المبادرات المجتمعية.. إنجازات بإمكانات وجهود ذاتية

يحيى الربيعي

 

المشاركة المجتمعية عمل منظم ودائم لا يرتبط بظرف معين، وإنما بقناعة وإيمان بالفكرة والأهداف بعيداً عن الإكراه والإلزام، وهي تعبر عن التضحية بالوقت والجهد والمال والخبرة والمعلومات دون انتظار عائد مادي، وهو نشاط تنموي يقوم به أفراد المجتمع بشكل فردي أو جماعي من خلال “بيوت المبادرة” في المجتمعات المحلية، التي من مهمتها تأصيل المرتكزات الأساسية في التكافل والتعاون والتي من أهمها توفرّ القناعة بجدوى ” المشاركة المجتمعية” في تنمية المجتمع وخدمة الإنسان من خلال ممارسة نوع العمل التطوعي والاستعداد للتضحية بالوقت والمال والجهد والخبرة وكذلك توفر درجة من الثقافة والاطلاع على أداء العمل التطوعي لدى الشخص المتطوع.
وتقوم المشاركة المجتمعية بدور كبير في الشأن التنموي وهي الآن وعبر مؤسسة بنيان التنموية وبشراكة الجهات الحكومية ذات العلاقة في المقدمة عند معالجة قضايا المجتمع ورسم الخطط وتنفيذ البرامج التي تدعم عمل الحكومة في مختلف مجالات التنمية الوطنية الشاملة وتعتمد المشاركة المجتمعية على الإنسان وما تتوفر لدى المجتمع المحلي من إمكانات ذاتية مضافة إلى إمكانات الإدارة المحلية كجزء أساسي وهام في نجاح عملها.
مؤسسة بنيان التنموية هي ركيزة أساسية وهامة في مجال المشاركة المجتمعية وبناء المجتمع والنهوض به وتطويره وتنميته خاصة في الظروف الحالية، حيث تكتسب المشاركة المجتمعية أهمية متزايدة يوماً بعد يوم، إذ أن الحكومة والمؤسسات العامة في البلاد تحت وطأة العدوان والحصار الذي تتعرض لهما البلاد منذ سبع سنوات غير قادرة على القيام منفردة بدورها التنموي وسد حاجات كوادرها فضلا عن تطلعات المجتمع، بالإضافة إلى أنه ومع صعوبة الظروف المعيشية والاقتصادية والمادية ازدادت الاحتياجات التنموية فهي في تغير مستمر وبشكل متسارع ولذلك كان لا بد من وجود جهات مكملة لجهود الجهات الحكومية تقوم بمساعدة القطاع العام وتكمل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية في تلبية الاحتياجات.
ويعتمد العمل المجتمعي على عدة عوامل لنجاحه، ومن أهمها المورد البشري خاصة العنصر الشبابي فكلما كان المورد البشري متحمساً للقضايا التنموية ومدركاً لأبعاد العمل التنموي فإن حماس الشباب وانتماءهم لمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل الطوعي والرقي بمستواه ومضمونه، فضلاً عن أن العمل التطوعي سيراكم خبرات وقدرات ومهارات الشباب وسيكونون بأمس الحاجة لها خاصة في مرحلة تكوينهم ومرحلة ممارستهم لحياتهم العملية، مع ضرورة أن يتمتع الشباب بمستوى عال من الثقافة والوعي والانتماء وأن تعمل المؤسسات على تشجيع ودفع الشباب نحو المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم”.
