الإدارة المحلية ومؤسسة بنيان التنموية تكرمان المواطن راجح الغيل كرمز في الإحسان

حكاية عنوانها الإحسان وفي مضمونها رسالة تحفز على الاقتداء

هبة: حكاية العم راجح وطفليه يجب أن تمثل لنا قدوة حسنة تستحق التعميم
المداني: العم راجح قدوة الحي، والحي قدوة المديرية، ومن المديرية يجب أن تنطلق ثورة الإحسان في عموم مديريات الأمانة

الثورة /يحيى محمد
إحسان بلا حدود.. عطاء لا ينتظر جزاءً ولا يحب أن يكون من المشكورين.. (وأحسن كما أحسن الله إليك).. هكذا فسرها رجل أمن متقاعد برتبة مساعد.. أبٌ شهيدين، والثالث مرابط، وأخ لشهيد، وأب لصغيرين يرافقاه الإحسان..
وقبل أن نتعرف على شخصية هذه الحكاية أو نأخذ نبذة عن تلك الأسرة الكريمة.. علينا أن نتعلم أولاً كيف يفكر أفراد هذه الأسرة ؟.. أن نتعلم منها معانً ودلالات نحن أحوج ما نكون إليها في هذه الظروف العصيبة ؟.. نتعلم من هذه الأسرة قيم الإحسان كمتطلب ملحّ وضروري لمواجهة غطرسة عدوان متغطرس غاشم، وكسر كبرياء حصار جائر تجاوز به كل قبح ونذالة الحقد والانتقام، وضربت همجيته بقوانين السماء وسنن الأرض، ونظريات التكوين والإنشاء عرض الحائط.
وهنا، تعرفنا الصدفة المحضة.. الصدفة التي في زمن ما قبلها ان هذه الأسرة أرادت أن تبقى محسنة من وراء حجاب يفصلها عن أعين الناس، فإلى ما قبل المسيرة لايزال العم (…) مجرد رب أسرة يعمل في قسم شرطة كرجل أمن مخلص يؤثر الإحسان على استغلال عمله في تقديم الخدمات بالأجر كما عرف عن الكثير من قرنائه.
يساعد زملاءه وينتصر لقضايا المظلومين من المتعاملين في نطاق اختصاص إدارته الأمنية، لا ينتظر شكراً من مخلوق عن معروف أسداه لوجه الله، ولا يرفض امتهان “السمسرة” بالوظيفة فحسب، ولكنه علاوة على ذلك يزدري التقرب من الكبراء زلفى لأجل منصب أو حفن المال الممنوحة في مقابل أن يكون المتلقي إسكافيا لأحذية تشربت عروقها قبل شرايينها بفساد كبراء يحتذوها لزمن ثم يرمون بها مزبلة التاريخ.
تقاعد برتبته (مساعد)؛ لا أبيض زيادة، ولا نجمة ترقية أسوة برفقاء له تقاعدوا بزيادة راتب وترقية، لماذا ؟.. اكتفى العم (…) بطرح التساؤل، ليأخذه الصمت عن الإجابةَ برهة(!).. ثم ينطق: “تقاعدت وعملت قيما لأحد مساجد الحي، ولا زلت”.

بداية الإنطلاقة
في ثورة 21 سبتمبر ومع دخول المسيرة إلى صنعاء في 2014م، انطلق الأخ وثلاثة من الأبناء كالأسهم إلى الجهاد في سبيل الله.. يرتقي الأخ واثنان من أبنائه إلى جوار الرفيق الأعلى شهداء عظماء كرماء، ويستمر الإبن الثالث في صفوف المرابطة مجاهدا.. وفي مطلع العام 2015م، انطلق العم (راجح) إلى جهاد الإحسان، عمل كطباخ موائد الإحسان في المطبخ الخيري لمكتب أنصار الله في الحي الذي يسكنه وما يزال إلى اليوم.
العم (راجح)- حسب إفادة من عرفه من مشرفي الحي أو الساكنين- عرف برجل عطاء لا يتوقف لحظة.. عطاء لا يستكثر في سبيل الله جهدا ولا أرواحا.. عطاء من قبيل صلاة الفجر، وحتى بعد صلاة العشاء في تجهيز وتوزيع وجبات الإحسان الخيرية على 400 من أسر فقراء ومحتاجي الحي إلى وقت ليس ببعيد.. ضيق الوقت، وتضاعف التزامات الإحسان المنزلي بسبب مرض الزوجة لم تثنى العم راجح عن مواصلة الإحسان لفقراء ومحتاجي الحي، ولا عن تقديم المشورة للعاملين في المخبز الخيري.
مسيرة عمر حافلة بالعطاء والإحسان غير المنظور.. عقد ونصف يزيد عامان من إحسان تتسلمه الأيدي، وتفرح به الأمعاء الجائعة، وتُسرّ به الأرامل حين إطعام أيتامها، وتفك به ضوائق المحتاجين.. إحسان تلامسه كفرات السيارات والموتورات المارة من فوق حفر ردمتها إيدي العم (راجح) وأنامل طفليه (…،…) اللذين تنازلا عن ممارسة حقهما في الشقاوة واللعب والمرح كي يغرسا الأمل والرضاء في قلوب أناسً يسترعون النعمة، ولا تلهمهم رغبة فضول الفطرة التعرف على فاعليها الذين يؤثرون أن يقدموا إحسانهم ليلا والعالم نيام.
شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى ألا تظهر هذه القصة في حينها، فتكون كمثيلات لها كثر من قصص الإحسان، لماذا؟ لأن ثمة شهادة أراد الله أن يشهدها العالم.. إنها حكمة الله.. إنه توقيت الله؛ ومن أحسن من الله تدبيرا لشؤون خلقه؛ جل وعلا سبحانه أن يكون له مثيلا “ليس كمثله شيء، وهو السميع الصبير”.

