النساء في مرمى حجر السرطانات الجلدية..



اكتسحت مستحضرات التجميل السوق اليمنية بشكل كبير في الآونة الأخيرة , وشكلت وسائل الإعلام سوقا ترويجيا لها بين جمهور نسائي
حريص على اقتناء كل جديد تأتي به الموضة, الأمر الذي يستغله ضعاف النفوس من التجار والباعة في ترويج بضاعة الغش
والتزييف وإدخال المستحضرات المنتهية الصلاحية والتلاعب بتواريخها وأسعارها من دون حسيب ولا رقيب مما ينذر بمخاطر
جمعة على من يستخدمها من النساء خاصة الأضرار التي تلحق بالبشرة !!
في الحقيقة هناك الكثير من النساء لا تهتم بالنوعيات التي تستخدمها من أدوات التجميل حيث تذهب الكثير منهن إلى الأسواق العامة التي تروج فيها مثل هذه الأدوات المنتهية الصلاحية وحين تساءلنا عن الأسباب تقول إحداهن: حالتنا المادية لا تسمح بشراء الصنف الغالي ولذلك نجد في الأسواق وعلى الطريق أصنافاٍ تناسب احتياجاتنا دون معرفة ما إذا كانت ستضر أم لا والأهم فيها أن أسعارها رخيصة ومناسبة لحالتنا الاقتصادية.
سارة ألعلفي تقول أنا لا استخدم إلا الماركات العالمية كون أدوات التجميل العادية لها أضرار بالجملة وقد أصيبت كثير من صديقاتي ببثور وحبوب على بشرتهن بسبب استخدامهن العشوائي لأدوات التجميل حتى أن هناك بعض كريمات الأساس تسبب ترهل شديد في الوجه وخاصة تحت العينين وهناك الكثير من الإعلانات التحذيرية لبعض المستحضرات التجميلية التي نراها ونسمع بها سواء في التلفزيون أو الانترنت أو الواتس ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى إلا أن هناك الكثير من النساء لا يعطين للموضوع أي أهمية إلا بعد أن
يصيبهن المرض نفسه.
كما تعتقد بعض النساء أن ما يباع من أدوات التجميل في الأسواق الرئيسية هو ما يفي بالغرض وإن كان ذلك أفضل بكثير مما يباع على قارعة الطريق .
كريمات مغشوشة
هناك من تحدث عن مبالغة من قبل بعض من يقول أن لأدوات التجميل صلاحية معينة أو أنها قد تؤثر بالبشرة وتسبب أنواعاٍ من الأمراض بسبب ما يستخدم معها من مواد كيماوية مضرة بالبشرة وهذا ما لاحظناه في عيادة متخصصة في الأمراض الجلدية حيث وجدنا نساء يشتكين من أعراض في الجلد كما أكدت لنا منى الحبشي أنه وبعد أن استخدمت كريم الواقي للشمس تأذت بشرتها بشكل كبير حتى احتاجت للذهاب إلى الدكتور
خوفا مما قد أصابها من تقشير عميق في وجهها وقالت أعاني من حساسية مفرطة في بشرة وجهي
بسبب الكريمات التي استخدمها دون استشارة الطبيب حتى أني أصْبت بالتهاب حاد في البشرة جعلتني أتوقف عن استخدام أدوات التجميل ومنعني الدكتور منها حتى الآن منذ ما يقارب 8 أشهر.
بيع المنتهي الصلاحية رشاد الأشول والذي كان يعمل لدى إحدى الشركات الصغيرة في مستحضرات التجميل يقول: الشركة التي كنت أعمل بها تأتي بالبضائع الخاصة بأدوات التجميل من دول المنشأ التي يصرح لها بالدخول عن طريق المطار بكميات كبيرة وهنا في اليمن يتم توزيعها في الأسواق لعدة سنوات وحين تقارب من موعد الانتهاء بفترة معينة وخوفاٍ على خسارة الشركة يتم تصريفها إلى بعض العملاء في السوق حتى أن الشركة تقوم ببيعها لهم بسعر رخيص لكن في النهاية تخرج الشركة بخسارة والرابح هو صاحب المحل لأنه يبيعها بسعرها الأصلي والزبائن يفرحون بكل ما هو رخيص.
