الشعار.. بين فذلكة المتحذلقين وآيات القرآن المُبين

 

العلامة/ عدنان الجنيد
من ينظر إلى عبارات الشعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود النصر للإسلام)، ويتحقق في مفرداته، فسيعلم _يقيناً_ أنه ينسجم مع القرآن ويدخل في عموم الآيات، التي تنهانا عن موالاة من أمرنا الله تعالى بمعاداتهم، وكذلك الآيات التي تأمرنا بالبراءة من أعداء الله “تصريحاً أو تلويحاً أو مضموناً”.. إضافة إلى انسجامه مع الأحاديث، التي جاءت في هذا الصدد.
بَيْدَ أنَ بَعضَ المُوَالِفِينَ استشكلت عليه بعض مفردات الشعار، عن حسن نية، وهدفه أن يستوضحَ ليس إلاّ.. بينما البعض الآخر من المخالفين، يُظهر إشكالات في بعض عبارات الشعار، بغرض إثارة البلبلة، وتوسعة الجدل، والمراء المذموم، وتثبيط الناس عن القيام برفع الشعار والصرخة به، إلى غيرها من الأهداف السيئة التي يسعى من ورائها ..
وعلى كُلٍّ، سوف نَذكر بعض عبارات الشعار التي أُشكلت عليهم، مع ذكر وجه الإشكالية في ذلك، ثم نردفها بالتوضيح، والجواب الصريح، وذلك على النحو الآتي :
# الموت لأمريكا…

• أولاً : استشكالهم حول عبارة (الموت لأمريكا)..
ووجه الإشكالية هو: كيف تقولون : (الموت لأمريكا)، ومعلوم أن أمريكا دولة، تضم أجناساً مختلفة من جميع أنحاء العالم، ومن بينهم المسلمون، والكثير منهم لديهم جنسيات أمريكية، وأصبحت أمريكا بلادهم، إضافة إلى الجنسيات الأخرى المستضعفة، فما ذنب هؤلاء وأنتم تقولون: (الموت لأمريكا)، وهم سكان أمريكا ؟!
_ الجواب: المقصود بـ (الموت لأمريكا) هو (النظام الأمريكي)، الذي أفسد في الأرض، ونشر الفساد في جميع البلدان، ونهب ثروات الكثير من الشعوب واستعبدها، وجرائمه في حق الشعوب معروفة، ناهيك عن قتله لهم واستباحته لدمائهم، من خلال الحروب التي يشعلها في كل بلد ..
إذاً (الموت لأمريكا) تعني النظام الأمريكي وسياسته وغطرسته، وهذا أمرٌ واضحٌ، والكل يعلم بذلك .
# الموت لإسرائيل…

• ثانياً : استشكالهم حول عبارة (الموت لإسرائيل)..
ووجه الإشكال هو أن كلمة (إسرائيل) هي اسمٌ لنبي الله (يعقوب عليه السلام)، وقد ذكره الله في كتابه، حيث قال : (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ..).[آل عمران : 93].. فكيف تقولون (الموت لإسرائيل)؟!! وكان الأولى أن تقولوا (الموت للصهاينة) !!..
_ الجواب: إن كلمة (إسرائيل) عَلَمٌ على الدولة العِبرية، والصهاينة هم من اطلقوا على البلد _الذي اغتصبوه بدون حق لهم_ اسم (إسرائيل)، فنحن عندما نقول: (الموت لإسرائيل) إنما نقصد الصهاينة المجرمين المحتلين..
وأعطيك مثالاً، لزيادة الإيضاح:
“محمد بن سلمان” المجرم السفاح الشاذ المنحرف، الذي اشتهر بفسقه وظلمه وطغيانه وتجبره، أليس اسمه (محمد)!! كاسم خاتم الأنبياء سيدنا محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” ؟..
فإذا قلت للناس : إن هذا (محمد) ظالمٌ ومفسد، وقمت بلعنه، وقلت: (الموت له)؟!! فهل سيقول لك الناس: كُفَّ عن سَبِّك، ولا تسب نبي الله (محمداً)؟!!
فلا يُعقل أنهم سيقولون لك ذلك؛ لأنهم يعلمون أنك تقصد هذا الظالم (محمد بن سلمان)، ولن يشفع له اسمه..
فهكذا نحن، عندما نقول (الموت لإسرائيل) نقصد به الصهاينة المحتلين لأراضي فلسطين العربية، والقاتلين لأبنائها، والكل يعلم هذا، ولا يختلف في ذلك اثنان.
# اللعنة على اليهود…

