مختصون: الحرب فجَّرت الطاقات الكامنة نحو البناء والإنتاج
الأسر المنتجة.. خطوة الألف ميل نحو الاكتفاء الذاتي
تسهيلات الحكومة للمنتجات الحرفية ساهمت في توسعها ونموها
شهدت اليمن في السادس والعشرين من مارس 2015م ولا تزال حربا عسكرية عدوانية ضروسا شنتها قوى تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات دمرت أبرز المنشآت الاقتصادية والبنى التحتية وما نتج عن ذلك من انقطاع المرتبات وتوقف العديد من الخدمات الصحية والاقتصادية،، الأمر الذي فاقم من تدهور الأوضاع المعيشية للعديد من الأسر وحتم عليها البحث عن بدائل لتوفير سبل العيش الكريم، فاتجهت نحو المشاريع الصغيرة والأصغر وحققت نجاحا ورواجا كبيرا في سبيل الوصول للاكتفاء الذاتي..
الثورة / أسماء حيدر
أم سنان داوود فقدت زوجها في العدوان اثر، شظية، وصلت داره في منطقة التحيتا بمحافظة الحديدة سلبته الحياه وتركت خلفه أربعة أبناء وبقالة لحقت الشظايا بها وأحرقت محتوياتها، الأمر الذي ضاعف من حجم مأساة أم سنان وأطفالها الذين فقدوا معيلهم وفقدوا مصدر رزقهم في العيش الكريم،،
تقول أم سنان: صدمة نفسية عشناها بعد رحيل زوجي وفقدان مصدر رزقنا وغياب الدعم والتعويض فلم أجد الا البحث عن أي مشروع يسد رمق جوعنا فوجدت نفسي في صناعة العطور والبخور المهنة التي ورثتها عن أمي فصار اليوم لزاماً عليّ تعلمها.
ومضت بالقول: الحمد لله رغم الصعوبات التي واجهتها في التصنيع وتوفير الأدوات والإمكانيات والتسويق والبحث عن جهات داعمة سواء من خلال إقامة المعارض الترويجية لدعم الأسر المنتجة أو من خلال إقامة البازارات لأجدها سوقا يدعم منتجاتي ويسد رمق جوعنا وحاجتنا.
تسويق الكتروني
أما أم أحمد المهدي فهي صاحبة مشروع صناعة اكسسوارات وإبداع ولمسات جمالية رائعة اذ درست الاكسسوارات بمعهد لتدريب المهارات اليدوية واقترضت مبلغ 10 آلاف ريال في بداية مشوارها والآن جعلت من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لتسويق بضاعتها في السوق وبدأت تنشر مهاراتها وإبداعاتها في اليوتيوب والفيس بوك بأسلوب راق وجذاب مما دفع الكثيرين للتواصل معها وشراء منتجاتها من مختلف المناطق فشكلت فريق خدمات توصيل حتى لا تخسر زبائنها الأمر الذي وسع شهرتها وزاد من إنتاجها ودخلها فشغلت إلى جانبها العديد من الأسر.
دقة عالية
إيمان هي الأخرى جعلت من محنة العدوان فرصة لكسر المستحيل حيث تقول عن تجربتها: العدوان وقطع الرواتب جعلني أتقدم بخطوة لبناء ذاتي فبحثت عن أي معمل خياطة يشغلني من أجل أتمكن من توفير لقمة العيش، ومصروف أولادي وبما يعيننا على توفير متطلبات الحياة ولكن دون جدوى بكوني ابحث عن عمل أتمكن من إنجازه وانا في منزلي حيث اني ربة بيت ولا زال أطفالي صغار السن من الصعب علي تركهم لوحدهم في المنزل فقررت ان اشتري ماكينة خياطة فقمت تسلفت 700 دولار من اجل شراء ماكينة الخياطة وماكينة حياكة وانطلقت في عالم الخياطة والتطريز وعمل كوشات الأعراس وسجاف الولاد وحققت نجاحا لا بأس به ولله الحمد.
وقالت إيمان ان الصعوبات تكمن بغياب راس المال وغياب الداعمين والممولين لمنتجات الأسر المنتجة ولا يوجد سوق يشتري منتجاتنا. وانا مستعدة اطبق لهم أجود ما أمكن من المواد المتواجدة في السوق لأي مناسبة وتزيين لمختلف الكوشات والسجافات وبدقة عالية.
