أمر المسلمين في كل مكان، وهذا أيضا يمثل عبراً ودروساً للشعب اليمني بأن النصر قادم لا محالة، مهما طال أمد الظلم والحصار والتجويع والإقصاء الذي تمارسه دول العدوان بحق أبناء الشعب اليمني الصامد والصابر.
وأضافت الحوثي: تعد الاخوة الإيمانية والتكاتف والإحسان والإيمان والارتباط بالله سبحانه وتعالى من أهم الدروس المتوخاة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وأيضاً ثقة بالله وبنصره والتوكل عليه، والأخذ بالأسباب في مواجهة العدو بكل ما نملكه، والتفاؤل بأن النصر قادم مهما تكالب الأعداء وأوغلوا في جرائمهم وظلمهم وبطشهم وعدوانهم. فالليل مهما طال فلابد من بزوغ الفجر وان النصر أتي لا محال بإذن الله.
تحديات ومخاطر :
العلامة حسين السراجي يقول من جانبه: تعتبر الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة من أهم الأحداث العظيمة في الإسلام ، لما كان لها من أثر مهم في انتصار الإسلام والمسلمين ، وكغيرها من أحداث السيرة النبوية العطرة، فيها دروس وعبر جمة ينتفع بها المسلمون في كل زمان ومكان .
وأضاف : ان الهجرة النبوية في نظر الإسلام وأهله أعمق من تلك النظرة التاريخية التي يفهمها عامة الناس ، فهي ليست حدثاً تاريخياً عابراً مضى وانقضى ، بل هي هجرة معنوية روحية وسلوك حضاري واختيار تُمليه الظروف ، لا ترتبط بزمان ولا بمكان، إنها تعبير واضح عما يجب أن يكون عليه المؤمنون أفراداً وجماعات طوال حياتهم ، تظل نبضاً حياً في قلوب المؤمنين ، وروحاً تتجدد في كيانهم ، تذَكِّرهم إذا غفلوا ، وتوقظهم إذا ناموا ﴿وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الفَوزُ العَظيمُ ﴾ التوبة 100 .
وتابع : الهجرة لَمْ تنته بعد ، لأنها حركة دائمة وقيَم ومبادئ وانتقال مستمر من حال إلى حال ومن مكان لآخر ، تَلزَم المسلمين في كل زمان ومكان ، فإذا كانت قد انتهت كحدث ، فهي باقية كقيمة في الأمة إلى قيام الساعة وأول مراتبها الهجرة من الكفر إلى الإيمان ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن المعصية إلى الطاعة ﴿ وَالَّذينَ آمَنوا وَهاجَروا وَجاهَدوا في سَبيلِ اللَّهِ وَالَّذينَ آوَوا وَنَصَروا أُولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم مَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ﴾ الأنفال 74 .
ويرى السراجي أن نحن كيمنيين أمامنا تحديات كبيرة ومخاطر جمة ولذا فإن الهجرة تعطينا دافعاً معنوياً لمواجهة التحديات والتغلب على المخاطر كما واجهها النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وتغلب عليها بعون الله وتأييده .
ما أشبه اليوم بالأمس:
الناشطة الحقوقية فايزة بسباس : نبارك لأمتنا الإسلامية ولشعبنا العظيم الصابر ونبارك لقائد مسيرتنا السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي دخول العام الهجري الجديد جعله الله عام عزة ونصر وتمكين.
