تقرير/ جميل القشم
يخوض مزارعو البن في منطقة بيت الأسدي بمديرية الحيمة الداخلية محافظة صنعاء، كفاحاً مستمراً لمواجهة الصعاب رغم ما تتميز به حقولهم من أرض خصبة، تمثل مشروعاً استراتيجياً واعداً لهذا المحصول النقدي المهم.
ويشكل وادي المبكر على امتداد مساحته الواسعة البالغة أكثر من ألف لبنة، بادرة أمل حقيقية للتنمية الزراعية، وشاهداً حياً على عظمة وعزيمة المزارعين في هذه المنطقة التي تتبع عزلة الجدعان، رغم الصعوبات وعدم توفر مشاريع المياه والسدود والكرفانات.
وعورة الطريق المؤدي إلى قرية بيت الأسدي ووادي المبكر، تمثل المعضلة الأبرز للمواطنين الذين يعيشون حالة من الإصرار والصمود في ظل غياب أبسط الخدمات ومقومات الحياة والعوامل المشجعة للمزارعين لتطوير آليات ووسائل زراعة البن وتسويقه.
يخيل للزائر لهذه المنطقة وهو يتدرج في الهبوط والمرور بقرى متعددة لعزلة الجدعان، أنه في مغامرة حقيقية في الوصول إلى أسفل المنطقة ووادي المبكر، ليجد نفسه وهو يستقل سيارة مع أحد أبناء هذه القرية، أنه في رحلة سفر نحو الموت جراء وعورة الطريق وتعرج مسالكها.
بل يشعر الزائر للقرية أن أبناءها المحرومين لم يعيشوا أي منجز من منجزات الثورة التي طالما تغنت بها الأنظمة السابقة، بل إن الثورة مرت من أمام أعين مناطق عديدة في مديرية الحيمة الداخلية التي ظلت عقودا من الزمن وما تزال خالية من الخدمات والتنمية.
واشتهر وادي المبكر بزراعة أجود أنواع البن اليمني الذي يسمى العديني والدائري، وتقدر إنتاجيته بنحو 12 طناً مع التفاوت في كل موسم زراعي، رغم الحاجة للمياه ودعم المشاريع المائية التي تؤهله لزيادة الإنتاج.
وفي حين يتعرض مزارعو حقول البن في هذا الوادي الخصب لأضرار وخسائر جراء غياب المياه وتدفق السيول، يحتاجون إلى الدعم والاهتمام بتطوير قدراتهم ومهاراتهم في طرق زراعته وصولا لتحقيق إنتاج وفير كونه المصدر الوحيد لدخل الأسر في القرية إلى جانب ما تمثله زراعة هذا المحصول من أهمية اقتصادية للبلاد.
مدير المديرية محمد البشيري أشار إلى ما تتميز به مناطق عديدة بالمديرية من مقومات للتوسع في زراعة البن والحاجة الماسة لمشاريع المياه والتدخلات المشجعة للمزارعين في تجفيف وتسويق المحصول..لافتا إلى شح الامكانات لتبني مشاريع دعم المزارعين في الوادي.
وذكر أن من ضمن الصعوبات التي تواجه مزارعي الوادي غياب التوعية المجتمعية والورش والبرامج الحقلية.. حاثا المزارعين على المبادرة في الانتساب لعضوية جمعيتي القطاع الغربي التعاونية الزراعية متعددة الأغراض والعزلة التنموية كإحدى الخطوات لمعالجة المعضلات القائمة.
فيما أوضح نائب مدير مكتب الزراعة بالمديرية مجيب الحوتي أن إجمالي عدد أشجار البن يقدر بمليون شجرة على مستوى المديرية وبنحو ألف طن سنوياً من الإنتاجية.. مبيناً أن وادي المبكر ينتج أجود أنواع البن في الحيمة الداخلية.
وأشار إلى أن مكتب الزراعة بالمديرية سيعمل خلال المرحلة القادمة على دعم المزارعين بالشتلات والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتوفير بعض الاحتياجات التي تسهم في مواجهة التحديات التي تحول دون تطوير هذا المحصول النقدي.
وتحدث المزارعون من أبناء القرية عن الهموم والتطلعات لرسم المستقبل الزراعي للبن في هذا الوادي، حيث أشار عاقل القرية عبدالملك الأسدي، إلى أن وعورة الطرق وصعوبة التنقل والوصول إلى المنطقة تعد من أبرز العوامل التي تقف حجر عثرة أمام الشركات والمنظمات المهتمة بتجارة واستيراد البن.
فيما لفت أحد وجهاء القرية محمد حسين الأسدي إلى الحاجة لتوفير خزانات وحواجز المياه والبرك والسدود لمساعدة المزارعين في ري حقولهم.. مبينا أن الوادي يعتمد بشكل رئيسي على الغيل الموسمي للأمطار والذي لا يلبي كافة الاحتياجات من المياه.
بدوره ذكر المزارع، محمد علي قطن، أن السيول الجارفة تتسبب أحيانا بأضرار في الوادي ينتج عنها خسائر مادية في حقول بعض المزارعين، مشدداً على ضرورة تعاون الجهات الرسمية والفاعلة في عمل دراسات لمشاريع للحد من هذه الأضرار.
من جانبه أفاد المزارع قطن محمد قطن، أن زراعة البن تشكل المصدر الرئيسي للمواطنين بالمنطقة رغم أن الإنتاجية متذبذبة سنوياً بسبب غياب الاهتمام والإمكانات اللازمة لتطوير جهود المزارعين وحشد الطاقات لتحقيق قفزة نوعية في المساحة الزراعية والإنتاج.
من جهتهما طالب، المزارعان محمد علي محسن الأسدي، ومحمد محمد الأسدي، قيادة محافظة صنعاء والمؤسسات والجمعيات بالنزول إلى الوادي وتقديم الدعم بما يساعد المزارعين على تنفيذ المعالجات للترويج لمحصول البن وتسويقه لتحقيق عائد مادي منافس ومحفز.
وضمن خيارات المواجهة الحقيقية التي يخوضها الشعب اليمني لصد المخططات التي تتربص بالوطن وتستهدف تجويع أبنائه منذ نحو سبع سنوات، تعد زراعة البن نواة لدعم الاقتصاد ومواجهة صعوبات المرحلة للنهوض بالزراعة .
سبأ