وهنا صاحب محل لبيع أدوات التجميل يعترف بأنهم يكونوا على علم بان ما توزعه بعض الشركات وبسعر رخيص هو إما منتهي الصلاحية أو مقارب على الانتهاء وقال بالتأكيد نحن نتحمل المسؤولية لأننا نعتبر الجهة التي يقع على عاتقها تصريف البضائع في السوق وبأسعار ترضينا نحن ونتفق عليها مع الشركات التي نتعامل معها.
لتفادي الأضرار ..
بينما يقول صادق ألسروري أحد تجار أدوات التجميل:
إن التجارة سمعة ويجب أن نتقي الله في أنفسنا وأن لا نروج أو نبيع أشياء لا تصلح للاستخدام الآدمي وهذا في ذمة الجميع وعلى المواطنين أن يعوا المخاطر الناتجة من هذا الاستخدام والتأكد من وجود تاريخ الصلاحية والانتهاء وحتى تغير شكل العبوات التي تباع كي يتم تفادي المتاعب التي قد تتسبب بها هذه المنتجات المنتهية حيث وجدنا من خلال مجيء الزبائن أن البعض لا يأبه بمعرفة تاريخ الصلاحية بل ما يهتم به هو الشراء بسعر يرضيه .
مواصفات مزيفة
فضل مقبل منصور رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك يشير إلى أن هناك الكثير من أدوات التجميل مخالفة للمواصفات القياسية ويحتوي على نسبة رصاص مرتفعة جدا تؤدي إلى السرطان وهذه غير مسموح بها دوليا خاصة وأنه لا يوجد لدينا مواصفات
معينة وإنما ما هو موجود يعتبر مواصفات خليجية ونحن ملزمون بتطبيق المواصفات الخليجية.
وأكد أن تقرير الجمعية لعام 2013 م يبين وجود حالات مرضية جلدية تم اكتشافها بسبب مستحضرات التجميل المخالفة وقد قامت الهيئة السعودية بإجراء الفحوصات عليها وتبين أن نسبة الرصاص مرتفعة جدا داخل هذه المستحضرات لأنه ليس لدينا إمكانيات لنقوم بإجراء الفحوصات في اليمن وهيئة المواصفات والمقاييس ووزارة الصحة لا تقوم بأي دراسة أو تحاليل على مثل هذه الأدوات وبالتالي فإن اليمن تعتبر سوقاٍ مفتوحة لمثل هذه الأدوات وأصبحت اليمن مكان تجارب لهذه المستحضرات.
فحوصات طبية
تمثل أدوات التجميل ظاهرة كبيرة في السوق اليمنية لأن شريحة كبيرة قد تتعدى % 70 من النساء يستخدمن
هذه الأدوات إلا أنه لا يوجد أي اهتمام أو رقابة على هذه الأصناف ولا يوجد حتى الآن مواصفة يمنية تتعلق
بأدوات التجميل ولا تسجل في وزارة الصحة كما هو متعارف عليه دوليا ومعمول به في كثير من دول العالم
لأن كل أدوات التجميل والمستحضرات التجميلية لا يتم نزولها إلى الأسواق إلا بعد أن يتم تسجيلها والتأكد من
مطابقتها للمواصفات والمقاييس خاصة وأن هناك أدوات تجميلية لا تباع إلا في الصيدليات كونها متمم لعملية
الدواء لوجود مكونات طبية كيميائية بداخلها لذا لايسمح بتداولها إلا بعد إجراء الفحوصات الطبية.
