قطع المرتبات.. انتقام اللئيم المهزوم

يكتبها اليوم / عباس السيد


عندما يطالب المفاوض الوطني الممثل للسلطة في العاصمة صنعاء بإدراج قضية مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي ضمن ملفات التفاوض، أو كشرط لإدامة الهدنة، فإنه لا يسعى إلى تحقيق مصلحة فئوية خاصة بجماعة أو حزب.
فالموظفون الذين قطعت مرتباتهم هم مواطنون ينتمون إلى جميع المحافظات اليمنية، ويمثلون مختلف الأطياف السياسية وليسوا جمهورا تابعا لمكون سياسي بعينه.
وكذلك عندما يطالب بفتح مطار صنعاء أو ميناء الحديدة، فمثل هذه المرافق لا تخدم محافظة صعدة أو تعود بفوائدها على أنصار الله واللجان الشعبية.
هل سمعتم أنصار الله يدعون إلى فك الحصار عن محافظة صعدة أو وقف التدمير لمديرياتها الحدودية التي تحولت إلى أنقاض بفعل القصف المستمر لها من الشمال والغرب.
يفتقد أنصار الله لـ ” صفة الشرعية ” لكنهم يتحلون بمسؤولية وطنية وقيم دينية وإنسانية، وهذا جوهر ما ينشده الناس والمجتمعات من سلطاتهم في كل زمان ومكان.
“صفة الشرعية ” التي تدعيها السلطة المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية والمعترف بها دوليا، يحتم عليها أن تتعامل مع اليمنيين وفقا للدستور والقوانين، وأيضا وفقا لالتزامها قبل نقل البنك إلى عدن، ولأنها تسيطر على نحو 90 في المائة من موارد الجمهورية اليمنية. فهل يمكن لسلطة شرعية أن تحاصر أو تقبل بحصار أكثر من 70% من شعبها.
هل يمكن لسلطة شرعية أن توقف صرف مرتبات مليون من موظفي القطاع الحكومي، وتعمل على تجويع الملايين من شعبها لمجرد أنهم يعملون ويقيمون في مناطق فقدت السيطرة عليها.
كيف لمثل هذه السلطة أن تتحدث أو تتباكى على حقوق وحريات المواطنين في تلك المناطق بينما تقوم هي بشرعنة حصارهم وتجويعهم وتحرمهم الحق في الحياة.
صفة الشرعية للسلطة، توجب عليها الالتزام بمسؤوليتها الدستورية والقانونية تجاه الشعب الذي تمثله أمام المجتمع الدولي، وعدم قيامها بواجباتها الأساسية في حماية أراضي الدولة ووحدتها، وحرمان مواطنيها من أبسط حقوقهم، كقطع مرتبات الموظفين، هي أدلة قطعية بأنها سلطة فاقدة للشرعية.. مجرد عصابة لصوص. ومن يدعمها أو يعترف بشرعيتها هو لص محتال، سواء كان شخصا أو حزبا أو نظاما سياسيا.
ومن يتعاملون مع قضية مرتبات الموظفين باعتبارها مسؤولية مشتركة بين حكومتي صنعاء وعدن، ويقدمون مقترحات وحلولا على شاكلة ” ثلثين بثلث ” أو كل مسؤول عن مناطقه، إنما يساعدون شرعية اللصوص وتحالفها ويبرئونهم من ” جريمة ضد الإنسانية ” بموجب القانون الدولي الإنساني.
أكثر من سبع سنوات وهم ـ حلف الخارج وأدوات الداخل ـ يحاربون أنصار الله، باعتبارها ” سلطة انقلاب ” قولوا ما شئتم، ولكن، كيف تطالبونهم بدفع مرتبات الموظفين.؟.
يدرك التحالف السعودي وأدواته أن سلطة صنعاء لا تستطيع دفع المرتبات شهريا أو حتى كل شهرين، لأن 90% من موارد الدولة تحت سيطرتهم، ولكنهم يمارسون الانتقام من المواطنين على طريقة اللئيم المهزوم.
لا علاقة لمليون موظف حكومي بالحروب الست التي شنتها شرعية صالح على فئة من شعبه وتداعياتها التي أفقدته شرعيته وحياته أيضا. ولا علاقة لهم بفشل خليفته هادي في إدارة البلاد أو فشله حتى في حماية سلطته وتخليه عن شرعيته قبل أن يطلب منه الخارج التمسك بها كقناع للخداع والتمويه أشبه بالملابس التي ارتداها حين هروبه من العاصمة .
لا علاقة لمليون موظف حكومي بفشل التحالف الدولي الذي تقوده السعودية في هزيمة الحوثيين وعجزه عن احتلال المحافظات والمناطق التي يسيطرون عليها أو تحريرها كما يسوقون.
فلماذا يعاقَبُ الموظفون بقطع رواتبهم منذ أكثر من خمس سنوات ؟!
كمواطنين نعيش في الجغرافيا اليمنية الخارجة عن سيطرتكم، لسنا معنيين بالدفاع عن مصالحكم الشخصية والحزبية، ولسنا معنيين باستعادة جمهوريتكم التي سقطت في 21 سبتمبر 2014، جمهورية اللجنة الخاصة لا تعني اليمنيين. كما لا يعنيهم النظام الديمقراطي الذي تتباكون عليه وتبشرون بعودته، يكفي اليمنيين تجربة أربعة عقود من الديمقراطية التي احتكرها الزعيم وعائلته وحزبه، والمؤمن لا يُلدغ من جُحر مرتين. والدولة المدنية الحديثة لا يتم تسوُّلها من أنظمة القمع والنفط والتطبيع.
لم يستفد من شرعيتكم سوى الخارج، قوى العدوان الإقليمية والدولية، أما اليمن واليمنيون فهم ضحايا شرعيتكم المزورة.
ما رأي إخواننا في سلطنة عمان الذين نأمل منهم دورا إيجابيا، وقد باتوا ضمن ” الخماسية ” المعنية بملف اليمن إلى جانب أركان العدوان الأربعة ـ السعودية والإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وما رأي المبعوث الأممي هانس جروندبرج، والأمريكي ليندركنج !! هل يحتاج دفع مرتبات الموظفين إلى وساطات ومفاوضات ؟!

قد يعجبك ايضا