منتج محلي
فاطمة الصيرفي مديرة مركز الزهراء لدعم الاسر المنتجة تقول من جانبها:
إقبال الأسر ولله الحمد بشكل كبير، وأصبح الشعب واعياً بأهمية الاكتفاء الذاتي بكل طوائفه ودعم لأصحاب المشاريع من الأسر وتأهيلهم نحو هذا الهدف الاقتصادي الهام. مبينة أنه قد تم التدريب كل حسب ما يريد وقد تم فتح مشاريع صغيرة للبعض بقدر إمكانياتها.
وقالت ان التسويق يتم عبر الواتس أو الأسر نفسها أو المعرض ولكن للأسف النسبة بطيئة في التسويق.
مشيرة الى ان هناك مشاكل في التسويق خاصة وان المحلات يخفضون من أسعار منتجات تلك الأسر تحت ذريعة انه محلي بالرغم من التنوع والجودة في
التصنيع الغذائي من عصائر وحقائب والمنظفات والخياطة والاكسسوارات والبخور والعطورات كمنتوجات يقدمها مركزنا.
صناعات وصعوبات
رجاء اليمني- مديرة مركز وابل للأسر المنتجة تقول من جهتها نقوم بالعمل الذاتي في إنتاج سلع أو خدمات. إلخ، وإن كان الغالب يقوم على السلع والمنتجات البسيطة والحرفية، وهذا ما يمكن الوقوف عنده بهدف تطويره والانتقال به إلى معنى أرقى وأعمق لمدلول الأسر المنتجة. حيث نسعى إلى تحرير الاقتصاد من القيم التقليدية له ونقله إلى مصاف اقتصاد حديث يواكب العصر والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وغيرها من المعاني في هذا الإطار، وأمامنا تجارب في العالم يمكن الاستفادة منها في هذا الباب، مثل الصين وسنغافورة وغيرها من دول الشرق الآسيوي، التي استطاعت أن تعزز مفهوم الأسر المنتجة بشكل كبير ومتسع الدلالة، حيث يمكن لغرفة صغيرة من بيت أن تتحول إلى مصنع يصدر سلعته لكل العالم، كما أن الآلة والتقنية الحديثة تساعد إلى حد كبير في الوصول إلى الجودة والإنتاج الكمي والنوعي وفي أقصر زمن وبأقل التكاليف.
منوهة إلى أن جهودًا مبذولة في هذا الإطار يجب الاحتفاء بها وتقديرها أن تنال التشجيع، غير أن المطلوب أكثر من ذلك يكمن في التضافر الجماعي من خلال إحداث التغيير النوعي عبر الأفكار الجديدة التشاركية وبناء مجتمعات من الأسر المنتجة والتي قد تتحول بالتشارك والتعاون إلى شركات صغيرة ومتوسطة ذات قيمة عالية مضافة في الأداء والإنتاج والابتكار من خلال تعدد الأفكار وتعاظم رأس المال ودعم البنوك وتوفير الاستشارة من قبل الجهات الاختصاصية، وحتى الجمعيات التطوعية التي يمكن أن تخدم في هذا المجال.
وقالت: انه ومن خلال مركز وابل فهناك صعوبات كثيره في ظل هذا العدوان والحصار المفروض ولكن نجد أنه اغلب المراكز وصلت إلي طريق مسدود أو فشل بسبب الصعوبات كانت البداية بأخذ الدراسات السابقة ودراستها والاستفادة منها ووضع دراسة لتجنب القصور في التجارب السابقة ووضع خطط لنجاح الخطوة الأولى وهي عباره عن دراسة السوق واحتياجات الناس وقد وجد عطش السوق لبعض المنتجات والسلع ووجد قصور في بعض المنتجات من حيث الجودة أو غلاء الأسعار، ووضع معالجة لهذه المواضيع من خلال خطوات مدروسة سنقوم بها في القريب العاجل واهمها فتح باب التدريب والتأهيل حتي يكون هناك منتج راق ينافس البضاعة المستوردة بجودة ممتازة من خلال تأهيل وتدريب الأسر على إنتاج بضاعه تنافس ما هو موجود في السوق من خلال عقد ورشات أو فتح باب تدريب بالتعاقد مع أحد المعامل هذا كضرب مثلا في مجال الخياطة وكذلك باقي المجالات، عطور وبخور، تصنيع غذائي، صناعة المنظفات، تطريز وحباكة، صناعة اكسسوارات، الرسم علي الزجاج، تدوير المخلفات، صناعة الحلويات، صناعه الحقائب وغيرها من الحرف اليدوية إلى جانب الاهتمام بالزراعة والرعي وتربية الدواجن والنحل.
