"الثورة " تلتقي أحد الأكاديميين اليمنيين المرحلين من السعودية

د. عبدالباقي شمس الدين: الأكاديميون اليمنيون يشكلون أغلبية هيئة التدريس في جامعة نجران وتم إشعارهم فجأة بإلغاء عقودهم


النظام السعودي يفشل عسكريا وينتقم من 700 أكاديمي مقيم في أراضيه
أحد الأكاديميين العائدين للنظام السعودي: لو جرت عليكم سنة الحياة التي جرت علينا سنرحب بكم في أرضنا وسنقاسمكم رغيف خبز أولادنا
د. فوزي الصغير:السعودية خططت في مرحلة مبكرة وقبل بدء عدوانها على اليمن لإفراغ الجامعات الحكومية من الكوادر الأكاديمية
د. عبدالوهاب الوشلي:يأتي هذا التصرف ضمن سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها المغترب اليمني منذ عام ١٩٩٠م
د. فتحي السقاف:المراد من ترحيل العمالة اليمنية مضاعفة الحرب الاقتصادية حيث تشكّل تحويلات المغتربين مصدر رزق لآلاف العائلات اليمنية
د. عرفات الرميمة:علماء وساسة المرتزقة برروا للسعودية قطع لقمة عيش العمال والأكاديميين
د. نجيبة المطهر:الخير في عودة الأكاديميين إلى جامعاتهم

يواصل النظام السعودي الانتقام من اليمنيين المقيمين في أراضيه- بلا ذنب إلا لكونهم يمنيين عبر استهداف العاملين وترحيلهم من الأراضي السعودية، بدأ هذا الاستهداف الممنهج عام 2017م عندما أعلنت السلطات السعودية سعودة الوظائف في 12 قطاعاً وتم حينها ترحيل آلاف اليمنيين وها هو الدور يأتي اليوم على فئات أخرى -منها الأكاديميون العاملون في الجامعات والمعاهد السعودية- فقد منعت السعودية تجديد الإقامات لهم واستغنت عن ما يقارب 700 اكاديمي بحسب إحصائية لمركز “يمانيون في أرض المهجر للحقوق والحريات “منهم 106 في جامعة نجران فقط وجميعهم من أعضاء هيئة التدريس، ويحملون شهادة الدكتوراه ولم تكتف السلطات السعودية بإنهاء التعاقد معهم دون سابق إنذار، بل وصل الأمر إلى منعهم من تجديد عقودهم السكنية في المناطق الجنوبية…
“الثورة” التقت أحد هؤلاء الأكاديميين المرحلين كما ألتقت عدداً من الأكاديميين اليمنيين في الداخل للوقوف حول دلالات هذا الاستهداف الذي طال من أفنوا أعمارهم في نهضة التعليم الجامعي في السعودية.. مزيد من التفاصيل في السياق التالي:
الثورة / أحمد السعيدي

في البداية التقت “الثورة” أحد الأكاديميين الذين طالتهم القرارات السعودية الأخيرة وهو الدكتور عبد الباقي شمس الدين الذي كان يعمل في هيئة التدريس بجامعة نجران حيث قال:
” نحن اليمنيين في جامعة نجران عددنا 106 أساتذة جامعيين متعاقدين تم إبلاغنا فجأة وبدون أي مقدمات أو إنذار سابق تلقينا إشعاراً من رئاسة الجامعة بإنهاء التعاقد معنا وأخبرونا أن الأسباب هي قرارات السلطات العليا رغم أننا أغلبية هيئة التدريس في الجامعة، وليست جامعة نجران فقط من قامت بهذا الإجراء بل جامعات الجنوب السعودي أيضا في عسير وجيزان والباحة، تم استهداف الأكاديميين من الجنسية اليمنية بلا استثناء ورافق قرار الاستغناء عني وعن زملائي قرار آخر باستقدام أكاديميين من جنسيات أخرى بتأشيرات مجانية وبحوافز من أجل سد الفراغات الكبيرة ولا يقتصر الأمر على الجنوب فقط حتى محافظات الشمال فقد أكد لنا زملاؤنا من الأطباء والأكاديميين القاطنين هناك بنفس الأخبار.. ورسالتي للنظام السعودي أن ما نأخذه نحن من رزق حلال هو رزقنا المقسوم لنا من الله ولم نأخذ من رزقكم شيئاً ولعله خير أن نغادر أرضكم ونعود إلى أوطاننا الباقية لتستفيد أجيالنا بما تعلمناه وكلنا ثقة إن الله لن يضيعنا ولو جرت عليكم سنة الحياة التي جرت علينا سنرحب بكم في أرضنا وسنقاسمكم رغيف خبز أولادنا غير كافلين ولا مكفولين في بلاد الإيمان والحكمة” .