شكاوي وقصور
وبحسب منصور فإن جمعية حماية المستهلك تلقت العديد من الشكاوى وتتابع الإعلانات التحذيرية الصادرة عن الهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة على اعتبار أن اليمن تطبق المواصفات القياسية الخليجية بالاستناد إلى قرارات مجلس الوزراء الصارة عام 2008 م
أيضاٍ وبالتالي أي سلعة متواجدة في دول الخليج توجد هنا في اليمن بشكل طبيعي على اعتبار أن سوقنا وامتدادنا الجغرافي واحد ومعظم السلع لا تأتي إلا عبر دول الخليج إذا لم تكن مباشرة عن طريق الصين أوالهند لكن هناك الكثير من أدوات التجميل المتعلقة بالكحل أو مفتحات البشرة أو الكريمات معظمها مخالف للمواصفات القياسية.
ويؤكد: أن الجمعية حذرت خلال العام الماضي من أكثرمن 20 صنفاٍ من هذه الأصناف المتداولة لزيادة نسبة الرصاص فيها غير المسموح بها والمؤثرة على العين والبشرة والشعر والتي قد تسبب حالات سرطانية ولكن للأسف لم يلق الأمر تجاوباٍ من الجهات المعنية التي يفترض أن تقوم بضبط مثل هذه المخالفات المتعلقة بأدوات التجميل وهذا يعتبر قصوراٍ كبيراٍ في هذا الجانب رغم الكميات الكبيرة التي تدخل البلد.
شروط ملزمة وطالب رئيس جمعية حماية المستهلك وزارة الصحة والهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وكل الجهات
المعنية بالرقابة على هذه المنتجات وعدم السماح بدخول المستحضرات إلى اليمن إلا بعد التأكد من سلامتها كما طالب بالرقابة على محلات الكوافير وصوالين الحلاقة على اعتبار أن هذه الأماكن هي أكثر من يستخدم مثل هذه الأدوات كما يجب وضع شروط تلزم أصحاب المحلات بشراء الأدوات ذات المواصفات القياسية المعتمدة والرسمية والتي سلامتها للاستهلاك البشري.
حالات لا يتم الإفصاح عنها
وأكد مقبل أن هناك من يقوم بطباعة العبوات الفارغة في الخارج بينما يتم تصنيع المادة التجميلية في اليمن ويتم
الصاق الليبلات عليها على أنها مصنعة في الخارج وقد قامت وزارة الصناعة والتجارة بضبط أحد المعامل في
منطقة السنينة وتم اعترافه بأنه يقوم باستيراد الأغلفة ومن ثم يتم تعبئة العبوات في المعمل وتم إحالته إلى
النيابة إلاٍ أن النيابة لم تتخذ القرار المناسب حتى الآن.
وعما إذا كانت هناك حالات جلدية تأذت يقول منصور هناك الكثير داخل المستشفيات إلا أنه لا يتم الإفصاح عنها
أو كتابة التقارير الخاصة بالحالة بينما لو أن هناك بيانات تنشر سيساعد ذلك كل الناس على اتخاذ إجراءات احتياطية
واحترازية وحماية كون هذه البيانات تعد عيباٍ بحق أي مستشفى يقوم بإصدار التقارير فيما يخص هذا الجانب.
محلات الكوافير
د. محمد عبد الكريم الأصبحي مدير صحة البيئة بأمانة العاصمة يقول إن الرقابة على محلات الكوافير تأتي ضمن أعمال صحة البيئة وفقا لقانون الرقابة ولائحة الاشتراطات الصحية رقم 111 لسنة 2002 لمحلات الكوافير وبالتالي تم وضعها ضمن أعمال برنامج المكتب للنزول الميداني لهذه المنشآت حيث يقوم بالتفتيش كادر نسائي على هذه المحلات خاصة وأن نشاط الكوافير يزاول من قبل نساء عكس الدول الأخرى ولذلك تم تكوين فريق ووضع برنامج للنزول إلى المديريات وإلزام هذه المحلات بتنفيذ الاشتراطات الصحية الواردة في اللائحة وكذلك التأكد من سلامة المواد المستخدمة خاصة وأن أكثر المواد التي يتم ضبطها إما أن تكون منتهية أو أنها أنواع رديئة
لا توجد عليها تاريخ صلاحية وقد تم مصادرة كمية كبيرة وإحالة أصحاب المحلات المخالفة للنيابة.
