مسلسل «أبواب صنعاء».. أول مسلسل درامي يقدّم صنعاء بجمالها ورونقها الحضاري ومناسباتها الدينية وطقوسها الروحانية

 

الثورة / عبدالجليل الموشكي
يستخدم العدو في حربه على اليمن كل الأساليب والأدوات، إلى جانب غاراته بأفتك الأسلحة، ومن بين ما يسخّره لضرب النفوس سلاح الإعلام والدراما، حيث أنفق ملايين الدولارات مؤخراً لإنتاج أعمال درامية هابطة لا تمت لقيم اليمنيين وعاداتهم بأي صلة، فضلاً أنها لا تعبر عن همومهم وتطلعاتهم في ظل العدوان والحصار القائم، وأن تصويرها جرى خارج اليمن وبطواقم فنية من الخارج أيضاً، وكلها في إطار الحرب الناعمة التي باتت جلية بما يتضح من خفاياها يوماً إثر يوم.
الأعمال الدرامية التي أنتجتها قنوات العدو، أساءت إلى اليمن، وأثارت ردود فعل غاضبة لدى مختلف شرائح المجتمع اليمني، في سابقة خطيرة اعتبرها الكثيرون إفلاساً أخلاقيا من قبل هذه القنوات، واستهدافا مباشرا لليمنيين في أخلاقهم وهويتهم، ما يفرض على الجميع مقاطعة هذه المسلسلات والقنوات التي تبثها.
وفي مواجهة الهجمة الشرسة للعدو، انبرت الدراما الوطنية بأكثر من مسلسل واقعي تعالج قضايا ذات صلة وثيقة بالمجتمع اليمني، منها «مسلسل تكتيك» الأمني الذي يعرض على قناة المسيرة الفضائية، و«مسلسل باقة ورد» الذي يعرض على قناة اليمن الفضائية، و«مسلسل أبواب صنعاء» الذي يعرض أيضاً على قناة المسيرة.

«أبواب صنعاء»
في هذه المادة نطرق معكم أبواب صنعاء القديمة عبر مسلسل «أبواب صنعاء»، الذي حقّق صدىً واسعاً في الساحة منذ انطلاق بثه بداية شهر رمضان المبارك، وما يزال يحظى بإعجاب الكثير من المتابعين حتى لحظات كتابة هذه المادة.
ومع محاولات العدو تقديم ثورة 21 سبتمبر على أنها غير مهتمة بالمحافظة على مدينة صنعاء القديمة وتهديدات منظمة «اليونسكو» بشطبها من قائمة التراث العالمي، واستهداف العدو لها بالقصف المباشر، يتجلى «مسلسل أبواب صنعاء» لتتنفس عبره صنعاء القديمة، وتبوح بجمالها ورونقها الحضاري الزاخر، من خلال قصة واقعية تلامس همومها ومعاناتها في فترة زمنية معينة؛ يجسّدها مسلسل يحمل أبوابها عنواناً ينطلق عبره، لينقلها للعالم كما تريد وتستحق، وكما هي عليه.
رغم أن عرضه لم ينتهِ بعد، إلا أن هذا المسلسل «أبواب صنعاء» أسر قلوب المتابعين، إلى أن أصبحوا يرددون لزمات الممثلين، ويعادون الشخصيات التي تمثل جانب الشر، ويحبون الشخصيات التي تعبّر عن الخير والحق، وسر ذلك ما قدّمه المسلسل من إبداع فني وثقافي، وما يحمله من رسائل وقيم إيجابية، إضافةً إلى ما تحظى به صنعاء القديمة من مكانة كبيرة في قلوب اليمنيين.
خلال مرافقتنا لطاقم «مسلسل أبواب صنعاء» لتصوير بعض المشاهد، لاحظنا تفاعل أبناء صنعاء القديمة وحبهم للممثلين وتعاونهم معهم بشكل كبير، وهنا ننقل شكر الطاقم للجانبين الشعبي والرسمي على التسهيلات المقدمة والتعاون الكبير.
يجدر بالذكر تركيز المسلسل بشكل مستمر على تقديم معلومات تاريخية مهمة عن مدينة صنعاء القديمة الأثرية، وإبراز هويتها الإيمانية المرتبطة بدخول اليمنيين الإسلام، من خلال استعراضه طقوس أبناء صنعاء القديمة في إحياء جمعة رجب وغيرها من المناسبات الدينية.

