200 ألف شخص قتلتهم القوات الأمريكية خلال 20 عاماً
الاحتلال الأمريكي لافغانستان.. جرائم مهولة وتكلفة بشرية باهظة
إسكندر المريسي
ليست الولايات المتحدة الأمريكية أعلى كائن إرهابي بشع على الأرض فحسب، ولكنها – بحسب الوقائع والأدلة – عين الظلم في العالم ، فهي بكل الوثائق الشيطان الأكبر عدو الإنسان في كوكب الأرض وليست المعتدي الأول على اليمن فحسب ولكنها المعتدي الأول على بلاد العرب منذ أنشأ اليهود ذلك الكيان .
حيث تغذي الصراع الدائر في العراق ويتقاتل المسلمون بعضهم مع بعض، تارة تحت يافطة “السُنَّة” وتارة أخرى “الشيعة”، وكأن أمريكا الشيطان الأكبر هي من زرع مسمى الخلاف والقتال بين المسميات والحركات وجماعات جرى نسبها إلى الإسلام تقاتل بالوكالة عن أمريكا أكان ذلك ممثلا بتنظيم داعش أو القاعدة في جزيرة العرب .
فهي من غزا واعتدى على جرنادا وقتلت سكان البلد الصغير وسبق لها أن غزت واعتدت على كوبا وليس ذلك فحسب بل إن سجل أمريكا حافل بالجرائم ضد الشعوب المستضعفة وضد الإنسانية بشكل عام غير مكتفية أو مكترثة بالسجل الأسود الحافل بالجرائم في تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة على ذلك الكائن الشنيع والبشع المسمى الشيطان الأكبر .
حيث نفذت في ستينيات القرن الماضي حرب إبادة قتلت فيها الآلاف من المستضعفين الفيتناميين لأسباب لا يصدقها العقل ولا يقبل بها المنطق وهي من يدَّعي شعارات حقوق الإنسان.. قتلت الآلاف من أبناء فيتنام وقال حينها ريتشارد نيكسون، إن الفيتناميين لا يستحقون الحياة لأنهم جياع وفقراء، وهو ما يؤكد أن أمريكا تقتل الخلق بسبب خلق الإنسان .
ولعلنا نذكر جيدا كيف حررت العراق من العراقيين وكيف قتلت أكثر من مليون طفل عراقي باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وشردت الملايين من العراقيين بالقتل، ولا تزال حتى اللحظة الراهنة غريم العراق وعدوة الشعب العراقي وكان ذلك بعد أن أبادت الآلاف في يوغسلافيا سابقا تحت شعارات الإصلاحات السياسية وتنفيذ المصفوفة الدستورية وإعادة الديمقراطية وحقوق الإنسان.. قتلت كل من يتواجد في دولة صغيرة اسمها هايتي في أمريكا اللاتينية، ولم تكن أفغانستان بمعزل عن جرائم الإبادة الجماعية التي نفذتها أمريكا في حق الشعوب عامة ومن ينسى أن ذلك الكيان الإرهابي البشع قتل وشرد الآلاف من الصوماليين بسبب الجوع والفقر والأزمة الاقتصادية التي صنعتها الإدارة الأمريكية في ذلك البلد.
مبررات الغزو
برغباتٍ ظاهرها الثأر لضحايا هجمات 11 سبتمبر وباطنها أهداف أخرى، جاء قرار الغزو الأمريكي لأفغانستان قبل ٢٠ عاما كاملة لتنفق الولايات المتحدة في تلك الحرب – وبحسب تقديرات أمريكية – أكثر من تريليوني دولار كاملة، وسط تساؤلات حول قانونية وشرعية هذه الحرب، وما إذا كانت قد حققت أهدافها أم لا؟ مع توقيع أمريكا اتفاقية سلام مع طالبان العام الماضي تنهي بها الحرب.
ولمحاولة فهم الذرائع والحجج التي اختبأ البيت الأبيض وراءها في قرار شنّه للغزو نعود قليلًا بعجلة التاريخ إلى لحظة الغزو؛ حيث حشدت أمريكا قدراتها العسكرية والسياسية لغزو أفغانستان تحت دعاوى الحرية والديمقراطية؛ والقضاء على الإرهابيين وجلب الأمن والاستقرار لأفغانستان.
ومنذ اليوم الأوّل سارع الاحتلال الأمريكي -منطلقًا من مصالحه الاستراتيجية في المنطقة، وبمساعدة دول الجوار والتحالف الغربي- في تنفيذ المخططات المقررة لعلمنة البلاد؛ والسير بها بعيدًا عن هويتها الإسلامية المحافظة، وإخضاعها للهيمنة الأمريكية.
