قدم بدمائه الطاهرة ضمانة حقيقية لاستمرار المشروع القرآني
المجاهد محمد ضيف الله فارس -أحد المشاركين في الحرب الأولى لـ«الثورة »: الشهيد القائد كان نموذجاً متميزاً يعكس عظمة وقدسية المشروع القرآني
استشهاده – سلام الله عليه- مثل نصراً للحق وللقضية وللمشروع
” كان نموذجاً متميزاً يعكس عظمة وقدسية المشروع القرآني القويم” بهذه الكلمات يتحدث المجاهد محمد ضيف الله فارس -أحد المشاركين في الحرب الأولى التي شنتها السلطة الظالمة آنذاك على الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي – سلام الله عليه – في العام 2004م.
المجاهد محمد فارس أكد في حوار أجرته ” الثورة ” معه أن الشهيد القائد قدم بدمائه الطاهرة الضمانة الحقيقة لاستمرار المشروع القرآني العظيم ، كما مثل استشهاده -سلام الله عليه- نصراً للحق وللقضية وللمشروع:
الثورة / محمد الروحاني
ونحن نعيش ذكرى استشهاد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي –سلام الله عليه – هذه الذكرى الأليمة ترحب بكم صحيفة الثورة في هذا اللقاء .. باعتباركم أحد الذين تعرفوا على الشهيد القائد حدثونا عن شخصية “الشهيد القائد” وعن الصفات التي منحه الله إياها لكي يكون بمستوى المشروع القرآني الذي قدمه للأمة ؟
– الشهيد القائد السيد حسين “سلام الله عليه” كان نموذجاً متميزاً يعكس عظمة وقدسية المشروع القرآني القويم: في أخلاقه، وفي التزامه، وشجاعته، ونزاهته وصدقه وإخلاصه، وكرمه والصدع بالحق والصبر عليه. ونخوته وكل ما يتعلق بآداب وأخلاقيات الدين الحنيف.
الشهيد القائد كان حريصاً على أن يقدم الدين بجاذبيته وقوته في الزمن الذي أصبحت نظرة الناس للدين مغلوطة.. فالدين كما يقول – سلام الله عليه – لم يقدم كاملاً ..أهملت الأشياء التي هي أساس قوته ،كالجهاد في سبيل الله والاعتصام بحبله ، والعمل على إعلاء كلمته.. كان الشهيد القائد يدعو للرجوع إلى كتاب الله ، ومع ذلك كان يواجه بحملات دعائية..
الشهيد القائد كان يؤلمه ما آلت إليه الأمة الإسلامية من انكسار وضعف وتبعية لإعدائها الذين يمارسون بحقهم أفظع الجرائم والفتن ليضلوهم ويتحكموا في شؤونهم ويستغلوا خيراتهم .. كان يمتلك من الرؤية العملية والمكانة الاجتماعية وحسن الطرح والشجاعة ما أهله للقيام بهذا الدور العظيم .
برأيكم ماهي الأسباب التي دفعت الشهيد القائد لإطلاق “المشروع القرآني”؟
– الأسباب التي دفعت بالسيد للقيام بهذا المشروع تتمثل في الآتي :
أولا: الأعداء كانوا قد وصلوا إلى مستوى من الخطوات العملية لمحو الإسلام إلى أن اعلنوا بعد أحداث سبتمبر – المفتعلة لهذا الغرض – وصلوا إلى مستوى أن اعلنوا عن حرب صليبية على الإسلام ، ومع كل هذا كانت ردة فعل القادة المسلمين أن اعلنوا وقوفهم مع أعدائهم لمواجهة أمتهم ، ولم يكن هناك من عمل في الساحة من شأنه مواجهة الحملة.. ولا من عمل يغير من وضعية الأمة من حالة السبات والتبعية والضعف إلى قوتها وسابق عهدها أيام الرسول صلوات الله عليه وعلى اله.. فانطلق الشهيد القائد بكل ثقة بالله وإيمان بأهمية وجدوائية هذا المشروع في مواجهة الأخطار ، وبدأ متوكلا على الله يدعو الناس ويشحنهم وعياً بخطورة العدو ويملأهم إيمانا وثقة بالله انه سينصرهم، وكان التثقيف و الشعار والمقاطعة أول الخطوات العملية ، وكانت مجدية ، والان أصبحت المسيرة القرآنية تشكل خطراً كبيراً على الأعداء وملاذاً آمناً لأحرار الأمة والعالم .