قصة من الواقع
من خلال ما تم عرضه من حلقات المسلسل خلال ليالي الشهر الفضيل، يتجلى بكل وضوح أن القصة تروي فصولها الصراع بين أبناء صنعاء القديمة وعدو يمثل امتداداً للخارج والشر، وفي ذات الوقت تتناول القصة عبر المسلسل قضايا هي أٌقرب ما تكون للمجتمع كالورث وانضباط الأسرة والتكافل الاجتماعي، والحفاظ على تماسك العلاقات الاجتماعية، وصلة الأرحام، وغيرها من القضايا المهمة.
القصة التي جسّدها المسلسل، تتناول وضع صنعاء القديمة خلال عام 2014م حتى قيام ثورة 21 سبتمبر، وقدّمت الحفاظ على نمط صنعاء المعماري ومواجهة محاولة تشويهها كضرورة ملحة، وتناولت المناسبات الدينية مثل جمعة رجب ورمضان والحج والعادات الاجتماعية لأبناء صنعاء القديمة، وفقاً لتصريحات كاتبيّ القصة لـ«الثورة».
القرب من الناس ومناقشة همومهم ومعاناتهم الأسرية والمجتمعية، هو ما جعل من «مسلسل أبواب صنعاء» الأقرب إلى قلوب الجماهير المتابعة للدراما اليمنية، ليس في صنعاء القديمة فقط بل في اليمن ككل، ومن خارج اليمن، خصوصاً فئة المغتربين الذين عبّروا عن إعجابهم بالمسلسل عبر التعليقات على كل حلقة، في قناة العرض الأول التي تبث كل حلقة بشكل يومي.
مدير البرامج العامة بقناة المسيرة محسن الشامي يؤكد لـ «الثورة» أن إنتاج مسلسل «أبواب صنعاء» يأتي في إطار إبراز الهوية اليمنية المتأصلة من عمق التاريخ الإسلامي، ومحاكاة الواقع الاجتماعي وطبيعة البيئة للأسرة والمجتمع اليمني.
الشامي يضيف أن المسلسل يبيّن مدى أصالة وعراقة المجتمع اليمني في مواجهة من يمثلون الشر طيلة المراحل المتعاقبة، ويبرز مسار صمود المجتمع اليمني الذي واجه الكثير من المفاهيم المغلوطة التي كانت تسعى إلى تلويثه والقضاء على هويته وقيمه ومبادئه، والأجمل من هذا أن المسلسل جاء ليظهر الوجه الحضاري المشرق لمدينة صنعاء وبناياتها التي جمعت بين الأصالة والقدم.

صنعاء عن كثب
هي المدينة التاريخية العتيدة، لم تلق صنعاء القديمة حقها من الاهتمام، حتى أنصفها «مسلسل أبواب صنعاء»، الذي أظهرها بأدق تفاصيلها عبر التصوير الجوي والأرضي، لأول مرة في تاريخ الدراما اليمنية، لتظهر صنعاء بمنازلها ومعالمها ومساجدها الأثرية وبساتينها الجميلة وأزقتها وشوارعها المرصوصة.
لم يكتفِ «مسلسل أبواب صنعاء» بإظهار التفاصيل الملموسة في المدينة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وإنما تناول جوانبها الروحانية المحسوسة، من تسابيح الفجر حتى تفاصيل الغروب، وما يدور خلف أبوابها من أحداث، ما جعل روّاد مواقع التواصل الاجتماعي يتناقلون مقاطع من المسلسل على صفحاتهم تباهياً بجمال وحضارة صنعاء.
«أبواب صنعاء» يأتي كأول مسلسل يمني يتفرد بتقديم صنعاء القديمة بطابعها التاريخي الجميل، ويزيد من جماله ورضا جمهوره لوكيشن تصويره صنعاء القديمة، التي تلفت كل الأنظار من الداخل والخارج، وإبرازه تفاصيل عديدة لا يعرفها الكثيرون عن صنعاء القديمة، وهو ما أشار إليه المخرج عبدالرحمن دلّاق في حديثه لـ «الثورة».

موسيقى من عبق التراث
إن من أبرز ما تميّز به «مسلسل أبواب صنعاء»، وأسر قلوب متابعيه بسرعة خاطفة، هو موسيقى المقدمة والختام، والموسيقى التصويرية التي رافقها صوت المنشد ياسر المطري بموشحات وأناشيد تراثية بديعة، تحاكي أفراح اليمنيين وأتراحهم، وتعبّر عنهم في كل حالاتهم.
وبهذا الخصوص يؤكد المشرف على إعداد وتنفيذ موسيقى المسلسل المنشد عبدالسلام المرتضى لـ «الثورة» أن الموسيقى الخاصة بالمسلسل جرى اختيارها من روح التراث، ومن ثم تم تجسيد الألحان والموشحات باستخدام الآلات الموسيقية المتنوعة.
وقد لاقت الموسيقى التصويرية للمسلسل إشادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر ذلك في التعليقات على حلقات المسلسل في منصة يوتيوب، لكونها أعادت الأناشيد والموشحات اليمنية للواجهة، ولأنها ناسبت المشاهد الجمالية لصنعاء القديمة وكانت قريبة من المشاهد فيما يظهر من مشاعر السعادة والحزن.