وأوضحت ان من الصعوبات التي واجهتهم هي كثيرة، منها:
1/ العدوان الذي دمر الأخضر واليابس.
2/الجانب المادي غير متوفر فالاعتماد شخصي إلى حد الآن.
3/ عدم الوعي للترويج للصناعة المحلية.
4/عدم الإقبال الجماهيري على شراء المحلي .
5/ عدم وجود المنظمات الداعمة لمثل هذه المشاريع.
6/بعض التجار يقومون ببخس البضاعة المحلية بأزهد الأسعار بدعوى أنها محلية على الرغم انها تنافس البضاعة المستوردة.
وقالت انه وعلى الرغم من ذلك يمكن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من خلال. :-
1/تضافر الجهود لكل من الدولة والأسر والمنظمات المحلية والتجار .
2/دعم الإنتاج المحلي.
3/توفير الأرض الخصبة للإنتاج المحلي وتسهيل عمل الأسرة المنتجة من خلال التشجيع ومن خلال الدعم المادي وتسويق البضاعة,
4/عقد عدة ورشات للتدريب والتأهيل والاهتمام بالأسرة المنتجة واليد العاملة والحرف والمهن وتشغيل كل مؤسسات الدولة في تدريب وتأهيل الأسر وإتاحة العمل لكل الأسر المنتجة.
5/ الاهتمام بالزراعة فاليمن معروفه بالأرض الخصبة الطيبة التشجيع علي الحصول على البذور البلدي وزرع الحبوب بكل أشكالها والبن والقطن وكيفيه حفظ الإنتاج من التلف، والتسويق بشكل صحيح وإيجاد ثلاجات لحفظ الفواكه حتى تستمر في السوق خلال السنة ،وأيضا إيجاد سوق لهذه المنتجات ومنع استيراد القمح والدقيق من الخارج والاكتفاء بما تنتجه بلادنا من كافة الحبوب والمزروعات.
6/الاهتمام ورعاية الحيوانات وإيجاد توعية في المحافظة والتنمية الحيوانية وكيفية ازدهار التنمية الزراعية أيضا الاهتمام بتربية النحل والدواجن والحضانات لصغار الدواجن.
7/توجد كذلك لدينا الحرف اليدوية القديمة منها الإشغال اليدوية وصناعة الحلي من الفضة وصناعة البخور والعطور من خلال التدريب والتأهيل حتى ترقى البضاعة بمستوى البضاعة المستوردة.
8/كذلك دراسة السوق بما يحتاجه من بضاعة والتدريب والتأهيل الذي سيجعل اليمن ترتقي بالاكتفاء الذاتي .
9/ أيضا الاهتمام باستبدال البضاعة التي تكون فيها محسنات صناعية ومواد سامة واستبدالها بكل المعجنات والحلويات المحلية وما أكثرها في بلادنا وبذلك يتحقق الاكتفاء الذاتي.
وبينت رجاء اليمني ان ابرز المنتجات التي تغطي البيوت هي الملابس الإكسسوارات البخور والعطور والتصنيع الغذائي منها الطحينية المكرونة أو الشعرية البلدي العشار الشطة العسل، السمن البلدي، الحلويات بكل أنواعها، التراث اليمني، الحقائب والتطريز، الأشغال اليدوية والحرفية مثل المعاوز إكسسورات الفضة والمرجان والعصب الشعبية التقليدية والملابس التراثية والحقائب الجلدية التي انتشرت في الآونة الأخيرة واليراقين القطنية وأيضا المليات القطنية للأسرة، هذه بعض البضائع التي تحمل طابع صنع في اليمن.
إعفاءات وتسهيلات
قرار المجلس السياسي الأعلى بإعفاء الصناعات الصغيرة ومدخلات القطاع الدوائي من الرسوم الجمركية والضريبية يرى مراقبون واقتصاديون بأنه سيساهم في تطوير البنية الصناعية والزراعية والاقتصادية والتنموية في البلاد وفق الرؤية الوطنية التي تسعى الدولة هذا العام لتحقيق خطواتها والتغلب على الصعوبات التي تعيق سبل تنفيذها وفق خطط وبرامج مدروسة من الجهات ذات العلاقة وأرفاده بالكفاءات المتخصصة والكوادر المتميزة والتي ستسهم في التطوير وتحقيق التقدم المطلوب في تنفيذ كافة المسؤوليات والمهام المناطة وتقديم الرؤى والخطط التنموية وفق دراسات علمية واقتصادية دقيقة تلبي احتياجات المرحلة وصولا لمرحلة الاكتفاء الذاتي.
