الطفولة والصندوق الغائب!

حسن الوريث

 

شهدت اليمن خلال الفترة الماضية طفرة في إنشاء الصناديق الخاصة التابعة لبعض الوزارات والجهات الحكومية مثل صندوق التشجيع الزراعي والسمكي وصندوق رعاية النشء والشباب وصندوق تنمية التراث، وغيرها من الصناديق التي لجأت الحكومة إلى إنشائها لتغطية عجز الموازنة الحكومية في تمويل بعض الأنشطة والبرامج والمشاريع وهذه كانت فكرة لا بأس بها لو تم تسييرها والاستفادة منها بموجب قرارات إنشائها.
ربما أن فكرة إنشاء صناديق لدعم جهود الحكومة عبر استقطاعات من ضرائب بعض السلع فكرة جيدة إلا أنه يجب أن يتم تقييم أوضاعها ودراسة إخفاقاتها وكيف أخفقت ؟ ولماذا فشلت ؟ وكيفية تطويرها كي تتم الاستفادة من أي أفكار جديدة تصب في مصلحة البلاد والعباد لكننا عندما نتبنى فكرة أو مشروعاً لا نخضعه للتقييم كأحد شروط التخطيط الناجح والإدارة المتميزة ولا نحاسب من تسبب في ضياع وأهدار المال العام وأفشل تجارب كان يمكن أن تكون ناجحة وتنهض بالبلاد.
كان لا بد من هذا التمهيد للدخول إلى الموضوع الرئيسي الذي أود الحديث عنه والمتمثل في وضع الطفولة في البلاد وغيابها التام عن رؤى الحكومة ومشاريعها وبرامجها ولم تفكر أي حكومة من الحكومات المتعاقبة في أن تكون لديها رؤية واستراتيجية خاصة بالطفولة على الواقع فربما يرد أي مسؤول حكومي ويقول إن اليمن لديها استراتيجية الأمومة والطفولة وصادقت على المواثيق الدولية المتعلقة بالطفولة وهذا صحيح لكن هل هناك تطبيق فعلي لهذه الاستراتيجيات والقوانين والمواثيق؟ أنا أشك في ذلك وأتحدى أي شخص يقول لي إن هناك تنفيذاً حقيقياً وواقعياً لها وإلا لكان أطفال اليمن ينافسون أطفال العالم في الرفاهية لكنهم يتفقدون أبسط حقوقهم والدولة والحكومة غائبة تماماً عنهم وهذه هي الكارثة التي ستحل باليمن في المستقبل فطفولة بائسة ومعذبة لا شك ستنتج أجيالاً ضائعة ومجتمعات مريضة ومستقبلاً مجهولاً.
أتمنى على الحكومة أن تلفت نظرها للطفولة وتهتم بها ويمكن أن تكون هناك دراسة علمية معمقة لإدراج مشاريع الطفولة وبرامجها ضمن أولويات الحكومة واهتماماتها وموازناتها وإطلاق استراتيجية جديدة للطفولة تتضمن رؤية حديثة لمعالجة قضايا الأطفال في اليمن وإنشاء صندوق للطفولة يتم تمويله من القطاع الخاص وبعض المنظمات الدولية العاملة في مجال الطفولة يهدف إلى دعم هذه الاستراتيجية وتنفيذ مشاريع مختلفة من شأنها الارتقاء بوضع الأطفال في بلادنا ويكون صندوق الطفولة هو الحاضر الأساسي وليس صناديق انحرفت عن مسارها وأهدافها وغابت عن أداء مهمتها الأصلية إلى مهام هامشية كما هو الحاصل الآن.. فهل يمكن أن يتحقق هذا الأمر .. رسالة ودية لحكومة الإنقاذ الوطني والوزارات والمؤسسات المعنية بالطفولة والشباب.. وكل عام وانتم بخير بمناسبة ذكرى مولد خير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

قد يعجبك ايضا