من المعلوم أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، حرصت أمريكا على توظيف هذه الأحداث، وجعلت منها غطاءً تتحرك من خلاله، ضمن مرحلة متقدمة ومخطط لها لاستهداف عالمنا الإسلامي ومنطقتنا العربية والأهداف الأمريكية التي جعلت من عنوان الإرهاب غطاًء للتحرك لتحقيقها وللوصول إليه، هي أهداف خطيرة جداً، معلوم أن في مقدمة هذه الأهداف هو الاستعمار الجديد لعالمنا الإسلامي، السيطرة المباشرة على منطقتنا العربية وعالمنا الإسلامي، وتقويض كِيان العالم الإسلامي من [دوّل وشعوب]، وبعثرتها وسحقها والاستحواذ على مقدراتها، وثرواتها، وخيراتها وإنهاء الكِيان الإسلامي ككِيان بشكل نهائي، وهدفٌ في مستوى هذا الهدف له خطورة كبيرة جداً على عالمنا الإسلامي، وهو بالتأكيد هدفٌ رئيسٌي، جُعل عنوان الإرهاب غطاء له لا أقل ولا أكثر.
الشهيد القائد يطلق هتاف البراءة ويعلن انطلاقة المشروع القرآني
أمام واقعٍ كهذا وتجاه تحديات كهذه وفي بيئة غلبت عليها حالة الصمت لدى الكثير وانطلق فيها الكثيرون للاستجابة للأمريكي على النحو الذي يساعده، برز موقفٌ مغاير، وصوت حرٌ انطلق من اليمن، آنذاك تحرك السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” بمشروعه القرآني، رافضاً حالة التدجينِ والاستسلام، ومعلناً موقفاً مسؤولاً وحراً ومنطلقاً على أسسٍ صحيحةٍ ومشروعة بتاريخ يوم الخميس الموافق: 17 / 1 /2002م، يعني بعد قرابة أربعة أشهر من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” أطلق في يوم الخميس هذا- الذي كان آخر خميس من شهر شوال- موقفه المُعلن، الواضح، الصريح، وكان شعار هذا الموقف، كان شعاره الذي أطلقه في مدرسة الإمام الهادي “عليه السلام” بمران في ذلك التاريخ، هتاف البراءة :
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
كشعار، هذا الهتاف: هتاف الحرية، هتاف البراءة من الأعداء، كشعارٍ يعبّر عن توجهٍ، وعن مشروع، مشروع ضمنه تفعيل المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، ضمنه نشاط توعوي كبير في أوساط الشعب، في أوساط الأمة؛ لتوعيتها تجاه المخاطر الكبيرة التي تعيشها، تجاه المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، وكذلك لإفشال الكثير من الأنشطة المعادية، التي يتحرك بها الأمريكي والإسرائيلي في واقع الأمة. [خطاب السيد عبدالملك ـ ذكرى الصرخة 438هـ].
الشعار يخلق حالة السخط ضد أمريكا وإسرائيل
ويؤكد الشهيد القائد أن من أهم فوائد الشعار أنه يخلق حالة من السخط ضد أمريكا الذي يدفعون المليارات لتفاديه لأنه يخلق حصانة حقيقة في وجه المشاريع الأمريكية يقول رضوان الله عليه:(( لا بد أن نعرف حقيقة واحدة أن اليهود, أن الأمريكيين على الرغم مما بحوزتهم من أسلحة تكفي لتدمير هذا العالم عدة مرات، حريصون جداً جداً على أن لا يكون في أنفسنا سخط عليهم ، حريصون جداً جداً على أن لا نتفوه بكلمة واحدة تنبئ عن سخط أو تزرع سخطاً ضدهم في أي قرية ولو في قرية في أطرف بقعة من هذا العالم الإسلامي ، هل تعرفون أنهم حريصون على هذا؟.
ما هو هذا الأثر؟. السخط، السخط الذي يتفاداه اليهود بكل ما يمكن، السخط الذي يعمل اليهود على أن يكون الآخرون من أبناء الإسلام هم البديل الذي يقوم بالعمل عنهم في مواجهة أبناء الإسلام، يتفادون أن يوجد في أنفسنا سخط عليهم، ليتركوا هذا الزعيم وهذا الرئيس وذلك الملك وذلك المسؤول وتلك الأحزاب، تتلقى هي الجفاء، وتتلقى هي السخط ،وليبقى اليهود هم أولئك الذين يدفعون مبالغ كبيرة لبناء مدارس ومراكز صحية وهكذا ليمسحوا السخط)) ( الصرخة في وجه المستكبرين ).