اليمن من «أبواب صنعاء»
المسلسل لا يتناول قضايا صنعاء القديمة حصراً كما يتصوّر الكثير من المتابعين، بل يحكي قضايا المجتمع اليمني بأكمله، وجاء اختيار صنعاء القديمة لكونها أبرز نموذج يمكن أن يجسّد حاضر اليمنيين وماضيهم العريق وهويتهم الإيمانية، ولإبراز جمالها التاريخي الأخّاذ وآثارها ومعالمها البارزة، هذا ما أكّده كاتبا المسلسل ومخرجه.
مسلسل «أبواب صنعاء» من بطولة الممثل القدير عبدالكريم المتوكل، ونجوم الدراما عصام القديمي، محمد الرداعي، عبدالناصر العراسي، أسعد الكامل، سلطان الجعدبي، عبدالرحمن الجوبي، أحمد حجر، أنيس العنسي، توفيق الأضرعي، أمل إسماعيل، وفتحية الأضرعي.
كما شارك في البطولة النجوم إبراهيم الأشموري، إبراهيم شرف، نجوى سنان، منى علي، يحيى سهيل، حسين حنظل، معاذ البزاز، أحمد زبارة، هاشم الديلمي، رمزي الآنسي، علاوة على مشاركة العديد من الممثلين البارزين، والوجوه الجديدة مثل أحمد سيلان وعلي الربعي.

نقلة درامية نوعية
شكّل مسلسل «أبواب صنعاء» نقلة فارقة في تاريخ الدراما في اليمن، لما ظهر به من إمكانيات عالية وطواقم فنية متميزة، استطاعت تجسيد القصة وتقديم صنعاء القديمة في أبهى حللها، ناهيك عن معالجة عدد من القضايا المجتمعية، بطريقة قريبة من الناس، وبوجوه مرغوبة ومحبوبة لدى المجتمع اليمني.
«أبواب صنعاء» تميّز بإخراج فني وتصوير وإضاءة وأداء جميل وجرافيك وتصحيح لوني لافت، بحسب ناشطين رصدنا آراءهم على منصات التواصل الاجتماعي، ومن خلال ما يظهر من حلقات المسلسل، كما حظي بصدى واسع ومشاهدات تتجاوز 3 ملايين وخمسمائة ألف مشاهدة للحلقات التي تم بثها، وتعليقات إيجابية عبّر أصحابها عن سعادتهم بالعمل الدرامي.
وفي ذات السياق يؤكد المخرج المساعد عبدالحليم الصلوي لـ «الثورة» «حرصنا على أن يكون الطاقم متخصصاً، سواء في الإضاءة أو التصوير أو الإخراج، ما ساعدنا بفضل الله كثيراً في سرعة إنجاز العمل وجودته وإخراجه بلوحة جميلة وفريدة».

«المسيرة» و«مؤسسة الإمام الهادي»
مسلسل «أبواب صنعاء» من إنتاج شبكة المسيرة الإعلامية، ومؤسسة الإمام الهادي الثقافية، تأليف وسيناريو وحوار عبدالله حسن الوشلي ومنّاع أحمد، وبطولة نخبة من نجوم الدراما اليمنية، وإخراج المخرج عبدالرحمن دلّاق، يُعرض السابعة مساءً على شاشة قناة المسيرة، والسابعة والنصف على قناة العرض الأول في منصة يوتيوب.
ورغم أن «أبواب صنعاء» لم يكن العمل الوحيد الذي لم تنتجه الجهة المنتجة له، حيث تنتج أيضاً مسلسل «تكتيك» الأمني الذي سنتطرق إليه بالتفصيل في مادة أخرى، إلا أنه ظهر بإمكانيات فنية مرتفعة وأداء متميز، في إضافة نوعية للدراما اليمنية، إلى جوار مسلسلي «بعد الغياب» و«قلوب مقفلة».
ويضطلع مسلسل «أبواب صنعاء» بدور كبير في مواجهة الضلال الذي تبثه قنوات العدوان، عبر عدد من المسلسلات الهابطة التي لا تضع للمجتمع اليمني وهويته الإيمانية أي اعتبار؛ ويعزز دور قيم الخير والحرية والكرامة والعدالة في مواجهة القيم الشيطانية، كما يحارب كل محاولات طمس وتغييب تاريخ وحضارة وهوية اليمن، ويلامس هموم المجتمع وتطلعاته.
تنفث قنوات العدوان السموم عبر الحرب الناعمة وتسيء إلى المجتمع اليمني، وتعمل بدأب لفصله عن المنهجية القرآنية وتسيء إلى تاريخ اليمن وأهله وتجرف الفكر السليم وتسطّح الواقع، استخفافاً بالشهر الكريم وأوقاته وقداسته.
في المقابل يؤكد مدير البرامج العامة بقناة المسيرة لـ «الثورة» قائلا: «من خلال المسلسلات التي نعرضها على قناة المسيرة بالشراكة مع مؤسسة الإمام الهادي الثقافية، حرصنا على أن تكون ملبية لطموح الجمهور وقريبة من الواقع بما فيها من البعد الأمني والاجتماعي والأسري وكل ماله علاقة بواقع المجتمع اليمني.

