من الضروري غرس وتحبيب العادات الدينية والاجتماعية والأخلاقية بشهر رمضان المبارك لدى الأطفال، فهذا الشهر هو الوقت المثالي لتعزيز هذه القيم في نفوسهم، وتنمية المهارات والحواس الحركية والذهنية لديهم من خلال الأنشطة وإشراكهم بطريقة تجعلهم يتحمسون ويتشجعون ويحبون هذا الشهر ويمضون الوقت مع العائلة بمتعة وسعادة.
ويؤكد التربويون أهمية دور الأهل والمدرسة في آن واحد في تعويد الطفل منذ الصغر على تعلم عادات هذا الشهر الفضيل، باعتباره فرصة مثالية لتربية الأطفال على القيم الدينية والأخلاقية منذ طفولتهم المبكرة، وفرصة لتهذيب سلوكهم عن طريق اللعب والترفيه والأنشطة المختلفة.
فشهر رمضان مدرسة دينية وأخلاقية لابد من استغلالها في تربية الأطفال والسعي إلى تدريبهم وتشجيعهم على القيام بالشعائر الدينية مثل الصلاة في جماعة والتعود على الصيام المتقطع في الشهر الرمضاني وبحسب أعمارهم، وكذلك نشر ثقافة التعاون والتكاتف والتعاون وقيم الإحسان والخير.
كما ينصح التربويون الآباء والأمهات بمشاركة الأطفال في صنع الزينة احتفالا بحلول شهر رمضان، وخاصة في الأيام الأولى منه، فيمكن صنع فوانيس ملونة مع هلال وصنع ملصقات أو لافتات ترحيبا بشهر رمضان المبارك، ويمكن اصطحاب الأطفال لشراء واختيار إضاءات ملونة فيها نجوم وأهلة مختلفة الأحجام، وأن يعلقوا معهم هذه الزينة لتضفي بهجة على المنزل.
كما بالإمكان تخصيص ركن خاص في غرفة المعيشة أو في أي مكان آخر هادئ للصلاة، وقراءة القرآن الكريم، مع وضع مصاحف ومسابح، ويوضع فيه سجادة صغيرة للطفل للصلاة، وكلها توحي بأجواء رمضانية. فهذا الركن يشجع الطفل على الصلاة في هذا المكان وحفظ سور من القرآن الكريم أيضا مع حفظ بعض الأدعية.
والتأكيد على مشاركة الأطفال في أعمال الخير مثل مساعدة الفقراء والمساكين وتوزيع المساعدات لهم يعتبر هذا أمراً مهماً يساعد على توعية الطفل بالقيام بأعمال خيرية ليس خلال شهر رمضان المبارك فقط، إنما طوال حياته، فتربية الأبناء على الأعمال الصالحة من المهام الأساسية للأهل، لذلك فكرة التبرع للمحتاجين من أهم أعمال الخير التي يتم تعليمها للأطفال.
ومن الأنشطة التي يمكن أن تضع أثرها على حياة الأطفال إقامة مختلف الأنشطة الثقافية والتعليمية مثل قراءة قصص السيرة النبوية والأنبياء والصحابة التي لها علاقة بشهر رمضان تجعلهم يتعلقون بالمناسبات الدينية ويتحمسون لقراءة هذا النوع من القصص. فهذه واحدة من أهم النشاطات الذهنية التي تجمع ما بين التسلية والحماس والاستفادة، فمن الضروري أن يتعلم الطفل ويتعرف على التاريخ الإسلامي والقيم الإسلامية.
كما لابد من إشراك الأطفال في المساعدة في إعداد مائدة الإفطار فلكي يشعر الطفل بلذة الصيام ويقبل عليه، لا بد له أن يشارك في تحضير مائدة الإفطار ويساعد والدته بتحضير بعض أنواع الطعام، أو المساهمة بوضع أدوات الطعام على السفرة، فهذا يشجعه على الصيام ويمر الوقت باستمتاع، كما أن المشاركة تخلق جوا من المحبة والألفة بين جميع أفراد الأسرة، وهذا يعزز جو شهر رمضان المبارك.
ومن أهم الملاحظات التي يضعها التربويون أمام الآباء والأمهات عدم إجبار الطفل على الصيام، ولكن بالمحبة واللطف يمكن تعويد الطفل على الصيام بضع ساعات، إذ يمكن التدرج بزيادة ساعات صيامه، حتى لا يشعر بالمشقة وينفر من فكرة الصيام، كما يجب تعويد الطفل على القيام بنشاطات مختلفة ومرحة ليبعد فكرة الطعام والشراب عنه ولا يشعر بالجوع والإرهاق، وهكذا يبدأ جسمه بالتعود ولن يتذمر بعد ذلك.
