
أكد راجح بادي الناطق الرسمي باسم الحكومة أن ما تحقق في اليمن خلال العامين الماضيين من وصول الرئيس عبدربه منصور هادي إلى السلطة أمر لا يمكن الاستهانة به أو التقليل منه.
وقال: إنه رغم الظروف الاستثنائية الصعبة التي مرت بها اليمن والتي كانت فوق طاقتها إلا أن اليمنيين استطاعوا تحقيق الشيء الكثير وأسسوا لمرحلة ينطلقون من خلالها لتحقيق أهداف ثورة فبراير 2011.
وأكد بادي في حواره مع “الثورة” أن مهمة الرئيس عبدربه منصور هادي خلال العامين الماضيين كانت صعبة وخاض اليمنيون خلالها حربا مفتوحة مع كل القوى التي تقاطعت مصالحها مع عملية التغيير .. نص الحوار:
* كيف تقيمون فترة عامين من حكم الرئيس عبدربه منصور هادي¿
– قبل الحديث عن تقييم الوضع خلال العامين الماضيين لابد من التذكير بالوضع الذي كانت عليه البلاد قبل هذه الفترة والصعوبات التي كانت تهدد مستقبل اليمن.. الكل يعلم أنه عندما تم التوافق على اختيار الرئيس عبدربه منصور هادي كان الجميع يدرك خطورة وجسامة المهمة التي سيتولاها .. لذلك أعتقد أن أصدق تعبير لما حدث في تلك اللحظة التاريخية هو مايردده الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس الوزراء عندما يقول أنه هو والرئيس عبدربه منصور هادي فدائيان عندما تصدرا في تلك الفترة لقيادة اليمن في ظل وضع صعب ومعقد للغاية .
ماحدث خلال العامين الماضيين في ظل وضع كهذا سواء في الجانب العسكري أو الجانب الأمني أو في الجانب الاقتصادي شيء لايمكن الاستهانة به أو التقليل من شأنه في ظل وجود قوى لاتريد لعملية التغيير أن تصل إلى منتهاها.
استهداف الاقتصاد والأمن
* ما الذي حدث بالضبط¿
– كانت القوى التي لاتريد لعملية التغيير أن تكمل مشوارها تعمل على محورين لإفشال عملية التغيير في اليمن .. المحور الأول هو المحور الاقتصادي والمحور الثاني هو المحور الأمني بغرض إفشال السلطة الجديدة التي تولت زمام الأمور في 21 فبراير 2012 والتي خرج فيها الملايين من اليمنيين لاختيار الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا لليمن .. كانت المهمة صعبة وخاض اليمنيون حربا مفتوحة مع هذه القوى التي تقاطعت مصالحها وسعت جاهدة لإيقاف عملية التغيير في اليمن من أجل إفشال هذه السلطة الجديدة.
لقد شاهدنا خلال هذه الفترة ضربا لأبراج الكهرباء وتفجيرا لأنابيب النفط واغتيالات تلو الاغتيالات طالت ضباط الأمن والجيش واعتداءات على المنشآت العامة والخاصة وتنفيذ عمليات إرهابية واستهداف قيادات سياسية ومدنية وكل ذلك بهدف إفشال السلطة الجديدة وعملية التغيير التي ارتضاها الشعب اليمني.
هيكلة الجيش خطوات جادة
* ماذا عن هيكلة الجيش والأمن¿
– بدأ الرئيس عبدربه منصور هادي في هيكلة الجيش والأمن وهي المهمة التي كان الكثير يشككون في القدرة على تنفيذها ويبثون الأقاويل والإشاعات بأنه لاتوجد إرادة لدى السلطة الجديدة لهيكلة الجيش والأمن لكن الجميع شاهد أن هناك خطوات جادة تم اتخاذها في هذا الجانب مع أنه مازالت هيكلة الجيش والأمن أيضا بحاجة إلى خطوات كي تكتمل.
إن الهدف من إعادة هيكلة الجيش هو بناء جيش وطني يكون ولاؤه لليمن بعيدا عن الولاءات للأفراد أو للقادة وبالتالي فإن هذه العملية واجهت الكثير من العراقيل لكن الرئيس عبدربه منصور هادي استطاع التعامل معها بحنكة جنبت البلاد مشاكل لاتحمد عقباها.
شوط كبير
* هل نستطيع القول أن اليمن نجح في هيكلة الجيش¿
– نحن نتحدث بشفافية مع الناس فعملية الهيكلة قطعت شوطا كبيرا لكنها لم تصل إلى نهايتها .. هناك خطوات كبيرة وتم قطع شوط كبير في هذا الجانب وهناك خطوات لابد من إكمالها لأن الجيش والمؤسسة العسكرية هما صمام أمان البلاد وبالتالي فلا بد من بناء مؤسسة عسكرية يكون ولاؤها أولا وأخيرا لليمن.