أول عمل درامي
في سياق استطلاع «الثورة» لانطباعات الطاقم الواسع للمسلسل، نقدّم لكم نماذج تعكس سعادة الممثلين المشاركين بأدوارهم، حيث يعتبر النجم محمد الرداعي مشاركته في «مسلسل أبواب صنعاء» مبعثاً للفخر والاعتزاز بالنسبة له.
الرداعي يعزو ذلك لكون المسلسل أول عمل درامي تُصوّر أحداثه كاملة في منازل ومساجد وأزقة وساحات وأسواق صنعاء القديمة المدينة الأقدم في التاريخ، ويعتبر العمل سبقاً يسجله التاريخ الفني للدراما التي تنتجها شبكة المسيرة ومؤسسة الإمام الهادي الثقافية.
النجم الكوميدي عبدالرحمن الجوبي وفي تصريح لـ «الثورة»، يرى مشاركته في المسلسل واجباً مهنياً ودينياً وإنسانياً، خصوصاً وهو يعمل من داخل بلده، بالقرب من أهله وناسه، في مسلسل متميز يظهر المعالم الأثرية اليمنية، ويجسّد كل القيم والأخلاق النبيلة، حد وصفه والذي وجه فيه الشكر لشبكة المسيرة ومؤسسة الإمام الهادي الثقافية على إنتاجهما مثل هذه الأعمال الدرامية الوطنية القوية.

«شرف لأي ممثل»
في صدد حديث «الثورة» مع نجوم المسلسل، يؤكد النجم أسعد الكامل بقوله: إن المشاركة في «مسلسل أبواب صنعاء» كانت بالنسبة لي رافدا كبيرا في تجربتي الفنية، وهي من أجمل المشاركات، والتي تعرفت فيها عن قرب على عادات وتقاليد أصيلة في صنعاء القديمة، لامسناها عن قرب مع السكان والأهالي».
وفي ذات السياق يعتبر النجم سلطان الجعدبي المشاركة في المسلسل _بحد ذاتها_ شرفا لأي ممثل يمني يعتز بوطنه وتراثه، وإضافة إلى رصيده الوطني، لما يحمله المسلسل من قيم، ولما يحمله من تقنيات فنية عالية من حيث التصوير والاخراج والتمثيل.
أما النجم أنيس العنسي فأكّد لـ «الثورة» اعتزازه بكونه أحد عناصر هذا العمل الدرامي الراقي والهادف، الذي يحمل القيم الإنسانية والهوية الإيمانية اليمنية والتاريخية الأصيلة لصنعاء وأهلها وأسواقها وتراثها الكبير، الذي يعكس الوجه الحضاري لكل يمني، وما أدلى به النجوم هنا هو تعبير بلسان حال المشاركين، حيث لا يتسع المجال للجميع.
وفي سياق قصة وأحداث «مسلسل أبواب صنعاء» يستمر أبناء صنعاء القديمة في خوض صراع مرير مع عدو لدود من أبناء المنطقة له ارتباط بالموساد الإسرائيلي وأعداء آخرين؛ فهو يحارب ترميم بيوت المدينة الأثرية، ويعمل في تهريب الآثار والعقيق، ويتخذ الظلم والتجبر وسيلة للتعامل مع أبناء محيطه، والقصة أحداثها في تصاعد مستمر، ووتيرة تشويقية متسارعة تتجلى من خلال ما تبقى من حلقات، سيتم بثها إن شاء الله حتى نهاية شهر رمضان المبارك.

قد يعجبك ايضا