ثورة 21 سبتمبر تستعيد الإرث الزراعي في اليمن

 

الانتقال من مرحلة التبعية الاقتصادية إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والإنتاج الوطني وتجاوز الركود أهداف رئيسية للثورة
بعد استشهاد الرئيس الحمدي في أكتوبر 1977م وتزايد تأثير الوصاية السعودية توقفت عجلة التنمية
الحكومات السابقة الخاضعة للوصاية الخارجية جمدت عدداً من الأولويات الاقتصادية
مازال 80% من القطاعات الاستكشافية لم تكتشف بحسب الدراسات والمسوحات النفطية بسبب وقف السعودية لعمليات التنقيب
السعودية دفعت ملياراً و200 مليون دولار مطلع العام 2014م للفار هادي مقابل إطفاء شعلة النفط في الجوف

على مدى العقود الماضية، فشلت الحكومات السابقة في تحقيق أي تحسن ملحوظ في مسار التنمية الاقتصادية، رغم إقرارها بين فترة وأخرى لخطط تنموية خمسية لم يكن ينفذ منها الا ما لا يتعارض مع أجندة دول الاحتلال والهيمنة السعودية الأمريكية على اليمن .
الثورة /أحمد المالكي

ويؤكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في كلمته التي القاها في الذكرى الأولى لثورة 21 سبتمبر 2015م ، ” أن الثورة لم تأت من فراغ ، بل هي تَحرّك مشروع استحقاقي مسؤول واعِ فرضتها تلك الأوضاع الكارثية التي عانى منها الشَّـعْـب الـيَـمَـني ، وهي نتاج للإحساس بالظلم ونتاج للشعور بالمسؤولية وهي وعي شعبي بالطريقة الصحيحة للسعي نحو التغيير “، وأشار إلى أن “سيادةُ البلد واستقلاله كانت على مهب الريح بفعل الأطماع الخارجية مؤكداً أن ” ثورة 21 سبتمبر الشعبية انقدت اليمن من الضياع ومن الاحتلال الذي عمل العدو على تهيئته عبر إيصال البلد إلى حالة الانهيار الكامل اقتصادياً وامنياً وسياسيا ، ليتدخل الطامعون بالموقع الجغرافي لليمن والاستئثار بكل المناطق الحساسة والمواقع المهمة والثروات المختزنة في باطنه والواعدة والمهمة تحت عناوين إنقاذية ، وأمام ذلك المخطط الأمريكي والإسرائيلي والوضع الاقتصادي والإنساني والأمني المتدهور لم يكن أمام الشعب اليمني خيار آخر سوى التحرك المسؤول لإحباط ذلك المخطط الخطير، كون القوى السياسية حينذاك لم تعد حاملة لا لآمال ومطالب الشَّـعْـب وليست قادرة على مواجهة التحديات “.
وأشار السيد القائد حينها إلى أن ثورة 21 سبتمبر حرصت على أن تتسعَ في أهدافها ومطالبها ومسارها السياسي للجميع لكل أَبْـنَـاء هذا البلد ، وتم التوقيع على اتفاق السلم والشراكة والذي وصفة بالاتفاق المنصف حتى مع أدوات العدوان ” ، وبالعودة إلى نص الاتفاق الذي وقع برعاية الأمم المتحدة في يوم 21 سبتمبر 2014م ، فقد اشترط ” أنصار الله ” تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية وتحسين مستوى دخل الفرد ، ومن أبرز البنود التي جاءت في الاتفاق ، تشكيل لجنة اقتصادية تضم خبراء مؤهلين واقتصاديين من مختلف المكونات السياسية و الوزارات المعنية، مشترطا الخبرة في مجال التشريع والإدارة المالية والاقتصادية، والزمت اللجنة بتقديم برنامج شامل و مفصل و واضح للإصلاح الاقتصادي، يهدف في المقام الأول لتجفيف منابع الفساد في جميع