أما بالنسبة لأدوات التجميل في الأسواق العشوائية فيقول الأصبحي يصعب علينا الرقابة عليها لأن الرقابة من قبلنا تتم على المحلات الثابتة كوننا عند ضبط أي مواد من قبل أشخاص مخالفين يتم تحرير محضر ضبط وإشعار وسحب المنتج وإحالته إلى النيابة لكن في الأسواق العشوائية كيف سنتمكن من تحرير إشعارات ومن سيتم إحالته خاصة وأن لدينا آلية معينة للعمل وفقا للقانون.
وأكد مديد صحة البيئة أن الأمر لا يقتصر على أدوات التجميل المنتهية فهناك أيضا أدوات تجميل مهربة في الأسواق ولذا يفترض على من يرتاد محلات الكوافير من النساء أن يقمن بالتأكد من صلاحية الأدوات المستخدمة لهن وتاريخ انتهائها للحفاظ على صحتهن وسلامة
بشرتهن وإذا ثبت أن هناك ماكياجات مزورة ولم تستطع أن تواجه صاحبة المحل فعليها
إبلاغ صحة البيئة ونحن سنقوم باللازم.
تقول خبيرة فن التجميل والبشرة أسمهان الشيباني: مستحضرات التجميل هي كالدواء إن لم نستخدمه بانتظام ونسب ثابتة ونحفظه في أماكن مناسبة فإنه ينقلب إلى داء عوضا عن كونه دواء ولا ينصح بالتقليد أي محاكاة الأخريات في اقتناء مستحضراتهن فكل بشرة
لها ما يناسبها ولكل جلد خصوصيته وكلما عدنا إلى مستحضرات الطبيعة كلما كان ذلك أكثر أماناٍ من الإصابة بخطر السرطانات القاتلة
ونبهت إلى حساسية التعامل مع التغيرات العطرية إلى تصاحب المستحضر وهنا تقول:
ينبغي تجنب شرائها من الأماكن المعرضة لحرارة الشمس كالباعة المتجولين أو تلك المعروضة على أرصفة الشوارع والأسواق العامة لأنه لابد من الاحتفاظ بها تحت درجة حرارة 25 درجة مئوية وفي مكان جاف وبارد وإن خالفت هذه الشروط فإنها تسبب في بداية الأمر
بظهور البثور وترهل البشرة وتقيحها والتهابات جلدية وبقع بكتيرية داكنة الأمر الذي قد يقود إلى الإصابة بسرطان الجلد بدرجة أساسية.
تدخل جراحي
الدكتور توفيق العزاني استشاري أمراض جلدية في المستشفى الجمهوري يقول: هناك الكثير من أدوات التجميل تحتوي على مواد كيماوية هرمونية والكورتي كوستيورد وهذه المواد بعض البشرة تتحملها إلى أن تصل إلى مرحلة تظهر بها علامات الاحمرار التي يصعب
معالجتها بسهولة أو بعلاج معين إضافة إلى ظهور الشعيرات الدموية وهنا يحصل التورم ويصبح التدخل في العلاج أمراٍ ضرورياٍ بالجراحة الليزرية.
وأكد أن أكثر الحالات التي تصل إلى المستشفى هي التهاب الجلد التحسسي وسببها أدوات التجميل حيث يصل إلى المستشفى ما يقارب 6 حالات في الشهر على الأقل لكن للأسف النساء لا تلتزم بالنصائح لذا تسوء حالتهن من جديد ويعدْن إلى نفس المشكلة.
وأشار إلى أن هناك من النساء من تأتي إلينا لغرض نصيحتهن لمنتج تجميلي من شركة معينة إلا أننا لانستطيع أن نشير إلى شركات معينة لعدم التزام الشركات اليمنية بالشروط الدولية خاصة وأنها لا تخضع لرقابة
وزارة الصحة.

قد يعجبك ايضا