مؤتمر الحوار تجربة فريدة ومدرسة تخرجت منها نوايا صادقة وشباب مبدع
حاوره/عبدالله الخولاني –
> الدولة المدنية ملامحها تلوح في الأفق.. والحل في إبعاد أصحاب الصفقات
> المركزية هي سبب كل الأمراض التي يعاني منها اليمن
> النوايا الصادقة هي الضامن الحقيقي لتنفيذ هذه المخرجات في الواقع
> مخرجات الحوار إذا لم تعكس في الدستور القادم فذلك غش تاريخي
تنفس اليمنيون الصعداء بنجاح مؤتمر الحوار ولكن النوايا الصادقة هي الضامن الحقيقي لتنفيذ هذه المخرجات وعكسها على الواقع خلاصة ما خرجنا به في مقابلة وزير الصناعة والتجارة الدكتور سعد الدين بن طالب الذي أكد أن المركزية هي سبب كل الأمراض التي يعاني منها اليمن واللامركزية ستكون الأكفأ والأقدر على إدارة البلد, وأكد الوزير بن طالب أن مؤتمر الحوار كان تجربة فريدة ومدرسة تخرجت منها نوايا صادقة وشباب مبدع وتعلم الجميع كيف يجلس على طاولة ويطرح أفكاره بطريقة حضارية.. مزيداٍ من التفاصيل في سياق الحوار التالي.
* بداية كيف يقيم الوزير بن طالب مخرجات الحوار الوطني¿
– لا يتوقع أحد أنه سيحصل على كل ما يأمله إذا دخل في حوار ومفاوضات وهي ليست مفاوضات على مصالح لأطراف خاصة وإنما هي مفاوضات في أن يكون الشعب هو صاحب السلطة وأن يقرر مصيره في السابق كان هناك أشخاص يدعون أنهم يمثلون الشعب وهم العالمون ولكن اتضح بعد سنوات طويلة أنهم ما كانوا يمثلون إلا مصالحهم الخاصة ومصالح حلقة صغيرة من أصحاب المصالح وكانت نهاية ذلك النظام أن قامت ثورة عليه, ودخل الشعب اليمني في حوار يفترض أنه ممثل فيه كل قطاعات الشعب بقدر الإمكان واليوم نشهد خلاصات ونتائج هذا الحوار الذي تم وكان فريدا من نوعه.
صحيح أنه احتاج إلى وقت طويل أكثر مما كان مرسوماٍ له لكن نأمل ونرى أن هذا التطويل كان في مصلحة الشعب اليمني, طبعا هناك أطراف قد لا ترضيها هذه النتائج ولكن أقول بأن الأمل معقود على النيات المخلصة في تنفيذ هذه النتائج هي لازالت أوراقاٍ يجب أن تنفذ على أرض الواقع وأيضا أن تسوق للشعب بطريقة مثلى حتى يتم قبوله ومراقبة تنفيذه بالطريقة المناسبة وهنا أخص بالذات القضية الجنوبية التي كانت القضية المحورية ونتائجها كان يترقبها كل أبناء الشعب اليمني وفي الحقيقة الشعب في الجنوب ناضل وضحى وثار والنتيجة اليوم ليست في مصلحته ولكن في مصلحة المناطق الأخرى في كل أرجاء اليمن فما ينطبق على الجنوب سينطبق على الحديدة وتعز ومأرب وصعدة وغيرها وما كان لتلك المناطق أن تطالب بتلك الصلاحيات لولا أن كانت القضية الجنوبية هي المركزية ومعالجة القضية الجنوبية كان فيها معالجة لكل مناطق اليمن, فالمركزية التي كانت تحكم بها اليمن هي السبب في أمراضها كلها بالذات عندما يستولي على المركز تلك القوى التقليدية المتخلفة التي لم تستطع أن تنجز للشعب مستوى معيشة ولا أمناٍ ولا مستقبلاٍ آمناٍ.
