الثورة / تقرير خاص/ صعدة
ليلة الجمعة الماضية 21 يناير 2022 ، الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ، شن تحالف العدوان ثلاث غارات جوية على سجن الاحتياطي بمحافظة صعدة ، في السجن أكثر من 500 سجين محتجز على قضايا عدة ، السجن موضوع في قائمة المنشآت المحمية ، يزوره الصليب الأحمر والأمم المتحدة وموظفوها ، رفعت إحداثيات السجن من قبل الأمم المتحدة وسلمت لتحالف العدوان في أوقات سابقة على أن هذا سجن مكتظ بالنزلاء وهو محمي بموجب القانون الدولي.
لكن تحالف العدوان وتحت تأثير عجزه عن إيجاد هدف عسكري يبحث عنه إثر عملية إعصار اليمن التي ضربت صميم دويلة الإمارات وطوحت باستثماراتها وجعلت الواحة الأكثر أمانا والملاذ الآمن للمال والأعمال في العالم تحت التهديد المباشر، ذهب لينتقم من المدنيين مستهدفا سجنا مكتظا بالنزلاء ليقتل تسعين سجينا في إحصائية قد لا تكون نهائية ، ويصيب حوالي 300 سجين آخر.
تحالف إجرامي أعمى، لا أهداف حقيقية يمتلكها ، والواضح أنه وجد إحداثيات السجن في سجل قوائم الأهداف المحمية التي تسلمها الأمم المتحدة عادة إلى غرفة عملياته مع بلاغ مرفق بأن هذه المنشأة أو تلك محمية ، فقام بقصفها على الفور انتقاما كانتقام مجرم منفلت لا أخلاق ولا قيم ولا معايير من أي نوع لديه.
جنون وانفلات
جُنّ جنون تحالف العدوان الإماراتي والسعودي، حجم الغارات تضاعف والإجرام تفاقم ، المأساة توسّعت، والانتقام للهزيمة في ساحات القتال انحصر بقتل المدنيين بتعمد وبتركيز الغارات الجوية على المنازل والأحياء والمنشآت ثم قصف سجن الاحتياط بمحافظة صعدة المكتظ بالنزلاء.
هستيريا إجرامية انتابت تحالف العدوان عقب عملية إعصار اليمن، يحاول تحالف العدوان تعويض ما تكبّده من هزائم وانكسارات وضربات بقتل المدنيين، لكنه يفشل في تحقيق أهدافه ، وما يستطيع فعله هو قتل الأبرياء وتدمير البنى وتلك جريمة نكراء أصابه الغضب إزاءها ، وعرّته من الإنسانية تمامًا.
لا يُتقن تحالف العدوان سوى لغة الإجرام والتقطيع والقتل الجماعي للبشر والتدمير لسبل الحياة ، أما الانتصار فذاك ميدان ليس للسعوديين ولا للإماراتيين ولا لمرتزقتهم وأدواتهم.
جريمة موثقة
أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن غارة جوية للتحالف بقيادة السعودية استهدفت سجنا في صعدة باليمن، فقتلت وأصابت أكثر من مائتي محتجز الجمعة، وذلك في إطار هجوم جوي عنيف أدى أيضا إلى عزل أفقر دولة في العالم العربي عن الإنترنت، وقال بشير عمر، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، للأسوشيتدبرس إن عناصر الإنقاذ استمروا في المرور عبر موقع السجن الكائن في محافظة صعدة .
وأضاف عمر «من المرجح أن يرتفع عدد القتلى للأسف»، موضحا أن الصليب الأحمر نقل بعض الجرحى إلى منشأة في محافظة أخرى.
أما أطباء بلا حدود في بيان منفصل لها فقالت إن عدد الجرحى بمفرده يزيد عن نحو 200، والحقيقة أن عدد الحالات التي وصلت إلى المستشفيات بلغ 226 جريحاً، و87 شهيداً، حسب وزير الصحة الدكتور طه المتوكل الذي عقد مؤتمرا صحفيا يوم أمس في مسرح الجريمة.
وقال أحمد محمد، رئيس بعثة المنظمة في اليمن، «مما سمعته من زميلي في صعدة، لا يزال هناك العديد من الجثث في موقع الغارة الجوية، والعديد من الأشخاص المفقودين. من المستحيل معرفة عدد القتلى. يبدو أنه كان عملا مروعا من أعمال العنف» ، وقالت منظمة انقذوا الأطفال إن أكثر من 60 قتلوا في صعدة، واصفة السجن الذي يحتجز مهاجرين.
وقالت جيليان مويز، مديرة منظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، «إن التقرير الأولي عن الضحايا من صعدة مرعب ، المهاجرون الذين يسعون إلى حياة أفضل لأنفسهم وعائلاتهم، والمدنيون اليمنيون الذين أصيبوا بالعشرات، هي صورة لم نتمن مطلقا أن نستيقظ عليها في اليمن».
الانتهاء من عمليات انتشال الجثث وجرحى مهددون بالموت
أعلنت فرق الإنقاذ يوم أمس الانتهاء من عملية انتشال الضحايا من تحت الأنقاض ، بحصيلة نهائية للضحايا بلغت 226 جريحا و87 شهيدا.
وقد نظمت وزارتا الصحة العامة والسكان وحقوق الإنسان أمس، مؤتمراً صحفياً، بمسرح جريمة طيران العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي بالسجن الاحتياطي في محافظة صعدة.
