التدخين السلبي في مجالس القات


رقم قياسي جديد لأورام السرطان في اليمن .. والأطباء يغمزون إلى مجالس القات
4 آلاف مادة كيميائية تتولد من التدخين وكل 51 ثانية يموت شخص على المستوى العالمي

الأماكن المغلقة بيئة خصبة للسرطان.. ووعي الناس بخطر التدخين هو الحل

الموت المفاجئ وسرطان الجيوب الأنفية وسرطان الدم وسرطان الثدي والسكتات الدماغية وتصلب الشرايين والانسداد الرئوي والربو وأمراض أخرى تتقدم موكب الموت المحقق لأناس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على استنشاق أعمدة الدخان المنبعثة من أفواه المدخنين في مجالس القات المعتادة حيث تذكر الإحصائيات أن اليمن في المرتبة الأولى عربيا في بعض هذه الأمراض … دراسات حديثة أكدت أن التدخين السلبي في الأماكن المغلقة يقتل في كل 51 ثانية شخصا واحدا على المستوى العالمي وذلك لاحتوائه على مواد سامة في مقدمتها مادة الأمونيا التي تستخدم في تنظيف الحمامات ومادة الأرسنيك التي تستخدم في المبيدات الحشرية ومادة السينايد السامة واحتوائه على حوالي 4000 مادة كيميائية … التحقيق التالي يوضح حجم الكارثة التي يسببها المدخنون في مجالس القات الاعتيادية .
• من صباح كل يوم تبدأ فاطمة عبدالله- 16 عاماٍ- يومها المفعم بالحياة المليء بالحب المشحون بالحيوية بالذهاب إلى المدرسة في نشاط تملأ به أرجاء البيت بهجة وسرورا بضحكاتها اللامتناهية من الفرح مع أبيها وأمهما اللذين هما مصدر حركتها في الحياة .. فتغضب أباها حينا وتسليه حينا آخر لكنها لا تنسى دوما قبل خروجها من البيت أن تضع قبلتها الحانية على رأسي والديها .. وعلى حين غفلة من الزمن وبين ليلة وضحاها جثم الموت على صدر أبيها البالغ من العمر 42 عاما وجعله جثة هامدة لا حراك به لتموت بموته كل الآمال المستقبلية التي كانت ترسمها فاطمة في مخيلتها البريئة أطباء أرجعوا سبب موت الرجل إلى التدخين السلبي “القسري” الذي كان يستنشقه كل يوم في مجلس القات الذي اعتاد المداومة عليه مما أدى إلى إصابته بسكتة دماغية أودت بحياته.
لم يكن والد فاطمة هو الضحية الأولى ولن يكون الأخير فهناك الكثير من الناس الذين قدموا حياتهم دونما ثمن يذكر فداء لرغبات البعض الذين يجعلون من مجالس القات أجواء ضبابية تطبخ الموت للأبرياء من غير المدخنين ولهم أنفسهم أيضا.
مصيبة التدخين القسري في مجالس القات لم تكن حصرية على جنس الرجال فمجالس النساء لا سيما في الأرياف هي الأخرى تعد بمثابة الطريق السريع إلى باحات الموت أو على الأقل إلى أسرة المرضى الدائمين في مستشفياتنا المعتلة التي لا تنقذ أحدا إلا عبر الصدفة ليس هذا فحسب بل إن مجالس النساء أكثر خطرا من مجالس الرجال وذلك لأساب عدة أبرزها أن نسبة النساء المدخنات لا تقل كثيرا عن المدخنين من الرجال وأن طبيعة جلوس النساء في المجالس المزدحمة يختلف عن جلوس الرجال حيث جلوسهن يكون بشكل متقارب جدا من بعضهن البعض أي جلوس بدون ما يسمى بـ”المتكأ” الأمر الذي يقلل من نسب الأكسجين في المجلس مما يساعد على نمو الخلايا السرطانية بشكل متسارع في أجسامهن .
•أم محمد ــ عينة من مجالس القات النسوية ــ أصيبت بالفاجعة حين أخبرها الأطباء أنها مصابة بسرطان الثدي وأرجعوا سببه إلى استنشاقها كميات كبيرة من الأدخنة التي تخرج من أفواه المدخنين على الرغم من أنها كانت تبتعد عن المدخنين في البيت والعمل والشوارع مسافات كبيرة ـ حد تعبيرها ـ ولم تكن تعلم أن مجالس القات ستكون المصيدة التي تدك مداميك حياتها
أمراض السرطان
•الدكتور لبيب الأغبري مدير عام المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان وصف استنشاق الناس لدخان التبغ المنبعث من أفواه المدخنين بالتدخين القسري حيث يجبر المرء على استنشاق هواء مشحون بالسموم والتي غالبا ما تودي بحياة الانسان وبين ” أن هناك علاقة وثيقة بين التدخين القسري وأمراض السرطان كسرطان الفم والرئة والمعدة إضافة إلى أمراض أخرى” وعن التدخين في الأماكن المغلقة ” مجالس القات” يقول”: صدر قانون من مجلس النواب يمنع التدخين في الأماكن المغلقة إلا أن هناك إشكالية في تنفيذ القانون فغالبا ما تكون الأماكن المغلقة هي مجالس القات الأمر الذي يصعب فرض أي قانون يمنع التدخين في هذه الأماكن داعيا في الوقت ذاته المدخنين في الأماكن المغلقة خصوصا مجالس القات إلى الإقلاع عن هذه العادة السيئة كونها مصدرا للموت المحقق لهم”.