تخطيط مسبق
وتعاطف الأكاديميون اليمنيون في الداخل مع زملائهم الذين استهدفهم النظام السعودي وعبروا عن بشاعة هذا الجرم ووجهوا رسائلهم عبر الثورة للنظام السعودي ولزملائهم حيث قال الدكتور فوزي الصغير- رئيس جامعة صنعاء سابقا:
” إن عملية ترحيل الاكاديميين اليمنيين من السعودية تعد من العمليات التي تندرج تحت بنود الحرب التي يمارسها النظام السعودي ضد أبناء الشعب اليمني باعتقاد السعودية أنها تستطيع من خلال هذه الورقة أن تحقق أي تقدم خاصة أنها قد فشلت في حربها المباشرة العسكرية مع اليمنيين، وللعلم أن السعودية خططت في مرحلة مبكرة ومن قبل العدوان على اليمن لإفراغ الجامعات الحكومية من الكوادر الأكاديمية خاصة أولئك الذين ينتمون للأحزاب المؤيدة للعدوان باعتقادها أنها تستطيع إيقاف العملية التعليمية باليمن لكن كل خططها فشلت وبعد أن قدم العديد من الاكاديميين جهدهم – خاصة أن البعض منهم قد تجاوزت خدمته في الجامعات السعودية عشر إلى ثماني سنوات – يتم مكافأتهم بأنهاء عقودهم علما أن جامعاتهم اليمنية قد قدمت لهم الفرص للعودة لممارسة مهامهم لكن البعض فضل البقاء في الجامعات السعودية وتعرض عدد منهم لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم ..
اليوم السعودية تتخذهم كورقة ضغط بشكل غير إنساني فالبعض منهم قد تم فصلهم من جامعاتهم لرفضهم العودة في الوقت المناسب والبعض الآخر لا يستطيع العودة التزاما حزبيا ولذلك نحن في الجامعات الحكومية والتعليم العالي نؤكد على موقفنا الثابت مع إخواننا الاكاديميين أن من حقهم رفع دعاوى على الحكومة السعودية وان يعودوا إلى وطنهم وجامعاتهم لمناهضة هذا العدوان الظالم، والحكومة السعودية التي تريد إقحام هذه الورقة وباعتقادنا أن هذه الورقة الأخيرة من الحرب الاقتصادية ستفشل كما فشلت حربها المباشرة وغير المباشرة في جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة وان إيقاف العدوان السعودي هو السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة”.

انتهاك اتفاقية الطائف
بينما قال الأكاديمي عبد الوهاب عبد القدوس الوشلي – مساعد رئيس جامعة صنعاء وباحث في القانون الدولي:
لا شك أن الجميع يعرف أن منظمة العمل الدولية ومنظمة التجارة العالمية، والعديد من المنظمات، سبق لها أن استنكرت ما تفرضه السلطات السعودية لمتطلبات العمل داخل أراضيها، من نظام الكفالة ورسوم جباية وغيرها، لمخالفتها معايير العمل الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويأتي القرار الأخير لحكومة السعودية بعدم تجديد عقود الاكاديميين اليمنيين في جامعات جنوب السعودية، ضمن سلسلة الانتهاكات التي يتعرض لها المغترب اليمني في السعودية، منذ عام ١٩٩٠م وحتى الآن، عندما قامت حكومة المملكة بانتهاك اتفاقية الطائف ١٩٣٣م بالبنود الخاصة بوضع المغترب اليمني، وقامت بطرد ٣ ملايين مغترب يمني من أراضيها في يوم وليلة، وانتهكت كافة حقوقهم المكفولة وفقا للشرعية الدولية.
وأقول لهؤلاء الاكاديميين العاملين في السعودية، في ظل الصمت المخزي من الفار هادي والحكومة التابعة له، تجاه عملية ترحيل الأكاديميين والمغتربين اليمنيين في السعودية لهو دليل جديد على عجزها وارتهان قرارها للخارج وأنها أصبحت مجرد أداة لتمرير قرارات السعودية وشرعنتها، عودوا إلى وطنكم، فالوطنية أسمى وأقدس المعاني والقيم التي يعيش لها الإنسان، واخدموا شعبكم الذي درستم في الخارج على حسابه، فهو أحق بكم من الغير ولو أكلناها يابسة، فالرزاق هو الله، ‏إن ظننتم أن حكومة السعودية التي تقصفنا وتحاصرنا وتدمر اقتصادنا بكل صلف وغرور للعام السابع، ستكون عادلة يوما ما تجاهنا، فأنتم تكذبون على أنفسكم، لأنها لم ولن تكن يوما ما كذلك.
أيها اليمانيون كونوا معا يدا وصوتا واحداً وستحسب لكم قوى الظلم والعدوان ألف حساب، بوحدتكم تصنعون مستقبل أفضل ليمن الإيمان والحكمة ونأمل من حكومتنا بصنعاء أن تلتفت لمعاناة الأكاديميين في هذا الظرف الوطني الصعب والخطير”.