ومن خلال القيام بالكثير من الأنشطة المختلفة ومنها أيضاً تبادل الزيارات بين الأقارب والأهل وترسيخ قيم صلة الرحم، كل ذلك يترك لدى الطفل شعور بأن شهر رمضان المبارك هو الشهر الذي ننتظره جميعا بفارغ الصبر، لما فيه من قيمة روحية لا تنسى، وتبقى عالقة في الأذهان طوال العمر.
ولابد من محاولة ترسيخ الكثير من القيم التي يكتسبها الأطفال في شهر رمضان حتى ما بعد شهر الصيام ومحاولة تكرارها، كما لابد أن يحظى الأطفال بالجوائز والمكافآت القيمة بعد شهر الصيام نتيجة إنجازاتهم خلال الشهر الفضيل.
قواعد مهمة أثناء صيام الأطفال
هناك العديد من النصائح من أجل صيام آمن للطفل منها اتباع نظام غذائي متوازن خلال شهر رمضان بحيث يضمن تناول الطفل جميع العناصر الغذائية الأساسية والضرورية لنموه؛ ومن الضروري بأن يشمل نظامه الغذائي المعادن والفيتامينات المختلفة مثل فيتامين A،فيتامين B6، الكالسيوم، الحديد، الزنك، المغنيزيوم والبوتاسيوم؛ كما يجب أن يحصل الطفل على السعرات الحرارية التي يحتاجها جسمه، بحيث لا يكون صيام رمضان سبباً لنقص في الطاقة عند الطفل.
وكذلك توفير الكمية اللازمة من السوائل للطفل بعد ساعات الصيام لمنع الجفاف أو الإمساك أو الالتهابات البولية وغيرها، وينصح بشرب الماء والتقليل من العصائر الاصطناعية، لكونها غنية بالسكر واستبدالها بالعصائر الطبيعية مثل البرتقال والجزر، لكونها غنية بالفيتامينات والمعادن المختلفة.
في حالة صيام الطفل، يطلب من الأهل الانتباه إليه، فإن شعر الطفل بالتعب أو لم يستطع تحمل الصوم يجب قطع الصوم والإفطار فوراً.
ومن النصائح الغذائية للطفل خلال شهر رمضان يجب أن تحتوي وجبة الإفطار على حبتين من التمر أو كأسا من العصير، لأنهما غنيان بالمعادن والفيتامينات والألياف والفركتوز، أي الطاقة السريعة لتعويض النقص الحاصل خلال الصيام؛ وكذا شوربة الخضر لتعويض السوائل المفقودة. وفي هذا الصدد ينصح بتحضير الشوربة من الخضار الطازجة بدون مساحيق الشوربة الغنية بالملح لأنها تزيد العطش.
الخضار ينبغي أن تكون حاضرة في مائدة الإفطار كيفما كانت طريقة تحضيرها، سواء مطبوخة أو طازجة كالسلطة، لأنها غنية بالماء والفيتامينات وبالتالي فهي تساعد على الشبع؛
الطبق الرئيسي ينبغي أن يحتوي على البروتينات (الموجودة في اللحوم بأنواعها المختلفة، السمك، والبيض)، وكذلك على النشويات كالأرز، البطاطس أو العجائن.
كما لابد من التقليل من استهلاك الحلويات الغنية بالدهون والسكريات، وتفضيل استهلاك الفواكه والخضر والمنتجات الحليبية لأنها غنية بالكالسيوم الضروري لنمو العظام.
أما وجبة السحور فلها أهمية كبيرة، خاصة لدى الأطفال. لهذا ينصح بتأخير هذه الوجبة قدر الإمكان لكي تكون قريبة من موعد بدء الصوم. وتكمن أهميتها في منح الطفل الطاقة اللازمة لمساعدته على تحمل الصوم.
ويفضل أن تشمل هذه الوجبة جميع العناصر الغذائية، وبشكل خاص عنصر الكالسيوم المتوفر في منتجات الحليب، البروتين المتواجد في البيض، الحليب، والجبن، والنشويات التي تزود الجسم بالطاقة، مثل الخبز والحبوب، ولابد من تجنب الأطعمة المملحة أو الغنية بالتوابل لأنها تزيد من الإحساس بالعطش.
وأخيرا، ينصح بأن لا يقوم الطفل بأي مجهود شاق خلال ساعات الصوم مع الانتباه الدائم إلى حالته الصحية.