وضع اقتصادي مستقر
* دعنا ننتقل للجانب الاقتصادي كيف تقيم الوضع¿
– هذا الكلام يصب في خانة محاولات عرقلة عملية التغيير وإفشال السلطة الحالية برئاسة عبدربه منصور هادي وهي محاولة لبث اليأس والإحباط لدى الشارع اليمني رغم أن الواقع يعكس خلاف ذلك.
الوضع الاقتصادي في البلاد عندما تسلم الرئيس عبدربه منصور هادي السلطة وتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني كان وضعا صعبا للغاية .. كانت الموارد شحيحة وكانت الخدمات شبه منهارة وكان الجميع يراهن بأن السلطة ستنهار بسبب الوضع الاقتصادي البائس لكن تم اتخاذ خطوات قوية وحقق الجانب الاقتصادي نجاحات لعل من أبرزها تحقيق استقرار في سعر صرف الريال أمام الدولار والعملات الأجنبية فحين تسلمت السلطة الحالية مهامها كان سعر الدولار 235 لكنها استطاعت خفض سعره إلى 215 وخلال عامين ظل سعر الريال مستقرا.
كنا في الماضي نجد أن سعر الصرف للدولار يتغير في اليوم الواحد ففي الصباح تجده بسعر وفي المساء تجده بسعر آخر كما أن أسعاره تختلف من محل صرافة إلى آخر لكن ماتم الآن يعد كبيرا !!
* كيف¿
– تم العمل على استقرار سعر الصرف أضف إلى ذلك أن أسعار السلع بشكل عام شهدت استقرارا إن لم يكن تراجعا في أسعارها في حين لم نكن نشهد من قبل 2011 أي انخفاض للأسعار أو لأسعار الدولار.
استقرار سعر الصرف خلق نوعا من الطمأنينة لدى المواطنين وخلق نوعا من التفاؤل بأن هناك جدية لدى القيادة الحالية كما تم توفير المشتقات النفطية رغم التفجيرات المستمرة لأنابيب تصدير النفط كما تم إعادة الخدمات الأساسية كالغاز والوقود والكهرباء رغم ضربها بشكل مستمر.
تم تحسين إيرادات البلاد في مجالات الضرائب وفي مجال الجمارك بسبب الإصلاحات التي حدثت في هذا الجانب .. تم تخفيض فاتورة بدل السفر التي كانت تصرف لموظفي الدولة .. تم قطع مشوار كبير في إعادة ثقة المانحين باليمن والمجتمع الدولي.
نجاح الحوار
* وماذا عن الجانب السياسي¿
– لقد استطاع اليمن تحقيق نجاح سياسي كبير من أبرز تلك النجاحات هو إيجاد إجماع إقليمي ودولي بضرورة دعم السلطة الحالية في اليمن إضافة إلى نجاح مؤتمر الحوار الوطني.
ولعل نجاح مؤتمر الحوار يعد من أهم النجاحات التي تحققت على الصعيد السياسي حيث كان الكثير يشككون في إمكانية نجاحه لكن ولله الحمد وبفضل الإرادة السياسية والإرادة الشعبية التي تقف خلف هذه الإرادة نجح الجميع في إخراج مؤتمر الحوار الوطني إلى الواقع وتوافقت القوى السياسية على مخرجات جامعة وبالتالي فإن هذه القوى مطالبة اليوم بالعمل وتضافر الجهود لتنفيذ هذه المخرجات.
مرحلة استثنائية
* هل ترى أن فترة عامين كافية لقياس أداء الرئيس عبدربه منصور هادي¿
– أعتقد أننا نعيش مرحلة استثنائية وظرفاٍ استثنائياٍ وهذه المرحلة في كل بلاد العالم تتسم بأن الصعوبات تكون فوق طاقة وقدرة الدولة والتحديات تكون أكبر لكن الإرادة السياسية الحقيقية التي وجدت لدى هذه القيادة استطاعت أن تنجز الكثير.
ومع هذا فإن ماتحقق بصراحة ليس كل ما يريده اليمنيون الذين خرجوا في ثورة شبابية عارمة في 2011 لكن تم إنجاز الشيء الكثير وأنجزت أشياء تؤسس لمرحلة ينطلق من خلاله اليمنيون لتحقيق أهداف ثورة 2011.
لو تم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ستتحقق أهداف ثورة فبراير 2011 لذلك لابد من التفاف شعبي حقيقي لدعم مخرجات الحوار الوطني وإفشال مخططات القوى التي تراهن على إفشال عملية التغيير في اليمن والتي لاتريد لمخرجات الحوار الوطني أن تنفذ على أرض الواقع لأن مصالحها ستنتهي.