انعاش اقتصادي
وزارة الصناعة والتجارة باعتبارها الجهة الحكومية الرئيسية لدعم تلك المشاريع وتنميتها أوضح معالي وزير الصناعة والتجارة عبدالوهاب الدرة في تصريح سابق له ان دعم المشاريع الصغيرة والأصغر له دلالته المستقبلية في التطور والتنمية خاصة في ظل العدوان الذي تسبب في توقف العديد من المشاريع والصناعات الصغيرة ودمر المنشآت الاقتصادية والحيوية في البلاد وآثر بشكل كبير على مصالح الناس وأقواتهم المعيشية الأمر الذي فرض ضرورة وجود صناعات ومشاريع صغيرة تكفل لملايين الأسر سبل الحياة والعيش الكريم وتعود بالنفع لمجتمعها في مختلف المجالات والميادين. أضف إلى أن الثقافة المجتمعية السائدة بين المواطنين كانت في تركيزهم واهتمامهم بالوظيفة العامة مع الدولة وترك الانخراط ضمن مشاريع أو صناعات تفتح لهم آفاقا من التوسع والازدهار وتشغيل أياد عاملة غير ان الظروف الراهنة وعدم قدرة الدولة عن الإيفاء بمرتبات الموظفين نتيجة الحصار ونقل البنك المركزي لعدن جعل العديد من موظفي الدولة يبحثون عن مسالك تعينهم على معيشتهم فكانت هذه المشاريع والصناعات الصغيرة هي المتصدرة اليوم في الأفق اليمني.
وأوضح الدرة ان الوزارة تسعى لتأسيس برامج وخطط عبر خبراء ومستشاريين وبمساندة الإدارات الفنية بالوزارة وفق لائحة تنظيمية تنمي هذا الجانب.
جهات ذات علاقة
أما وكيل وزارة الصناعة لقطاع خدمات الأعمال فقد قال في تصريح خاص لـ”الثورة “: إنه يكفينا فخراً أننا في ظل الحصار والحرب نصنع صواريخ والتي لا تصنع الا في المجتمعات المتطورة والمستقرة التي تعيش حالة من الرخاء والتقدم الاقتصادي فما بالكم بدعمنا المشاريع الصغيرة والمتوسطة حيث كان لوزارة الصناعة والتجارة شرف احتضان العديد من المعارض الصناعية والمشاريع التي عكست توجه الدولة الحقيقي لدعمها وتنميتها وتمويلها من قبل الجهات المعنية وبالأخص الأسر المنتجة لرعايتهم وتنمية منتجاتهم وإلغاء الرسوم الضريبية عليها.
وأضاف: ان التوجه العام للدولة لدعم الأسر المنتجة خطوة أساسية وصولا للاكتفاء الذاتي، وقبل فترة قصيرة التقينا مع الإخوة في مؤسسة بنيان والدكتور محمد المداني المعني بالأسر المنتجة اتفقنا ان يكون هناك تنسيق ولقاءات في دعم مشاريع تلك الأسر والتسويق والترويج والتمويل لها. فمثلا نحن في وزارة الصناعة والتجارة نطلب من التجار والمستوردين والمصنعين الشراء من الأسر المنتجة من باب الدعم ومن باب تخفيض فاتورة الاستيراد الخارجي ولو في البداية ندعم المنتج المحلي بنسبة 30 % حتى نستغني تماما عن المنتجات المستوردة.
وبين انه وبالنسبة للمشاريع الصغيرة والأصغر أنشأت وزارة الصناعة نافذة الكترونية في عام 2019 م في اطار اتفاقات مع مؤسسة بنيان والهيئات المعنية لرواد الأعمال وتسهيل عمليات التسجيل والقيد وانعدام الرسوم في معظم الأوقات وحلقة وصل ما بين الإدارة العامة للمشاريع الصغيرة و المتوسطة والهيئة العليا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وكانت لدينا الإدارة العامة للابتكار قبل انتقالها للهيئة العامة للابتكار ،وإدارة للحماية الفكرية والمخترعين ،وكل جهة قدمت رؤيتها للنهوض ودعم تلك المشاريع وفق الرؤية الوطنية بالشراكة مع الجهات المعنية سواء الزراعية أو الهندسية وغيرها.