القطاعات و معالجة اختلالات الموازنة العامة و ترشيد الانفاق ، وكذلك دراسة الوضعين الاقتصادي و المالي في اليمن، من خلال مراجعة الموازنة العامة للدولة و الانفاق ، وقيام الحكومة برفع نسبة 50% للمستفيدين من إعاشات صندوق الضمان الاجتماعي، وزيادة إعاشات الخدمة المدنية والجيش والأمن، وإلغاء الوظائف الوهمية و المزدوجة، وتسديد جميع المدفوعات عبر المصارف أو البريد، وزيادة موازنة التعليم والصحة في موازنة الدولة ، يضاف إلى ذلك إلزام الحكومة بالتنفيذ الكامل لمخرجات الحوار المتعلقة بمكافحة الفساد و توفير الموارد الضرورية لذلك.
التغيير والانتقال
ولأن الثورة اتسمت بالوطنية والشعبية وكانت هدفها الأول هو التغيير المنشود وتجاوز الركود والانتقال من مرحلة التبعية الاقتصادية إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي والإنتاج الوطني ، ومن مرحلة الفقر والبطالة والحرمان الاجتماعي إلى مرحلة الرفاه الاقتصادي ، ومن الهيمنة الخارجية إلى الاستقلال ، فقد ضاق بها أعداء اليمن ذرعاً ، وشنوا عدواناً غاشماً وحصاراً ظالما ليلة 26مارس 2015م ، ولايزال حتى اليوم ، ولكن الثورة مستمرة والتحرك الشعبي الوطني متواصل في مختلف الجبهات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
في عهد الحمدي
وكانت اليمن في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي واحدة من أسرع عشر دول في العالم نمواً، وفي ثلاث سنوات وعدة أشهر استطاع الشهيد الحمدي من تحويل اليمن الشمالي حينذاك إلى ورشة عمل مفتوحة ليحقق المئات من مشاريع التنمية، وعقب استشهاده في أكتوبر 1977م ودخول اليمن تحت الوصاية السعودية توقفت عجلة التنمية وتحولت اليمن من دائن إلى مدين وبدأ العجز العام في الموازنة يتصاعد منذ العام 1982م ولم يتوقف حتى العام 2014م ، بسبب غياب أي رؤية اقتصادية للحكومات السابقة ، وكذلك ارتهان قرارها للرياض .
وخلال العقود الماضية جمدت الحكومات السابقة الخاضعة للوصاية الخارجية عدد من الأولويات الاقتصادية وحولت اليمن إلى بلد مصدر للأيادي العاملة لدول الخليج ، فاستثمرت 20% من القطاعات النفطية واقفت التنقيب في عدد من القطاعات النفطية ومازال 80% من خارطة القطاعات الاستكشافية لم تكتشف بعد بحسب الدراسات والمسوحات ، ويعود سبب ذلك إلى وقف السعودية عملية التنقيب عن النفط على مر العقود الماضية في حقل حرض النفطي عام 1977م ، والذي كان يعد أول حقل نفطي في شمال اليمن ، وتم إيقاف شركة التنقيب الأمريكية بعدما أكدت المسوحات وجود كميات كبيرة من النفط في الحقل ، وعزت الرياض منع الشركة من مواصلة حفر أول بئر إلى أن المنطقة حدودية ولم يتم إبرام اتفاق بين البلدين حول الحدود .
وبعد استشهاد الرئيس الحمدي لم يتحدث النظام السابق عن وجود قطاع نفط في حرض وفي العام 2014م سعت السعودية لشراء 100 كيلو في الصحراء الحدودية أي مكان القطاع النفطي عبر مواطنين سعوديين ، وبعد شراء الأرض من مواطنين يمنيين يحملون تابعيات سعودية وحاولوا تعميد بيع الأرض في مكتب أراضي وعقارات الدولة في محافظة حجة وتم القبض عليهم وإيداعهم السجن وإفشال المحاولة السعودية .