حدثونا عن الحرب الأولى وكيف سارت ، وكيف واجه الشهيد القائد ومن معه من المؤمنين الأوائل هذه الحرب العدوانية التي انتهت باستشهاده – سلام الله عليه – ؟
– الحرب الأولى عام 2004م، قبل ان تدق السلطة طبول الحرب سبقتها إرهاصات إعلامية وتهديدات صاحبتها وساطات والتي وصفها الشهيد القائد بـ ” تنفيذ ” أشبه ما تكون (سلم نفسك) ،وتوقف عن هذا المشروع الذي هو عبارة عن المحاضرات بتثقيف الناس بالقرآن الكريم ومقاطعة بضائع الأمريكية والإسرائيلية وترديد الشعار الذي أطلقه الشهيد القائد كصرخة في وجه المستكبرين في الـ 17 من شهر فبراير من العام 2002م بعد أن سبقها عدة محاضرات كدروس من هدي القرآن الكريم في مدرسة الإمام الهادي عليه السلام بـ “مران ” .
معروف أن هذا المشروع هو عمل ثقافي، فلم تترافق معه تدريبات عسكرية أو ما يثير السلطة لتشن السلطة الحرب على “مران ” وبعض المناطق في المحافظة .
عندما كانت السلطة آنذاك تزج بالمكبرين في سجونها كانت في نفس الوقت تعد نفسها عسكرياً للحرب بتوجيهات وضغوط أمريكية .. عمدت قبل ذلك إلى إجلاء المعلمين وبعض العلماء من محافظة صعدة إلى بقية المحافظات وكأنهم رعايا أجانب دخلوا إلى الأراضي اليمنية .
مقدمات الحرب كثيرة ولا يمكن سردها في هذه الزاوية .. السلطة ارتكبت خيانة لله ولرسوله وللشعب ، وتصدت لتلك اللعنات” على اليهود والنصارى ” التي كان يصرخ بها السابقون المكبرون في جامع الإمام الهادي والجامع الكبير بصنعاء .. وتطور بها الحال إلى أن وجهت ترسانتها العسكرية إلى مواطنيها المدنيين والتي هي مسؤولة عن حمايتهم من أمريكا وإسرائيل وغيرهم من المعتدين، والذي مثل جريمة فريدة في تاريخ هذا البلد .
في الحرب الأولى لم تثق السلطة بجيشها وقواتها الهائلة والمدربة في أن تقدم على حرب في “جبل مران” لوحدها بل استعانت بالقبائل بعد أن غررت عليهم واحتاجت إلى الدعم اللوجستي الخليجي والخبرات العسكرية الخارجية ..بالتزامن مع حرب إعلامية ظالمة في الداخل والخارج ، وكأن السلطة مقدمة على حرب دولة عظمى تحتاج إلى هذا الاستنفار الكبير .
بدأت السلطة العميلة حربها بأقوى ما لديها من سلاح من أول يوم .. فاستخدمت السلاح البري من دبابات ومدافع وصواريخ ورشاشات وسلاح جوي كالطائرات العمودية والميج ، وكأنها تريد أن تهزم عدوها الكبير من أول ضربة، فتهزمه عسكرياً ونفسياً وهي تدري أنها تقتل أطفالاً ونساء وتقتل الحياة في نفوس مواطنيها، وحتى الحيوانات لم تشفع لها أنها حيوانات بريئة.