العدو الحقيقي
الدكتور والأكاديمي بجامعة صنعاء فتحي احمد السقاف هو الآخر تحدث للثورة عن تداعيات هذا الإجراء اللا إنساني حيث قال:
“يأتي قرار طرد وترحيل الأكاديميين اليمنيين وعشرات الآلاف من المغتربين في المملكة بعد لقاء نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان بالمنتهية ولايته عبد ربه هادي الفار في الرياض، ويشمل قرار الترحيل العاملين في مختلف المهن والقطاعات من العمالة اليمنية من الخبرات الأكاديمية وفي البداية شمل القرار أكاديميين ومعلمين وأطباء من أولئك الموجودين في المحافظات الجنوبية السعودية وعددهم يزيد على 260 أستاذا جامعيا من الجامعات الواقعة في المحافظات الجنوبية من المملكة وبعد ذلك شمل القرار المغترب اليمني في السعودية سواءً كان مقيمًا أو حاصلًا على الجنسية السعودية والذين جميعهم ساهموا في التطور والبناء، والتنمية والنهضة العمرانية والتجارية والاقتصادية التي شهدتها المملكة.
واضاف: إن التحديات المتشابكة والمعقدة التي نتحدث عنها هنا لم يسبق لها مثيل في درجتها ونوعها وليس هذا القرار غامضًا أو مستغرب من العدو الحقيقي لليمن واليمنيين.
وتابع: إن العدوان والحصار ومحاربة الاقتصاد وتجويع الشعب كلها أدوات القصد منها تركيع الشعب اليمني والحكومة اليمنية، إنها حرب من أحقر عدو تاريخي عبر الزمن إن هذا الإجراء جزء من العدوان على اليمن وستواجه الجمهورية اليمنية عدداً كبيراً من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تشكل تهديداً جدياً وخطيراً للاستقرار الداخلي في اليمن ، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار الداخلي ، لكننا سنتجاوز كل ما يُحاك ضدنا بمشيئة الله.
وأضاف السقاف: قرار ترحيل اليمنيين من السعودية المفاجئ فيه الكثير من الغموض والجرأة والتعسف، ويتطلب تدخلًا دوليًا يضمن حقوق اليمنيين في العمل والتجارة وحفظ الأموال، إنها كارثة إنسانية كبيرة سيكون لها تبعاتها وأضرارها على اليمن.
وأكد أن المغترب اليمني والإنسان اليمني صاحب حق في الأرض والتاريخ، والجغرافيا وبين اليمن والسعودية اتفاقيات ومعاهدات تاريخية تلزم جميع الأطراف بالوفاء بتعهداتها بعدل وإنصاف، ومن أهم نقاطها معاملة اليمني في السعودية مثل المواطن السعودي.
وقال السقاف: إنهم يسعون بكل الطرق إلى اغتيال الروح الحضارية في قلوب ووجدان اليمنيين، والهيمنة على اليمن، ومحاولة ابتلاعها، واستغلال ثرواتها، وتغيير خارطتها، والتعدي على أرضيها، ومحاولة طمس هويتها، وتشويه تاريخها، كل ذلك يعد جريمة بحق الجوار ، وتشويها للقيم الإنسانية، وتعالياً، وكبرياء في التعامل مع الشعب اليمني.
وأضاف:إن الخروج عن بنود المعاهدة من أي طرف قد يعرضها للمراجعة الشعبية والقانونية والدولية. وللتذكير فإن “اتفاقية الطائف” التي وقعت سنة 1934 بين المملكة المتوكلية اليمنية والمملكة العربية السعودية، وتنص على تجديدها كل 20 سنة، أو إعادة النظر فيها برغبة الطرفين كذلك “اتفاقية جدة” سنة 2000 التي وقعت بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية الاتفاقيتان تشيران إلى ضرورة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤن الغير وتسهيل حركة التنقل والاستثمار والتجارة والإقامة بين الشعبين الشقيقين الجارين.
وتابع: لا شك أن ترحيل العمالة اليمنية، سوف يتسبب بمشاكل، اقتصادية واجتماعية، وأعتبرها حرب «التطهير» السعودية للعمالة اليمنية حيث تشكّل تحويلات المغتربين مصدر الرزق الوحيد لآلاف العائلات اليمنية.

