شهر رمضان ومكانته العظيمة

 

يحيي يحيي السريحي
قد لا يعلم البعض أن الكتب السماوية كالتوراة والزبور والانجيل والقرآن الكريم نزلت جميعها في شهر رمضان ,
فالصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا يكتمل إسلام المرء إلا بها ، قد كتبه الله على المسلمين كما كتبه على من سبقهم من الأمم أياماً معدوداتٍ يمتنع فيه المسلم عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تبارك وتعالى , فالصيام من أعظم الطاعات التي يُتقرَّب بها العبد إلى ربه ويثاب المسلم عليه ثواباً لا حدود له وبه تغفر الذنوب ويقي الله العبد من النار ، وبه يستحق العبد دخول الجنان من باب خاص أُعدَّ للصائمين وبه يفرح العبد عند فطره وعند لقاء ربه , ويُعد الصيام مدرسة صحية وتربوية واجتماعية مبنية على الصبر ومخالفة النفس وكسر الشهوة والإحسان إلى الفقراء ومواساة المساكين والمحتاجين، وتطهير الروح والانشغال بلذة العبادات من صلاة وذكر وقيام واعتكاف وتلاوة للقرآن الكريم , وللصيام فضائل كثيرة ومعاني سامية جليلة أهمها إضافة الصيام لله تعالى تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم أجره , عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ».
فالصيام وقاية في الدنيا والآخرة ، فيقي المسلم في الدنيا من الوقوع في الشهوات والمعاصي ويقيه في الآخرة من العذاب فهو حصن حصين في الآخرة من النار , فعن أَبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: « الصيام جنة، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ» وبالصيام يتحقق للصائم أجر الصبر فيجتمع في الصيام أنواع الصبر الثلاثة ، وهي الصبر على طاعة الله ، والصبر عن معصية الله ، والصبر وعلى أقدار الله سبحانه وتعالى , فالصبر على طاعة الله لأن الصائم يصبر على هذه الطاعة ويفعلها , والصبر عن معصية الله سبحانه وتعالى لأن الصائم يتجنب المعصية حال صيامه , والصبر على أقدار الله تعالى لأن الصائم يصيبه ألم العطش والجوع والكسل وضعف النفس فلهذا كان الصوم من أعلى أنواع الصبر لأنه جامع بين الأنواع الثلاثة ، وقد قال الله تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» ( الزمر : 10)
والصيام كفارة للخطايا والذنوب لأن الصيام من الأعمال التي يكفر الله بها الخطايا والذنوب، فعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ».
ثم إن الصيام يشفع لصاحبه يوم القيامة فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « الصيام والقرآنُ يشْفعان للعبد يقول الصيام : « رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعْني فيه ، ويقول القرْآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان « كما إن الصيام سبب لدخول الجنة فمن أسباب دخول الجنة الصيام وأحد أبوب الجنة الثمانية « باب الريان « وهو باب يدخل منه الصائمون الجنة فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن في الجنة باباً يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحدٌ غيرهم يقال أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحدٌ غيرهم فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد ,
فالصيام من الأعمال التي وعد الله صاحبها بالمغفرة والأجر العظيم:
فقال سبحانه وتعالى: « إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا « (الأحزاب:35).. إن من فضائل الصيام أن دعاء الصائم مستجاب فعَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائِمِ ، ودعوةُ المظلُومِ ، ودعوةُ المسافِرِ » , ومن فضائل الصيام ايضاً.
أنه يطهر القلب فصيام شهر رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وَحَرَ الصدر أي الغل والحقد والغش ووساوس الشيطان وما يحصل في القلب من كدرة أو قسوة، فعَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: « صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ « .. فالله جل في علاه قد جعل الصيام من الكفارات لأمور كثيرة منها كفارة فدية الأذى في الحج أو العمرة، فقال تعالى: «فَفِدْيَةٌ مِن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ» (البقرة:196) , وكفارة المتمتع إذا لم يجد الهَدْي في الحج قال تعالى: «فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي لْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ» (البقرة:196), وكفارة القتل الخطأ فقال تعالى: «فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» (النساء:92).
وكفارة اليمين فقال تعالى: «فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» (المائدة:89).
ومن خُتم له بصيام يوم دخل الجنة
فعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :» مَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ « قال الإمام المناوي رحمه الله في كتابه فيض القدير: « أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين ، أو من غير سبق عذاب , واخيراً فإن المداومة على الصيام له أجر عظيم عند الله تبارك وتعالى، ومن الثواب الكبير الذي يُكافأ به الله الصائمين غرف الجنة فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلّم: « إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ».
نسأل الله أن يعيننا في شهر رمضان على الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن وأن يتقبل منا ومن جميع المسلمين صالح الأعمال وأن يحفظ علينا دين الإسلام ويمن الحكمة والإيمان وأن تضع الحرب أوزارها ويعم السلم والسلام والأمن والأمان في كل ربوع اليمن ياحنان يامنان.
# اللهم احفظ اليمن وشعبه #

قد يعجبك ايضا