فيما يرى الدكتور عبدالوهاب النهمي استشاري علاج الأورام ونائب مدير عام المركز الوطني لعلاج الأورام أن مشكلة التدخين في مجالس القات معضلة متفاقمة تحتاج لوقفة جادة من كل أطياف المجتمع كونه السبب الأول للأورام السرطانية وأمراض القلب وقرحة المعدة وأمراض أخرى ويؤكد النهمي على ضرورة إيجاد حلول لمشكلة التدخين كتفعيل القوانين الملزمة بمنع التدخين في الأماكن المغلقة كمجالس القات أو على الأقل عزل المدخنين عن غير المدخنين حتى يتسنى للناس استنشاق أكسجين أكثر نقاوة للحفاظ على صحتهم الدكتور النهمي أبدى أسفه لغياب معايير التشخيص في المركز الوطني لعلاج الأورام لذا فهم لا يعرفون سبب إصابة المرضى بالأورام سواء كان السبب التدخين أو غيره الأمر الذي يعني غياباٍ كاملاٍ للإحصائيات عن أعداد المرضى من المدخنين أو من غيرهم.
•وأظهرت إحصائيات رسمية أن اليمن تحتل المرتبة الأولى عربيا في مرضى سرطان الفم والجهاز الهضمي كما ذكر عدد كبير من أطباء السرطان في اليمن أن تعاطي التبغ بشكل عام وعن طريق التدخين السلبي منه بشكل خاص في اليمن يعد من أكثر أسباب الوفاة وأن المدخنين ومِن يتعرضون للتدخين قسريا هم الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة والحنجرة والمريء والمثانة والكلى والحلق والمعدة والبنكرياس وعنق الرحم وسرطان الدم كما يؤدي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الجهاز العصبي وجلطات المخ ويقلل من مناعة الجسم.
تحذيرات عالمية
•ما ذكره الأطباء اليمنيون أثبتته الدراسات العالمية الحديثة حيث ذكرت بعض هذه الدراسات أن التدخين غير المباشر أو ما يسمى بالتدخين السلبي يمثل زيادة كلية في خطر التعرض للموت لكل من البالغين والأطفال سواء على المدى القريب أو البعيد ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة وفقدان وظائفها وسرطان الثدي وسرطان الخلايا الكلوية وسرطان الجيوب الأنفية والحنجرة كما أوضحت دراسات أخرى أنه يسبب للإنسان أوراماٍ في المخ ويؤدي إلى تليف أنسجة الرئة ويزيد من أخطار الإصابة بالسكتات الدماغية.
وقد ذكرت دراسة بريطانية حديثة أن التعرض للدخان غير المباشر يزيد من احتمالية التعرض لخطر الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية لغير المدخنين بنسبة تصل إلى %60 على غرار التدخين المعتدل وأشار عدد كبير من العلماء إلى أن التدخين السلبي قادر على التعجيل بحدوث أمراض القلب وجلطات الأوعية الدموية بنسبة %30 لأنه يجعل الدم أكثر لزوجة أما بالنسبة للنساء فتذكر بعض الدراسات أن تدخين النساء الحوامل في الأماكن المغلقة يزيد من مخاطر الإجهاض وولادة أجنة ميتة وقلة وزن الطفل عند الولادة وزيادة مخاطر الموت المفاجئ وغير المتوقع للأطفال من جهة أخرى فإن الأطفال هم أكثر عرضة لأمراض القلب والسرطان من الكبار وذلك لأن أجسامهم طور النمو إذ تصل نسبة وفيات الأطفال إلى %31 من وفيات التدخين السلبي .
سموم قاتلة
• وأجمعت الدراسات والتجارب العلمية الحديثة أن الدخان المنبعث من أفواه المدخنين يحتوي على مواد سامة أبرزها احتواء هذا الدخان على حوالي أربعة آلاف مادة كيميائية مكونة من حزئيات وغازات منها 69 مادة تسبب السرطان ومن أكثر هذه المواد خطورة مادة الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات ومركبات النتروزامينو مادة الأمونيا السامة التي تستخدم في تنظيف الحمامات ومادة الكبريت والفورمالديهايد والتي تؤدي إلى تهيج العين والأنف والحلق ومادة البنوين المسرطنة والتي تصيب غير المدخن بثلاثة أضعاف عن المدخن كما يوجد في الدخان السلبي غاز أول أكسيد الكربون المميت والذي يوجد في عوادم السيارات ومثلها مادة التولين التي تستخدم في الأصباغ ومادة الأرسنيك التي تستخدم في القضاء على المبيدات الحشرية كل هذه المواد السامة تسبب الأمراض المذكورة آنفا.
ختاما
• ثمة اتفاق بين كل الدراسات العلمية الحديثة على أن التدخين في الأماكن المغلقة يعد بمثابة الطريق الأسرع إلى الموت الأماكن المغلقة في نظر هذه الدراسات هي وأماكن العمل ووسائل المواصلات وما شابهها ولم يعلموا أن في اليمن ما هو “أضحك وأبكى” حيث مجالس القات التي لا ترحمها أفواه المدخنين فهل سيرحم الناس أنفسهم أم أن العرض سيستمر تحت عنوان “يستأهل البرد من ضيع دفاه”¿!

قد يعجبك ايضا