• ثالثاً : استشكالهم حول عبارة (اللعنة على اليهود)..
ووجه الإشكالية _حسب زعمهم_ هو أن اليهود أصحاب ديانة يهودية، ولا يجوز لعنهم على العموم؛ لأن فيهم الصالحين السائرين على ملتهم اليهودية !!..
_ الجواب: ليس بصحيح من يقول: إن اليهود أصحاب ديانة، فالله سبحانه وتعالى لم يُشِرْ إلى ذلك البتة، والذي ذكره في كتابه هو الإسلام على مَرِّ العصور، فالإسلام هو الدين الذي جاءت به الرسل ودعت إليه الأنبياء، قال تعالى :(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ..)[ آل عمران : 19].. وقال :(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ..).[ آل عمران : 85].. بمعنى من ينتهج ديناً غير الإسلام فلن يُقبل منه …
فما غاير الإسلام فهو ، ولا يجوز حتى تسميته دين..
كل الأنبياء جاؤوا بالإسلام.. ودَعَوا إلى الإسلام…
إنّ جميع أنبياء الله كانوا منتمين إلى الإسلام، ودعوا إلى الإسلام.. فهذا _على سبيل المثال_ (نوح عليه السلام) يخاطب قومَه، كما حكى الله عنه في قوله تعالى: (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ..).[ يونس : 72]..
وهذا نبي الله (إبراهيم عليه السلام) نَزّهَهُ اللهُ من أن يكون يهودياً أو نصرانياً، بل كان حنيفاً مسلماً، بقوله تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا..).[ آل عمران : 67]..
وهذا نبي الله (يعقوب عليه السلام) “الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل” يوصى أبناءَهُ.. يقول الله تعالى في القرآن الكريم بلسانه: (يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ..).[البقرة :132].. أي ثابتون على الإسلام ..
وهذا نبي الله (موسى عليه السلام) _من يَدّعي اليهود أنهم منتسبون إلى رسالته_ يحكى الله عنه بقوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ).[ يونس : 84] ..
وهكذا بقية الأنبياء، ما جاؤوا إلاّ بالإسلام، الذي هو العنوان الرئيس لدينهم، دَعَوْا إليه وتحركوا من أجلِه ..
فلا يوجد دِيْنٌ ولا مِلّةٌ اسمها اليهودية، ومن يَستقرئُ القرآنَ الكريم، فسوف يجد أن لفظة (اليهود) لم تَرِدْ في القرآن إلاّ في مواضع الذم، والتوبيخ، والانحراف، والكفر، وغيرها من صفات الغَيّ والضلال..
ولم تَرِدْ آيَةٌ تَستثني بعضاً من اليهود عن الانحراف، بل كل الآيات جاءت على العموم، كقوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ..).[ التوبة : 30]، وقوله: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ..)[المائدة : 64]، وهذا من عقائدهم وكفرهم، فلم يقل: (وقالت بعض اليهود …) بل أتت لفظة (اليهود) على العموم..
ومما يدل _أيضا على أن اليهودَ جميعَهم منحرفون، ولا يُستثنى أحدٌ منهم، هو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء..)[المائدة : 51].. وقوله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ…)[ المائدة : 82]..
ولو لم يكونوا كلهُم منحرفين، ويعملون على ضرب الإسلام والمسلمين، لَمَا نهانا اللهُ عن موالاتهم ومصافاتهم، ولَمَا أخبَرَنا عنهم أنهم يحملون أشد العداء تجاه الذين آمنوا.

السيد القائد:(اليَهوديّة) عنوانٌ طائفي لِخَطِّ الانحراف والتحريف
إن اليهوديةُ، كما وصفها السيد عبدالملك الحوثي “حفظه الله”، ما هي إلاّ: “عنوان طائفي لخط الانحراف والتحريف، واليهود هم أولئك الذين ساروا على خط الانحراف والتحريف”..
ومن أراد التفصيل في هذا الموضوع، فعليه سماع محاضرة السيد القائد” حفظه الله”، التي ألقاها في شهر رمضان عام 1440هجرية، وهي المحاضرة الرابعة والعشرون..

الفرق بين المِلّة والدين
ولقائلٍ يقول: إن الله تعالى أثبت أن اليهود أصحاب ملة، حيث قال :(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ..)[البقرة : 120]..
أقول: تُطْلَقُ (المِلّةُ) على ما هو حق مما شرَّعه الله لعباده، وتطلق _أيضاً_ على ما ليس بحق من الأديان الباطلة والمناهج المنحرفة، الخارجة عن الإسلام، الذي هو عنوان لدين الله، الذي جاء به الأنبياء ..
والدليل على أن (المِلّة) قد تطلق على الأديان الباطلة والمنحرفة، قول نبي الله (يوسف عليه السلام)، فيما حكاه الله عنه، بقوله تعالى: (…إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)[ يوسف : 37]..
إذاً مِلّةُ اليهودِ والنصارى هي المِلّةُ المُنحرفةُ الباطلة، المُكَذِّبَةُ لدينِ اللهِ (الإسلام) ..

الملعونون في كتاب الله
ومِمَّا مَرَّ آنفاً، يتبين لكل ذي لُب، أن اليهود هم المنحرفون عن منهج الأنبياء، وهم أشرار أهل الكتاب، في كل زمان ومكان، وهم الذين لعنهم الله تعالى في أكثر من آية في القرآن الكريم، قال تعالى:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ..)[ المائدة :78].. إذاً، فجميع اللعنات الإلهية، التي صَبّتْ على طائفة من أهل الكتاب _بسبب تحريفهم لكتب الله، وبسبب إيمانهم بالجبت والطاغوت، ولأسباب أخرى ذكرها القرآن_ فإنما يُقصد بهم اليهود والمنحرفون عن منهج الله ورسله وكتبه ..
من هذا، تَعْلَمُ أنّ عِبَارةَ (اللعنة على اليهود) إنّما هي عِبارةٌ مُستوحاةٌ من القرآنِ الكريم؛ لأنّ الله تعالى لَعَنَهُمْ بسبب جرائمِهِم المُستمرة، وانحرافِهِم عن مَنهَجِ الأنبياء ومُحاربَتِهِمْ للدينِ الإلهيِّ في كل زمانٍ ومكان .
هذا، ولن نطيل الحديث في هذا الموضوع، فخير الكلام ما قل ودل.
وعباراتُ الشِّعَارِ أبْيَنُ من الأمسِ وأوْضَحُ من الشّمس.

قد يعجبك ايضا