وأضافت : الهجرة النبوية وما كانت فيها من أحداث بارزة على الساحة الإسلامية جاءت لتصحيح واقع الأمة من الهيمنة والرضوخ للظالمين والتحرر من الطاغوت والاستكبار وبناء الأمة على أساس مفصول من التبعية لقوى الطاغوات ومن هنا نجد أن الشعب اليمني قد استفاد كثيرا من الهجرة النبوية في اخذ الدروس والعبر ومن حركه رسول الله في إقامة رساله الله في الأرض وفي ظل ما نواجهة من تحديات وما نتعرض له من عدوان فكما رأينا الصبر والصمود في مواجهه المصاعب والتحديات من حرب ظالمة وقصف مستمر وحصار جائر على شعبنا الغالي من قبل قوى الطاغوت الممثلة بأمريكا وإسرائيل وأذنابها السعودية والإمارات ومن لف حولهم من المرتزقة، لكن رغم ذلك راينا الصبر والصمود والعزة كما كان آباؤنا الأوس والخزرج وهنا برز دور اليمنيين البارز في نصرة الإسلام، فنحن اثبتنا للعالم أن الشعب اليمني مازال مرتبط بهويته الإيمانية في مناصرة الحق والدفاع عن دين الله وترسيخ وتعزيز مبدأ أن الإيمان حركة وصمود وليس مجرد عبادات وطاعات وسلوكيات محدودة وهذا هو ما أراده الله للامة الإسلامية لتكون خير أمة أخرجت للناس وتكون هي سادة العالم ويكون الذل والمهانة لليهود واتباعهم وهذا ما تحقق على يدي شعبنا العظيم الذي ارتبط بقياده ربانية ممثلة بقائد المسيرة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله.
الثقة بنصر الله :
التربوية منى الشهاري تقول من جهتها : إن الهجرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والتسليم علمتنا أشياء كثيرة منها ان نثق ب الله في كل أمورنا، فدور الإمام علي- رضوان الله عليه- في المبيت في فراش رسول الله والقوم مجمعون على قتله كان سببها وثقته العظيمة بالله، ونحن يجب علينا الثقة بالله في هذا العدوان وانه هو الوحيد من سيخرجنا منها بسبب نصلح انفسنا وتعاون فيما بيننا لإصلاح حال هذا الشعب المغلوب على أمره.
وأضافت الشهاري: نتعلم كيفية توكل رسولنا على الله وتسليمه أمانات أهل قريش كلهم ولم يخف من مقاتليهم وقبل أن يرد كل أمانة لصاحبها وهذا نتعلم منه درساً مهماً جدا/ فنحن يجب ان نتحرى الأمانة وكل من هو مسؤول عن الناس، لا يجب الاستهتار بها فقد رفضتها الجبال وتحملها الإنسان وقد ظلم نفسه بها.
وتابعت : أن الشجاعة أمام كفار قريش أحد دروس الهجرة، فقد كانوا صناديد الفرسان ولكن لا خوف أمام الخوف من الله وتنفيذ كل توجيهات رسوله ، وهنا فئة قليلة أمام من هم محايدون فهم لم يفهموا إلى الآن مع من هو الحق، لا نريد منكم إلا الشجاعة، فأنتم ترون بأنفسكم وكل شيء أصبح واضحاً وجليا فلم يعد هناك شيء تحت الطاولة وعرفنا من هم المرتزقة ومن باع البلاد ولمن وما هو السبب
وأشارت الشهاري إلى أن الصبر الذي تحمله المؤمنون في هجرتهم وخروجهم من مكة له دروس عظيم فأين نحن من صبر آل ياسر وبلال وجميع المهاجرين المؤمنين؟،
فعلينا ان نتلى بالصبر وقد وردت آيات كثيره في مجال الصبر والله سبحانه سوف يفرجها علينا عاجلا غير آجل.
طريق الحق:
الحسين عبدالكريم السقاف- مدير مكتب رئيس قطاع قناة عدن الفضائية قال: إن من أبرز الدروس التي يجب على اليمنيين اليوم استلهامها من دروس الهجرة النبوية الشريفة أولا أنها تمثل مصدر رئيسياً للسير في الطريق القويم ومواجهة تحديات الحياة ومواجهة الباطل على أساس قوي وبصيرة جهادية واستعداد دائم لكل الاحتمالات والعمل والأخذ بالأسباب لتحقيق الأهداف وهو ما جسَّده رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله للقيام بالهجرة النبوية الشريفة التي كانت منطلقاً لتأسيس ونشر رسالة الإسلام والدين الحنيف.
وأضاف : أيضا نستلهم من الهجرة النبوية الشريفة ضرورة الثقة بنصر الله وتأييده وأن رسول الله لم يفقد الأمل في أي مرحلة من مراحل حياته فعند خروجه صلى الله عليه وآله وسلم واجه الكثير من التحديات وتغلب عليها لأنه يدرك أنه في طريق الحق ويحمل رسالة سماوية تخرج الناس من الظلمات إلى النور.