الشعار أزعج أعداء الأمة لأنه عمل ديني في سبيل الله
وعلى الرغم من أن الشهيد القائد (رضوان الله عليه) حرص على ترسيخ مفهوم الانطلاقة في سبيل الله وليس من أجل أي هدف، فإن شعار الصرخة يأتي كموقف ديني ضد أعداء الأمة الذين يتحركون دينيا وعلى كل المستويات ويؤكد أيضاً في مختلف المحاضرات على أن التحرك الديني هو التحرك المطلوب والمهم والذي فعلا أزعج أمريكا وأدواتهم في المنطقة يقول (رضوان الله عليه): في هذه المرحلة من بعد توجه الأمريكيين؟ كم ظهر في الساحة من أشياء؟كم ظهر من خلال نزول [الشعار] من كلام كثير من الناس؟ مفاهيم مغلوطة تبين لك أن هناك حاجة ماسة إلى تبيين واسع، معناه تكون الجريمة كبيرة لمن يعرفون كتاب الله فلا يبينون كيف يخاف العدو من العداء الديني، لاحظ الآن عندما انطلق الناس في هذا الموضوع هذا [الشعار] الذي يبدو عملاً سهلاً أزعجهم جداً لأنه عمل ديني، ولأنه في سبيل الله .
قال السفير الأمريكي: [إن بلاده لا تريد أن يتحول عداء الشعب العربي إلى عداء ديني] ما هو العداء الديني؟ يعني: لا نريد أن تتحولوا في مواجهتنا تحت عنوان( في سبيل الله) هم عارفون بأنهم سيهزمون في الأخير، هم يعنون أنه اعملوا لكم عناوين أخرى قولوا: قتالاً من أجل الوطن، أو دفاعاً عن الوطن، أو بعبارات من هذه!. [الدرس العاشر من دروس رمضان] .
الشعار أظهر الناس كباراً أمام العدو ومتوحدين
كما لا ينسى الشهيد القائد (رضوان الله عليه) تسجيل الأثر الذي تركه رفع الصرخة في وجه المستكبرين رغم المدة القصيرة منذ انطلاقتها إذ أظهر الناس أمة قوية ومتوحدة ويمكن أن تعمل أعمالاً قوية ضد أعداء الأمة، يقول: نحن نقول: القرآن الكريم قدم لنا طريقة تستطيع أن تجعل الناس بالشكل الذي يراهم العدو كباراً، يراهم كباراً فعلاً، وهذا العدو نفسه يؤثر فيه سلباً، عندما يرى الآخرين يبدو أقوياء، يبدون صامدين، يبدون ملتزمين، ما هناك خلخلة، ولا هناك ضجة، ولا هناك شيء.
لاحظ في موضوع الشعار له أثر كبير. وعندما أضيف إليه السجن ترك آثاراً كبيرة جداً، يعني في الأخير ظهر له أثر ما كنا نتوقع، ما كنا نتصور، من أين حصل هذا؟ هل برز أثناء خلخلة في المجتمع، إم من عند الآباء، أو داخل الشباب هؤلاء، أو أخذ ورد في ما بين الناس؟.
نقول دائماً: هؤلاء الأعداء، لا تتوقع بأنهم ما يكون لهم مثلاً عيون، يحاولون أن يستقرئوا وضعية الناس، فإذا لمسوا بأنه سجن مجموعة كبيرة، هم سيحاولون معرفة كيف هي أقوال الناس، وكيف أثرت في الناس، ما هم فقط سيلحظوا المسجونين، بل والآخرين من الأثر الكبير لعملهم أن هذا يوحي بأن هذه أمة صامدة، قوية” [ الدرس العاشر من دروس رمضان].
الشعار عامل مهم في تفعيل المقاطعة الاقتصادية
كما يؤكد الشهيد القائد على أهمية المقاطعة الاقتصادية وأثر الشعار في تفعيل هذه القضية التي أصبحت من أهم القضايا في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني حيث يقول حول هذا الموضوع في محاضرة [ظلال دعاء مكارم الأخلاق ـ الدرس الثاني]: هذه الصرخة وحدها التي نريد أن نرفعها، وأن تنتشر في المناطق الأخرى وحدها تنبئ عن سخط شديد، ومن يرفعونها يستطيعون أن يضربوا أمريكا, يضربونها اقتصادياً قبل أن تضربهم عسكرياً، والاقتصاد عند الأمريكيين مهم يحسبون ألف حساب للدولار الواحد.
هؤلاء بإمكانهم أن يقاطعوا المنتجات الأمريكية، أو منتجات الشركات التي لها علاقة بالأمريكيين وباليهود أو بالحكومة الأمريكية نفسها, وحينئذ سيرون كم سيخسرون؛ لأن من أصبح ممتلئا سخطاً ضد أمريكا وضد إسرائيل، أليس هو من سيستجيب للمقاطعة الاقتصادية؟ والمقاطعة الاقتصادية منهكة جداً).