عدوان على التعليم
من جانبه قال الأكاديمي عرفات الرميمة:
” قيام النظام السعودي بترحيل الأكاديميين اليمنيين من الجامعات السعودية دون ابداء أسباب مقنعة يعتبر استكمالا لما بدأه العدو السعودي من ضرب المدارس والمعاهد المهنية ومباني وقاعات الجامعات الحكومية وهو يعبر كذلك عن مدى التخبط الذي وصل إليه العدو السعودي بعد ستة أعوام من عدوانه الغاشم على اليمن ، وللأسف أن هناك من العملاء والمرتزقة من المتواجدين في السعودية من يبرر للسعودية قطع لقمة عيش العمال والاكاديميين كما فعل المدعو عبدالله صعتر الذي اعتبر أن الكثير من العمال والاكاديميين المرحلين هم من انصار الله ويتعاملون مع الجيش واللجان وهو عين التصريح المؤيد والمبرر لتلك الخطوات والذي ادلى به على محسن الأحمر لوسائل إعلام سعودية .
نقول للأخوة الأكاديميين أن الوطن يتسع للجميع وان جامعاتكم التي صرفت عليكم الأموال الطائلة كي تحصلوا على الشهادات العليا تنتظركم وتنتظر أن تردوا التحية بمثلها أو بأحسن منها وأن العدو السعودي لا يستحق أن نكافئه على عدوانه بتوفير الكفاءات العلمية والأكاديمية لجامعاته”.

الخير في عودة الأكاديميين إلى جامعاتهم
بدورها قالت الدكتورة نجيبة المطهر – نائب رئيس جامعة صنعاء لشؤون الدراسات العليا:
” لا غرابة لطرد السعودية اليمنيين مملكة آل سعود ونكثها لكل الاتفاقيات والمعاهدات اليمنية – السعودية فبعد قيام ثورة 26من سبتمبر 1962م دعم النظام السعودي الملكيين، بحرب داخلية ضد الشعب اليمني وكانت اتفاقية الطائف، والتي كانت تنص في احدى بنودها (أن يعامل اليمني في السعودية كالمواطن السعودي ويعُامل السعودي في اليمن كالمواطن اليمني) وأن تجدد اتفاقية تأجير الأراضي اليمنية في عسير ونجران وجيزان، كل عشرين عاماً.
وجاءت بعدها اتفاقية حرض والتي كانت في عهد القاضي عبدالرحمن الأرياني، والتي بموجبها وقعت اليمن في فخ وشراك النظام السعودي بحيث قسمت السلطة في اليمن إلى ثلاثة أجنحة ثلث للجناح القبلي وثلث للجناح العسكري وثلث للجناح السياسي، وبذلك تم الاستحواذ على القرار اليمني ووصل بقيادة الدولة فيُ ذلك الوقت إلى أن التعيينات الداخلية لا يمكن أن تتم إلا بعد موافقة النظام السعودي.
واستمر الحال سنوات عديدة واستمرت السعودية في التوسع في نهب الأراضي اليمنية.
وحرص أيضا النظام السعودي على إبقاء الشعب اليمني في حالة عوز دائم من خلال إثارة الفوضى وعدم الاستقرار ,وقام بدعم مراكز قوى قبلية لزعزعة الأمن والاستقرار, وعمل على عدم إيجاد دولة نظام وقانون في المناطق المحايدة للسعودية مثل مارب والجوف وحجة وصعدة ,وسعى إلى إثارة الحروب الداخلية واغتيال الرؤساء ,وكلما تأتي قيادة يمنية ,يتم الإطاحة بها إلى أن قامت الجمهورية اليمنية وتحققت الوحدة اليمنية ,وهذا كان اكبر تحد للسعودية بعد اجتياح العراق للكويت , وعلى اثر ذلك نشبت ما تسمى بحرب الخليج الثانية ونتيجة لموقف اليمن من هذه الحرب ,قامت السعودية بطرد ما يقارب 2مليون يمني ,وبعدها سعت السعودية في العام 94م إلى دعم حرب الانفصال ,وهكذا استمر النكوث بالمعاهدات.
فلا نستغرب ما تقوم به السعودية من طرد الأكاديميين اليمنيين والذي يعتبر جريمة بحق اليمن وهجرة هذه العقول للسعودية هو تنكر لبلادهم ولحاجات شعبهم، فإرجاعهم لليمن خير وأفضل من أجل أن يعملوا في جامعاتهم التي هي أولى بهم، الجامعات اليمنية خلت من أصحاب العقول النيرة فهجرة هذه العقول كانت عملية مقصودة تقف وراءها السعودية والاستعمار والصهيونية وكل المتربصين”.

قد يعجبك ايضا