33 مليون متابع له على الفيسبوك ويتواصل معه علماء الجيولوجيا من أنحاء العالم و90 % من اليمنيين لا يعرفونه

هاشم الغيلي.. سفير الوجع اليمني إلى الإنسانية وحامل لواء الإبداع العلمي

 

العلم ليس حكراً على شعب دون آخر، حيث يعتقد الكثيرون أن التطور والتقدم العلمي والتقني الهائل في العالم الغربي وما يصدره إلى دول العالم النامي إنما هو نتيجة جهود أفراده، وأن بلداناً مثل الدول العربية لا تمتلك أياً من مقومات التقدم، بالرغم من أن المطلع على الحضارة يعرف جيداً أنه توجد الكثير من الأسماء العربية اللامعة في سماء التقدم الحضاري والتقني، من تلك الأسماء الشاب اليمني المبدع هاشم الغيلي الذي يجهله معظم أبناء بلده مع أن صفحته على فيس بوك تخطت 33 مليون متابع.

الثورة / هاشم السريحي

يصفه علماء الغرب بأنه سفير الوجع اليمني إلى الإنسانية، وحامل لواء الإبداع العلمي من أجل أن يعيش جميع سكان الكوكب بسلام، هاشم الغيلي شاب طموح من أبناء ريف محافظة حجة، ولد عام 1990م لأسرة تعمل في الزراعة حيث كان والده يعده لهذه المهنة، إلا أن هاشم كان لديه شغف كبير بالعلم دفعه إلى ترك قريته والبحث عن منحة دراسية لمواصلة تعليمه.

مشواره العلمي
حصل عام 2007م على منحة إلى باكستان لدراسة التكنولوجيا الحيوية في جامعة بشاور والتي تبرع لها فيما بعد بخمسين ألف دولار رداً منه للجميل، وبعد عودته إلى اليمن عمل في أحد المختبرات الحكومية لكن شغفه بالعلم دفعه إلى البحث من جديد عن منحة لمواصلة تعليمه، سافر إلى ألمانيا عبر منحة “DAAD” وكانت المنحة مشروطة بالحصول على قبول جامعي، فأرسل 100 طلب لمختلف المؤسسات البحثية والجامعات، تم رفضها وعدم حصوله على قبول ضمن الفترة المحددة يعني أنه سيخسر المنحة، لأنه لن يستطيع تحمل تكاليف الدراسة على نفقته الخاصة.
فقام بمراسلة 70 بروفيسورا من جامعات ألمانية مختلفة، طالباً منهم أن يطلعوا على أوراقه، فقبله البروفيسور “سباستيان شبرينغر Sebastian Springer” من جامعة “جاكوبس بريمين Jacobs University Bremen” والذي دعم هاشم وساعده على تخطي العقبات الكثيرة التي واجهته.
وبعد تخرجه أصبح نائب رئيس تحرير النسخة العربية من مجلة مرصد المستقبل، التي تغطي الابتكارات في العلوم والتكنولوجيا، كما عمل مع شركة Futurism Media الأمريكية الإخبارية المتخصصة في التواصل العلمي كمدير محتوى.

صناعة الأفلام
قرر الغيلي مغادرة المعامل والتفرغ للإخراج وإنتاج أفلام روائية قصيرة ذات محتوى علمي بغرض العرض على منصات التواصل الاجتماعي.
دخل الخيال العلمي بفيلمه الأول “محاكاة” simulation، من تأليفه وإخراجه. كما شارك في التمثيل بالعمل الذي تم تصويره في استديوهات بوفا ببرلين في يوم واحد فقط، وتم عرضه في العاصمة الألمانية.
وترتكز فكرة الفيلم على نظريات علمية تشير إلى أن كل ما في الكون عبارة عن محاكاة، وأن هناك كوناً أصلياً مسيطراً يدير ويبرمج الكون الثانوي الذي نعيش فيه، ويخضع كل ما فيه من بشر ونجوم وكويكبات لإشاراته وإشعاراته، وفي 23 دقيقة تحبس الأنفاس تشويقاً، يروي الفيلم قصة كائنات فضائية تتمتع بقدرات ذكاء خارقة، تضع البشر في هذه المحاكاة وتستخدمهم إلى جانب الكائنات الأخرى لاستخراج الطاقة منهم وإحياء الموتى عندهم.
أحد أبرز الفيديوهات المؤثرة في حياة الناس الفيديو الذي نشره عام ٢٠١٦م، عن وعاء مصمم بطريقة يستطيع الناس في المناطق التي تعاني من شح المياه – في إفريقيا مثلاً – نقل كميات أكبر من المياه عبر مسافات طويلة دون بذل مجهود كبير، من خلال دحرجتها بدل حملها.

ملايين المشاهدات
هاشم الغيلي يتابعه أكثر من 33 مليون متابع على “فيسبوك” وهناك أكثر من 10 مليارات مشاهدة لأفلام الفيديو التي ينتجها على منصات التواصل المختلفة، ويتواصل معه علماء الجيولوجيا من أنحاء العالم، ويعد اليوم أحد أشهر المتواصلين العلميين Science Communicator، إلا أن 90 % من اليمنيين لا يزالون لا يعرفونه.
واجه الغيلي تحديات وصعوبات كان معظمها متعلقاً بالتغييرات المفاجئة والمستمرة التي تطرأ على شبكات التواصل مثل فيسبوك، فمثل هذه التغييرات تؤثر على عدد المتابعين الذين يمكن الوصول إليهم بالمعلومات الشيقة، كما يمثل الوقت أحد التحديات التي تواجه الغيلي فهو يقوم بمشاريعه على صفحته في الفيس بوك في وقت فراغه، إلى جانب وظيفته الأساسية.

