عنصرية العيون الزرقاء

يكتبها اليوم / حمدي دوبلة

 

خلال الأيام الماضية من الأزمة الأوكرانية، تقيأ الغرب وبشكل علني ما يكن في داخله من عنصرية مقيتة، وما تنطوي عليه سريرته من بغض دفين وتعالٍ وتجبُّر على العرب والمسلمين ولكل من ينتمي إلى غير الجنس الأبيض.
-أصمَّت أمريكا ومعها الدول الأوروبية ممن يسمون أنفسهم بالعالم المتحضّر، آذان الدنيا بشعاراتهم الفضفاضة، عن العدالة والمساواة والحقوق والديمقراطية والإنسانية، لكن ومع أول حدث تشهده ساحة أوروبية انكشف المستور وزال القناع وظهروا على حقيقتهم وسجاياهم الطبيعية.
-تابعت قبل يومين، حديث طالبة أردنية كانت تدرس في أوكرانيا، وهي تروي لقناة (أم بي سي) قصة هروبها إلى بولندا, وما تعرضت له مع المئات من زملائها العرب والمسلمين، من معاملات عنصرية بعيدة كل البعد عن القيم والأعراف الإنسانية والسلوك البشري السّوي.
اضطر هؤلاء الطلاب إلى السير لأيام وليال على أقدامهم، وسط مناخ شديد البرودة وصلت فيه درجة الحرارة إلى أقل من عشر درجات تحت الصفر، مع أن السيارات والحافلات كانت متوفرة، بل إن بعضها، كما تقول، كانت تُقلّ على متنها شخصين أو ثلاثة فقط ، لكن لا أحد من الأوكرانيين ذوي العيون الزرق والشعر الأشقر والبشرة الصفراء ، رأف بحالهم أو أظهر شفقة عليهم، فاضطر بعضهم إلى إحراق حقائبه وثيابه من أجل الحصول على الدفء.
-القناة السعودية كما كان واضحا، لم يرقها حديث الشابة الأردنية، ولم تتح لها المزيد من الوقت، لتبث شكواها، وما واجهته من عناء بسبب عنصرية الغرب الأرعن، فقاطعتها زاعمة أن الوقت قد داهم الحيّز المتاح لنشرة الأخبار ، لكن شهادة هذه الفتاة ما هي إلّا غيض قليل من فيض العنصرية ، وسيولها الجارفة التي راحت ماكينة الغرب الإعلامية وذيولها في المنطقة والعالم، تروّج لها بكل وقاحة وتبجُّح، فأوكرانيا كما مضت تلوكه ألسنة النخب السياسية والإعلامية في الغرب” المريض” ليست اليمن ولا أفغانستان ولا هي سوريا أو ليبيا والعراق وفلسطين ولا نساؤها وأطفالها كنساء وأطفال هذه الشعوب التي لا تستحق الحياة ولا حتى مجرد الاكتراث والتعاطف. إلى آخر هذه الترُّهات التي أصبح أصحابها يردّدونها بلا خجل أو حياء.
– يعيبون على شعوبنا الفقر والجهل ورداءة المظهر، ويتناسون بأن بلدانهم وأنظمتهم الاستكبارية هي من نهبت ثرواتنا، وفرضت واقع التخلف علينا، وهم دون غيرهم من دعموا ويدعمون إلى اليوم أنظمة الاستبداد والظلم والديكتاتورية، ثم يصادرون حقنا في الحياة بما اقترفته أياديهم الآثمة!
-لأجل جمال أوكرانيا “المسيحية” وزرقة عيون نسائها وأطفالها حشدت أمريكا وأوروبا الكرة الأرضية عن بكرة أبيها، فارضة عقوبات طالت روسيا ومصالحها في الأرض والسماء، ولم تسلم من هذه الإجراءات حتى كرة القدم ولاعبوها وحكّامها وكل مجالات الحياة، لكن أحدا منهم لم يبدِ شيئا من الاهتمام بأطفال ونساء اليمن وفلسطين وسوريا وغيرها من البلدان المقهورة، فهم كما باتوا يقولونها بصراحة وعلانية أهلٌ للموت والمجاعة والفناء.

قد يعجبك ايضا