الإعصار المبارك
يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي
عندما تغيب الصورة الحقيقية للأحداث، يتغير المشهد وتختفي في زواياه حكايات مختلفة تفتح المجال أمام التأويل والتزوير وقلب الحقائق رأسا على عقب، هذا بالضبط ما حدث مع العملية النوعية المباركة “إعصار اليمن” على دويلة الإمارات.
رغم أنها جاءت عقب التصعيد الكبير لهذه الدويلة، التي عادت إلى المشهد بقوة الدعم الأمريكي المباشر والاستشارة الصهيونية، وبعد أن فشلت القاعدة – التي وظفها أنصار الله تحت عنوان (رفقا بالقوارير) – في ردع أبناء زايد عن التمادي في الغي، إلا أنه يبدو أن هؤلاء الأجلاف عجزوا عن فهم المضمون وعادوا إلى الميدان -كما قلنا -بظهر أمريكي وغطرسة بدوية لا تفقه شيئاً من الحياة وتتعمد استخدام فائض المال في إيذاء الآخرين، وهذا ما يحدث من هذه الدويلة التي أنكأت الجراح في سوريا وليبيا وفلسطين وفي كل الدول العربية والإسلامية، بهدف إثبات الحضور وتقديم الذات على حساب أي شيء وهذه هي المشكلة، فالإمارات معروفة والمشايخ معروفون في هذه الحياة ، لكن يبدو أن إرادة الله تؤكد دنو ساعة الزوال التي بدأت تطبيقا لكلام الخالق سبحانه وتعالى ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) صدق الله العظيم، فأي فسق وأي فجور أخطر من هذا الفجور وهذا العبث بالبشر والقيم والمشاعر الإنسانية، إنها فعلا صورة مخزية شوهت العروبة وكل من ينتمي إلى هذا الجسد العظيم .
المهم أن نعرف كيف تعاطى العالم مع الواقعة، رغم أنها جاءت في مقام الردع المناسب والحق المشروع في الدفاع عن النفس إلا أن الجميع وصفها بالعمل الإرهابي، وبدت الصورة أكثر قتامة في ردود الفعل حيال ما حدث في اليمن من مجازر بشعة وأكثر جرما، طالت اليمنيين وقتلت الأطفال والنساء في ما سمي برد الفعل من التحالف المشبوه، بينما كل الوسائل الإعلامية نقلت الخبر – حسب ما أورده المعتدي – بأن الغارات طالت مواقع عسكرية وقواعد صاروخية ومصانع للطيران المسير.
انظروا كيف أصبح العالم يتخبط بشكل مزر.. فأين المصداقية والشفافية التي يتحدثون عنها؟! وأين الدقة في نقل الأخبار والتعاطي معها كمعلومة من حق المتلقي أن يحصل عليها كما هي بعيدا عن التسييس والتوظيف والاستخدام غير السوي الذي يقصد به الإرجاف والتهويل؟ وهذا يقود إلى عدة أسئلة أهمها: هل ماتت الضمائر إلى هذا الحد ؟ وسقطت الأخلاق والقيم؟. أسئلة كثيرة تفرض نفسها من خلال التدقيق في الصورة وعكسها.
بالفعل الشيخ الغر المدعو محمد بن زايد فقد الاتزان وانتفش ريشه، لأن أمريكا هي التي دفعت به هذه المرة ودولة الكيان الصهيوني وعدت بالمزيد من الدعم، لكن هذه الأمور لا يجب أن تصل به إلى هذا الحد، وإذا كان الرجل فعلا أصيب بجنون العظمة فعلى العالم أن يدرك أن هذا الجنون يقود إلى تدمير شعوب آمنة مستقرة ويدمر بنيانها وكل مقومات الحياة فيها، فأمريكا التي تدعي حماية حقوق الإنسان تتباهى اليوم بأن لديها جنوداً يشاركون بشكل مباشر في شبوة، وأظهرت قناة الحرة هؤلاء الجنود مدججين بالسلاح.. فأين المصداقية وماذا نسمي مثل هذا التعاطي من هذه الدولة التي بدأت الشيخوخة تعتري كل شعرة فيها؟، وأصبحت تتصرف بطريقة المصاب بالزهايمر.. أم أن هذا هو ديدن هذه الدولة منذ أن ظهرت على الحياة قبل قرنين من الزمن، مهما تكون الإجابة فإن الأخلاق والقيم قد سقطت والعالم ينتظر منقذاً جديداً من كل هذه التحولات المريبة.. نسأل الله أن يُعجِّل بوصوله، فالأمور بلغت حداً لا يطاق.. والله من وراء القصد..