محتوى علمي مميز
نجاح أفلام الشاب اليمنى يرجع إلى بساطة وسهولة المحتوى الذي يقدمه في دقائق معدودة، بما يتوافق مع طبيعة العصر، كما أن محتوى أعماله مرتبط بحياة الأفراد ورغبتهم في المعرفة، كما في القضايا المتعلقة بالأمراض الشائعة، والعلاجات الجديدة، أو القضايا المرتبطة بالبيئة والتكنولوجيا.
تجربة الغيلي تضمنت التركيز على إنتاج مواد بصرية “فيديو جرافيكس” شيقة، تعتمد لغة شرح سهلة مكتوبة بالإنجليزية البسيطة؛ بالإضافة إلى الاعتماد على المصادر المرجعية للمعلومات وعدم التحيز لرؤى محددة ضيقة أو تسييس الموضوعات.
وأحياناُ ما يختار موضوعات غير شعبية، لكنها مهمة علمياً، كما أنه كثيراً ما يختار الموضوعات الخلافية مثل علاقة الإنسان بالروبوت والهندسة الوراثية للبشر والرحم الصناعي، لشرحها وفك الالتباس حولها.
نجح الغيلي عبر فيديوهاته في تغيير حياة الملايين ليصبح أول عربي ناشر لعلم الأحياء عبر فيسبوك. فقد قدم بحثاً علمياً لعلاج السرطان بالجينات الوراثية، وبحثاً آخر عن نظرية تغيير مناخ المريخ بالهيدروجين.
تتصدر فيديوهاته عناوين لافتة باللغة الإنجليزية. ومن ضمن منشوراته الأخيرة، “العلماء يخترعون طريقة جديدة لتحويل الشمس إلى وقود”، و”300 مليون كوكب صالحة للسكن في مجرتنا درب التبانة”، و”خوذة مغناطيسية تقلص بنجاح سرطان الدماغ” وغيرها.

اللغة الإنجليزية
وعن سبب اعتماده اللغة الإنجليزية فيقول: “قمت باعتماد اللغة الإنجليزية لسببين رئيسيين: أولاً مصادر المعرفة موجودة باللغة الإنجليزية ويمكن اختصارها بسهولة. ترجمتها يحتاج إلى بذل الكثير من الجهد. ثانياً: أود أن أنشر العلم والمعرفة مع مراعاة إضافة المصادر الأساسية للبحث العلمي في كل المنشورات، للأسف بعض الصفحات التي تنشر العلوم باللغة الإنجليزية تتفادى إضافة المصادر، وهذا يخلق مشكلة. نحن نعتمد على هذه المصادر عند ترجمتها إلى اللغة العربية، فإذا ضاعت هذه المصادر فإننا سنبدأ بنشر معلومات تفتقر إلى الصحة”.

المستقبل
يأمل هاشم الغيلي إنشاء مؤسسة “هاشم الغيلي” غير الربحية للتعليم والابتكار، تهدف لدعم مشاريع علمية في البلدان النامية، ملء الفراغ بين صناع القرار والعلماء لاتخاذ قرارات عقلانية، وتطوير أساليب التعليم القديمة.
يقول هاشم الغيلي:” غالباً ما أقوم بنشر مواد تتعلق بأحدث التطورات في مجالي الصحة والطب، لكن للأسف أحدث العلاجات والتكنولوجيا الطبية تكون غالية الثمن أتمنى أن أمد يد المساعدة لإيصال المواد الطبية إلى كل منزل بحاجة إليها بغض النظر عن مستوى الدخل المالي للفرد”.
كما يسعى الغيلي إلى إنشاء صفحة متخصصة للعالم العربي وتعريب المحتوى الذي ينتجه للتغلب على حاجز اللغة.

رسالة إلى الشباب اليمني
هاشم الغيلي المثال اليمني الذي نفتخر به، ويجب أن نعلم أن التعليم أساس كل شيء وجه رسالة إلى الشباب اليمنيين: “نحن في اليمن بحاجة إلى تكثيف جهودنا في التعليم حتى نلحق بركب الأمم المتقدمة. نريد من طلابنا وشبابنا أن يأخذوا العلم والمعرفة بكل جدية وأن يكون لنا دور فعال ليس فقط في نشر العلم بل أيضاً في صناعته. وهنا يأتي دور المدارس والجامعات على الخصوص في تنمية روح المعرفة بين طلابنا وشبابنا حتى ننهض باليمن ونعيد بناء وطننا الغالي من جديد”.
ويضيف الغيلي: “لدينا في اليمن شباب لديهم طاقات هائلة وجبارة ورغبة كبيرة في خدمة المجتمع والعالم، أقول لهم جميعاً إن ذلك ممكن ما دامت العزيمة موجودة”.

قد يعجبك ايضا