عندما كان الظلم بهذه البشاعة وبهذا الجرم كانت رعاية الله للشهيد القائد وللرجال من حوله إذ تمثلت في هي الصمود الأسطوري ، الذي كسر الأمل في نفوس أولئك الأوغاد الخونة في حسم المعركة كما كانوا يتصورن وحسب ما خططوا له ، تماماً كما هو العدوان الأمريكي السعودي على اليمن حالياً ، الذي أرادوه في أسبوع أو شهر بالكثير ، وها هم يدخلون عامهم الثامن حتى الآن إرادة الله هي التي تسبق أرادة الفجار البغاة .. الرعاية الأهلية اكتنفت الشهيد القائد وأولئك الرجال المؤمنين الذين واجهوا تلك الحرب، بالله القوي العزيز، وكل حمل بندقية الكلاشنكوف وذخيرته المتواضعة وحفر مترسه بالقرب من بيته ،وبدأ بحماية نفسه ودينه من دولته المعول عليها حمايته ، كانت الرجل الأمريكية القذرة ضاغطة بقوة على رقاب علي عبدالله صالح ،وعلي محسن الأحمر وغيرهم ،فباشروا الإشراف على العمليات العسكرية بأنفسهم .
طالت الحرب إلى أكثر من شهر، وتكبدت السلطة الخسائر البشرية والمادية، وكانت هذه المدة بمثابة هزيمة نكراء لجيش جرار، مقابل أولئك الرجال الذين لا يتعدى عددهم الثلاثمائة مجاهد .
السلطة العميلة عندما كانت تهجم بكل قوتها كانت تحاصر المنطقة ، وفي نفس الوقت كانت تعتقل كل من يريد دخول “مران”، وتعتقل من أراد الخروج من مران
كذلك جندت السلطة العميلة المشائخ والمخدوعين في معسكرات محيط مران من خلال النقاط العسكرية المنتشرة على تخوم “مران” .
ومع الأيام يزاد الحصار ويزداد الخناق وتضيق حلقة المقاومة وتزيد فيها المعاناة والمآسي .. نزح معظم سكان المنطقة ولم يبق إلا أولئك المقاتلون المجاهدون .
كان صمود المجاهدين إلى آخر أيام الحرب، وعندما حوصر جرف سلمان وهو المكان الذي كان يتواجد فيه الشهيد القائد، وبدأت قوات العدو تتقدم شيئاً فشيئاً من الجرف وكان كل تقدم يحدث في القتال يواجه بالمقاومة، وحتى الجرحى اضطروا للخروج لقتال العدو الزاحف والمقترب من الجرف الذي فيه الشهيد القائد سلام الله عليه .. فيسقط الشهيد تلو الشهيد ، وفصل العدو بين الجرف ومن تبقى من المجاهدين والذين هم قليل جداً بعدد الأصابع فكان استشهاده سلام الله عليه نصراً للحق وللقضية وللمشروع، فهو ضحى بنفسه من أجل الله ،واستمرار هذا النهج القويم، فهو رجل يعرف سنن الكون بأن دمه الشريف سيكون الضمانة الحقيقية لاستمرار هذه المسيرة المباركة .
ما هو الأثر الذي تركه استشهاد الشهيد القائد – سلام الله عليه – عليكم في ذلك الوقت ، وهل كنتم تتوقعون أن يستمر هذا المشروع ليصل إلى ما وصل إليه اليوم ؟
– ترك أثراً كبيراً في من تبقى من أنصاره ومازالوا حوله في بعض الجروف كجرف الجرحى “جرف الحماس ” وغيرها، عند أسرهم تمنى الجميع لو انهم استشهدوا معه .. لكن جراحهم وصبرهم وجهادهم معه خفف من غيابه عنهم.. فعلاقتهم بالله قوية ويحتسبون الأجر منه .
بالفعل كان هناك تساؤل حول الاستمرار واستئناف الجهاد وتحت راية من ؟ لكن المدة لم تطل فقد ظهر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه وهذا من نعم الله الكبيرة على عباده .
هناك من لايزال يقول إن هذا المشروع القرآني هو من نتاج إيران .. كيف تردون على هؤلاء ؟
– هذا المشروع وهذه المسيرة هي مستمدة من هدى القرآن وليس من هدي ايران أو غيرها .. الشهيد القائد كان يعطي دروسا ًمن هدي القرآن قرابة سنتين ونصف .. تلك هي التي جعلت الأمة تعود إلى ربها بعد أن كانت قد ابتعدت وقربت من الباطل وعاشت الضلال وصارت أقل درجة من أهل الكتاب .. فتلك هي دعوى باطلة ونغمة يتغنى بها إعلام أهل الكتاب اليهود والنصارى، ويعرفون انهم كاذبون مفترون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
.. هذه المسيرة موعودة بالنصر لا محالة لأنها مسيرة حق وجهاد وموقف من أهل الباطل في هذا الكون والذين جاهدوا لنهدينهم سبلنا، وهذا المشروع هو مشروع انتصار وليس مشروع هزيمة، ونحن نحمد الله، الانتصارات متتالية منذ الانطلاقة فإرادة الله هي الأقوى .