هناك من يريد أن يبقي الدولة اليمنية في وضعها الهش حتى تستمر مصالحها وتستمر القوى التي لا تستطيع العيش والنمو إلا في ظل هذا الوضع الهش وماتم إنجازه خلال العامين الماضيين أضر بتلك القوى وستتضرر أكثر إذا ماتم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لذلك هي سعت خلال الأشهر الماضية لإفشال مؤتمر الحوار الوطني لكنها لم تنجح عندما وجدت إرادة سياسية قوية وإرادة شعبية صلبة حالت دون تحقيق ما كانوا يسعون إليه.
* هل بالإمكان أن نتحدث عن نجاحات تحققت في الجانب الأمني خلال العامين الماضيين خصوصا إذا ما لاحظنا ارتفاع وتيرة الأحداث الأمنية والعمليات الإرهابية¿
– نحن نمر بمرحلة انتقالية وهذه المرحلة لابد أن يشوبها أوضاع هشة خصوصا إذا ما ربطناها بأوضاع لم تكن تسر أحداٍ قبل الثورة الشعبية حيث كانت البلاد تعاني من أوضاع أمنية متدهورة وصل معه الأمر إلى استيلاء تنظيم القاعدة على مناطق واسعة في أبين ورغم ذلك تمكنت الدولة خلال العامين الماضيين من تحرير أبين من قبضة القاعدة وإضعاف قدراتها إلى حد كبير كما نجحت القيادة السياسية في إشراك الحوثيين بمؤتمر الحوار الوطني وهذا تحول كبير جدا.
ما شهدته وتشهده البلاد من أحداث أمنية هنا وهناك هي محاولة لإجهاض عملية التحول الحاصلة في اليمن يقف وراءها من تضرروا من عملية التغيير التي جاءت كضرورة ملحة لكن بتضافر جميع أبناء اليمن سيتمكنون من تعدي هذه المرحلة كما تعدوها في الماضي وسينتقلون لبناء دولتهم التي يحلمون بها.
اليمنيون واجهوا حربا مفتوحة على كل الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية لكنهم خلال العامين الماضيين استطاعوا تجاوز كثير من التحديات التي وقفت أمام حلمهم بعهد جديد وهم اليوم بإرادتهم المتضافرة يصنعون الغد بأمل أكثر إشراقا وأكثر قوة.
الدور الأكبر للرئيس
* كيف تقرأون دور الرئيس هادي في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني¿
كان للرئيس هادي الدور الأكبر في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني من خلال تمكنه من حشد إجماع ومساندة دولية لإنجاح هذا الحوار وإفشال كل المحاولات التي جرت طيلة مرحلة الحوار الوطني لإفشاله ولعل آخرها حادثة اغتيال الشهيد الدكتور احمد شرف الدين التي تصرف معها الرئيس هادي بحنكة وشجاعة ولعل اليمنيون يتذكرون الكلمة التاريخية التي شعروا فيها بالصدق أثناء ترؤس الرئيس لجلسة الحوار الوطني تلك وهنا أستشهد بما قاله الأستاذ محمد قحطان عندما قال: إن الرئيس هادي استطاع أن يصد بحكمته معظم السهام التي كانت موجهة لصدر الحوار الوطني.
سياسة النفس الطويل
* ما قراءتك لسياسة الرئيس هادي ذات النفس الطويل في التعامل مع الأحداث المحيطة وفرقاء العمل السياسي¿
طبيعة المراحل التوافقية والانتقالية تتطلب سياسة النفس الطويل اليمنيون جربوا سياسة النزق واتخاذ القرارات الآنية التي أوصلت اليمنيون إلى هذه الحالة ولقد أثبتت الأحداث التي مرت بها اليمن خلال العامين الماضيين أن سياسة النفس الطويل حتى وإن استغرقت الكثير من الوقت والجهد إلا أنها كانت هي الأضمن والأسلم لليمن ولليمنيين.
اليمن بلد الجميع
* ما الدور الذي يجب على القوى اليمنية عمله في المرحلة الحالية¿
على القوى اليمنية أن تعمل بصدق لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وللترفع عن الصغائر فاليمن بلد الجميع وإذا لا قدر الله غرق فسيغرق الجميع ولن ينجو أحد على الجميع مسؤولية تاريخية وهو أن يسلموا اليمن للجيل القادم يمناٍ آمناٍ مستقراٍ موحداٍ.
المستقبل
* في ظل معايشتك لعامين من وصول الرئيس هادي إلى السلطة .. كيف تتوقع المستقبل¿
– المستقبل سيكون أفضل من الماضي بإذن الله وأشعر أن اليمنيين متفائلون رغم الصعاب ورغم الجراح التي يتعرضون لها .. فأنا أشعر أن الإرادة الشعبية متوفرة والإرادة السياسية متوفرة لبناء يمن يعيش اليمنيون بسلام لذلك ليس أمامنا الآن إلا أن نتفاءل.
الصعاب التي تغلب عليها اليمنيون خلال العامين الماضيين كانت كبيرة لذلك أنا متفائل بأن المستقبل سيكون أفضل بإذن الله.