وللفضول، حسن فضولي: يا ولد، ما الذي تفعله في الساعة المتأخرة من الليل في الشارع؟
الابن: لا.. شيء، فقط أكمّل ما بدأه والدي من ردم لهذه الحفرة.

الفضولي: من هو أبوك؟ ولماذا تردمون الحفرة في هذا الوقت، وليس في غيره؟
يصاب الإبن بالارتباك وينتابه الخوف، ينطلق مهرولا صوب بيتهم القريب يستصرخ أباه، ويخرج العم (راجح) من داره، فإذا به يقع فريسة لسلسلة من التساؤلات وإجراءات من دوامة (جي كذا، وآخر قليل) انتهت بتكريم يصل إلى منزل، وإشهار قصة محسن أراد بإحسانه كسب رضاء الله وحده، فأرضاه الله بخيري الدنيا والآخرة.

تكريم استحقاق
كرمت وزارة الإدارة المحلية ومؤسسة بنيان التنموية بالتعاون مع المكتب الاشرافي لأنصار الله يوم الجمعة الفائتة بمديرية التحرير المواطن راجح أحسن الغيل وطفليه، احد مواطن حي الإذاعة بشهادة تقديرية تكريما له على إحسانه في ردم الحفر في شوارع الحي.
وفي الحفل الذي أقيم بحضور مستشار الوزارة نبيل الدمشقي والقائم بأعمال مشرف مديرية التحرير عبدالله الهادي، نفى وكيل وزارة الإدارة المحلية لشؤون التدريب والتأهيل رماح هبة، ومعه أن تكون حكاية العم (راجح) وليدة صدفة، أو أنها هكذا وجدت اعتباطا، أو أن أحدا قد خطط لها أو كتب لها سيناريو، مؤكدا أن العم راجح وطفيله بل وأسرته واللإنصاف يمثلون آية في الإحسان أراد الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا من خلالها أننا كأمة يجب أن نعتبر بما يقومون به هؤلاء المحسنون من التصرفات، فيكونو لنا قدوة حسنة.
ونوه بأن خروج العم راجح وطفليه في منتصف الليالي في ظل هذه الأجواء الباردة لا لشيء إنما ليحسنوا إلى الناس بردم الحفر في الشارع تأثرا بما شاهدوه من التأثيرات السلبية لتلك الحفر على سائقي السيارات وعلى المارة وعلى المنظر العام للشارع والحي هو دليل استشعار مسؤولية وبذرة خير يجب أن تنبت في قلب كل فرد منا في هذا المجتمع المسلم الموصوف بالإيمان والحكمة.
من جهته أوضح المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد حسن المداني أن الدولة في ظروف ما تمر به البلاد في الظرف الراهن من عدوان وحصار تسخر كل جهودها لإنجاح المواجهة في أكثر من 48 جبهة قتال، وفي سد ثغرات يحاول العدو إحداثها داخليا بتقوية الجبهة الأمنية.
ونوه “نحن في المقابل لا يمكننا أن نقف كمواطنين مكتوفي الأيدي لا نمارس دورنا كأمة تقع على عاتقها الكثير من المسؤوليات الجسام في البناء وإحداث التحولات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن مهام بسيطة كالنظافة العامة والحفاظ على شوارعنا من التكسر والحفر”.
وأكد أن سلوكيات الإحسان هي مجموعة من القيم الأخلاقية التي يجدر بكل مجتمع أن يحرص على تفعيلها كسلوك جمعي تكافلي يتعاون على إنجازاته الجميع بحسبها دليل عملي وملموس الأثر على حضارة الإنسان ورقيّ تفكيره، وتطور وسائل وأدوات إدارة الحياة المجتمعية.
وأشار: ” إلى أن الأحياء لا تخلو منا كمجاميع بشرية وهي بحاجة ماسة إلى خلق بيئة نظيفة ومرتبة وخالية من التعثرات والبقع المشوهة، وهي البيئة التي لن يكتب لها وجود إلا مع تضافر جهود جميع أبناء كل حي على حدة”.
وأهاب: “من المناسب أن تمثل أعمال العم راجح وطفليه رمزا وقدوة من الإحسان والأعمال الخيرة التي يجب أن تعمم على جميع أحياء مديرية التحرير، والمديريات العشر في أمانة العاصمة من خلال إطلاق ثورة مبادرات مجتمعية للإحسان في نظافة عاصمتنا، وردم الحفر في عموم شوارعها.. فالعم راجح هو قدوة هذا الحي، والحي لابد أن سيصير ابتداءً من هذه اللحظة قدوة لأحياء المديرية، على أمل كبير في أن تسير مديرية التحرير هي صاحبة المبادرة الكبرى في هذا الشأن حتى تكون قدوة لمديريات الأمانة”.

قد يعجبك ايضا