ويحقق العمل المجتمعي لدى فئات المجتمع روح المشاركة في بناء المجتمع عند تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية العلمية والعملية من خلال انتشار ورش التدريب والتأهيل، وهذا ما تركز عليه بنيان في برامجها واستراتيجياتها التدريبية حيث تتيح المؤسسة للشباب التعرف على أبرز نقاط الضعف في نظام الخدمات لدى المجتمع كما توفر فرصة القيام بالخدمات لدى المتطوعين برغبتهم وحل المشاكل بجهدهم واقتراحاتهم الشخصية، بالإضافة إلى أنها توفر للشباب فرصة أكبر للمشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع وكذلك المشاركة في صنع القرار.
وقد ركزت بنيان في استراتيجية عملها للعام 2021م- والذي اطلقته عاما للتطوع والإحسان -على تنمية روح العمل الجماعي والطوعي لدى الشباب من خلال تعميق الإيمان بمفهوم العمل بروح الفريق الواحد وبيان قيمة المشاركة المجتمعية ومردودها على الفاعلين وأثرها في تنمية وبناء المجتمع، مشيرا إلى أن المؤسسة ستتبني تدريب وتأهيل تجمعات مبادراتية على أسس التنظيم وترتيب الأولويات، واختيار الكفاءات المؤهلة بالخبرة والعلم والأخلاق، وتعزيز روح الانتماء والانضباط الواعي للعمل الطوعي والمشاركة المجتمعية لدى المتطوعين، أيضاً تعمل المؤسسة على إطلاق الطاقات للمنافسة الشريفة في الإبداع والابتكار بتوفير بعض الحوافز المعنوية واعتماد مبدأ التكريم التشجيعي، ودعم وتطوير الطاقات الإبداعية والمواهب والملكات الكامنة لدى الشباب في مختلف وشتى الميادين العملية والعلمية والفنية وغيرها، وتبنيها وإعطائها فرصتها الكاملة لكي تعطي وتبدع وتطور، بما من شأنه تفعيل دور الشباب في الخدمة العامة والخدمة الريفية والأحياء الشعبية من خلال الأعمال التطوعية.
المجتمع- ومن خلال تفعيل المشاركة المجتمعية- عمل على رفع المعاناة، فرسم صورة عظيمة في قهر التحديات وتحويلها إلى فرص نجاح بجهود ذاتية وإصرار مجتمعي منقطع النظير، فهو يتحرك في استنهاض همم المبادرين، فشمروا السواعد وبدأوا في بتوزيع المهام مثلا في تعبيد أو شق طريق: مجموعة تقطع الأحجار، وأخرى تنقلها، وثالثة تحفر قبل وصولها، ورابعة تقوم برصها، لتكمّل الجرافة الآلية المهام المتبقية، بذلك تتضافر الجهود حتى يكتب النجاح للمبادرين بإنجاز المهمة.
فتكون الثمار أن يصبح العبور عبر الطريق المؤدي بين نقطة وأخرى أمرا سهلا دون تعثر بعد أن يتم تنفيذ مبادرة إصلاح أو رصّ الطريق بالمتاح والممكن من الإمكانيات وبجهود مجتمعية ذاتية، هذا حين يتحرك أبناء المجتمع بروحية عالية لإنهاء معاناتهم فإنهم يأخذون بتوفير المعدات اللازمة حسب إمكانياتهم، وقد يتوقف دور مؤسسة بنيان التنموية عند مهمة التحفيز والتشجيع عبر برامج وورش التدريب والتأهيل التي وصل خيرها بحمدالله إلى كل قرية يمنية تقريبا.
كما قامت بنيان بالعمل الطوعي ومن خلال تفعيل المشاركة المجتمعية وتحشيد المبادرات بإنجاز مهمة تحريك عجلة التنمية نحو بناء اليمن الحديث”حيث نفذت المؤسسة خلال الفترة من يناير- سبتمبر 2021م: (1820) مبادرة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، منها (482) لها علاقة بالمجال الزراعي، تليها الطرق بواقع (382) مبادرة، ثم (318) مبادرة في المياه والبيئة، فالتعليم (360) مبادرة، و(106) في التكافل والإغاثة، وفي التراث والثقافة هناك (112) مبادرة، وأخيراً الصحة (58) مبادرة.

قد يعجبك ايضا