مخزون عالمي
وفي محافظة الجوف عملت الرياض على إبقاء المحافظة بدائية ومحرومة من أبسط الخدمات وبذلت جل جهودها خلال العقود الماضية لإعاقة أي تنمية فيها ابتداء بإعاقة شق الطرقات وانتهاء بوقف أي عمليات للتنقيب عن النفط والغاز، عبر شراء الولاءات وتغذية الصراعات المحلية في المحافظة التي تعد من كبرى المحافظات اليمنية مساحة ، وبعدما تم إيقاف شركة هنت من التنقيب في الجوف مطلع ثمانينيات القرن الماضي، كررت الرياض منع اليمن من أي استكشاف للنفط في صحراء الجوف عام 2013م ، بعد أن كشفت تقارير دولية عن وجود 34% من مخزون النفط العالمي في اليمن وتحديداً في الجوف ، وتحت ضغط شعبي كبير قامت وزارة النفط بصنعاء مطلع العام 2014م بتنشيط عمليات الاستكشافات النفطية في عدد من المحافظات، وفتحت عشرات القطاعات النفطية أمام الشركات الاستثمارية، ولأول مرة دخلت القطاعات النفطية في الجوف والربع الخالي من بين القطاعات المعروضة، وتم منحها لشركة صافر النفطية ” اليمنية”، وبعد وقت قصير على بدء المسح في مناطق تبعد عن الحدود اليمنية السعودية 40 كلم، وفي ظل ترحيب أبناء الجوف وترقب كل اليمنيين باشرت أعمال الحفر والاستكشاف الأولى، كثفت السعودية ضغوطها على حكومة الفار هادي ودفعت مليار و200 مليون دولار مطلع نفس العام للفار هادي مقابل إطفاء شعلة النفط في الجوف .
أطماع عدوانية
المطامع السعودية زادت تكشفاً بعد قيادتها لتحالف العدوان على اليمن، فخلال العام الأول للعدوان قامت قوات الاحتلال السعودي بالسيطرة على 42الف “كم” في صحراء الربع الخالي في منطقة” الخراخير” الواقعة على الحدود السعودية اليمنية شرق حضرموت، وأجبرت سكان المناطق الصحراوية على إخلائها بالقوة، وعمدت على إغلاق المنطقة تحت ذريعة أنها منطقة عسكرية، لتقوم منذ عام بتسليم المنطقة لشركة أرامكو للتنقيب عن النفط، ووفقا لتوقعات الخبير النفطي اليمني عبدالغني عبدالله جغمان ، فإن الاحتياطات النفطية الواعدة في حوض شبوة ومارب وحوض وسيئون والمسيلة بحضرموت تقدر بحدود 3 مليارات برميل نفط ، كما تبلغ احتياطيات الغاز 16 تريليون قدم مكعب ، ويشير إلى أن إجمالي ما تم إنتاجه من الاحتياطات المعروفة يصل إلى 65? وماتبقى للإنتاج في تلك الحقول 35? أي ما يقارب مليار برميل نفط ، لكنه يوكد أن دراسات فنية أجريت قامت بها هيئات دولية متخصصة وشركات نفطية، توقعت استكشافات جديدة في حوضي السبعتين والمسيلة، يصل حجم الاحتياطيات المحتملة فيها إلى 9 مليارات برميل نفط ، وأشار إلى أن المعلومات المتوفرة عن مخزون الأراضي اليمنية الواقعة في حوض الربع الخالي يقدر بملياري برميل نفط، وما يزيد عن 40 تريليون قدم مكعب غاز.
يضاف إلى أن مطامع قوى الاستكبار الدولي تتركز حول باب المندب والذي يعد واحداً من أهم الممرات المائية في العالم ، إذ يمر عبره ما يقارب 3.8 ملايين برميل نفط، وأكثر من 21 ألف سفينة شحن سنوية (بمعدل 57 سفينة يومياً)، وهو ما جعل المضيق محل أطماع أمريكا وإسرائيل منذ عقود زمنية. .

قد يعجبك ايضا