نوايا صادقة
* هل نفهم منك أن مخرجات الحوار لبت متطلبات وطموحات الشعب اليمني بمختلف توجهاته¿
– لا أستطيع أن أزكي قبولا نيابة عن شعب ولكن أقول كرأي شخصي أن الأمل معقود على النيات الصالحة لازلنا في مخرجات خاصة تلك المتعلقة بالقضية الجنوبية مبادئ عامة لابد أن تترجم إلى نصوص وهذه النصوص لابد أن تكون أمينة ويجب أن تلبي طموحات الشعب .
قبول الشعب
* كان هناك الحديث عن ضمانات وشكلت لجنة لصياغتها.. ولكن برأيكم ما هي الضمانات الحقيقية لتنفيذ مخرجات الحوار¿
– الضمانة الحقيقية هي قبول الشعب وفهمه لما يريده وعلى القوى السياسية أن تصدر بيانا موقعا تلتزم فيه بتطبيق ما اتفق عليه وأن يكون هناك رقابة حقيقية ليس محلية وإنما إقليمية ودولية وهذه هي الضمانة الحقيقية لأن المواطن الضعيف كان تحت ضغط وإمرة ونفوذ وسيطرة وهيمنة قوى متسلطة يجب أن تمنع من ممارسة ذلك القمع من جديد وما هو الذي يمنع ذلك حتى لا تسير الأمور على رغباتها.
أهداف سامية
* بعد انتهاء مؤتمر الحوار سيتم تحديد شكل الدولة الاتحادية وتشكيل لجنة صياغة الدستور فهل يعني ذلك أن القوى السياسية المتصارعة لن تمارس نفس حيلها القديمة من أجل حماية مصالحها¿
– بالنسبة لتحديد الأقاليم أوكلت لرئيس الجمهورية وهي بين إقليمين شمال وجنوب أو ستة أقاليم اثنان في الجنوب وأربعة في الشمال أو بينهما ولكن أتوقع أن يكون هناك ميول إلى ستة أقاليم.
فالثروة هي أداة ووسيلة لتحقيق أهداف ويجب أن تكون تلك الأهداف سامية ولمصلحة المواطن وأي خروج عن تلك المبادئ والأهداف السامية مثلا أن تكون الثروة تخصص لقوى ومتنفذين أو قوى خاصة هنا تبدأ المشكلة لأن تلك القوى سيزداد نهمها وشرهها في الحصول على المزيد وفي الأخير ستتدخل في الأقاليم بتلك الوسائل التي أعطيت لها وهي المال فإذا زيد على ذلك مال وسلاح وقوة عسكرية فهي بذلك ستعيد نفوذها من جديد ونعيد العجلة من أولها وذلك هو الخطر الكبير على مخرجات الحوار بأن لا تنتج تلك الآلية التي تعيد إنتاج التشكيلة التي كانت تحكم وليس بالضرورة نفس الوجوه ولكن وجوه أخرى.
قوى الهيمنة
* هناك من يطرح أن على اليمنيين أولاٍ بناء دولة قوية ثم البحث عن شكلها بعد بسط نفوذها على كل الأراضي اليمنية¿
– لا يروج لهذا الطرح إلا قوى تريد أن تعيد الهيمنة من جديد على كافة أرجاء الوطن وعلى كافة ثرواته (وهذا عذر أقبح من ذنب) لا أتفق مع ذلك مطلقا ولن نقع في ذلك الفخ من جديد .
ترويج
* هل اليمن بإمكانياتها قادرة على تنفيذ مخرجات الحوار¿
– نحن الآن علينا أن لا نروج للأعذار التي تعطل تنفيذ اللامركزية وأنا في رأيي أن اللامركزية ستكون إدارة أكفأ وبطريقة أفضل فإذا درسنا الموازنة الحالية جزء كبير منها يذهب إلى مصارف لا نعلم عنها شيئاٍ خاصة مصارف الجيش والأمن ونحن نعلم أنه لا جيش ولا أمن كما نعلم أن تلك المصارف يجب أن ترشد وهي غطاء لحصول أصحاب النفوذ على مقدرات البلاد ويجب أن يرفع ذلك الغطاء.
غش تاريخي
* هل سيكون الدستور القادم انعكاس لما اتفق عليه في الحوار.. أم سيخضع للمفاوضات والصفقات السياسية¿
– إذا لم يعكس مخرجات الحوار في الدستور القادم فذلك غش تاريخي ولا توجد ضمانات بالذات في صياغات فنية فالمسألة ستخضع لكثير من التحايل والضغوط نرجو ونطلب من الله أن يرحمنا من هذا الغش .
