الثورة / وديع العبسي
من جديد، أمريكا في المنطقة بزعم الدفع بالملف اليمني نحو التسوية وإيقاف هدير السلاح وحدّة الحصار، وهو كلام يتكرر دائما عند تقهقر مرتزقة السعودية في الجبهات، فعلى وقع الهزائم التي يحصدها تحالف العدوان السعودي الأمريكي، وكعادة امريكا كلما رجحت كفة القوات المسلحة اليمنية في معركة الدفاع والتحرير تنشط حركة دبلوماسيتها في المنطقة، لإنقاذ حلفائها في معركتهم الخاسرة.
ورغم الحرص الأمريكي على انتصار حليفته السعودية في هذه المعركة للسيطرة على اليمن، إلا أنه كما يبدو ووفق المتغيرات التي رافقت مجيء بايدن الى البيت الأبيض باتت تفرض على امريكا وضع صياغة جديدة ترفع عنها هذا الفصل القاتم من تواجدها في المنطقة والذي صار عبئا واضحا يعيقها عن توجيه وتحشيد قواها لدرء خطر التنين الصيني القادم بقوة برؤاه الحيوية لإزاحة دهر من التفرد الأمريكي بلعب دور شرطي العالم، وهي مسألة يدفع مجلس الشيوخ الأمريكي في اتجاهها بقوة وقد شرع مؤخرا في تعديل قانون لإنهاء الدعم الأمريكي للأعمال العسكرية السعودية في اليمن.”
حمل مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان كل ذلك الى ابن سلمان، انما مع الافتقار الى الرؤية الواضحة التي تحسم الامر وتنهي العدوان.
يؤكد موقع Responsible Statecraft الأمريكي أن الحاجة إلى إجراء محادثات جادة لإنهاء الأزمة في اليمن ازدادت إلحاحاً مؤخراً لدى الأمريكيين، بعد التعديل الذي تقدم به النائب الأمريكي رو خانا على قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي والذي وافق عليه مجلس النواب الأمريكي، الجمعة 24 سبتمبر.
ويقضي التعديل، حسب الموقع، بإنهاءَ كل أنواع الدعم الأمريكي للأعمال العسكرية السعودية ضد اليمن، ويشمل ذلك إيقاف دعم الصيانة والتزويد بقطع الغيار للقوات الجوية السعودية، التي تعد ثلاثة أرباع طائراتها أمريكية الصنع.
وبحسب الموقع فإنه “ليس من المستبعد أن سوليفان ذكّر ولي العهد والمسؤولين السعوديين بأن بايدن جاد بشأن البيان الذي أدلى به خلال خطابه الأول فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وهو أن الولايات المتحدة عازمة على إنهاء أي دعم للعمليات العسكرية السعودية الهجومية في اليمن، ومنها مبيعات الأسلحة ذات الصلة.”
لا يعكس مصداقية
الأربعاء الماضي، نقل معهد كينسي الأمريكي للحكم المسؤول، عن تقرير للباحثة انييل شيلين، أن الرسالة التي يحملها جيك سوليفان إلى ابن سلمان، تخبره بأن ضغط الكونجرس يتزايد، ولن تتمكن إدارة بايدن من إيقافهم إلى الأبد، مشيراً إلى أن واشنطن أبلغت بن سلمان أن يجد طريقة للخروج من اليمن على وجه السرعة.
ورغم أن هذا التحرك والطرح الأمريكي يعطي الإيحاء بالحرص على أنها العدوان وانهاء معاناة اليمنيين لكنه لا يعكس مصداقية لكنه غير مدعوم بفعل يترجم هذا الحرص على أرض الواقع، فلا شيء يمنع امريكا من أن تطلب وقف هذا العدوان بصورة واضحة ومباشرة ودون مواربة.
في خطابه الأول بداية العام الجاري، أكد بايدن على توجه امريكا لرفع دعمها السعودية في نشاطها العدائي ضد اليمن بإيقاف امدادها بالسلاح، وهو ما أعاد التأكيد عليه بعد ذلك البيت الابيض ثم لم يعقبه شيء، حينها أكد مصدر في حكومة الإنقاذ أن «الإعلان الأمريكي عن وقف مساندة السعودية في العدوان على اليمن لا يكفي، وإذا كانت الإدارة الأمريكية جادة في إحلال السلام، فعليها إصدار قرار دولي بوقف العدوان وفك الحصار عن اليمن برا وبحرا وجوا».
وطالب «الولايات المتحدة بدفع التعویضات للشعب اليمني لمشارکتها في قتل الیمنيين وتقديم قادة تحالف العدوان- مجرمي الحرب- للعدالة ومحاكمتهم وإلزام دول العدوان بفتح صندوق لإعادة إعمار اليمن والتعويض عن الضحايا ووقف العدوان والحصار».
وأضاف: «إذا بقيت هذه الخطوات في حد الأقوال فقط ولم تترجم على أرض الواقع، فالحل هو الاستمرار بالصمود والثبات وخوض المعركة المصيرية للشعب اليمني، معركة النفَس الطويل حتى تحقيق النصر».
الأكيد، أن التحركات الأمريكية دائما ما كانت تتسم بالمراوغات ومحاولة كسب الوقت، إلا أن ذلك لم يعد بالأمر الذي يمكن أن يدفع الجيش واللجان اتجاه إعادة الحسابات، واعطاء هذه التحركات اي اعتبار، وهم الذين يتحركون بدافع وطني نحو تحرير الأراضي اليمنية من السيطرة الخارجية عليه، بغض النظر عن أي أطروحات وشعارات يرفعها الامريكان في تحركهم الدبلوماسي.
مبادرة بلا مضمون
وبشأن المبادرة التي هلل بها الاعلام السعودي التي قدمها ابن سلمان للمسؤول الامريكي، يذهب محللون إلى أنها مبادرة لإقرار الوصاية فهي رغم ظاهرها الهادف إلى لإنهاء الحرب على اليمن لكنها لا تزال تتضمن شروطا سعودية تقتضي سيطرتها على الموانئ والمطارات، الأمر الذي لا يرقى بها إلى مستوية التسوية المطلوبة، بينما يطالب الوفد الوطني بفتح الموانئ والمطار بدون شروط وإنهاء العدوان والحصار تماماً وسحب القوات الأجنبية، فضلا عن كون المبادرة لا تنهي حصار اليمن، كما انها تقدم السعودية كوسيط سلام وبالتالي يعفيها من تحمل مسئولية إعادة إعمار ما خلفه عدوانها..
رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبدالسلام في تعليقه على مبادرة ابن سلمان اوضح أنه «من يرغب في سلام فخطوات السلام تتمثل في وقف العدوان ورفع الحصار ومغادرة القوات الأجنبية البلاد ومعالجة آثار العدوان ودفع التعويضات»، مؤكدا بانه «لن يتحقق سلام بدون ذلك».
وقال «إن الشعب اليمني هو في موقف دفاعي ولم يعتد على أحد، وهو يطلب حقه في كامل الحرية والسيادة والاستقلال ولن يقبل بأقل من حقه المشروع».
يأتي حديث عبدالسلام من منطلق القوة المستندة الى ما صارت عليه معطيات المعركة على الارض، خصوصا مع الانتصارات الميدانية التي حققتها قوات الجيش واللجان الشعبية في جبهات البيضاء وشبوة ومارب، الى جانب عمليات الردع العسكرية التي تنفذها في العمق السعودي.