وفي المؤتمر، دعا وزير الصحة الدكتور طه المتوكل، إلى تسيير رحلات طبية إسعافية بصورة عاجلة، لنقل جرحى جريمة استهداف طيران العدوان للسجن الاحتياطي، موضحاً أن عدد الحالات التي وصلت إلى المستشفيات بلغ 226 جريحاً، و87 شهيداً.
ولفت إلى أن العشرات من الجرحى بالعنايات المركزة في حالة حرجة لم تستطع المستشفيات تقديم العلاج لهم لعدم توفر الإمكانات والتجهيزات الطبية لمعالجة الحالات الكبرى.
وأكد وزير الصحة، أن القطاع الصحي المنهك أصلاً جراء استمرار العدوان والحصار منذ سبع سنوات، لا يستطيع تقديم الخدمات الطبية للأعداد الكبيرة من الضحايا.. مطالباً بإرسال طائرات إخلاء طبي مجهزة بأسرع وقت لإنقاذ الضحايا.
ودعا المجتمع الدولي وأحرار العالم، إلى الضغط من أجل فتح مطار صنعاء الدولي، وإيقاف العدوان، وإدانة هذه الجريمة البشعة والعمل على محاسبة مرتكبيها، مطالباً الأمم المتحدة ومنظماتها بمغادرة مربع الصمت وإدانة مجازر تحالف العدوان باعتبارها جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية.
وحذر وزير الصحة، من استمرار تحالف العدوان في سياسة سفك الدم اليمني، في انتهاك صارخ لكل القوانين وأعراف الحروب والقانون الإنساني الدولي، مبيناً أن عدد الضحايا المدنيين جراء استهداف طيران العدوان منذ نحو سبع سنوات، بلغ 47 ألفاً.
بدوره طالب القائم بأعمال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي، الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها تجاه الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان الأمريكي السعودي بحق أبناء اليمن وأن لا تكون جريمة استهداف السجن الاحتياطي بصعدة كسابقاتها من الجرائم التي لم يتم التحقيق فيها مثل جريمة أطفال ضحيان.
واستنكر الديلمي مطالبة الأمم المتحدة للمجرم المعتدي بتشكيل لجان تحقيق حول جرائمه التي يرتكبها بحق المدنيين في اليمن.
وحث اليمنيين المقيمين في الخارج، على رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية في اليمن.
وأكد الديلمي، أن وزارة حقوق الإنسان ستساعدهم بتوفير الأدلة والمحامين لتحريك الدعاوى.
من جانبه أدان محافظ صعدة، محمد جابر عوض، هذه الجريمة المروعة، مشيراً إلى أنه سبقها استهداف العدوان للسجن المركزي وكلية المجتمع بالمحافظة، محملاً الأمم المتحدة المسؤولية بغضها الطرف عن الجرائم السابقة، وإعطاء الضوء الأخضر للعدوان لارتكاب المزيد من الجرائم.
ودعا المنظمات الدولية العاملة بالمحافظة للقيام بمسؤولياتها تجاه الجريمة، كما دعا أبناء المحافظة إلى رفد الجبهات بالمال والرجال لمواجهة العدوان والتصعيد بالتصعيد.
من جهته أكد رئيس مصلحة التأهيل والإصلاح اللواء عبدالحميد المؤيد، أنه تم تزويد كافة الأطراف بموقع السجن الاحتياطي، مشيراً إلى أن المنظمات الدولية زارت السجن الأسبوع الماضي ووزعت البطانيات والملابس على النزلاء.
وثمن جهود السلطة المحلية بصعدة ووزارة الصحة في إخلاء السجن وتوفير الإيواء للناجين، وإسعاف الضحايا.
جرائم لا تسقط بالتقادم
فيما وجه المتحدث الرسمي للمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي طلعت الشرجبي، نداء استغاثة للمنظمات الإنسانية جراء التصعيد العسكري واستهداف المدنيين وتشديد الحصار ومنع دخول المشتقات النفطية وعزل اليمن عن العالم باستهداف بوابة الإنترنت الدولية.
وأشار إلى أهمية رفع الحصار والسماح بدخول المشتقات النفطية، لتلافي كارثة إنسانية جراء تأثر خدمات قطاعات النظافة والمياه والصحة نتيجة انعدام الوقود اللازم لتشغيلها.
وطالب الشرجبي، المنظمات بتحمل مسؤوليتها والاضطلاع بدورها في التخفيف من الأزمة الإنسانية والأوضاع الكارثية التي يعاني منها الشعب اليمني جراء استمرار العدوان و الحصار.
ممثل منظمات المجتمع المدني أحمد أبو حمراء، أشار إلى أن إجمالي ضحايا استهداف العدوان للسجون بلغ ألفا و753 قتيلاً وجريحاً، منهم 644 قتيلاً و1109 جرحى.
وشدد على أن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم لن تسقط بالتقادم، وستتم محاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية.
بدوره أدان مسؤول منظمات حقوق الإنسان علي العجلي، جرائم العدوان في محافظتي صعدة والحديدة، مؤكداً أن تلك الجرائم ما كان لها أن تتم لولا تواطؤ الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تدّعي حماية حقوق الإنسان.
وأوضح أن الشعب اليمني لا يريد شعارات ووعود كاذبة من قبل الأمم المتحدة، ويطالبها بتحمل مسؤوليتها في تشكيل لجان تقصٍ وتحقيق دولية حول الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان في اليمن.