مخرجات قمة جدة لمصلحة من؟
يكتبها اليوم / زيد الشُريف
هالة إعلامية كبيرة إقليمية ودولية ركزت على قمة جدة التي ترأسها الرئيس الأمريكي جو بايدن وحضرتها ثمان دول عربية، منها أربع دول تطبّع في العلن مع الكيان الصهيوني، وأربع أخرى تطبّع تحت الطاولة.. وُصِفَت تلك القمة بعدد كبير من الأوصاف الإعلامية المتضادة، فمنهم من وصفها بقمة الأمن والتنمية ومنهم من وصفها بالقمة التاريخية ومنهم من وصفها بقمة التطبيع والخيانة، وهذا هو التوصيف الدقيق والصحيح لها، فهي انعقدت لخدمة مشاريع الأمريكان والصهاينة، ويمكن القول أنها قمة العبيد لتدارس خدمة أسيادهم، فهي تهدف إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية في صراعها الاقتصادي مع روسيا من خلال النفط الخليجي وفي نفس الوقت تهدف إلى العمل على تنفيذ المزيد من خطوات مشروع التطبيع مع الصهاينة الذي يستهدف الأمة الإسلامية في دينها ودنياها وحاضرها ومستقبلها ويسعى إلى توسيع النفوذ الاستعماري الصهيوني في المنطقة العربية بدعم ومساندة من قبل تلك الأنظمة العميلة التي تطبّع مع إسرائيل وتنفذ كل ما تطلبه منها الولايات المتحدة الأمريكية.
تلك القمة التي انعقدت في مدينة جدة السعودية هي قمة الخزي والعار بالنسبة للأنظمة العميلة التي جعلت من نفسها جسراً تعبر من خلاله المخططات الأمريكية والصهيونية وجعلت من ثروات شعوبها مخزوناً لمصلحة أمريكا وإسرائيل، لقد تجلى للجميع من العرب والعجم أنه ليس للنظام السعودي ولا للنظام الإماراتي ولا البحريني ولا المصري ولا غيرهم من الأنظمة التي شاركت في القمة أي مصلحة من مخرجات تلك القمة وأن المصلحة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والأمنية لمخرجات القمة تصب لصالح الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني بالدرجة الأولى، لقد أثبتت الأحداث والمتغيرات أن الأنظمة العربية العميلة وفي مقدمتها النظامان السعودي والإماراتي تعيش اليوم أسوأ مراحلها، بل لم يسبقها أحد في التاريخ إلى هذا المستوى من الانحطاط فهي تخدم أعداءها بدون أي مقابل وتعمل ضد نفسها وضد الإسلام والمسلمين وتهدر كرامتها وسيادتها وثروتها للأمريكان والصهاينة وتقبل بهيمنتهم وتبادر هي إلى خدمتهم وتنفيذ ما يُطلب منها بل غالباً هي من تسارع إلى منحهم ما يجعلهم يستغربون ويتعجبون من هذا الولاء والانحطاط المنقطع النظير.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله علق في كلمته التي ألقاها بمناسبة يوم الولاية على هذه القمة قائلاً: إن وصول بايدن في هذه الأيام إلى السعودية يهدف إلى أن يتعامل معه الجميع على أنه هو الذي يقود البشرية مع أنه هو أعلن بكل صراحة انتماءه للصهيونية. وأشار السيد إلى أن أمريكا تخضع للتوجه الصهيوني وتُقدم اليوم على أنها تقود البقية في توجهاتهم ومواقفهم، مع أن الواقع يثبت عكس ذلك، وهذا يعني أن الرئيس الأمريكي نفسه ليس سوى خادم للصهاينة وأن الأنظمة العربية العميلة تنقاد لأمريكا لتنفيذ مطامع الصهاينة ومشاريعهم الاستعمارية وهذا يؤكد لنا جميعاً أن قمة جدة هي قمة صهيونية بامتياز المستفيد الأول منها هي إسرائيل، واستفادة إسرائيل تكمن في استهداف محور المقاومة بشكل خاص واستهداف الأمة الإسلامية بشكل عام ونهب ثرواتها واستهداف هويتها الإيمانية واستهداف مقدساتها والحفاظ على أمن إسرائيل وحمايتها وتمهيد الطريق لها لتواصل مشروعها الاستعماري الذي لا يقتصر على احتلال فلسطين فقط بل يستهدف الأمة بكلها بما فيها أولئك العملاء المطبعين الذين يظنون أنهم قد اطمأنوا بانبطاحهم لأمريكا وتطبيعهم مع إسرائيل.
الكثير من المراقبين السياسيين والإعلاميين على المستوى الإقليمي والدولي تحدثوا عن قمة جدة وصلتها بالعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، ولكن أغلب المراقبين أكدوا أن ما تم مناقشته في القمة يشير إلى أن العدوان على اليمن لم يكن موضوعاً رئيسياً لأن هناك أولويات خلقتها مستجدات الأحداث الدولية دفعت الرئيس الأمريكي لزيارة السعودية ليس حباً فيها وإنما لتوظيفها وبقية الأنظمة المشاركة في القمة في الصراع الأمريكي الروسي على كل المستويات بما يخدم أهداف ومصالح أمريكا التي هي بدورها تعمل لمصلحة الكيان الصهيوني، وفي كل الأحوال مهما كان الحديث الذي تناولته القمة بشأن العدوان على اليمن، فإنه لن يغير من الواقع أي شيء لمصلحة تحالف العدوان وما فشلوا وعجزوا في تحقيقه خلال أكثر من سبع سنوات لن يستطيعوا تحقيقه اليوم لأن الشعب اليمني الصامد وقيادته وجيشه ولجانه الشعبية على أتم الجهوزية لمواجهة كل التحديات وفي نفس الوقت على أتم الاستعداد للسلام الشامل والدائم والعادل إذا توفرت النوايا الجادة بالنسبة لتحالف العدوان، مع أن الواقع يشير إلى أن تحالف العدوان ليس جاداً ولا صادقاً في تحقيق السلام في اليمن، والهدنة التي أفشلها التحالف تؤكد ذلك، ومع ذلك فإن عودة المعركة لن تكون لصالحهم وسنقلب الطاولة عليهم والعاقبة للمتقين.