وكعادة أي غزو؛ شنّت الولايات المتحدة الأمريكية حملة إعلامية مغرضة ضد حركة طالبان لتشويهها وشَيطنتها قصد شرعنة الغزو وذلك باتهامها بالوقوف خلف أحداث 11 سبتمبر خاصةً بعد رفض الحركة تسليم أسامة بن لادن الذي اعتبرته أمريكا المسؤول الأوّل عن الهجمات.
لتبدأ الحملة العسكرية في 8 أكتوبر 2001م، من خلال ضربات جوّية مركزة استمرت حتى 28 من الشهر، لتبدأ الحملة البرية بعدها وتسقط العاصمة كابل في يد قوات التحالف بعد شهر من بدأ الحملة العسكرية.
وبمجرّد سقوط العاصمة؛ سقطت معظم المدن الأفغانية، وأسر آلاف المقاتلين في صفوف طالبان، كما انتقل مقاتلو هذه الأخيرة إلى الجبال للاحتماء بها.
ضحايا الحرب الأمريكية على أفغانستان
استمرت الجرائم الأمريكية في حقّ المدنيين العزل الأفغان، بحيث سقط آلاف القتلى من المدنيين بنيران القوات الأمريكية، وفي هذا السياق كشف جوناثان ستيل من صحيفة الجارديان أن عدد القتلى في أفغانستان منذ عام 2001م، يصل إلى ثلاثة ملايين، تقريبًا 900 ألف منهم أطفال دون سن الخامسة، وما زال عدد ضحايا الحرب الأمريكية في أفغانستان في ارتفاع، إذ أحصى عضو مجلس البرلمان الأفغاني رمضان بشار دوست ما يزيد على مئة وخمسين ألف قتيل حتى سنة 2011م.
هذه الأرقام الكارثة لعدد القتلى المدنيين الأفغان بالنيران الأمريكية تعيدنا إلى بعض المجازر التي لا يزال الأرشيف محتفظًا بها بين براثنه؛ ففي اليوم الرابع من بداية الحملة الأمريكية على أفغانستان ارتكبت القوات الأمريكية مجزرة رهيبة في حق المدنيين الأفغان راح ضحيتها العشرات من المدنيين، حيث قال الملا عبد السلام ضعيف – سفير طالبان لدى باكستان إن تقارير أفادت بأن 100 شخص قتلوا خلال قصف أمريكي لقرية في شرق أفغانستان قرب مدينة جلال أباد.
وفي يونيو 2007م ارتكبت الطائرات الأمريكية مجزرةً مرّوعة استهدفت مجموعة أطفالٍ كانوا داخل مسجدٍ في ولاية بكتيكا على الحدود القبلية الباكستانية، وكان مبرر القوات الأمريكية أنّ المسجد كان يتحصن به أفراد من قوات طالبان.
ولعلّ أبشع مجزرة ارتكبتها القوات الأمريكية بأفغانستان كان في أبريل من سنة 2018م، حين استهدفت الطائرات الأمريكية طلاب مدرسة تحفيظ القرآن الكريم في قندوز شمال أفغانستان يحتفلون بتخرجهم.
خسائر أمريكا في أفغانستان
تكبد التحالف العسكري الدولي ما يزيد عن 3500 قتيل منذ 2001م بينهم حوالي 2400 أمريكي بحسب بيانات الكونجرس الأمريكي، وأصيب أكثر من 20 ألف جندي أمريكي بجروح، ويقدر موقع مهتم بحصر أعداد الضحايا أن عدد القتلى 3577.
بلغ قوام قوات الأطلسي الذروة في أفغانستان عام 2011م عندما زاد عدد الجنود الأجانب عن 130 ألف جندي أجنبي من51 دولة حليفة وشريكة في أفغانستان، ومنذ 2003م يدرب الحلف مئات الألوف من الجنود الأفغان وضباط الشرطة، وتضمن ذلك إنشاء قوة جوية أفغانية.
نشرت ألمانيا ثاني أكبر قوة عسكرية في أفغانستان بعد الولايات المتحدة، وفي ولاية قندوز معقل طالبان في شمال أفغانستان، فقدت ألمانيا عددا من الجنود في المعارك يفوق أي مكان آخر في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
أنفقت الولايات المتحدة وحدها أكثر من 140 مليار دولار في شكل مساعدات لأفغانستان منذ عام 2002م حسبما تشير بيانات الكونجرس.
وقدرت وزارة الدفاع (البنتاجون) تكلفة العمليات القتالية الأمريكية بما في ذلك دعم القوات الأفغانية بما يزيد عن 820 مليار دولار في المدة الزمنية نفسها.
لا تزال أفغانستان واحدة من أشد دول العالم فقرا، وتحتل المرتبة 169 بين 189 دولة على مؤشر التنمية البشرية الذي نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمتوسط عمر متوقع 64 عاما ونصيب للفرد من الدخل القومي الإجمالي يبلغ 2200 دولار.