بعد الهزيمة التي منيت بها السلطة الظالمة التي كانت تحكم اليمن ، وانتصار المشروع القرآني تحت قيادته الجديدة المتمثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي دفع الأمريكيون بوكلائهم في المنطقة لشن عدوان ظالم على اليمن ، هل تتوقعون انه سيأتي اليوم الذي نكون فيه في حرب مباشرة مع الأمريكيين والصهاينة بعد هزيمة هؤلاء الوكلاء خصوصاً وأن المعطيات اليوم كلها تؤكد أن هزيمة هؤلاء الوكلاء باتت وشيكة ؟
– عندما تهزم السلطة الظالمة، وتنتهي إلى غير رجعة على أيدي المؤمنين أولئك الذين طالتهم السلطة العميلة بيدها الإجرامية بأنواع الظلم والصلف والجبروت لعقود من الزمن، فلا شك انهم سيقدرون هذا النصر والرحمة الإلهية به وتأييده وعونه ، ولذا واصلوا الجهاد ،تحت راية السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ،فتصدوا لهذه الحرب الكونية ضد شعبنا الشامخ شموخ الجبال بشموخ أهله وقيادته ،وهذا الشيء هو طبيعي أن نضحي ونتحمل تبعات التحرر من وصاية آل سعود وأسيادهم أمريكا وإسرائيل، وينتهي في بلادنا حكم السفارات ويكون الحكم كله لله .
من يحارب اليمني ليست السعودية والإمارات، هؤلاء هم عبارة عن أدوات قذرة ينفذون توجيهات أسيادهم الذين لهم الدور الأبرز ،وهم الدينمو المحرك للعدوان وهذا لا يجهله أحد .
أمريكا اليوم هي الداعم والممول والمخطط وهي من تقرر أيضا ،ومن تتولى الضرب بذلك السلاح الفتاك ، كما هو في عطان ونقم، ولها تدخل مباشر بالطيران وما خفي كان أعظم، ولم يبق سوى المعارك البرية لجنودها، رغم هلاك بعض ضباطها وخبرائها في المعارك والضربات الصاروخية والطيران المسير .
وسواء واجهنا الجندي الأمريكي أو الإسرائيلي أو الفرنسي أو البريطاني أو غيرهم فنحن واثقون بالله بهزيمتهم، فكما واجه الآباء والأجداد كل الغزاة وانحلت أجسامهم تحت ترابنا .. بالتأكيد أن شعب الأيمان والحكمة سيواصل الدفاع عن كرامته والجهاد في سبيله .
اليوم ونحن في نهاية العام السابع من العدوان ، كيف تقيمون صمود الشعب اليمني وعلى كل المستويات ؟
..الصمود اليماني اصبح مثالاً أعلى للعالم في التحرر ،ومقاومة الطغاة ،وأصبح حجة على الشعوب التي ترضخ لظلم حكامها وهي قادرة على انتزاع حقها المشروع والعيش بحرية وكرامة .
عندما تمر سبعة أعوام على شعبنا المحاصر والمعتدى عليه وهذه الهجمة القوية من أعتى وأقوى دول العالم عسكرياً ومادياً ، فإن ذلك دليل على أن هذا الشعب اليمني يستحق أن تكون له قيادة كقيادة السيد عبدالملك، يحفظه الله، وقائد يستحق أن يكون له انصار كهذا الشعب العظيم الشجاع الكريم ،العزيز ، لقد أصبح هذا الشعب شوكة في حلوق تلك الأنظمة الباغية، النازية ، واستطاع توقيفها عند حدودها ،والمستقبل هو للشعوب المكلومة الأخذة بهذه الأسباب .