محاولة
* هل يعني أن الصفقات التي حصلت في السابق ستتكرر عند صياغة الدستور¿
– بالتأكيد ورأينا تلك القوى ماذا كانت تمارس أثناء الحوار الوطني وخارج أسوار الحوار على مستوى الخدمات مثل الكهرباء والنفط وغيرها كل ذلك محاولة حتى هذا اليوم لإفشال مؤتمر الحوار وهذا ما عبر عنه الرئيس عند اختتامه لمؤتمر الحوار الوطني.
لازالت تبحث
* هل اليمن في المسار الصحيح¿
– اليمن في المسار الصحيح في البحث عن المسار الصحيح لازالت تبحث وبعض ملامح الدولة المدنية بدأت ملامحها تلوح في الأفق ومنها قيام هذه الثورة الفريدة من نوعها التي خرجت على أكتاف شباب كانوا يحلمون بمستقبل أفضل, صحيح أن مسار هذه الثورة إلى نهاية لم يكونوا يريدونها ولكن في نهاية المطاف والإرادة الشعبية فهي واضحة على بناء اليمن الجديد لكن هذا الشباب لم يكن مؤطرا لفرض إرادته في الكواليس وأن قواته الأساسية كانت في الشارع.
أبعاد أصحاب الصفقات
* القوى السياسية بمختلف توجهاتها هل استوعبت الدرس.. أم لازالت بعقليتها القديمة لم تتغير¿
– الحل في إبعاد أصحاب الصفقات وذلك يتم عن طريق اللامركزية فمضمون الصفقات هي مصالح موجودة في الحديدة وتعز وعدن وحضرموت الفرقاء السياسيون يتنازعون هذه المصالح في إطار الدولة أم عن طريق المواقع أو المصالح والعقود أو من خلال توزيع القوى عن طريق الدولة وهذا يجب أن ينتهي وتنشأ مصالح جديدة في داخل الأقاليم ممثلة لمصالح العامة على الأقل تمثلها قوى محلية ثم نفكر ماذا نريد من المركز.
المتاح
* الدكتور بن طالب كمواطن يمني راضُ عن مخرجات الحوار¿
– ليس كل ما يتمناه المرء يدركه والإنسان وبالذات السياسي يرى ما هو المتاح له وأن يعمل في إطار ما أتيح له ويستغل ذلك لأن ما أتيح لنا كشعب من السلطة على مستوى اللامركزية أن نجد الوسيلة المناسبة لفرض إرادتنا وفرض رؤانا .
غير مشرف
* ما هي رسالتك التي تحب توجيهها للقوى السياسية والشباب¿
– أقول لأن تاريخكم في الملعب السياسي لم يكن كله مشرفا وعليكم أن تغيروا من وسائلكم وأن تحسنوا النية وأن تعيدوا النظر في الذهنية السياسية التي تخاطبون الناس بها وبالذات في الأشخاص لابد أن يحدث تغيير عام حتى يستطيعوا أن يجذبوا الناس وأن يدركوا معطيات الواقع والمتغيرات الدولية والمحلية والدولية .
فرض إرادات
* أين تضعون حوادث الاغتيالات التي تشهدها اليمن حاليا¿
– في خانة الصراع على فرض إرادات أنانية لفرضها على مخرجات الحوار أو محاولة لإفشال هذا الحوار ولن يعمل ذلك إلا من يرى أن مصالحه الضيقة ستتضرر.
كلمة أخيرة أقول فيها أن مؤتمر الحوار كان تجربة فريدة ومدرسة تخرجت منها نوايا صادقة وشباب مبدع وتعلم الجميع كيف يجلس على طاولة ويطرح أفكاره بطريقة حضارية نأمل ونتمنى أن يكون ذلك هو المنهج التي تنبني عليه الأفكار والرؤى لبناء الدولة المدنية المقبلة بهذه الوسائل الحضارية نستطيع أن نحقق الدولة التي نصبو إليها.