ومضى قائلا : بهذا جسَّد رسولنا الكريم القدوة والمثل الأعلى في القيادة وتحمل المسؤولية وعانى كثيرا من أجل هذا الدين القويم، وبالتالي نستلهم من سيرته وصبره أن من هو في طريق الحق يجب عليه أن يتعب ويصبر ويجاهد ضد الباطل بثقة تامة بنصر ربه.
وقال السقاف: ولعل ما حدث لليمن من عدوان غاشم من قبل أباطرة الباطل وما حققه المجاهدون من انتصارات كبيرة بإمكانياتهم البسيطة يذكرنا بما عاناه رسولنا الكريم وآل بيته ومن كانوا معه من المؤمنين الصادقين في بداية الدعوة إلى أن أقاموا الدين ووصلوا بالرسالة إلى كل أصقاع الأرض.
دور المرأة:
من جانبها تحدثت رجاء اليمني ناشطة حقوقية قائلة: لقد كانت الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة، هذه الهجرة النبوية التي وافقت الـ12 من ربيع الأول، ثم اعتمد الخليفة عمر بن الخطاب التأريخ بداية من غرة شهر محرم من العام الأول للهجرة النبوية، ولنا حديث في قلب تواريخ الأحداث آخر المقال، ولكن بشكل عام كانت عبارة عن انطلاقة جديدة لبناء دولة الإسلام , وإعزاز لدين الله تعالى , وفاتحة خير ونصر وبركة على الإسلام والمسلمين .لذا فإن دروس الهجرة الشريفة لا تنتهي ولا ينقطع مداها , فمن هذه الدروس والعبر ما يلي :
أن المؤمن يجب أن يحسن التوكل على الله تعالى وحسن التوكل على الله تعالى، يعني صدق اعتماد القلب على الله في دفع المضار وجلب المنافع، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي إلا الله ولا يمنع إلا الله ولا يضر ولا ينفع سواه، “ قال تعالى: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا” سورة الطلاق ، وقال – صلى الله عليه وسلم – : « لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا » رواه أحمد.
وأضافت : ان الصبر واليقين طريق النصر والتمكين، فأصحاب الرسالات في هذه الحياة لا بد أن تواجههم المصاعب والمتاعب والمحن والابتلاءات , قال تعالى : “ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)” سورة العنكبوت , وعَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ “أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ “الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ” رواه الترمذي (2398) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (143).
وتابعت : الله تعالى يؤيد رسله بالمعجزات، الله تعالى قد يبتلي أولياءه وأحبابه من أصحاب الرسالات والدعوات بالمحن والشدائد , ولكن لا يتركهم لتلك المحن والشدائد حتى تعصرهم , بل يمحصهم , ويرفع من قدرهم , ثم يؤيدهم بالمعجزات التي تثبت صدق دعواهم , قال تعالى “ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)” سورة الحج .
وفي رحلة الهجرة الشريفة تجلت معجزات وآيات وبراهين تؤكد صدق دعوى النبي صلى الله عليه وسلم، فهل رأيتم رجلاً أعزلاً محاصراً يخرج إلى المجرمين ويخترق صفوفهم فلا يرونه ويذر التراب على رؤوسهم ويمضي، وهل رأيتم عنكبوتاً تنسج خيوطها على باب الغار في ساعات معدودة.؟ وهل رأيتم فريقاً من المجرمين يصعدون الجبل ويقفون على الباب فلا يطأطىء أحدهم رأسه لينظر في الغار؟ .. هل رأيتم فرس سراقة تمشي في أرض صلبه فتسيخ قدماها في الأرض وكأنما هي تسير في الطين؟ .. هل رأيتم شاة أم معبد الهزيلة يتفجر ضرعها باللبن ؟.
وتطرقت اليمني إلى دور المرأة المسلمة في الهجرة الشريفة، حيث أن َدور المرأة المؤمنة في تحمل أعباء الدعوة، دور كبير وعظيم فقد كانت خديجة رضي الله عنها الملجأ الدافئ الذي يخفف عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فحينما نزل عليه الوحي في غار حراء وجاءها يرتجف ويقول “زملوني زملوني” وآله, ولما ذهب عنه الرَّوْع. قال لخديجة : “قد خشيت علي”. فقالت له: كلا ابشر فو الله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. متفق عليه .

قد يعجبك ايضا